أقوى مَصيفُ القوم والمربعُ
أقوى مَصيفُ القوم والمربعُ | فالدار قفر بعدهم بلقعْ |
سارت بنا الارض الى غاية | لنا وللأرض هي المرجع |
ونحن كالماء جرى نابعاً | لكن علينا خفي المنبع |
والعلم قد أنكر مِنهاجنا | كناّ ارتديناه فهل ترقع |
فجعتنا يا علُم في أمرنا | أمعتِبٌ أنت إذا تجزع |
لقد طغت حيرة أهل النهى | هل فيك يا علم لها مردع |
كم نشرب الظنّ فلا نرتوي | ونأكل الحَدْس فلا نشبع |
والناس ويل الناس في غفلة | ترتع والموت بهم يرتع |
والكون قد لاح بمرآته | للعيش وجه شاحب أسفع |
وإن في البدر لخطبا به | في البدر لاحت بقع اربعْ |
فالعين ما يورث حزناً ترى | والشمس من مشرقها تطلع |
حتى اذا ما بلغت شوطها | لاحت نجوم في الدجى تلمع |
وهكذا الظلمة تتلو الضيا | والضوء للظلمة يستتبع |
ونحن في ذاك وفي هذه | بالنوم واليقظة نستمتع |
ما بين مسعود يميت الدُّجَى | نوماً ومنكود فلا يهجع |
ومسرع يسبقه مبطىء | ومبطيء يسبقه مسرع |
وشامت يضحك من حادث | حلَّ بباك قلبه موجع |
أو كان للقسوة عين وقد | رأته كانت عينها تدمع |
والكل في شغب لهم دائم | لم يقلعوا عنه ولن يقلعوا |
والماء تجري وهي ريدانة | حيناً وحيناً عاصف زعزع |
وبعضهم تُمرع ودِيانه | وبعضهم واديه لا يُمرع |
قد يحسب الانسان آماله | والموت مصغ نحوه يسمع |
حتى إذا أكمل حُسْبانها | وافاه ما ليس له مدفع |
فخر للجنب صريعاً به | وأي جنب ما له مصرع |
وظل فوق الأرض في حالة | يزور عنها الحسب الأرفع |
لا تعمل الاقلام في كفه | وكان من قبل بها يصدع |
ولم تعد تقطع اسيافه | من بعد ما كان بها يقطع |
فاستُلّ مثل السيف من مطرف | طرائق الوشى به تلمع |
ولُفَّ في ثوب له واحدٍ | ليس له رقم ولا مِيدع |
ماهاً له ثوب البلى انه | لم ينج لا كسرى ولا تبَّع |
ودُسَّ حيث الأرض أمست له | ملحودة ضاق بها المضجع |
حيث البلى يرميه حتى اذا | والأرض في منقلب بالورى |
خالط ترب الارض جثمانه | مطحونة منه بها الأضلع |
لله دَرَّ الموت من خطة | فيها استوى ذو العيّ والمصقع |
يخون فيها القولُ مِنطيقه | كما تخون البظلَ الأدرع |
ما أقدر الموتَ فمن هوله |
|
يا رافع البنيان كم للردى | من سُلَّم يدرك ما ترفع |
ويا طبيب القوم لا تؤذهم | ان دواء الوت لا ينجع |
لا بدَّ للغرور من مندم | بالعض تدَمى عنده الأصبع |
وما عسى تغني وقد حشرجت | ندامة ليست اذاً تنفع |
يا يرقع الخلقة واهاً لما | فيك وآهاً منك يا بُرقع |
قد زاغت الابصار فيما ترى | اذ فات عنها سرك الموجع |
وليس في الإمكان عند النهى | أبدع مما خلق المبدِع |