www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

رمضان في الزنزانه /بقلم الكاتب علاء الريماوي

0

في حكاية الأسر لا تقف المعاناة عند حد، بل تتجاوز في تفاصيل وجعها ذاتالأسير إلى الأسرة جميعها دون مراعاةللعمر أو المناسبة والمكان .

رمضان في الزنزانه 

 

بقلم الكاتب علاء الريماوي

في حكاية الأسر لا تقف المعاناة عند حد، بل تتجاوز في تفاصيل وجعها ذاتالأسير  إلى الأسرة جميعها دون مراعاةللعمر أو المناسبة والمكان .
في الكيان تتفنن مؤسسة السجون البحث عن الأذية بأسلوب علمي وتجربة بطولعمر الاحتلال ، تجربة تجردت من الانسانية ولبست بشاعة الغاب في ثوب إنساني يجملهعالم تمرس الكذب . ،
في الحديث عن وسائل القمع الصهيوني للأسرى يذكر العزل الانفرادي، ومصادرةالاحتياجات الأساسية، وإغفال العلاج، ومنع الزيارة،والقمع المستمر، والاعتداء المباشر، ومحاولة المس بالحرمات، وتشتيت المعتقل فيأولوياته، والتفتيش العاري، والتحقيق القاسي الذي يعيش الاسير فيه منع النوم،والهز العنيف، والضرب المبرح، والمساومة الرخيصة وغيرها من الوسائل التي أبدعتهاحالة السادية والفاشية التي تعيشها أدوات الاحتلال في ثقافتها .
هذا الكمّ من المعاناة والقهر ، تظلالقدرة على مقاومته عالية برغم الوجع .
في تجربة الأسر الطويلة  تعلمت أن الصمود والجلد والتحدي لا يلغي مشاعرالأسير ولا تنسى في واقعه الذاكرة .
في الأسر يعيش المعتقل  تفاصيل الفرح، الحزن، الذكريات.. لذلك كنا نعرفأنّ في الأيام التي نقضي عيداً ،حبا ، ورداً، قمراً، ونفهم أن وداع الأحبة صعب كحكايةالعذراء مع ميلادها الأول .
في حديث المشاعر نذكر شهر رمضان والكيفيةالتي تمضي الساعات فيها داخل المعتقل .
في من عرفت في المعتقل من  تجاوز في صومهم ثلث قرن من الزمان داخل الزنزانة، لم  يعيشوا فيها  مع ولد ولا زوجه في  ساعة سحور أو إفطار، بل كثير منهم لم يعد يذكرانتظار الأذان (ولمة العزائم) والإفطارات الجماعية والعائلية وما يصحبها من الحب والدفء..
في الأسر مع مضي عشرات السنوات  أضحت الكبسة، القطايف الكنافة، اللحم، الكبدة، القمردين، وحبات التمر، والبندورة، والفجل، والبصل الأخضر وغيرها من أصناف الطعام حلمليل للأسير  يبدده الفول المسوسوالفاصولياء التي لا تنضج، وشئ يسمونه لحم يدوم في القدر عاما حتى تستطيع تقطيعهليسهل بلعه .

في الذكريات معهم داهمتني حكاية  جلسة السمر بعد صلاة  التراويح في سجن ريمون الصحراوي، فيها  دار حديث ماضي الأيام السعيدة والذكريات حتى إذاكان الواقع  ذكروا في سني الفراق وفاة الأموالوالد، وبعض الأعمام والأخوال الذين كانوا زينة رمضان في الخارج .
بعضهم تنهد في حديثه عن المساجد وأنسالصلاة في الأقصى، والدور في الإمامة والوعظ (قبل تقدّم تقنية الصوت ورفاهيةالمساجد ) .
و كثير غالبه الدمع على أمنية الشهادة في رمضان حين كانت مجموعاتهم تطلب الشهادةبعد صلاة القيام في معاركهم البطولية مع جنود الاحتلال ومستعمريه .
في الحديث عن الصور المشاهدة في عتمةالزنازين  أحتاج إلى مجلدات للتوثيق كييكتمل مشهد رمضان داخل المعتقل .
لكني اليوم  سأكتفي من بين تلك المشاهد بصورة تظل في الذاكرةفصولها …  لهيب إيمان، ودمع تهجد، وصلاةليل، وكثير  ذكر، وشفافية روح باكية معالترتيل .
هناك ترى في زوايا المعتقل قياماً لاينقطع وسجوداً لا يفتر، لكن لسجن عوفر مذاق خاص شاهدته في برناج جماعي في العشرالأواخر في العام 2011 ..
بعض الإخوة أراد لصلاته اقتحام ظلمةالمعتقل ليساند الأمة في نهضتها وتحررها وتمكينها، فتوزعت ركعات التهجد والدعاء فيالتركيز مع كل ركعة على محنة تعيشها الأمة من خلال الدعاء .
بدأ البرنامج دعاء للقدس ، فلسطين ، شعبهاوحدتها ثم  بالعراق  ، أفغانستان، لبنان ، مصر و الصومال، والشيشان، وأخيراكان الدعاء مع الجثو للأمة في وحدتها وقوتها ونصر مجاهديها .
غابت في الليالي العشر حظوظ النفس ومحنةالأسر، ووجدت في كل خيمة وزنزانة، ساجدا ومتضرعا ببكاء، وشعرت  الحب يغطي المكان،  حتى أذا سمحت لك القضبان مشاهدة السماء لوجدت الأرجاءيزاحمها  الرجاء وصفاء قلوب  لم يشاهد من قبل .

لمسنا في الأيام تلك البركة، وشعرنا أنلطف الله ورحمته والمعية تحرس جنبات الأرض .
الروح هذه  لم تعجب السجان والتي معها مارس سياسة النقلوالقمع، والتضييق، فنشر مجنداته لعمل الفاحشة على مرأى من أقسام المعتقل ظنّاً منهأن وحل الشهوة قد يغلب رقي الروح .
في ختام رمضان جاء عيده وفرحته وكانموعدنا مع تفاصيل كثيرة عشناها قد تكون أشد على الأسير من غيرها لنتركها لمقال آخر.
في الأوراق الإسرائيلية اليوم خبر يحكي عنتسهيلات للأسرى في شهر رمضان المبارك وسماح بشراء بعض أنواع من الخضار وغيرها منأصناف الحاجة اليومية .

بعض يظن ان الراتب والاكل ، والمهرجان ، وغيرهاكثير يفعل للأسرى ، في الامس شاهدت في مدينة رام الله نائل البرغوثي تصفحت وجههبعد 34 عام داخل المعتقل ، سمعت في خارطة الوجع الذي تعلو جبينه أن الاسير فيحكاية النصرة يحتاج غير كل ذلك ، ليبقى في الختام أس الحكاية إنتظار الفرج ، وشكله، ويومه .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.