www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الأدب : هل شوه صورة المرأة؟!/محمود المختار الشنقيطي

0

الصورة الرمزية محمود المختار الشنقيطي

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد هذه العقود التي قضيتها قارئا …

ثم كاتبا عن المرأة ،وقضيتها ..

كان من الطبيعي أن يخطر على بالي سؤال عن الإساءة للمرأة

ومن يقف خلفها .. أكثر من غيره؟

إن “النسويات”العربيات،يرين – ببساطة – أن الدين هو السبب ..

 

فتقول إلهام كلاب  :

(( إن نبش الماضي بهذه الصورة الجذرية،يجعلنا نقف وقفة طويلة متأملة مع الدين والأسلوب الذي تعامل به مع المرأة أو وضع المرأة في الأديان السماوية،إن نصف المعتقدات الراسخة في أذهان البشر – في الماضي القريب – والحاضر – وربما المستقبل المنظور – أتت من الديانات السماوية الثلاث،اليهودية والمسيحية والإسلام،وكل تعرض لمسألة المرأة يقود بالضرورة إلى التعرض للدين وهنا الاحتياط والفخ .. فما العمل؟){( مجلة قضايا عربية / السنة السابعة / العدد الثاني / شباط / فبراير 1980م}.

إن أخشى ما أخشاه أن أقع تحت “سطوة”فكرة خطرت في بالي .. ثم أخذت تمد جذورها .. حتى بتُ – وأصبحتُ – مقتنعا بها إلى حد كبير ..

قبل الفكرة،أين تكمن المشكلة؟

إنها تكمن في عكس قول الحق سبحانه وتعالى”ولا تزل وازرة وزر أخرى”.. أي تعميم “خطئٍ”ما على شريحة كبيرة،لا علاقة لها بالأمر .. قبيلة .. أو دولة .. فردا إلخ.

وقد كنا نظن أن الغرب الذي تقدم حتى غزا الفضاء،قد تجاوز ذلك التعميم .. ولكننا رأيناه .. يعمم ويرمي أمة الإسلام كلها،والإسلام قبلها وبعدها،لأن مجموعة صغيرة،فجرت في أراضيه … وقبل أن تفعل .. فجرت في أراضي قومها!!

فهل التعميم “غريزة”في معظم البشر!!

فيما يتعلق بالمرأة،سبق أن قلت أن إحدى زرقاوات العيون .. نبهت إلى الأمر .. فقالت :

حين يرتكب رجل،فعلا غبيا،يقال : ما أغباه من رجل.

وحين ترتكب امرأة الفعل نفسه .. يقال : ما أغبى النساء!!

الفكرة .. إذا .. عن الدور الذي لعبه الأدب عموما ،والشعر خصوصا .. في الماضي .. لرسم صورة سلبية للمرأة .. ولعل في شعر عمر بن أبي ربيعة ما يكفي من الأمثلة ..

***

“وقف حمار الشيخ في العقبة”!! كتبت الأسطر السابقة .. ثم عجزت عن “تفتيت”شعر ابن أبي ربيعة !!

عطفا على ذلك، عزيز القارئ إنك تشهد “تدشين” طريقة جديدة في الكتابة … وهي وضع المادة كاملة أمام القارئ ليشارك الكاتب في الأصل الذي بنى عليه فكرته!!

نعم. إما أن يكون الأمر فعلا .. “تدشين”طريقة جديدة .. أو “العجز”عن الكتابة!

على كل حال،الملمح العام الذي في ذهني .. أننا نجد الشاعر – إن صدقا وإن كذبا،وإن كان الديوان يريد أن يؤكد “الصدق”فيذكر أسماء النساء كاملة !! – يعطي صورة عن المرأة .. وهي “تتحرش”بالشاعر ،في الطواف،وتطيبه، ..

تستقبله في بيتها .. متخطيا والدها .. وعبيده .. وتقسم “لأنبهن الحي إن لم تخرج” .. وحين يهم بالخروج .. “فتبسمت فعلمت أن يمينها لم تحرج” .. وصولا إلى “آخذا بقرونها شرب النزيف بماء الحشرج”!!

والأخرى .. التي”على ديمومة لم تمهد” .. ثم”على اسم الله!!!!! أمرك طاعة وإن كنت قد كلفت ما لم أعود” .. وصولا إلى “فضحتني فقم غير مطرود .. وإن شئت فازدد!!”

والملمح .. الأخير .. “تعاون”النساء على “ستر الشاعر” .. حتى يخرج من ورطته .. وأشهر ذلك بيته المعروف :

فكان مجني دون من كنتُ أتقي … ثلاث شُخوص كاعبان ومعصر

فإلى نصوص نقلتها من كتاب :

شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة المخزومي

تأليف : محمد محي الدين عبد الحميد : عفا الله تعالى عنه؟{وعنا وعنكم – محمود} / مطبعة السعادة / الطبعة الثانية 1380 = 1960

أثر”الغزل “في ثقافة سوء الظن بالمرأة!!

 

 

قال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم  القرشي :

 

 

وغاب قمير كنت أرجو غيوبه *** وروح رعيان،ونوم سمر

وخفض عني الصوت أقبلت مشيت الـــحُباب وركني خيفة القوم أزور

فحييتُ إذ فاجأتها فتولهت *** وكادت بمكنون التحية تجهر

وقالت وعضت بالبنان : فضحتني *** وأنت امرؤ ميسور أمرك أعسر

أريتك إذ هُنّا عليك ألم تخف *** رقيبا حولي من عدوك حضر (..)

فقلت لها : بل قادني الشوق والهوى *** إليك،وما عين من الناس تنظر

فقالت،وقد لانت وأفرخ روعها : *** كَلَاك بحفظ ربك المتكبر (..)

فبت قرير العين أعطيت حاجتي *** أقبل فاها في الخلاء فأكثر (..)

فقلت : أباديهم،فإما أفوتهم *** وإما ينال السيف ثأرا فيثار

فقالت : أتحقيقا لما قال كاشح *** علينا،وتصديقا لما كان يؤثر (..)

أقص على أختيَ بدءَ حديثنا *** ومالي من أن تعلما مُتأخر

لعلهما أن تبغيا لك مخرجا *** وأن ترحبا سربا بما كنت أحصر (..)

فقالت لأختيها : أعيانا على فتى *** أتى زائرا والأمر للأمر يقدر (..)

فقالت  لها الصغرى : سأعطيه مُطرفي *** ودرعي وهذا البُرد إن كان يحذر

يقوم يمشي بيننا متنكرا *** فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر (..)

فكن مجني دون من أتقي *** ثلاث شخوص كاعبان ومعصر ص 13 – 14

ـــــــــــ

حين قالت لأختها ولأخرى *** من قطين مولد : حَدّثاني

كيف لي اليوم أن أرى عمر المر *** سل سرا في القوم أن يلقاني

قالتا : نبتغي إليه رسولا *** ونُميت الحديث بالكتمان ص 18

ــــ

قالت لترب لها تحدثها : *** لتُفسدن الطواف في  عمر

قومي تصدي له ليعرفنا *** ثم اغمزيه يا أختُ في خفر

قالت لها : قد غمزته فأبى *** ثم استبطرت تسعى في أثري

من يسق بعد المنام ريقتها *** يُسق بكأس ذي لذة خَصِر ص 21

ـــــــــــ قصة ــــ

(اجتمع نسوة فذكرن عمر وشعره وظرفه ومجلسه وحديثه،فتشوقن إليه وتمنينه،فقالت سكينة : أنا لكن به،فبعثت إليه رسولا أن يوافي الصّورين ليلة سمتها فوافهن على رواحله،فحدثهن حتى طلع الفجر وحان انصرافهن،فقال لهن : والله إني محتاج إلى زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده ،ولكن لا أخلط بزيارتكن شيئا،ثم انصرف إلى مكة){ص 22}.

ــــــــــــــ

( بينما عمر يطوف بالبيت إذ رأى امرأة من أهل العراق،فأعجبه جمالها،فمشى معها حتى عرف موضعها،ثم أتاها فحادثها وأنشدها وأنشدته،وخطبها،فقالت : إن هذا لا يصلح هنا،ولكن إن جئتني إلى بلدي فخطبتني إلى أهلي تزوجتك (..) فركب نجيبا له (..) فما زال يحفد {يسرع} حتى لحق بالرفقة،ثم سار بسيرهم يحادث المرأة طول طريقه ويسايرها،وينزل عندها إذا نزلت،حتى ورد العراق،فأقام أياما،ثم راسلها يستنجزها وعدها،فأعلمته أنها كانت متزوجة بابن عم لها وولدت منه أوالدا،ثم مات وأوصى بهم وبماله إليها ما لم تتزوج،وأنها تخاف فرقة أولادها وزوال النعمة،وبعثت إليه بخمسة آلاف درهم،واعتذرت،فردها عليها ورحل إلى مكة …){ص 24 – 25}.

ـــــــــ

(اتعد عمر ونسوة من قريش العقيق لحديث،فتحدثوا مليا،ومُطروا،فقام عمر والغريض وجاريتان للنسوة فأظلوا عليهن بمطرفه وبردين له حتى استترن من المطر إلى أن سكن.){ص 43}.

ـــــــــ

(حجت أم محمد بنت مروان بن الحكم،فلما قضت نُسكها أتت عمر وقد أخفت نفسها في نسوة،فحدثها مليا،فلما انصرفت أتبعها عمر رسولا عرف موضعها،وسال عنها حتى اثبتها،فعادت إليه بعد ذلك فأخبرها بمعرفته إياها،فقالت : نشدك الله أن تشهرني بشعرك،وبعثت إليه بألف دينار،فقبلها وابتاع بها حُللا وطيبا فأهداها إليها،فردته،فقال لها : والله لئن لم تقبليها لأنهينه فيكون مشهورا،فقبلته،فقال فيها){ص 44}. دون ذكر اسمها.

ـــــــ

(ينما عمر يطوف بالبيت إذ رأى عائشة بنت طلحة – وكانت من أجمل أهل دهرها،وهي تريد الركن تستلمه – فبُهت لما رآها،ورأته وعلمت أنها قد وقعت في نفسه،فبعثت إليه بجارية لها،وقالت : قولي له : اتق الله ولا تقل هجرا،فإن هاذ مقام لابد فيه مما رأيت،فقال للجارية : أقرئيها السلام وقولي لها : إن ابن عمك لا يقول إلا حسنا،وقال فيها :

لعائشة ابنة التيمي عندي *** حمى في القلب لا يُراعى حماها (..) وقال فيها أشعارا كثيرة،فبلغ ذلك فتيان بني تيم،أبلغهم إياه فتى منهم،وقال لهم : يا بني تيم بن مرة،ها الله ليقذفن بنو مخزوم بناتنا بالعظائم وتغفلون،فمشى ولد أبي بكر وولد طلحة إلى عمر،فأعلموه بذلك،وأخبروه بما بلغهم،فقال لهم : والله لا أذكرها في شعر أبدا،ثم قال بعد ذلك فيها،وكنى عن اسمها (..) ولم يزل ينسب بعائشة أيام الحج،ويطوف حولها،ويتعرض لها،ولا يرى وجهها،حتى وافقها وهي ترمي الجمار سافرة،فنظر إليها،فقالت : أما والله لقد كنت لهذا منها كارهة يا فاسق،فقال :

إني وأول ما كلفت بذكرها *** عجب،وهل في الحي من متعجب (..) لقي عمر عائشة بنت طلحة بمكة وهي تسير على بغلة لها،فقال لها : قفي حتى أسمعك ما قلت فيك. فقالت : أو قد قلت يا فاسق؟ قال : نعم. فوقفت. فأنشدها :

يا ربة البغلة الشهباء،هل لك في *** أن تُنشري ميتا لا ترهقي حرجا (..) فقالت : لا ورب هذه البَنِيّة ما عنيتنا طرفة عين قط،ثم قالت لبغلتها عَدَسْ ){ص 51 – 53}

ـــــــــــ

(لما تزوج سهيل الثريا ونقلها إلى الشام بلغ عمر الخبر،فأتى المنزل الذي كانت الثريا تنزله،فوجدها قد رحلت منه يومئذ،فخرج في أثرها،فلحقها على مرحلتين وكانت قبل ذلك مُهاجرته لأمر أنكرته عليه،فما أدركها نزل عن فرسه،ودفعه إلى غلامه،ومشى متنكرا حتى مر بالخيمة،فعرفته الثريا،وأثبتت حركته ومشيته،فقالت لحاضنتها : كلميه، فسلمت عليه،وسألته عن حاله،وعاتبته على ما بلغ الثريا عنه،فاعتذر وبكى،فبكت الثريا وقالت : ليس هذا وقت العتاب مع وشك الرحيل،فحادثها إلى طلوع الفجر،ثم ودعها وبكيا طويلا،وقام فركب فرسه،ووقف ينظر إليهم وهم يرحلون،ثم أتبعهم بصره حتى غابوا .. وأنشأ يقول ..){ص 61}.

ــــــ

بعد وصف طويل :

دست إلي رسولا لا تكن فرقا *** واحذر،وقيت،وأمر الحازم الحذر

إني سمعت رجالا من ذوي رحمي *** هم العدو بظهر الغيب قد نذروا) {ص 113}.

ــــــــ

وشاقني موقف بالمروتين لها *** والشوق يحدثه للعاشق الفكر

وقولها لفتاة غير فاحشة *** أرائح ممسيا أم باكر عمر (..)

فجئت أمشي،ولم يغف الأولى سمروا *** وصاحبي هندواني به أثر

فلم يرعها وقد نضت مجاسدها *** إلا سواد وراء البيت يستتر

فلطمت وجهها واستنبهت معها *** بيضاء آنسة من شأنها الخفر

ما باله حين يأتي،أختُ،منزلنا *** وقد رأى كثرة الأعداء إذ حضروا (..)

قالت : أردت بذا عمدا فضيحتنا *** وصرم حبلي وتحقيق الذي ذكر

هلا دسست رسولا منك يُعلمني *** ولم تعجل إلى أن يسقط القمر

فقلت : داع دعا قلبي فأرقه *** ولا يتابعني فيكم فينزجر

فبت أسقى عتيق الخمر خالطه *** شهد مُشار ومسك خالص ذفر  (..)

فبت ألثمها طورا،ويمنعني *** إذا تمايل عنه البرد والخصر

حتى إذا الليل ولى قالتا زَمَرا *** قوما بعيشكما قد نور السحر

فقمت أمشي،وقامت وهي فاترة *** كشارب الخمر بطى مشيه السكر

يسحبن خلفي ذيول الخز آونة *** وناعم العصب كيلا يُعرف الأثر(ص 115- 116}.

ــــــــ

لما ألمت بأصحابي وقد هجعوا *** حسبت وسط رحال القوم عطارا

من طيب نشر التي تامتك إذ طرقت *** ونفحة المسك والكافور إذ ثارا

فقلتُ : من ذا المحيي؟ وانتبهتُ له *** أم مَنْ محدثنا هذا الذي زارا

قالت : محب رماه الحب آونة *** وهيجته دواعي الحب إذ حارا

حُلي إزارك سُكنى غير صاغرة *** إن شئت واجزي محبا بالذي سارا){ص 121 – 122}.

ــــــــ   

فإن جئت فأتي على بغلة *** فليس يواتي الخفاء البعير

فإنك عندي فيما اشتهيــــــــــــــتَ حتى تفارق رحلي أمير {ص 132}.

ــــــــ

فعرفت القبول منها لعذري *** إذ رأتني منها أريد اعتذارا

ثم قالت وسامحت بعد منع *** وأرتني كفا تزين السوارا

فتناولتها،فمالت كغصن *** حركته ريح عليه فخارا

وأذاقت بعد العلاج لذيذا *** كجني النحيل شاب صرفا عُقارا

ثم كانت دون اللحاف لِمشغو *** فٍ معنى بها صبوب شِعار (الشلحة)

واشتكت شدة الإزار من البهـــــــر،وألقت عنها لديّ الخمارا

حبذا رجعها إليها يديْها *** في يدَيْ درعها تحل الإزار

ثم قالت وبان ضوء من الصــــــبح منير للناظرين أنارا

يا ابن عمي فدتك نفسي إني *** أتقي كاشحا إذا قال جارا{ص 140 – 141}.

ــــــــــ

وقولها للفتاة إذ أفد الــــــبين : أغاد أم رائح عمر

عجلان يقض بعدُ حاجته *** ألا تأنى يوما فينتظر

الله جار له إذا نزحت *** دار به أو بدا له سفر

رأيتها مرة ونسوتها *** كأنها من شعاعها القمر

يمشين في الخز والمراحل أن *** يَعرف آثارهن مقتفر {ص 143}. انظر ص 116

ـــــ

قالت لترب لها منعمة *** كالريم يقرو”يتتبع” نواعم الشجر

هل من رسول يَكْمِي حوائجنا *** بحاجة تشتهى إلى عمر {يكمي : يستر ويخفي ولا يبوح}

فجاءني ناصح أخو لطف *** فقال في خفية وفي سَتر

تقول : إن لم نزرك من حذر الــــــكاشح والحاسدين لم تزر {ص 146}.

ـــــــــ

بينما أنظرها في مجلس *** إذ رماني الليل منها بسكر {سكر : الحية والدهشة}

لم يرعني بعد أخذي هجعة *** غير ريح المسك منها والقُطر {القطر : بضم القاف والطاء وقد تسكن طاؤه : العودة}

قلت : من هذا؟ فقالت هكذا : *** أنا من جشمتَه طولَ السهر

ما أنا والحب قد أبلغني *** كان هذا بقضاء وقدر

ليت أني لم أكن علقتكم *** كل يوم  أنا منكم في عِبر

كلما توعدُني تُخلفني *** ثم تأتي حين تأتي بعذر (..)

فاتركي عنك ملامي،واعذري *** واتركي قول أخي الإفك الأشر

فأذاقتني لذيذا  خلته *** ذوب نحل شيب بالماء الخصر (..)

فتقضت ليلتي في نعمة *** مرة ألثمها غير حصِر

وأفري مرطها عن مُخطف *** ضامر الأحشاء فعم المؤتزر (..)

قم صفي النفس لا تفضحني *** قد بدا الصبح وذا برد السحر

فتولت في ثلاثٍ خردٍ *** كدمى الرهبان أو عِين البقر

لست أنسى قولها ما هدهدتْ *** ذات طوق فوق غصن من عُشر

حين صممتُ على ما كَرِهَتْ *** هكذا يفعل من كان غدر  {ص 148 – 149}.

ــــــــــــــ

فإذا ما راح فاستلمي *** إن دنا في طوافه الحجرا

وأشفي البرد عنك له *** كي تشوقيه إذا نظرا

فأرتاني مسفرا حسنا *** خلته إذ أسفرت قمرا (..)

ثم قالت للتي معها: *** لا تديمي نحوه النظرا

ـــــــــ

ولست بناس مقال الفتاة *** غداة المحصب إذ أجمروا :

ألست ملما بنا يا فتى *** إذا نام عنا الأولى نحذر؟

فقلت بلى،أقعدي ناصحا *** ينفض عنا الذي ينظر

فأقبلت والناس قد هجعوا (سقط العجز من كل النسخ)

إذا كاعبان ورخص البنان *** أسيل مقلده أحور

فسلمت خفيا فحيينني *** وقلبي من خشية أوحر “بالحاء المهملة : كثير الهواجس والوساوس” {ص 172 – 173}.

ــــــــــــ

ولست بناس طوال الحيا *** ة ليلتنا بكثيب الغُدر

ولا قولها لي إذ أيقنت *** بما قد أريد بها : استقر {ص 177}.

ـــــــــ

فلما اكفهر الليل قالت لخرد *** كواعب في ريط وعصب مسهم”ملاءات مخططة”

نواعم قب بدن صمت البرى *** ويملأن عين الناظر المتوسم”برة : كناية عن الأساور والخلاخل : امتلاء”

رواجح أكفال تباهين،قولها *** لديهن مقبول على كل مزعم (..)

وقالت لها : إمضي فكوني أمامنا *** لحفظ الذي نخشى ولا تتكلمي

فقامت ولم تفعل ونامت فلم تُطق *** فقلن لها : قومي،فقامت ولم ولم

تُبن غير أن قد أومأت فعمدنها *** كشارب مكنون الشراب المختم “عمدت : قصدت”

فلما التقينا باح كل بسره *** وأبدى لها مني السرور تبسمي

فيالك ليلا بت فيه موسدا *** إذا شئت بعد النوم أكرم معصم

وأسقى بأعذب بارد الريق واضح *** لذيذ الثنايا طيب المتنسم {ص 201 – 203}.

ــــــــــ

قالت وقد جد الرحيل بها،*** والعين إن تطرف بها تسجم

إن ينسنا الموت ويؤذن لنا *** نلقك إن عُمرت بالموسم {ص 212}.

ـــــــــــــــ

ثم انصرفت وكان آخر قولها *** أن سوف يجمعنا إليك الموسم{ص 227}.

ـــــــــ

أنت الأميرة فاسمعي لمقالتي *** وتفهمي من بعض ما لم تفهمي

إني أتوب إليك توبة مذنب *** يخشى العقوبة من مليك منعم(..)

وأعوذ منك بك الغداة لتصفحي *** عما جنيتُ من الذنوب فترحمي {ص 231}.

ـــــــــ

فأذاقتني لذيذا *** خلته راحا ختيما

شابه شهد وثلج *** نقعا قلبا كليما”نقعا : شفيا”

ثم أبدت إذ سلبتُ الــــــمرط مبيضا هضيما “مرط : كل ثوب غير مخيط”

فلهونا الليل حتى *** هجم الصبح هجوما

قلت ُ : قد نادى المنادي *** وبدا الصبح فقوما {ص 249}.

ــــــــــــــــ

أشارت إلينا بالبنان تحية *** فرد عليها مثل ذاك بنان

فقلتُ وأهل الخيف قد حان منهم ***خُفُوفٌ،وما يبدي المقال لسان (..)

تعال فزرنا زورة قبل بيننا *** فقد غاب عنا من نخافُ،جبان{ص 260 – 261}.

ـــــــــــــ

وقد أرسلت في السر أن فضحتني *** وقد بُحت باسمي في النسيب ولم تكن

فشرفني أهلي وجلُ عشيرتي *** فإن كان يَهْنيك الذي جئت فليهن”تطلعوا لها وتعرضوا”وضع اليد على العين للنظر  {ص 264}.

ـــــــ

بل ما نسيت ببطن الخيف موقفها *** وموقفي،وكلانا ثم ذو شجن

{وقولها للثريا يوم ذي خُشب *** والدمع منها على الخدين ذو سنن}

بالله قولي له في غير معتبة *** ماذا أردت بطول المكث في يمن

إن كنت حاولت دنيا أو نعمت بها *** فما أخذت بترك الحج من ثمن {ص 284}.

ــــــــــ

ثم قالت لأختها قد ظلمنا *** أن رجعناه خائبا،واعتدينا

في خلاء من الأنيس وأمن *** فشفينا غليله واشتفينا

وضربنا الحديث ظهر لبطن *** وأتينا من أمرنا ما اشتهينا

فلبثنا عشرا تباعا *** فقضينا ديوننا واقتضينا{ص 305}.

ـــــــــــ

نأينا عن الحي حتى إذا *** تودع من نارها الموقد

وناموا بعثنا لنا ناشدا،*** وفي الحي بغية من ينشد

فقامت فقلت : بدت صورة *** من الشمس شيعها الأسعد

فجاءت تهادى على رِقبة *** من الخوف أحشاؤها تُرْعَد {ص 310}.

ــــــــــ

قامت تراءى على خوف تشيعني *** مشي الحسير المزجي جُشم الصعدا”الحسير: المعي. المزجى : المسوق”

لم تبلغ الباب حتى قال نسوتها *** من شدة البهر : هذا الجهد فاتئدا

أقعدنها وبنا ما قال ذو حسب *** صب بسلمى إذا ما أُقعدت قعدا{ص 319}.

ـــــــ

فطرقت باب العامرية موهنا *** فعل الرفيق أتاهم للموعد

فإذا وليدتها،فقلتُ لها افتحي *** لمتيم صب الفؤاد مُصيد

فتفرج البابان عن ذي مرة *** ماض على العلات ليس بقعدد “مرة : صاحب الشدة وقوة الخلق”

فتجهمت لما رأتني داخلا *** بتلهف من قولها وتهدد

ثم ارعوت شيئا وخفّض جأشها *** بعد الطموح تهجدي وتوددي

في ذاك ما قد قلتُ : إني ما كث *** عشرا فقالت : ما بدا لك فاقعدِ

حتى إذا ما العشر جن ظلامها *** قالت : ألا حان التفرق فاعهد”نبهته لانتهاء المدة،وأن يودعها”

واذكر لنا ما شئت مما تشتهي *** والله لا نعصيك أخرى المُسند”المسند : الدهر {326 – 327}.

ـــــــــــ

زارنا زور سررت به *** ليت ذاك الزور لم يعجل “الزور : الزائر”

إذ أتانا ليلة وجلا *** من عيون الخانة العُذّل (..)

فأذاقتني على مهل *** طيب الأنياب لم يَثْعل”لم يثعل : لم تركب أسنانه على بعضها” {ص 329 – 330}.

ـــــــــــــ

فسلّمتُ واستأنست خيفة أن يرى *** عدو مكاني أو يرى كاشح فعلي

فقالت وأرخت جانب الستر : إنما *** معي فتحدث غير ذي رِقبة من أهلي

فقلتُ لها : ما بي لهم من ترقب *** ولكن سري ليس يحمله مثلي

فلما اقتصرنا دونهن حديثنا *** وهن طبيبات بحاجة ذي التبل

عرفن الذي تهوى فقلن لها : ائذني *** نطف ساعة في طيب ليل وفي سهل

فقالت : فلا تلبثن،قلن : تحدثي *** أتيناك،وانسبن انسياب مها الرمل

فقمن وقد أفهن ذا اللب أنما *** فعلن الذي يفعلن في ذاك من اجلي

وباتت تمج المسك في فيّ غادة *** بعيدة مهوى القرط صامتة الحِجل {ص 335}.

ـــــــــــ

ولقد قالت الحبيبة : لولا *** كثرة الناس جدتُ بالتقبيل {ص 337}.

ـــــــــــــ

فالتقينا فرحبت ثم قالت : *** عمرك الله إيتنا في المقيل

في خلاء كيما يرينك عندي *** فيصدقنني،فداك قبيلي

لم يرعهن عند ذاك وقد جئـــــــت لميعادهن إلا دخولي

قلن : هذا الذي نلومك فيه *** لا تَحَجّيْ من قولنا بفتيل”تحجى :اولع ولزم”

فصليه فلن تلامي عليه *** وهو أهل الصفاء والتنويل {ص 343}.

ـــــــــــ

أرسلت لما عيل صبري إلى *** أسماء والصب بأن يرسلا

أذكر أن لابد من مجلس *** يكون عن سامركم مَعزِلا (..)

ثم دعت من عَجيب أختها *** هندا فقالت : عمر أرسلا

يسومني معتذرا مجلسا *** كأنه يأمن أن نبخلا

فأرسلت أروى وقالت لها  *** مِن قبل أن ترضى وأن تقبلا :

إيتيه بالله،وقولي له *** والله لا يَفعلُه،ثم لا

وواعديه سدرتي مالك *** أو ذا الذي بينهما أسهلا

وليأت إن جاء على بغلة *** إني أخاف المهر أن يصهلا {ص 348 – 349}.

ـــــــــــــ

فهزت رأسها عجبا وقالت *** عذرتك لو ترى منهم غفولا

ولكن ليس يعرف لي خروج *** ولا تسطيع في سر دخولا {ص 350}.

ـــــــــــــــ

بألذ منها إذ تقول لنا *** وأردت كشف قناعها : مهلا {ص 374}.

ــــــــــــ

ولقد أخرج الأوانس الحـــــــو بعيد الكرى أمام القباب

ثم ألهو بنسوة خفرات *** بدن الخلق رُدّحٍ أتراب

بت في نعمة وباتت وسادي *** ثني كف حديثةٍ بخضاب

ثم قمنا لما تجلى لنا الصـــــــبح نعفي آثارنا بالتراب {ص 383}.

ــــــــــــــ

ما أنس لا أنسى غداة لقيتها *** بمنى تريد تحيتي وعتابي (..)

تلك التي قالت لجاراتٍ لها *** حور العيون كواعبٍ أتراب

هذا المغيري الذي كنا به *** نهذي،ورب البيت، يا أترابي

قالت لذاك لها فتاة عندها *** تمشي بلا إتب ولا جلباب”الاتب : الدرع الذي تلبسه المرأة،وما كان من الثياب قصيرا لا يزيد عن نصف الساق”

قد كنت أحسب أنها في غفلة *** عما يُسر به ذوو الألباب :

هذا المقام – فديتكن – مشهر *** فاحذرن قول الكاشح المرتاب

فعجبن من ذاكم وقلن لها : افتحي *** – لا شب قرنك – مَفْتَحا من باب”المفتح :موضع الفتح”

قالت لهن : الليل أخفى للذي *** تهوين من ذا الزائر المنتاب”انتابه : نزل به أو زاره”{ص 415}.

ــــــــــــــ

لقد أرسلت نُعْمٌ إلينا أن ائتنا *** فأحبب بها من مرسل متغضب

فأرسلتُ أن لا أستطيع فأرسلت *** تؤكد أن أيمان الحبيب المؤنِب

فقلت لجناد خذ السيف واشتمل *** عليه بحزم وانظر الشمس تغرب (..)

فلما التقينا سلمت وتبسمت *** وقالت كقول المعرض المتجنب

أمن أجل واش كاشح بنميمة *** مشى بيننا صدقته لم تُكَذِب (..)

فبات وسادي ثني كف مخضب *** معاودَ عذبٍ لم يكدر بمشرب

إذا ملت مالت كالكثيب رخيم *** مُنَمَةً حسانة المتجلبب {ص 426 – 427}.

ـــــــ

قالت ثُريا لأتراب لها قطف *** قمن نحيي أبا الخطاب من كثب

فطرن لما قالت،وشيعها *** مثل التماثيل قد مُوهن بالذهب (..)

قالت لهن فتاة كنتُ أحسبها *** غريرةً برجيع القول واللعب

هذا مقام شُنوعٍ لا خفاء به *** ألا تخفن من الأعداء والرقب {ص 428}.

ــــــــ

من رسولي إلى الثريا بأني *** ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

أزهقت أم نوفل إذ دعتها *** مهجتي،ما لقاتل من متاب

حين قالت لها : أجيبي،فقالت : *** من دعاني؟ قالت : أبو الخطاب

أبرزنها مثل المهاة تهادى *** بين خمسٍ كواعب أتراب {ص 430 – 431}.

ـــــــ

ولولا أن تعنفي قريش *** وقول الناصح الأدنى المشفق

لقلتُ إذا التقينا : قبليني *** ولو كنا على ظهر الطريق {ص 445}.

 

فلما التقينا واطمأنت بنا النوى *** وغيب عنا من كنا نخاف ونُشفق

أخذتُ بكفي كفها،فوضعتها *** على كبد من خشية البين تخفق

فقالت لأتراب لها حين أيقنت *** بما قد ألاقي : إن ذا ليس يصدق (..)

فقلن : شهدنا أن ذا ليس كاذبا *** ولكنه فيما يقول مصَدّق

فقمن لكي يخليننا،فترقرقت *** مدامع عينيها،فظلت تَدَفق

وقالت : أما ترحمنني أن تدعنني *** لديه وهو فيما علمتن أخرق

فقلن : اسكتي عنا فغير مطاعة *** لهوَ بك منا،فاعلمي ذاك،أرفق

فقالت : فلا تبرحن ذا السترَ،إنني *** أخاف ورب الناس منه وأفرق {ص 445 – 446}.

ـــــــــ

أدخل الله رب موسى وعيسى *** جنة الخلد من ملاني خَلوقا

مسحتهُ من كفها بقميصي *** حين طافت بالبيت مسحا رفيقا

غضبت أن نظرتُ نحو نساء *** ليس يعرفننا مررن الطريقا {ص 450 – 451}.

ـــــــــــ

في بكاء فقلت : ما الذي أبــــكاكِ؟ قالت فتاتُها : ما فعلتا

ولوت رأسها ضرارا،وقالت *** إذ رأتني : اخترت ذلك أنتا

حين آثرت يالمودة غيري *** وتناسيت وصلنا ومللتا

قلتَ لي قول مازحٍ تستبيني *** بلسانٍ مُقْوّلٍ إذ حلفتا :

عاشري فاخبُري،فمن شؤم جَدّي *** وشقائي عُوشرتَ ثم خُبرتا (..)

فحرام عليك أن لا تنال الدهــــــر مني غير الذي كنت نلتا

قلتُ : مهلا،عفوا جميلا،فقالت : *** لا وعيشي،ولو رأيتك مُتا

وأجازت بها البغال تهادى *** نحو خبتٍ،حتى إذا جزنا خبتا

سكنت مُشْرفَ الذرى ثم قالت : *** لا تزرنا ولا نزورك سبتا”مشرف الذرى : مرتفع عالي يريد قصرا شامخا” {ص 457 – 458}.

ـــــــــــ

إذا ثلاث كالدمى *** وكاعب ومُسْلِف”وسط ليست كبيرة ولا غريرة”

وبينهن صورةٌ *** كالشمس حين تُسدف (..)

قلتُ لها من أنتُمُ؟ *** لعل دارا تُسعف

فابتسمت عن واضحٍ *** غَرّ الثنايا يَنْطف (..)

وأرسلت فجاءني *** بنانها المُطَرّف

أن بت لدينا ليلة *** تحيا بها ونَلْطف

باتت ولي من بَذلها *** حَمْشُ اللثاثِ أعجف”فمها قليل اللحم”

فبت ليلي كله *** تُرشفني وأرشف (..)

لما دنا تقاربٌ *** من ليلنا ومَصْرف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.