www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

جــــامعـــة الـــدول العـــربيــــة وبيع قضيـــة فلســــطين/د. غازي حسين

0

جــــامعـــة الـــدول العـــربيــــة وبيع قضيـــة فلســــطين

الحديث عن حل خلاّق مزعوم لحق عودة اللاجئين إلى ديارهم لا عن حل قانوني عادل،

يعني في حقيقته إيجاد صيغة مضللة وخادعة وغير عادلة لتصفية هذا الحق الذي لايزول بزوال الدول أو بتغيير السيادة أو بتقادم الزمن عليه،

لأنه حق من الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف وحق ينطلق من القواعد الملزمة في القانون الدولي.

إن هذه المحاولات لاتلغي حقيقة أن ترحيل الفلسطينيين من ديارهم في حربي عام 1948 و1967 العدوانيتين تجسيد لأبشع أنواع الاستعمار الاستيطاني العنصري، وأخطر عملية تطهير عرقي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية وجريمة حرب بحسب اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقيات جنيف الأربع عام 1949 ونظام محكمة الجزاء الدولية في روما لعام 1998.
تتصاعد الحملة الصهيونية والامبريالية والخليجية على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم يوماً بعد يوم، لإلغاء وشطب هذا الحق غير القابل للتصرف أو المساومة أو الإلغاء، ولتصفية قضية فلسطين، من خلال رؤية الدولتين التي وضعها السفاح شارون في مشروعه للتسوية عام 2001 وأخذها مجرم الحرب الرئيس بوش وضمّنها خارطة الطريق، ووافقت عليها جامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية، كما حظيت بموافقة حركة حماس على إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع والتخلي عن المقاومة المسلحة واعتماد المقاومة السلمية للقبول بشكل غير مباشر برؤية الدولتين المرفوضة من الشعب والأمة.
ونجح أولمرت وحسناء “الموساد” تسيبي ليفني بإقناع رئيس السلطة الفلسطينية بأن موافقة “إسرائيل” على قيام دولة فلسطينية هي مقابل شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وتبادل الأراضي والاعتراف بيهودية “إسرائيل” وإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وأعلنت ليفني مراراً وتكراراً أمام أحمد قريع ومحمود عباس أن موافقة «إسرائيل» على رؤية الدولتين هي مقابل شطب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لحق عودة اللاجئين إلى ديارهم.
وجاءت تصريحات محمود عباس أمام عدسة القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي حول تنازله عن حقه في العودة إلى صفد في هذا السياق.
وقدمت قيادة منظمة التحرير عدة مبادرات تصب في اتجاه شطب حق العودة منها: مبادرة يوسي بيلين وياسر عبد ربه، والتي عرفت بمبادرة جنيف، ومبادرة سري نسيبه-ويعالون، ومبادرة البحر الميت وغيرها من المبادرة العربية والأوروبية.
وذكرت الصحافة العالمية أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك طالب الفلسطينيين في منتدى دافوس الاقتصادي بالتخلي عن حق العودة لتحافظ “إسرائيل” على يهودية الدولة، أي على طابعها الديمغرافي اليهودي، وكدولة لجميع اليهود في العالم، وكأكبر غيتو يهودي عنصري مغلق في قلب المنطقة العربية والإسلامية.
وجاءت مبادرة ولي العهد السعودي الأمير فهد بن عبد العزيز عام 1982 في قمة فاس الثانية، ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله (التي وضع أسسها اليهودي توماس فريدمان) وتضمنت إيجاد حل عادل متفق عليه لشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم والتي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002 للتخلي العربي الرسمي عن حق العودة ولتؤكد ما أعلنته الصحافة الإسرائيلية قبيل قمة بيروت من أن دولة عربية مهمة تعمل على صياغة مشروع «خلّاق» لحل مشكلة اللاجئين بتوطينهم في أي مكان غير وطنهم فلسطين.
وهللت الصحافة الإسرائيلية وأعربت عن ابتهاجها بالمبادرة العربية واستنكارها وإدانتها لتصريح نبيل
شعث وزير الدولة للشؤون الخارجية الفلسطيني في بيروت، وأعلن فيه أن حق العودة إلى يافا وحيفا مصان.
إن الحديث عن حل خلاّق لحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وليس الحديث عن حل قانوني عادل يعني إيجاد صيغة مضللة وخادعة وغير عادلة لتصفية هذا الحق الذي لايزول بزوال الدول أو بتغيير السيادة أو بتقادم الزمن عليه، لأنه حق ثابت من الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف وحق ملزم ينطلق من القواعد الملزمة في القانون الدولي.
إن ترحيل الفلسطينيين من ديارهم في حربي عام 1948 و1967 العدوانيتين أبشع أنواع الاستعمار الاستيطاني العنصري وأخطر عملية تطهير عرقي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية وجريمة حرب بحسب اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقيات جنيف الأربع عام 1949 ونظام محكمة الجزاء الدولية في روما لعام 1998.
فمنع عودة اللاجئين بعد انتهاء العمليات القتالية هو جريمة حرب، كما أن ترحيل الفلسطينيين بالقوة وتهجير اليهود إلى فلسطين واستيطانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة جريمة حرب أخرى تتطلب تقديم قادة إسرائيل الأحياء منهم والأموات إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاكمتهم كمجرمي حرب أسوة بمجرمي الحرب النازيين ومجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة ورواندا وفي بقية أنحاء العالم.
وتؤكد المذكرة التفسيرية للقرار الأممي رقم 194، أن تحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم تكون بعودتهم إلى منازلهم في مدنهم وقراهم التي أخرجوا منها، وليس إلى أي مكان آخر في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
إن موقف قادة «إسرائيل» وعلى رأسهم بيرس وأولمرت وليفني وغيرهم بمقايضة حق عودة اللاجئين إلى ديارهم في فلسطين المحتلة «بالدولة الفلسطينية» المزمع إقامتها في الضفة الغربية المحتلة تناقض مع مبادئ الحق والعدالة والعهود والمواثيق والقرارات الدولية ومبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني.
لقد أقرت الأمم المتحدة 135 مرة في قراراتها منذ عام 1948 وحتى عام 1993 أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم حق غير قابل للتصرف وحق لا تجوز المفاوضة عليه أو الإنابة أو التنازل عنه، ويسري على الأرض التي أُخرج منها بغض النظر عن السيادة القائمة عليها.
وتعمل بعض المنظمات الدولية وهيئات الاتحاد الأوروبي «ومنظمة حل النزاعات الدولية» انطلاقاً من تقريرها في شباط عام 2004 على توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم الحالية أو في أماكن أخرى جديدة. كما تعمل الإدارات الأمريكية منذ عهد الرئيس كلينتون مروراً بفترة مجرم الحرب بوش وحتى إدارة الرئيس أوباما الثانية على شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وحمل القيادات الفلسطينية والعربية الاعتراف بيهودية الدولة أي بمتابعة عملية التطهير العرقي بترحيل الفلسطينيين من أم الفحم والجليل والنقب إلى دولتهم الفلسطينية التي ستقام على 9٪ من مساحة فلسطين.
إن انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وممارسة العنصرية والتمييز العنصري تجاهه داخل فلسطين وخارجها وأخص بالذكر إسرائيل ودول الخليج ولبنان والأردن ساهمت وتساهم في زيادة معاناة وآلام اللاجىء الفلسطيني وتدهور أحواله المعيشية والاقتصادية والصحية والسكنية.
وتهدف بالدرجة الأولى إلى إدخال اليأس والقنوط إلى نفسه ودفعه إلى الاستسلام والقبول بالضغوط والتمييز وتهديد حياته ومعيشته لإسقاط حق العودة إلى منزله وأرضه في الأرض المحتلة عام 1948.
إن حق العودة لا يسقط إلا بتخلي صاحب الحق عن حقه، لأنه حق ثابت غير قابل للتصرف لذلك حاولت جهات عربية ومنها لجنة المتابعة لجامعة الدول العربية والرئيس المخلوع حسني مبارك وآل سعود وآل ثاني وآل نهيان والعائلة الهاشمية تعديل المبادرة العربية بحيث تنص على التوطين وإسقاط أي ذكر لحق
عودة اللاجئين إلى ديارهم استجابة لمطلب “إسرائيل” والولايات المتحدة وتحقيقاً لبيعهم فلسطين لليهود.
جاءت اتفاقية الأمير فيصل مع حاييم وايزمان زعيم المنظمة الصهيونية العالمية عام 1916 في العقبة، للموافقة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتسهيلها، ووثيقة الأمير سلطان بن عبد العزيز لبريطانيا عام 1935 بإعطاء فلسطين للمساكين اليهود، ومحادثات الملك عبدالله السرية مع الوكالة اليهودية وموافقته على التقسيم وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وضم الضفة الغربية، وتآمر الأمير فهد مع أمريكا للإيعاز الأمريكي لإسرائيل للقيام بهجوم كبير على قطاع غزة أو على سورية للتخفيف عن السعودية في حرب اليمن، ومبادرة الأمير فهد عام 1982 التي أصبحت تعرف باسم مشروع السلام العربي، ومبادرة الأمير السعودي عبد الله التي تعرف بمبادرة السلام العربية واستبدال قمة الدوحة في آذار 2013 من جدول أعمالها ملف قضية فلسطين بعنوان جديد على مؤتمرات القمم العربية يظهر هذا كله بجلاء أن آل سعود وآل ثاني باعوا فلسطين العربية لليهود إكراماً لبريطانيا وأمريكا والصهيونية العالمية، وشطبوا باسم جامعة الدول العربية على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وحكموا على ستة ملايين لاجىء فلسطيني بالبقاء في قفص العبودية الإسرائيلي والعربي الرسمي الدولي.
إن تاريخ قضية فلسطين العربية خلال قرن من الزمن مليء بالخيانات والمؤامرات والتنازلات التي قام بها الشيوخ والأمراء والملوك والرؤساء العرب وبعض القادة الفلسطينيين وجامعة الدول العربية التي أسسها تشرشل لخدمة المصالح البريطانية في الوطن العربي وخيانتها للبطل عبد القادر الحسيني وقوات الجهاد المقدس وجيش الإنقاذ.
وتعمل اليوم على تصفية حق عودة اللاجئين إلى ديارهم والاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، لذلك خططوا للإطاحة بالدولة السورية ومؤسساتها وجيشها وصناعة حكومة تفريطية لتصفية قضية فلسطين وإقامة الشرق الأوسط الجديد بحيث تكون إسرائيل العظمى الاقتصادية بمثابة المركز والقائد للنظام الإقليمي الجديد على أساس شرق أوسطي وليس على أساس عربي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.