www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

سرطان العولمة وحمي الخصخصة/الدكتور عادل عامر

0

والعولمةلا تعني الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى والتواصل معها في حوار وتأثير متبادلسعيا وراء جوّ الإبداع والتطور، وبعيدا عن محاولات طمس هذه الثقافات والنيل منشعوبها، فهذا ضرب من العالمية لا العولمة، لأن العولمة أبرز ما تتميز به لدى الوصفالأول هو أنّ طابعها مهيمن وتوجهها أحادي يفرض نفسه ويمارس التسلط والتعسف

سرطان العولمة وحمي الخصخصة

الدكتور  عادل عامر

والعولمةلا تعني الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى والتواصل معها في حوار وتأثير متبادلسعيا وراء جوّ الإبداع والتطور، وبعيدا عن محاولات طمس هذه الثقافات والنيل منشعوبها، فهذا ضرب من العالمية لا العولمة، لأن العولمة أبرز ما تتميز به لدى الوصفالأول هو أنّ طابعها مهيمن وتوجهها أحادي يفرض نفسه ويمارس التسلط والتعسف على ماهو ذاتي خاص يحرص على إقصائه بدعوى الانفتاح والتكيّف مع ما هو جديد ومع ما تتطلبهحاجات ومصالح العالم وبدعوى أنّ مصلحة أيّة جهة من الجهات مرتبطة بمصالح العالمككل المحكوم بمنجمنت الأقوياء، وفي هذا التعميم للإنتاج الثقافي والحضاري الحديثوالمعاصر من أتمتة وتوجّه تقاني في المال والأعمال وفي الإعلام والاتصال وفيالسياسة والاقتصاد وغيرها على كافة أقطار العالم وبالكيفية المتسلطة المتعسفةاختراق لكثير من الثقافات ولقيّم الشعوب وخصوصياتها، على الرغم من اتجاه العالمصوب الانفتاح الثقافي المبني على الحوار والتسامح والداعي إلى احترام حقوق الإنسانبما في ذلك الحريات والحقوق الثقافية، وهي مطالب مدونة في مواثيق ودساتير الهيئاتوالمنظمات الدولية والإقليمية، الأمر الذي يعكس النوايا والمقاصد وراء محاولاتعولمة الفكر والثقافة والسلوك في الغرب الأوربي والأمريكي وعولمة منتجات التقدمالحضاري الحديث والمعاصر، مما يؤكد إرادة الهيمنة والتسلط ونفي الآخر من خلال نفيخصوصياته الثقافية والتاريخية، ومن خلال فرض النمطية الأحادية الثابتة، النمطيةالأوربية الأمريكية الغربية الصهيونية، إلاّ أنّ ما تطمح إليه شعوب العالم هوالارتقاء بثقافاتها وقيّمها الخاصة من الخصوصية الضيقة إلى العالمية الرحبة،وممارسة التلاقح بين خصوصيات عدة للارتقاء بها في درجات سلم الحوار والإبداعوالتواصل والتعاون والأخذ والعطاء وغيرها نحو ما هو كوني عالمي عام، لأنّ الإسلامأكّد على الحكمة من وجود التعدد الثقافي وتنوع الأجناس والاختلاف بين الشعوبوالقبائل في الكثير من الجوانب، وهي حكمة الغاية منها التعارف والتواصل والتعاونلا التباعد والتنافر والتناحر والاقتتال، وبقيّم التعارف والتواصل والتعاون تستقيمحياة الناس وتتحقق الغاية القصوى التي لأجلها خلق الله الإنسان وكرّمه أيّما تكريموفضّله على كثير من مخلوقاته، غاية العبادة والتعبد.

*لكن طموح الشعوب في الانتقال من المحلية إلى العالمية غير مشروع في ظل العولمة المتوحشة،التي تقف في وجه أيّة محاولة تقوم في أيّة جهة تخرج عن نمطية الغرب الأوربيوالولايات المتحدة الأمريكية وعن نموذجها الثقافي والحضاري الذي تقوده مصالحالبلدان المتقدمة والذي لا يبالي بغير مصالح هذه البلدان، ويمارس الاختراقية علىالنماذج الثقافية والحياتية الأخرى متعاليا على كل ما هو مُشرق في ثقافة الآخرينوفي حياتهم، متباهيا بما لديه بعيدا عن الموضوعية والحياد، الأمر الذي يجعل الآخريستجيب وينفعل سلبا في وجه توحش العولمة وشراستها ويطالب بأنسنتها، ليحتل هو الآخرمكانته في العالم ويكون محل تقدير واحترام ويتسنى له الإسهام الإيجابي في مجرياتالأحداث المختلفة والمساهمة في البناء الحضاري، لأنّ ظاهرة الاحتكار الحضاريتعسفية تسلطية تتنافى تماما مع روح وجوهر الحضارة والتحضر، وسنن التحضر ذاتها تقصيكل محاولة لاحتكار الحضارة، ومحاولة جعل الحضارة حكرا على جهة ما هو بداية لإقصاءسنن التحضر ولانهيار الحضارة، الحضارة التي لا تقوم إلاّ على اكتمال شروط البناءالحضاري وأهمها الطابع العالمي الأممي للتحضر في نشأته وفي مشاركة التعدد الثقافيوالتنوع الفكري في ذلك واستفادة الجميع من منتجاته بعيدا عن الاحتكار والهيمنةالتي يمارسها توجه العولمة المعاصر من حيث احتكاره للتقدم العلمي والتكنولوجيولسائر التقنيات المعاصرة المستخدمة في كل مجالات الحياة، مستغلا ضعف الآخرومستخدما هذه التقنيات في تكريس تبعية هذا الآخر له واستغلال طاقاته البشرية ونهبممتلكاته وخيراته بدون هوادة ومن غير مشفقة، هذا الأسلوب في توجه العولمة يعكسبجلاء خط العولمة الذي لا يراعي البتة أدنى مبادئ وقيّم الإنسانية من عدل ومساواةوتعاون وغيرها، وهو ضرب من العنف والتعانف لا يجلب سوى العنف المضاد ولا يصنع سوىمنظومات فكرية تكون وراء منظمات وتنظيمات تنطبع بالعنف والتعانف، وهو حال الواقعالإنساني في العالم المعاصر الذي تهيمن عليه العولمة المتوحشة الشرسة، واقع مليءبالظلم والاستبداد وبالحروب التي تفتك بالأفراد والجماعات، وهذا ناتج عن تصورالعولمة وممارستها في الفكر الغربي وهو الفكر الذي ظهر في الغرب وانتشر بعد ذلكخارج الغرب.

 انتشرت حمى الخصخصة مرة أخرى في أرجاء دولالعالم، حيث جنت الحكومات في العام الماضي عائدات بنحو 213 مليار دولار لمبيعاتشملت كل شيء تقريباً من الهواتف إلى الموانئ وشركات الغاز. وفاجأت أميركا العالمبريادتها في العام الماضي من حيث المبيعات الحكومية بحصدها لنحو 49 مليار دولار منالعائدات. ومن المنتظر أن يستمر التوجه ذاته على نحو عالمي في العام الحالي الذيشهد حتى الآن مبيعات قدرها 150 مليار دولار، مما يشير إلى أن عائدات الخصخصة قريبةمن مستوى العام الماضي وهو أعلى رقم حققته الحكومات منذ بدئها بيع الأصول قبلثلاثة عقود. يعتبر اقتصاد الخصخصة غاية فيالبساطة، وهو الخصخصة عند ارتفاع معدل الديون، والتأميم عندما تسمح الأحوالالمالية بذلك”. ويوجدعدد من الفروقات الخاصة بالانتعاشات السابقة في عملياتالخصخصة. ياسات الخصخصة وتطبيقاتها في عدد من الأقطار العربية، التي احتلت ومازالت تحتل مكانة مبالغاً فيها في سياسات الإصلاح الاقتصادي لهذه الأقطار، على حسابالاهتمام بشؤون أكثر تأثيراً في بناء الاقتصاد وتكوين قواعده الإنتاجية، بل وعلىحساب الاهتمام بالمبرر الأساسي لسياسة الخصخصة، وهو تحرير الأسواق ومكافحةالممارسات الاحتكارية فيها؛ إذ ركزت تلك التطبيقات بدلاً من ذلك على بيع الممتلكاتوالأصول العامة للقطاع الخاص، وإجراء ذلك أحياناً بإحلال الاحتكار الخاص محلالاحتكار العام، أي في صورة تتناقض في الأساس مع الفلسفة الاقتصادية الليبراليةالتي تتمّ باسمها تلك التطبيقات. وقد انطوى ذلك الانحراف في سياسات الإصلاحالاقتصادي على تشجيع لعوامل تزيد من الفساد، أخطرها إضعاف الدولة، ليس من خلالسلبها ملكيتها لمرافقها العامة فحسب، بل أيضاً من خلال تمكين المصالح الخاصة فيقطاع الأعمال من التغوّل على سلطات الدولة، وإضعاف مستوى عنايتها بمصالح الشرائحالأقل حظاً في المجتمع، وما يعنيه ذلك من توسيع للفوارق بين الحيز العام والحيزالخاص، وجعل إمكانية تحقيق طموحات الشعوب بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم،تتراجع إلى أفق زمني بعيد الأمد.

كانتالدولة قد باعت نفس هذه النسبة من 5 سنوات بحوالي 40 مليون دولار ومن بين عملياتالخصخصة أيضاً في سنة 1993 تم عرض فندق المريديان للبيع وتبلغ مساحته 21 ألف مترمربع في موقع نادر في أقصي الطرف الشمالي لجزيرة المنيل وكان سعر المتر في هذاالموقع لا يقل عن 30 ألف جنيه في هذا التوقيت وقيمة الأرض كانت تزيد 630 مليون جنيهمصري و185 مليون دولار ولكن إنه تم بيعه إلي أمير سعودي بمبلغ 75 مليون دولار فقطوبالتقسيط أي بنحو 40% عن قيمة الأرض وحدها فضلاً عن أن سعر بيع الفندق ألا يتجاوز قيمة الأرباح الصافية للفندق فيأربع سنوات أما شركة النصر للإسكان والتعمير التي تأسست في 1959 كشركة قطاع عاموأقطعتها الدولة مئات الملايين من الأراضي بغرض تعمير الضواحي بمدينة نصر وظلتالشركة تقوم بدورها لما يزيد علي ثلاثين عاماً وفي منتصف التسعينيات ومع بدءبرنامج الخصخصة طرحت الدولة 65% من أسهم الشركة في البورصة، بالإضافة إلي 10%لاتحاد العاملين فتحولت من شركة تخضع للقانون 159 إلا أن الدولة ظلت صاحبة الحصةالأكبر 35% مما أتاح لها الاستمرار في تشكيل مجلس إدارة الشركة ورسم سياستهاوالسيطرة علي كنز الأراضي بينما تفرقت الحصة الباقية علي أفراد بحصص أقل أنه حتيآواخر 2006 كان للشركة القابضة للتشييد والتعمير 25% ولاتحاد العاملين 10% ممايجعلها أكبر المساهمين بـ 35% وكان معروفاً أن هناك محاولة لتجميع أسهم الأفراد منالبورصة بواسطة مجموعة من التحالفات للسيطرة علي اتخاذ القرار في الشركة حيث اشترتشركة بيلتون كابيتال القابضة للاستثمارات بتاريخ 24/12/2006، 4.26% من الأسهمبمبلغ 464 مليون جنيه تزامن ذلك مع رغبة جامحة من وزير الاستثمار لبيع الأصولالعامة وتسابق العديد من رؤساء الشركات القابضة والتابعة لإرضائه ومن هذا الإطاربدأ الضغط لبيع جزء من حصة الشركة القابضة للتشييد والتعمير وحذر الكثيرون دونجدوي من أن ذلك سيفقد الدولة السيطرة علي القرار الخاص بكنز الأراضي واضطر رئىسشركة مدينة نصر السابق طاهر المغربي إلي تقديم استقالته ورغم كل ذلك وافقت الجمعيةالعامة للشركة القابضة للتشييد والبناء برئاسة وزير الاستثمار علي بيع 10% من حصةالشركة القابضة وباع اتحاد العاملين 5% من أسهمه لتخفيض حصتها معاً إلي 20% فأصبحتشركة بيلتون هي صاحبة الحصة الأكبر والمسيطرة علي مجلس الإدارة لأول مرة أي أنالملاك الجدد أصبحوا يتحكمون بمبلغ 464 مليون جنيه فقط في اتخاذ القرار الخاص بكنزمن الأراضي تزيد قيمته علي 20 مليار جنيه

 

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسيةوالقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهدالعربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

محمول

01002884967
الدكتور عادل عامر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.