www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

حريةالفكر في الإسلام/ الدكتورعادل عامر

0

ينطوي مفهوم الفكر على شيء من الغموض؛ لأنه استعمل في معانٍ متنوعة بل ومختلفة تراكمت بمرورالزمن حتى أصبح إطلاقه دون تحديد موقعًا في اللبس

حريةالفكر في الإسلام

 الدكتورعادل عامر

 ينطوي مفهوم الفكر على شيء من الغموض؛ لأنه استعمل في معانٍ متنوعة بل ومختلفة تراكمت بمرورالزمن حتى أصبح إطلاقه دون تحديد موقعًا في اللبس. وكذلك مسمى الفكر الإسلام ولا سيماأن هناك استعمالات عدة لمسمى الفكر الإسلامي منها ما وسع دائرة الفكر الإسلامي حتىأدخلت فيه الفلسفات الغريبة عن الإسلام والتيارات المنحرفة عن صراطه المستقيم؛ لأنتلك الفلسفات والتيارات ذات أصول هندية ومجوسية وثقافات يهودية ونصرانية مثل الغنوصيةوالهرمسية ونحوهما, ثم يحسب ذلك على الفكر الإسلامي. ولا يخفى ما تهدف إليه مثل هذه الاستعمالات للفكرالإسلامي من إيحاءات بأن الإسلام وفكره ملفق من تلك الأصول الفلسفية والثقافية الأجنبية،وأنه ثمرة طبيعية للتراث اليهودي دون أدنى احترام للمنهج العلمي في النظر والبحث والمقارنة؛لذلك، ولكون الفكر بعامة والفكر الإسلامي بخاصة له أصالته, وله وجوده في المصادر العربيةالإسلامية- فإنه ينبغي تأصيل هذا اللفظ في اللغة والاصطلاح وتجليته كمفهوم وصولا إلىتحديده كمصطلح في العصر الراهن. أهمية العقل في الشرع: العقلشرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح ألأعمال لذلك كانت سلامة العقل شرطًا في التكليفوالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة، والأقوال المخالفة للعقل باطله فالعقل هوالمدرك لحجة الله على خلقة ولا يصح تكليف ولا استدلال ولا حكم بدون إعمال العقلوالتدبر. ولا يمكن أن يصدر حكم صحيح يخالفالعقل الصريح، بل جعل الإسلام العقل إحدى الضرورات الخمس التي يجب حفظها ورعايتها؛ولذا كثر في القرآن تحفيز العقل واستثارته، كما في قوله سبحانه وتعالي (وهو الذيأنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) الإنعام ٩٨ ]، وغيرها من الآيات، وجعل صفةأصحاب النار أم لا يعقلون (وقالوا لو كنا نسمع أو [ نعقل ما كنا في أصحاب السعير) [اُلملك: ١٠ هل يتعارض العقل والنقل؟: منخلال ما سبق عن أهمية العقل يعرف أنه لا يمكن أن يخالف العقل الصريح النقل الصريحبل يوافقه ويعاضده ويسانده ويدل عليه، فكل رأي خالف النقل الصحيح فهو رأي غيرصحيح؛ إذ لو جاز للعقل تخطي النقل لم يكن للحد الذي حده النقل فائدة، ومن ادعى أنالنقل خالف العقل في مسألة فهو لا يخلو من أحوال: -أن ما ظنه معقولًا ليس بمعقول بل هو شبهات توهم أنه عقل صريح و هو هوى لابس لبوس العقلقال الله عز وجل: (فإن لم يستجيبوا لك فأعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبعهواه بغير [ هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين)القصص ٥٠ – أن ما ظنهنقلًا صحيحا ليس كذلك إما لعدم صحة نسبته، أو لعدم فهم المراد منه على الوجهالصحيح – أنه لم يفرق بين ما تستحيله العقول وما تحتار فيه، فالشرع يأتي بما تحارفيه العقول وتعجز عن إدراكه، ولكن لا تأتي بما تستحيله العقول وتمنعه. إذا علم ذلكُفهم أنه لا يمكن أن تكون فكرة دلَّ النقل الصحيح على خطأها ودلَّ في نفس الوقتالعقل الصريح على صواب أو العكس إذ العقل غريزة في النفسوقوة فيها بمترلة قوة البصر من العين فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنورالعين إذا اتصل به نور الشمس والنار فعند ذلك يمكن ألرؤية وإن انفرد بنفسه لم يبصرالأمور التي يعجز وحده عن إدراكها كمن كان بصيرا في ظلام أو كان أعمى في نور دور العقلإذًا دور العقل مهم في قضية كبيرة هي التعقل وفهم النصوص ومقاصدها ثم الاستنباطمنها في حدود ما تقتضيه النصوص والأدلة، فواجب العقل التقيد والاتباع لا الابتداعوالاستقلال، وأن يجعل ما هو الأصل، ويتدبر معناه ويعقل؛ إذ إن الآراء المستقلة عنالاستنارة بنور الوحي وإن قاله الله ورسوله سميت عقلًا يمكن ردها برأيآخر وتسمية ذلك عقلًا، وهذا من إكرام الشرع للعقل؛ إذ لم يجعله يلج فيما لا طاقةله به، فيتعب ويضل ويضل، كما لم يلغه أو يحجمه، فكل قول يخالف العقل الصريح فهوباطل، فليس في الإسلام أحوال وراء العقل إلا ناقصة بمقدار بعدها عن العقل، ولاآراء تخالف العقل إلا كانت باطلة. انحراف من عارض الشرع بالعقل: وقعمن خالف الشرع بما يظن أنه عقل في مزالق كثيرة منها: ١-مضاها ام لإبليس: [ حيث عارض أمر الله بعقلة (قال أنا خير منه خلقتني من ناروخلقته من طين) [ص:٧٦ ٢-مشاة الكفار في اعتراضهم على الشرع: مثل قول الله – سبحانه وتعالي حكاية عنهم:(وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين [ عظيم) [الزخرف ٣١ ٣-إتباع الهوى قال الله – عز وجل : (فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم اللهوأن لا إله إلا هو فهل أنتم [ مسلمون)[هود: ١٤ ٤-وقوعهم في الشك والحيرة والتخبط. انحرافمن ألغى العقل كردة عكسية لتمجيد العقلوقع آخرون في خطأ لا يقل فداحة عن الأول وهو إلغاء العقل وعدم الاعتراف بدلالته،إذ العقل لديهم مما يبعد عن الله وصرف عن القلب وجمعيته على الله فابتعدوا بآرائهموأحوالهم عن العقل فانحرفوا إلى الخرافة، وابتعدوا عن الشرع، فأصبحوا لا ينظرونإلا إلى الأحوال القلبية وإلى التكشفات الروحية، ويرون أن المقامات الرفيعةوالأحوال العالية لا تحصل إلا مع عدم العقل فمجدوا السكر والجنون والوله، وبالغوافيها حتى أصبح كلامهم كله خرافات، وأحوال وتكشفات لا تفهم بالعقل بل قد تخالفهوتضاده، عند ذلك خالفوا الشرع والعقل إذ الشرع لا يفهم إلا يعقل ولا يصح التكليفإلا بالعقل. نماذج في العلاقة بين العقل والنقل وقد ضل في ذلك فئات كبيرة من الناس في الماضي والحاضروهذه بعض النماذج في التعامل بين العقل والنقل تمجيد العقل والبعد عن النص:المعتزلة نموذجا: قدم المعتزلة العقل علىالنصوص الشرعية، ومن أجل ذلك بدؤوا في تأويل الآيات المحكمة لتناسب عقولهم، ثمرفضوا الأحاديث الصحيحة إذا تعارضت مع عقولهم، وقد اشتمل منهجهم العقلي علىخطوتين: الأولى هي تطهير الفكر من الإلف والعادة. والثانية هي تحكيم العقل تحكيمامطلقا فجعلوا العقل هو الحكم الذي يحكم كل شيء والنور الذي يجلو كل ظلمه وبسبب أميرجعون إلى عقل الواحد منهم اختلفوا اختلافًا كبيرا فيما يينهم وتطاولوا علىالصحابة إذا لم يقولوا بقول عقولهم؛فبعدوا عن النص وبعدوا عن الاستنارة بنور الوحيسموا بالمعتزلة لاعتزال “واصل بن عطاء ” حلقة “الحسن البصري “بسبب خلافه معه في الموقف من مرتكب الكبيرة، أن يعرف الفكر الإسلامي بأنه فكرٌ موجه أو بعبارةأنسب ملتزم, ولكن في ضوء تعاليم الإسلام فلا يتوافر الفكر في ظل الإسلام على الخوضفيما نهى عنه الشارع, ولا يتحرر من الضوابط الشرعية والأخلاقية, ولا يدخل فيما ثبتعن الله وعن رسوله-صلى الله عليه وسلم-وما أجمعت عليه الأمة, — كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسيةوالقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهدالعربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية محمول 01002884967 الدكتور عادل عامر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.