www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الإجماع السكوتي ليس حجة/الدكتور عادل عامر

0

فلما كانت الأمة الإسلامية اليوم تعاني من كثرة النوازل المتعددةوالوقائع المتنوعة ، وذلك بسبب واقعها المتشابك والمتداخل صار البحث عن الأحكام الشرعيةالمتعلقة بتلك النوازل والوقائع وتوضيح كيفية التعامل معها وفق الضوابط الشرعية أمرالازماً وضرورياً لامناص منه ولا محيد عنه ، إذ إن التملص والتفلت من مهمة إيضاح أحكامهاومحاولة غض الطرف عنها تحت أية دعوى يفضي بلاشك إلى إيقاع الناس في دوامة الحيرة التي لا مخرج لهم منها ، ويسوقهم إلى اضطراب لانهايةله ولا غاية ، بل ربما أدى ذلك – وكثيراً ما يقع – إلى إنتاج وإظهار نوازل جديدة وقضاياغريبة قد تكون أشد تعقيداً وأكثر استفحالاً من سابقتها وهكذا دواليك .

الإجماع السكوتي ليس حجة

الدكتور عادل عامر

فلما كانت الأمة الإسلامية اليوم تعاني من كثرة النوازل المتعددةوالوقائع المتنوعة ، وذلك بسبب واقعها المتشابك والمتداخل صار البحث عن الأحكام الشرعيةالمتعلقة بتلك النوازل والوقائع وتوضيح كيفية التعامل معها وفق الضوابط الشرعية أمرالازماً وضرورياً لامناص منه ولا محيد عنه ، إذ إن التملص والتفلت من مهمة إيضاح أحكامهاومحاولة غض الطرف عنها تحت أية دعوى  يفضي بلاشك إلى إيقاع الناس في دوامة الحيرة التي لا مخرج لهم منها ، ويسوقهم إلى اضطراب لانهايةله ولا غاية ، بل ربما أدى ذلك – وكثيراً ما يقع – إلى إنتاج وإظهار نوازل جديدة وقضاياغريبة قد تكون أشد تعقيداً وأكثر استفحالاً من سابقتها وهكذا دواليك .

هذا وقد يكون ظهور الطوائف الممتنعة المنافحة عن الحكام المرتدينمن أعظم النوازل المعاصرة التي احتاجت من أهل العلم إلى اجتهاد صحيح منضبط يُظهر كثيراًمن الأحكام الشرعية المرتبطة بها ، لا سيما وأنها وثيقة الصلة بحياة المسلمين وتحركاتهماليومية مما يؤكد حتمية بيان أحكامها بيانا شافيا كافيا ، ويلح في إخراجها للناس بوضوحوجلاءٍ لا يبقى معهما غبش ولا لبس ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.حجيةالإجماع السكوتي ثم قد يكون القول من الجميع ، ولا شك ، وقد يكون من بعضهم وسكوت الباقينبعد انتشاره من غير أن يظهر معهم اعتراف أو رضا به ، وهذا هو الإجماع السكوتي ، وفيهثلاثة عشر مذهبا : أحدها : أنه ليس بإجماع ولا حجة ، وحكي عن داود وابنه ، وإليه ذهبالشريف المرتضى ، وصححه صاحب المصادر ” ، إن الشافعي نص عليه في الجديد . وقالإمام الحرمين : إنه ظاهر مذهبه ، ولهذا قال : ولا ينسب إلى ساكت قول . قال : وهي منعباراته الرشيقة . قلت : ومعناه لا ينسب إلى ساكت تعيين قول ; لأن السكوت يحتمل التصويب، أو لتسويغ الاجتهاد أو الشك ، فلا ينسب إليه تعيين وإنما قيل بهذا القول ; لأن الخلافمعدوم ، والقول في أهل الحجة شائع . انتهى . وكذا قال في شرح الرسالة ” : عملالصحابي منتشر في الصحابة لا ينكره منكر حتى انقرض العصر ، فهو حجة لا يجوز خلافه ،لا من جهة الاتفاق ، ولكن لعدم الخلاف من أهل الحجة . واختاره الآمدي ، ووافقه ابنالحاجب في الكبير ” . وردد في الصغير ” اختياره بين أن يكون إجماعا أو حجة. وقيد الآمدي هذا في موضع آخر بما قبل انقراض أهل العصر ، فأما بعده ، فإنه يكون إجماعا. [ ص: 462 ] وذكر الشيخ أبو حامد الإسفراييني ، والقاضي أبو الطيب : أن معتمد القائلينبهذا من أصحابنا قول الشافعي : لا ينسب إلى ساكت قول ، وليعلم أن المراد بالخلاف هناوأنه ليس بإجماع ، أي قطعي ، وبذلك صرح ابن برهان عن الصيرفي ، وكذا ابن الحاجب ، وإلافمعلوم أن الإجماع حجة ، فكيف ينقسم الشيء إلى نفسه وقد سبق في أول الباب حكاية خلاففي أن لفظ الإجماع هل يطلق على القطعي والظني ، أو يختص بالقطعي ؟ والقائلون بأن السكوتيحجة مثيرة للظن اختلفوا في أنه قطعي أم ظني ؟ فقال الأستاذ أبو إسحاق ، وأبو منصورالبغدادي ، والبندنيجي : إنه مقطوع به ، أي أن حكم الله تعالى ما ظنناه ، لا القطعبحصول الإجماع ، وقال آخرون : بل ظني . تنبيه [ لم يقل أحد إنه إجماع لا حجة ] قالالهندي : لم يصر أحد إلى عكس هذا ، أعني إلى أنه إجماع ، لا حجة ويمكن القول به ، كالإجماعالمروي بالآحاد عند من لم يقل بحجيته . ( أنالحكم بكفر أنصار الطواغيت الممتنعين على التعيين قد ثبت بإجماع الصحابة إجماعاً قطعياًليس فيه منازع ، ومثل هذا الإجماع يكفر مخالفه ، فمن خالف في هذا الحكم فقد كفر واتبعغير سبيل المؤمنين وفارق جماعتهم ) ، وهذا أمر مسلًّم به عند جميع الناس ، ولا يحتاجإلى مثل هذه الأدلة الفرعية ، وإذ ذلك كذلك ، فإن مسألة حكم أنصار الحكام المرتدينالمعاصرين ، وهل هم كفار على التعيين أم لا ؟ ، تبقى في دائرة الاجتهاد الذي تختلففيه الأنظار شريطة أن تكون مبنية على أدلة صحيحة واستدلال قويم ، فالقدر المتفق عليهفي حقهم ، أو الذي ينبغي أن يتفق عليه ولا يختلف فيه ابتداءً ، هو أن هؤلاء المناصرينللحكام المرتدين قد تلبسوا بمكفرات متعددة ، وامتنعوا عليها ، كمظاهرة الكفار على المسلمين، واستحلال دماء وأموال المعصومين ، وحمايتهم لقوانين ودساتير الكافرين ، وغير ذلكمما هو معلوم من حالهم ، فبعد هذا القدر المتفق عليه في حقهم ، مَن تبين له أن طائفةمن هذه الطوائف الممتنعة في مكان من الأمكنة ، أو زمان من الأزمنة ، قد شاع بين أفرادهاشيء من موانع التكفير المعتبرة ، فلا يجوز له والحالة هذه الإقدام على تكفير أعيانهموذلك لوجود المانع في حقهم ، بل يبقى مستمسكاً بأصل إسلامهم إلا من عُلِمَ حاله منهم، كما أن من علم أن بعض هذه الطوائف لم يعد عندها شيء من الموانع المعتبرة لا يحل لهأن يتوقف عن تكفير أعيانها ، والشهادة على القتلى بالنار ، ليكون حكمه عليهم شاملاًلأحكام الدنيا والآخرة ، وكما أن إخراج المسلم من دائرة الإسلام بمجرد الظنون والأوهامليس أمراً هيناً ، فكذلك لا تجوز الشهادة بالإسلام لمن علم خروجه منه بيقين ، فمدارأمر تكفير أعيان هذه الطوائف من عدمه متوقف على العلم بوجود موانع التكفير في حقهم، وهذا المجال هو الذي تختلف فيه الأنظار وتتعدد الاجتهادات ، ولا يخفى أن هذا لا علاقةله من قريب أو بعيد بالبحث والتنقيب عن اعتقاد أفراد الطائفة ، أو التفتيش عن ما انطوتعليه قلوبهم ، بحيث ينظر هل يرتكبون تلك الأفعال المكفرة استحلالاً أم لا ؟ ، وبهذايظهر أن هذه القضية الاجتهادية أدنى من أن تعقد عليها ألوية الاختلاف ، ويشمر فيهاعن ساعد التنازع والشقاق ، كيف والطوائف الممتنعة على أمور مكفرة لا زالت تظهر بينالحين والآخر منذ زمن بعيد ، ولا زال العلماء أيضا يختلفون في تكفيرها ، ولم يَدَّعِأحد منهم أن في المسألة إجماعاً قطعياً ، يُقْطع معه البحث والنظر ، ويُلقي بمخالفهفي دائرة الكفر ، ولم يطرأ جديد حتى يكون إجماع الصحابة المدعى خاصاً بأنصار الحكامالمرتدين ، ومقصوراً عليهم ، بحيث يُستَثْنَون من هذا الاختلاف

 

 

 

 

 

 

 

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام

ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسيةوالقانونية والاقتصادية

 عضو  والخبير بالمعهدالعربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية

محمول

01002884967
الدكتور عادل عامر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.