النظام الأردني ومظاهر التعبئة ضد المقاومة قبل أيلول 1970 إن حساسِيَّة قضية الثورة والعمل الفدائي بسبب ارتباطهما بمطلب التحرُّر من الاحتلال في ضوء مرارة هزيمة النظام الماثلة أمام أعين الجميع، جعلت من الطبيعي ألا يكونَ نجاحُه في تمرير مؤامرة السَّطْوِ المرتقبَة على ثورة الشعب الأردني مضمونا،
الدور الوظيفي للنظام الأردني منذ نشأة الدولة القطرية الأردنية
“دراسة في حلقات”
“جزء من بحث قُدِّمَ لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية”
أسامة عكنان
عمان – الأردن
الأردن وطن وليس مزرعة خراف
والأردنيون شعب وليسوا قطيع ماشية
والأردني مواطن يملك وطنا، وليس عابر سبيل يستجدي كسرة خبز
وحكام الأردن خدم وموظفون عند شعبهم، وليسوا سادة عليه أو مستعبدين له
فمن فهم فليعمل بما فهم، ومن لم يفهم فليذهب إلى الجحيم
قراءةٌ في دور الأردن التاريخي كوطن مُهِمٍّ يلد رجالاً أهم، ورفضُ دورِه الوظيفي كمزرعة تسمِّن الخراف لخلق فضاءٍ آمنٍ لأعداء الأمة
الحلقة التاسعة
النظام الأردني ومظاهر التعبئة ضد المقاومة قبل أيلول 1970
إن حساسِيَّة قضية الثورة والعمل الفدائي بسبب ارتباطهما بمطلب التحرُّر من الاحتلال في ضوء مرارة هزيمة النظام الماثلة أمام أعين الجميع، جعلت من الطبيعي ألا يكونَ نجاحُه في تمرير مؤامرة السَّطْوِ المرتقبَة على ثورة الشعب الأردني مضمونا، لو أنه أغفل جانب التعبئة المضادة للثورة على الصعيد الشعبي، أو على صعيد شريحة محدَّدَة من الشعب، مستغلا في هذه الحملة ملابساتٍ وأوضاعا معينة تكفل له النجاح في مساعيه.
فإذا كان استحضارُ “الهوية الفلسطينية” من برزخها الذي دُفِنَت فيه عقِب مؤتمر أريحا، وتصميمُها على مقاس “الثورة الأردنية” لتسهيل مَهَمَّة السَّطو المستهدَفَة عليها، يُمَثِّل الأداة الأيديولوجية التي اعتمد عليها النظام لإعادة إنتاج “الهوية الأردنية” في عباءَتها الوظيفِيَّة القطْرِيَّة، ودَفْعِها من ثمَّ إلى شَرْعَنَتِه كنظام وظيفي بدا وكأنه يدافع عنها ويحرص على حمايتها.
وإذا كانت “ازدواجية السلطة” بمُكَوِّناتِها التي أسهبنا في شرحها سابقا، هي الأداة السياسية التي استُخْدِمَت لتجسيد تلك الأيديولوجية على الأرض بشكلها المرعب والمخيف والمريب في أهدافه وتوجهاته ومشاريعه.
فإن التعبئة المضادة للثورة، كانت بمثابة الأداة الشعبية التي حارب بها النظام الأردني ثورةَ الشعب، بعد أن نجحت الأداة السياسية “ازدواجية السلطة”، في تحويل الأداة الأيديولوجية “الهوية الفلسطينية”، إلى غولٍ يثير رعبَ الشعب الأردني على هويته وعلى مستقبله.
لقد استخدم النظام الأردني مفرداتٍ تاريخيةً مَيِّتَةً لإحياء مفرداتٍ تاريخيةٍ مَيِّتَةٍ أخرى، بالشكل الذي يخدمه ويُبْقي عليه نظاما حياًّ في إطار الوظيفِيَّة والقُطْرِيَّة التي دافع عنها حتى آخر لحظة، أي أنه أحيى مَيِّتا بمَيِّتٍ. وكانت كافة المفردات التي استخدمها فأحياها من مواتها “سايكسبيكوية” الطابع. فالهوية الأردنية نشأت وظيفِيَّة قُطْرِيَّة، أي “سايكسبيكوية” الطابع، والهوية الفلسطينية نشأت أيضا وظيفِيَّة قُطْرِيَّة، أي “سايكسبيكوية” الطابع. وهو عندما عمِلَ على إعادة الوظيفِيَّة والقُطْرِيَّة إلى الهوية الأردنية المتحرِّرَة من وظيفِيَّتِها وقُطْرِيَّتِها بثورتها العظيمة التي فَجَّرَتْها في منتصف ستينيات القرن الماضي، لتمنحَه الشرعية باعتباره حاميها والمدافعَ عنها، لم يستطع أن يفعل ذلك إلا باستحضار الهوية الفلسطينية في إطارها الوظيفي القُطْري أيضا.
أي أنه أحيى مَيِّتَيْن كان كلٌّ منهما قد مات بطريقة مختلفة عن موت الآخر. الهوية الوظيفية القطرية الفلسطينية كانت قد ماتت بمؤامرة لم يكن يتوقع من ارتكبوها أنها ستكون مؤامرة إيجابية، تنتحر على عتبات موتها الباسل الهوية الوظيفية القطرية الأخرى وهي الهوية الأردنية، لأنهم عندما أماتوها إنما كانوا يهدفون إلى تضخيم البعد الوظيفي القُطْري في الهوية الأخرى التي دفنوها في جوفها، ألا وهي الهوية الأردنية. أما هذه الأخيرة والتي هي أيضا هوية وظيفِيِّة قُطْرِيَّة، فكانت قد ماتت عندما نجحت عملية الدفن الناتجة عن إذابة الهوية الفلسطينية في جوفها، في التَّحَوُّلِ إلى عملية تخصيب غير مسبوقة في تاريخ الهويات، مُخَلِّقَةً جنينَ الثورة الذي ما لبثَ أن وُلِدَ مقاومةً متمردة وثائرة على خريطة “سايكس بيكو”، في شِقَّيْها القُطْري والوظيفي.
لقد ماتت الهويتان الوظيفِيَّتان القُطْرِيتان الأردنية والفلسطينية، لتنتجَ عن موتهما هويةٌ جديدةٌ هي “الهوية الأردنية الوحدوية الثائرة”. وبموتهما هويتين وظيفيتين قُطْرِيَّتين، وولادتهما هوية وحدوية ثائرة، إنما تكونان قد انتصرتا على خريطة “سايكس بيكو”، في البعد القُطْري لها بأول نموذج فعال للوحدة، وفي البعد الوظيفِي لها بأول نموذج للثورة الشعبية، في قلب الإقليم العربي المشرقي الذي استهدفته تلك الخريطة في الأساس.
ومن هذه النقطة انطلق النظام الأردني عاملا على تفكيك هذا النموذج الوحدوي الثائر وإعادته إلى بُنْيَتَيْه القُطْرِيَّتين الوظيفِيَّتين اللتين ما كان لإحداهما أن تعود من مواتِها إلا بعودة الأخرى كنقيض وضدٍّ لها. ولأن النظامَ الأردني بوصفه نظاما وظيفِيا قُطْرِيا أصبح مهددا بالزوال مع ظهور “الهوية الأردنية الوحدوية الثائرة”، باعتبارها لا تلتقي معه في أيٍّ من خنادقه الوظيفِيَّة القُطْرِيَّة، فإن نجاحَه في إعادة الأمور إلى سابق عهدها، وتَمَكُنَه من ثمَّ من الحفاظ على نفسه نظاما حيا بعباءته الوظيفية والقطرية نفسِها، ما كان ليحدث بدون إحياء الهويتين الميتتين اللتين لا حياة له بدون بعثهما إلى الحياة من جديد.
ولهذا السبب تبدو الشراكة في ارتكاب الجريمة واضحةً ولا لبسَ فيها، بين نظامٍ بادر إلى إحياء هويتين قُطْرِيَّتَين وظيفِيَّتَيْن أماتَهما التاريخ وأحيى على أنقاضِهما هويَّةً وحدوية ثائرة كانت مؤهلة لتغيير وجه الإقليم، وثورةٍ لم تحرص على إفشال مؤامرة النظام وهي تراه يبعثُ بالأموات سيئي السمعة إلى الحياة، بل تجاوبت معه واستسلمت لخطته وعملت على تجسيدها، لتفقدَ كلَّ أدواتِ مقاومتها الأيديولوجية والسياسية، محافظةً فقط على بندقيةٍ لم يكن من الصعب على النظام أن يكسرَ شوكتَها في نهاية المطاف، باعتبارها أهونَ الأسلحة وأقلَّها فتكا إذا تمَّ افتقاد الأسلحة الأيديولوجية والسياسية الصانعة للشرعيات والمُثَبِّتَة للحقوق.
وهكذا، وبعد أن اطمأن النظام إلى دخول “الثورة الأردنية” في نفق مصيرها الجديد الذي رسَمَ خيوطَه في كواليس مخابراته بالتنسيق الكامل مع الأميركيين والإسرائيليين والسعوديين، وذلك عبر التنامي المُضْطَّرِد في تجسيد “فلسطينية الثورة” أيديولوجيا، وتكريس “ازدواجية السلطة” سياسيا، انشغل بتأمين القواعد البشرية لخندقه، عبر تركيزه على الحملة المضادة للثورة، وهي الحملة التي ظهرت بوادرها الأولى منذ معركة الكرامة أو بعدها بقليل، مع أن نطاقها لم يَتَّسِعْ إلا في أواخر عام 1969. وهو ما سنحاول تَتَبُّع خيوطِه، مُرَكِّزين على ممارساتِ النظام في هذا الصدد داخل “الجيش” وبين “البدو” ثم في “الريف” الأردني.
1 – الحملة داخل الجيش وبين البدو..
اتخذت الحملة داخل الجيش وبين البدو عدة أشكال، واستخدم النظام فيها عدة وسائل يمكننا حصرها في “الدعاية والتحريض”، و”الإغراءات المادية”، و”الإجراءات التنظيمية”، و”المؤتمرات العشائرية”.
أولا.. الدعاية والتحريض..
مع أن النظام كان يستخدم الجريدة والمجلة والكتب والبرامج الإذاعية والتلفزيونية المُوَجَّهَة في مخاطبة الجيش، إلا أنه قبل أزمة حزيران 1970 تجنَّبَ ممارسة الدعاية والتحريض من خلالها، خاصة وأن الجريدة والمجلة والكتب توجَّه في الأصل إلى فئاتٍ متعلمة، “في حين أن الطابع العام الغالب على الجيش الأردني آنذاك هم البدو الأميون الذين يحتاجون إلى وسائل أخرى أجدى وأنفع لإثارتهم وتحريضهم وبثِّ الدعايات المغرضة في أوساطهم. ولقد استخدم النظام لهذا الغرض كلا من “الإشاعات”، و”المفكرة الرسمية اليومية”، و”الرسائل الداخلية”(1).
فعلى صعيد “الإشاعات” التي تعتبر سلاحا فعالا في الأوساط الأمِّيَّة التي لا تميل في العادة إلى تحليل الأمور وفق قواعد منطقية، والتي تميل إلى الاعتداد بالرواية المتداولة والمتناقلة كمرجع أساسي في تكوين الحصيلة المعرفية لديها، وتتمسك بمرجعيتها إلى درجةٍ ترقى إلى التقديس، خاصة إذا كانت تصدر عن فئاتٍ تنظر إليها تلك الأوساط من منظار التبجيل والتقدير والاحترام.. نقول.. على صعيد الإشاعات التي استخدمها النظام بمهارةٍ وذكاءٍ فائقين، يتبَجَّحُ أحد رجالاته الضالعين في بثِّ الإشاعات المغرضة في تلك المرحلة من مراحل المواجهة بين الثورة والنظام، في مقابلةٍ صحفيَّةٍ أجريت معه، وهو “معن أبو نوار”، قائلا: “إننا نستطيع أن ننشرَ شائعةً في عمان، لتنتقلَ خلال ساعتين فقط إلى باقي أنحاء المملكة.. والشائعات تلعب دورا فعالا، لأنها تُوَجَّهُ إلى أوساطٍ تسود فيها الأمُّيَّة، ولأن البدوي وإلى حدٍّ ما الفلاح، يتقبل الشائعات ويتناقلها، فالبدوي محدِّثٌ بارع، وتستهويه الرواية ويستهويه نقل الأخبار”(2).
أما على صعيد المفكرة الرسمية والرسائل الداخلية، “فالأولى هي سِجِلٌّ للأحداث يُوَزَّعُ على الضباط في الوحدات، ويمكنهم أن يقرأوه على الجنود كما كانوا يفعلون أحيانا. أما الثانية فهي رسائل يوجهها إلى رُتَبِ الجيش جميعا قائد الجيش أو رئيس الأركان أو الملك”(3)، ولقد كانت كلٌّ من المفكرة والرسائل تتضمن مادة دعائية تحريضية متميزة، تُعْتَبَر بمثابة البذور المتواصلة التي اختمرت بموجبها مبررات النقمة والحقد والرغبة في الثأر والانتقام التي طغت على سطح مشاعر وتصرفات الجنود البدو في الجيش آنذاك.
أما الاتجاهات الرئيسية للدعاية والتحريض عبر كلٍّ من المفكرة الرسمية والرسائل الداخلية، وخاصة تلك التي كان يوجهها الملك إلى جنوده، فقد ركزت على “امتداح الجندي، واستثارة النعرة الإقليمية لديه، ودفع الجنود إلى الإحساس بأن كرامتَهم مجروحة، وذلك بالترويج لقصصٍ مُخْتَلقَة في معظمها، عن الإهانات التي يوجهها الفدائيون للجنود ولكرامة الجيش، واستخدام الدين لحقن الجنود بالحقد على العمل الفدائي، ونشر شائعات عن فظائع مزعومة يرتكبها الفدائيون، ومحاولة ربط المقاومة بالعدو الإسرائيلي في أذهان الجنود”(4).
وفي هذا الصدد كانت المفكرة اليومية تعمد إلى إيراد عدد هائل من الحوادث اليومية المُخْتَلَقَة “عن فدائيين أهانوا جنودا أو قتلوهم أو جرحوهم أو جردوهم من سلاحهم أو طردوهم من الأماكن العامة. كما كانت المفكرة تركز على حوادث تجريد الجنود من سلاحهم، لأن ذلك يستثير في الجندي البدوي إحساسا بجرحٍ عميق في كبريائه، لأن السلاح الفردي بالنسبة للبدوي جزء من كينونته، ولا تكتمل رجولتُه وفروسيَّتُه إلا به. كما عمدت أجهزة التعبئة المعنوية إلى إيهام الجنود بأنهم لا محالة سيتعرضون للأذى إذا ذهبوا إلى المدن وخاصة مدينة عمان، وكانت تنصحهم بأن يستبدلوا ثيابهم العسكرية بثيابٍ مدنية إذا هم أرادوا الذهاب. كما أنها غالبا ما كانت تمنع عنهم الإجازات بحجة الحفاظ على سلامتهم، وتركت للإشاعات فرصة ملء الباقي”(5).
لقد أثار ذلك في نفوس الجنود شعورا بالمهانة والحقد، وهو ما يفسر سلوكَ الجيش سلوكا وحشيا في المخيمات خلال مجزرة أيلول، فقد كان الجنود يظنون أنهم يثأرون لأنفسهم من الأماكن التي صُوِّرَ لهم أنها طالما أذلتهم وأهانتهم، وفي الواقع كان كلُّ واحد منهم يثأر لإخوانٍ له في الجيش لم يرهم ولا هو يعرفهم، لأن كلَّ واحد هو بذاته لم يخض تلك التجربة التي كان يُعَبَّأُ ذهنه بها ليل نهار.
أما إذا جئنا نتفحصُّ الموادَ التحريضِيَّة والدعائِيَّة العلنِيَّة التي بثَّها الجيش الأردني في وسائله المكتوبة كجريدة “الأقصى”، فإننا نجدها ركزت – فضلا عن امتداح الجنود والبدو منهم خاصة، واستثارة النعرة الإقليمية الضيقة لديهم، وعن إيهامهم بأن الفدائيين يتعمدون إذلالهم ويقصدونه، كما كانت تفعل المفكرة الرسمية والرسائل الداخلية – على وصف العمل الفدائي بالإلحاد، وعلى بَثِّ روح العنصرية والاستعلاء والنقمة لدى الجندي البدوي. ولأن الجندي البدوي ذاتيٌّ ويميل إلى التفاخر والاعتداد بالأنا، وتُشَكِّلُ الرغبة في المديح وفي الإحساس بالتَّفَوُّق المفاتيح الأساسية لشخصيته البسيطة، فقد لجأت حملات الدعاية والتحريض إلى استثارة هذه الخصال في شخصيته ثمَّ إشباعها بعد ذلك.
فأحيانا تمتدح فيه خصاله البدوية بتأكيدها على أنه “تربى في ظل البادية الأردنية فشبَّ بدويا أصيلا يحمل في نفسه كل ما في البداوة من شهامة وشجاعة وفروسية”(6). كما أنها تستثير فيه أحيانا أخرى عنصرَ الغيرة بتأكيدها على أنه “نشأ نشأةَ البدوي الأصيل الذي يغار على كرامةِ أمته فيأبى الهوان مهما كان الثمن”(7). وهو كما تحرص على التأكيد دائما “من أبناء العشائر التي قدمت للوطن كثيرا من خيرة أبنائها قربانا على طريق التحرير والعودة”(8). بل هو كما تقول الصحيفة نفسها في واحد من أعدادها بكل إسفافٍ وتبجُّحٍ غير مسبوقين: “إن الذي يقول عن الجندي العربي الأردني كلمةً واحدة تحاول أن تُقَلِّلَ من قدره ولو بمثقال ذرة، منحطٌّ بلغ به انحطاطه المستوى الذي لا يستطيع معه أن يرتفع بعده إلى كعب حذاء الجندي الأردني”(9).
وعندما تريد جريدة الأقصى لسانُ حال الجيش، أن تُحَرِّضَ الجنديَّ الأردني على الفلسطينيين وعلى ثورتهم، بعد أن أصبحت لسانَ حالِ نظامٍ اكتسب شرعيَّةَ تمثيلهِ لمن أُريدَ لهم أن يكونوا هم وحدهم “الأردنيون”، في مواجهة من أُريدَ لهم أن يكونوا هم وحدهم “الفلسطينيون”، بعد النجاح منقطع النظير في لعبة “لوغو الهويات”، نراها تنقل في أحد أعدادها بشكلٍ نادرٍ في مداه التَّحريضي من طرفِ رأسِ الدولة نفسِه، فنقرأُ فيها على لسان الملك حسين: “من أطفأ النور في عمان؟ من قتل الحركة في بعض شوارع العاصمة؟ وجاءني الجواب فورا، الخفافيش التي تكره النورَ وتخافه. أبناء الظلام الذين خطَّطوا ورسموا في سراديب جمهورياتهم.. وهنا سطعت من أعماق الظلام حقيقة لن أنساها: حقيقة الانتماء. فالذين جذورهم ضاربة في أعماق تربة هذا البلد منذ فجر التاريخ عبرَ جهدِهم وعرقِهم لبنائه، لن تطاوعَهم قلوبُهم على كسر قنديلِ زهرةٍ في “السلط” و”معان” و”الطفيلة” لأنهم من تراب هذا البلد جُبِلوا، ومن مائه شربوا، وتحت حرارة شمسه نضجوا وترعرعوا”(10).
وبعد أن تُؤسِّس الجريدة في ذهن الجندي لفكرة أن الفلسطيني دخيل، لذلك فهو لا ينتمي لهذه الأرض، فإنها تبدأ بكيل الاتهامات اللاأخلاقية له، فهو لا يَتَحَلَّى بالخصال الحميدة لأنه يقابل المعروف بالجحود، والإحسان بالإساءة. ففي أحد أعدادها الصادرة في تلك الحقبة من الزمن نقرأ بتوقيع “جندي أردني من أصل فلسطيني”: “والله إن هذا الشعب الأردني عظيم ونبيل وشجاع وشهم.. والله ما صنعَ شعبٌ أكثر مما صنع هو لقضية فلسطين، ولم يحب شعبا كما أحب شعب فلسطين.. لقد اقتسم معه الخبز والماء والهواء والأرض والعمل والرزق والأيام حلوَها ومرَّها.. ولقد قدم له الشهداء الأبرار شهيدا بعد شهيد، فلم يبق بيت أردني واحد إلا ومنه شهيد.. إن الذي وجدناه هنا في الأردن نحن الفلسطينيون لن نجده في أيِّ دولةٍ على وجه هذه الأرض، وأبسط مبادئ الأخلاق ألا يسيءَ أحد إلى الأردن.. إن من يعتدي على الأردن قولا أو عملا، عميل صهيوني مأجور أو إسرائيلي معتدٍ غاشم”(11).
ثم تقوم تلك الأداة التحريضية الفريدة من نوعها، وبعد أن تكون قد استَفَزَّت أكثرَ ما في الجندي الأردني البدوي البسيط من نعراتٍ جعلت منه قنبلةً موقوتةً تنتظرُ الانفجارَ، بإكمال مشوارها الآثم بتحميل كل ذلك إلى الطرف الفلسطيني، فنراها “تتهم فئة ضالة بأنها تنشط وتثير الفرقة، وتُغَذِّي النعرةَ وتوقظ الحقد وتؤجِّجُ لهيب الإقليمية الضيقة، هادفة من ذلك إلى تصديع الوحدة الوطنية وتمزيق الصفِ الواحد”(12).
لم يَتَوَرَّع النظام عن استخدام الدين بأبشع صور الاستخدام في حملاته التحريضية والدعائية ضد المقاومة، بسبب وعيه بهيمنةِ الدين على “البيئة الديموغرافية” التي ينتمي إليها الأفراد الذين يُجَنِّدُهم الجيش. فالبدو – وهم معظمُ القوَّةِ الضاربة في الجيش آنذاك، وهي القوة التي كانت تُعَدُّ وتُجَهَّزُ للمعركة الفاصلة – فئةٌ متدينة مع أنها لا تبدو كذلك في مظهرها وسلوكها. إذ علينا أن ننتبهَ إلى أن ممارسةَ البدوِ لعاداتٍ وتقاليدَ، واحتكامِهم لأعرافٍ وقوانين خاصة بهم تتعارض مع روح الدين الإسلامي، بل ومع تعاليمه المباشرة أحيانا، مثل الغزو والسلب والنهب، لا ينفي أنهم متدينون، ولكن على طريقتهم الخاصة في فهم الدين والتَّدَيُّن.
وانطلاقا من هذه النقطة المركزية في حملةِ التعبئة ضد الثورة، بعد أن أمسك النظامُ طرفَ الخيطِ في تمثيله للأردنيين ولهويتهم بكل مكوِّناتِها، وعلى رأسها جميعها المُكَوِّن الديني، “راح يصور للجنود أن صراعَه مع المقاومة، هو صراع بين الإلحاد والإيمان. ولقد استفاد في ذلك إلى حدٍّ كبير من الفجاجة التي كانت بعضُ المنظمات الماركسية تحديدا تطرح بها التزامَها الفكري الماركسي، فصوَّرَت للجنود ماركسيتَها إلحادا وإباحية وفسقا وتهتُّكا. وقام النظام عشية أحداث أيلول بتذكير الجنود بأنهم مسلمون، وبأن من واجب المسلم أن يقاتل الملحدين. وتمَّ توزيع نسخ من القرآن بحجم الجيب على كافة الجنود المسلمين في الجيش”(13).
وإلى جانب ما كانت تشُنُّه دائرة التوجيه المعنوي في الجيش من حملاتٍ ضدَّ ما كانت تسميه “الإلحاد”، مستخدمة في ذلك الأئمة المُلْحَقين بالوحدات العسكرية، والذين كانوا يُلقون الدروسَ والمواعظَ التي تحضُّ على محاربة الإلحاد والملحدين، فإن جريدة “الأقصى” من جهتها كانت تمارس عملية التعبئة بشكل يتناسب مع طبيعتها في مخاطبة الفئات الأكثر تَعَلُّما في الجيش. ولعل من الأمثلة الصارخة في دلالتها على العمل على تهيئة الجندي الأردني لمحاربة الفدائيين وقتلِهم، وكأنه يخوضُ غزوةً من الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم ضد المشركين، قصةً قصيرة نُشِرَت في أحد أعداد الجريدة التي سبق صدورُها مجزرةَ أيلول، جاءت على شكل حوارٍ يختلطُ فيه صوتُ جندي يؤدي الصلاة بصوتِ شابٍّ جاء يحدثُّه عن الوطنية..
“الجندي أثناء الصلاة: الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم..
الشاب مقاطعا: أما سمعت أن ماركس قال..
الجندي رافعا صوته: إياك نعبد وإياك نستعين..
الشاب: أما إنجلز فقال..
وغردت تلاوة الجندي: قل أعوذ برب الناس..
فقال الشاب: شو بدك بهالحكي.. الدين أفيون الشعوب..
وارتفع صوت الجندي مُصَلِّيا: من شر الوسواس الخناس..
قال الشاب: الرجعية هي إللي..
يكمل الجندي صلاتَه ويستدير ويهدد الشابَّ بأنه سيستخدم القوة، فنهض الشاب ونفضَ سروالَه الضَّيِّق ودفعَ غُرَّتَه الطويلة عن جبينِه المُغَنْدَر وانسحب يَهُزُّ ردفيه هَزاًّ واختفى بِرِقَّةٍ ودلال. وبقي الجندي جالسا ورفع يديه إلى السماء وقال: يا ربي انصر الحسينَ وجنودَه.. جنودُ محمدٍ على الصهيونية والصهيونيين والكفار الملحدين”(14).
ولم يتوقف النظام عن تصوير المعركة التي يخوضُها ضِدَّ المقاومة، بأنها معركةٌ بين الإيمان والإلحاد، منذ أن قرَّرَ محاربةَ المقاومة التي أوقعَها في حبائل “الهوية الفلسطينية”، بسلاح دفاعه عن “الهوية الأردنية”، من نكران الجميل الذي تمارسه “الهوية الفلسطينية” ضِدَّها من جهة، وبسلاح حمايته للبعدِ الديني الإسلامي للهوية الأردنية، من البعدِ الإلحادي الكافر للمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى. فخلال أيام الأحداث الدامية في مجزرة أيلول، ذكرت “إذاعة عمان” نبأَ تدمير مطبعة جريدة “الشرارة” الناطقة بلسان “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بالصيغة التالية: “قبل قليل تمَّ إخراس صوتِ عميلٍ حاقدٍ، صوتٌ طالما نفثَ سمومَه عليكم، محاولا سلخَكم عن ماضيكم وتقاليدكم ودينكم”(15).
واستمرت الحملة بقوَّتِها ذاتِها وبزخمِها نفسِه حتى بعد أحداث أيلول، فقد حرص النظام على تحميلِ وزرِ المذبحةِ وتبعاتِها لمن سماهم “الملحدين” تارة و”الجاحدين” تارة أخرى. فقد أوردت جريد الأقصى على لسان ممثلِ عسكري للنظام ما نصُّه: “وقعنا في الفخ، “فخ أيلول”، عندما أشعل الملحدون العاملون في الظلام الفتنةَ العمياءَ في أردنِّنا الصامد. ففي أيلول تحركت عناصر الشرِّ الملحدة فنفّذَت مخططاتٍ واسعة النطاق أدت إلى تأليب الرأي العام العالمي كلِّه ضدنا”(16).
لا بل قد حمَّلَ النظام هؤلاء الملحدين مسؤولية بقاء الاحتلال، عندما ورد في العدد نفسه من جريدة الأقصى ما نَصُّه: “هيهات أن يعودَ الوطن الذبيح والأقصى الجريح ويلتئمَ الشملُ، مادام هناك من يعيث في البلد خرابا وفسادا ليخدُمَ حفنةً من الناس باعت ضمائرها للشيطان ولزمرة من الملحدين الحاقدين المارقين”(17).
وكانت “ثالثة الأثافي” في سياسات النظام التضليلية والتحريضية، أن قام بتصوير معسكرِه معسكرا للإيمان، ومعسكرِ المقاومة معسكرا للكفر والإلحاد والجحود، عندما وَصَّفَ النصرَ الذي أحرزه في أيلول، باعتباره فعلا من أفعال الإيمان. فقد قال “حابس المجالي” القائد العام للجيش آنذاك في رسالة وجهها إلى عموم الرُّتَب في القوات المسلحة بمناسبة عيد الفطر: “أحيي إيمانَكم بعقيدتكم وبرسالتكم السامية التي تحملونها، والتي بقيت وستبقى راسخةً في نفوسِكم تتحدى كل حملات التشكيك والإلحاد والجحود”(18).
نستطيع بعد هذا العرض المُخْتَصَر والمُكَثَّف لعناصر الحملة الدعائية التحريضية التي مارسها النظام ضد الثورة، أن نتَعَقَّبَ في “الإشاعة” وفي “الخطابات الرسمية الداخلية للجيش” المُكَوِّنات الأساسية لأيديولوجيته التي كان يعملُ من خلالها على استعادة تمثيله لـ “الهوية الأردنية الوظيفِيَّة القُطْرِيَّة” المقبورة، بإحيائها من مَدْفَنِها على أنقاضِ “الهوية الأردنية المُوَحِّدَة الثائرة”، جنبا إلى جنب وبالتوازي الكامل والمدروس مع عملية إحياء “الهوية الفلسطينية الوظيفِيَّة القُطْرِيَّة” التي أعاد تكوينَها من رفاتِ “الهوية الفلسطينية” المنحورة منذ سقوط فلسطين، لأجل أن يخوضَ معركةَ بقائه الحاسمة، وقد تسلَّح بما يكفي من الأسلحة الضامنة لانتصاره فيها. وفي تَعَقُّبِنا هذا يمكننا رصد المُكَوِّنات التالية في أيديولوجية النظام..
1 – العزفُ على وترِ مُكَوِّنات الشخصية البدوية الأصيلة واستفزازِها، لدفع أقسى وأبشع وأعنف ما فيها إلى أن ينضحَ نحو سطحِ المشاعر والسلوكات، بعد أن يكون قد استوطن العقلَ والقلبَ قناعةً وعقيدةً، بل ودينا يُعْتَنَق.. “ربط الفدائيين وممارساتهم وثورتهم بالمساس بكرامة الجندي البدوي بكل أشكال المساس الممكنة، حتى ما يتعلق منها بعرضِه وشَرَفِه في غيابه وانشغاله بالدفاع عن حياض الوطن”.
2 – العزفُ على وترِ طبائع الشخصية البدوية وحثِّها على التَّجَسُّدِ لتكونَ بمثابة الحاضنة التي تُفَرِّخُ كل أنواع الممارسات المطلوبة من الجندي تجاه المقاومة خصوصا وتجاه الفلسطينيين عموما.. “الاعتداد بالأنا والافتخار بالذات، وربط هذا الاعتداد وذاك الافتخار بالبَداوَة من جهة وبالأَرْدَنَة من جهة أخرى، إلى درجة العنصربة والاستعلاء والشوفينية”.
3 – العزفُ على وترِ افتقار الفلسطينيين ومقاومتهم إلى الانتماء إلى الأردن، وقَصْرِه على أولئك الذين يرتبطون بتراب هذه الأرض بتاريخ طويل وممتَدٍّ، والتركيز على هويتين وعلى شعبين وعلى انتماءين وعلى تاريخين وعلى مبدأين.. إلخ، بعد أن كان كلُّ ذلك واحدا وموَحَّدا في قلب معركة تخوضُها ثورةٌ كانت “أردنية”، وذلك بهدف تثبيتِ الأَرْدَنَة المناهِضة للفلسطينيين وللمقاومة التي غدت مقاومتَهم وحدَهم، والتي غدا دور الأردنيين فيها دورَ المضحي والمساند والمعطي، بلا تقدير أو احترام لتضحيته ومساندنه وعطائه.. إلخ.
4 – العزفُ على وترِ أن المقاومة إذ تعلن عداءَها للنظام، فهي إنما تعلن عداءَها للأردن وللشعب الأردني وللهوية الأردنية وللتاريخ الأردني.. إلخ، بعد أن نجحَ في تحويلها إلى “مقاومة فلسطينية” لا يمكن لمعارضَتِها للنظام الأردني إلاَّ أن تكون تنافسا على السيادة وليس على السلطة، في عمليةِ حفرٍ مستميتةٍ يُمارِسُها النظام في ذهن البدوي والفلاح الأردنيين، لاستعادة فكرةِ تمثيله الشرعي لهم ولهويتهم المستهدفَة، بعد أن نجح في جعل الأردنيين من أصل فلسطيني، هم “الآخر” – الفلسطيني فقط – الخطير والمخيف والسيئ والمترَبِّص والناكر للجميل والمتجاوز لأصول الضيافة.
5 – العزفُ على وترٍ شديدِ الحساسية والدِّقَّة والرَّهافَة في المجتمعات العربية عامة، هو وتر الدين والإيمان، إذ كان النظام يُصِرُّ دائما على وصمِ الثورة والثائرين، وعلى وصفِ المقاومة والمقاومين بالإلحاد وبعدم الإيمان، في حرصٍ واضح على جعل الجندي يُحِسُّ بأنه يتمترسُ في خندق الإيمان ضد الإلحاد، وبأنه يخوض معركة الإسلام ضد الكفر، لجعله أكثر اندفاعا في بذله في هذه المعركة، وأكثر حرصا على دفاعه عن ذلك الخندق. وهو ما بدا واضحا وجلِّيا أنه حقق النتائج المتوخاة منه خلال أحداث المجزرة(19).
وفي 16 أيلول صبيحة المجزرة، صَدَرَت جريدةُ “الأقصى” وعلى صفحتِها الأولى ثلاثةُ أبياتٍ من الشعر تلخِّصُ نهجَ النظام في دعايته وتحريضه ضد المقاومة. تقول الأبيات..
“تَقْتُلُ من وَتَرٍ أَعَزَّ نفوسِهـــــــــــــــــا عليها، بأيدي ما تكادُ تُطيعُهــــا
إذا احتَرَبَتْ يوما ففاضَت دماؤُها تذَكَّرَت القُرْبى ففاضَتْ دموعُها
شواجِرُ أرماحٍ تَقْطَعُ بينهــــــــــــــــم شواجِرَ أرحامٍ مَلومٌ قُطوعُهـــــــا”(20)
إن الأبيات الثلاثة السابقة تكشفُ عن فلسفةِ النظام القائمة على ادعائه الاضطرارَ إلى قطع ما حرص على الظهور بمظهر المتباكي على قطعِه. إنه يريد أن يحرقَ “المقاومة الأردنية” التي أرادها أن تُنْحَر وهي “مقاومة فلسطينية”، نظرا لاستحالة نحرِها وهي “مقاومة أردنية”، بأردنيين متدينين، أرادهم خائفين على أنفسهم وعلى هويتهم وعلى أعراضهم وعلى دينهم ومدافعين عن كلِّ ذلك، وهم مغمورون بالحقد على إخوانهم الجاحدين وناكري الجميل، من “الأردنيين” الذين مُسِخوا فجأة ليعودوا “فلسطينيين”، بعد أن نجح في جعل هؤلاء الذين أحيى في أردنيتهم أسوأ ما فيها، لا يرون في “فلسطينية المقاومة” إلاَّ أسوأ ما أراده النظام فيها فأشاعه عنها، جاعلا من فدائييها إخوةً ملحدين أفسدوا فأساءوا، وتَغَوَّلوا فأضروا، فكان لابد من استئصالهم بإراقة دمائهم والبكاء عليها بعد ذلك وهي تسيل أنهارا.
لقد أراد “الملك حسين” أن يعيدَ تجسيد أسطورة “جلجامش” الذي قَتَلَ صديقَه “أنكيدو” وهو يبحث عن البقاء، ولكن على الطريقة الصهيونية الإمبريالية في استحضار هذه الأسطورة العراقية القديمة. إنها الفلسفة التي عرفت كيف تلعبُ بكل القِيَم، وتستخدِمُ كلَّ الأعراف، لصالح هدفٍ واحد هو إعادة إحياء الدَّوْرِ القُطْري الوظيفِي للهوية الأردنية التي كانت أوَّلَ مُتَمَرِّدٍ على خريطةِ “سايكس بيكو” في إقليم المشرق العربي، لتعودَ تحت رعاية نظام “الملك حسين” وبزعامته، أسوأ نموذجٍ للرِّدَّة بعد الصَّحْوَة، ولتغدوَ “الهوية الفلسطينية” التي أحياها بعدما كان جدُّه “الملك عبد الله بن الحسين” قد أماتها، أسوأ نموذجٍ مقابلٍ للبعثةِ بعد الموتِ.
… يتبع في الحلقة التالية
الهوامش..
1 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 97).
2 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 119، من مقابلة أجراها صحفيان أميركيان مع اللواء “معن أبو نوار” مدير التوجيه المعنوي في الجيش الأردني ومسؤول الحرب النفسية فيه في تلك الفترة من الزمن، هذه المقابلة لم تنشر في وسائل الإعلام الرسمية، لكن نسخة منها محفوظة في ملفات مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية).
3 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 120).
4- (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 120).
5 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 122).
6 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 8/10/1970، ص 7).
7 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 12/10/1970، ص 2).
8 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 8/10/1970، ص 7).
9 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 18/11/1970، ص 12).
10 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 12/10/1970، ص 4).
11 – (عن جريدة الأقصى الصادرة عن مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 25/11/1970).
12 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 121، نقلا عن جريدة الأقصى التي تصدرها مديرية التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 14/10/1970).
13 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 121، ص 122).
14 – (عن جريدة الأقصى التي تصدرها دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 26/8/1970).
15 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 121، نقلا عن إذاعة عمان بتاريخ 21 أيلول 1970).
16 – (عن جريدة الأقصى التي تصدرها دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 13/10/1970، الصفحة الأولى).
17 – (عن جريدة الأقصى التي تصدرها دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 13/10/1970، ص 6).
18 – (كتاب المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني – دراسة تحليلية لهجمة أيلول، إعداد مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، أيلول 1971، اشترك في الإعداد كل من “خليل هندي” و”فؤاد بوراشي” و”شحادة موسى”، بإشراف د.نبيل شعث، سلسلة كتب فلسطينية، رقم 36، ص 124).
19 – (من الواضح أن استغلال الدين من قبل الأنظمة عموما لتثبيت مواقعها وتحقيق مآربها، سياسة قديمة ومتواصلة في مناهج الأنظمة العربية الوظيفية والقطرية، تستخدمها وتلجأ إليها عند الحاجة واللزوم. ومن الأمثلة الجلية على ذلك، ما فعله السادات بعد استلامه السلطة في مصر، عندما أفرج عن كل الإسلاميين، وأطلق على نفسه لقب “الرئيس المؤمن”، في سياق منظومة من الأهداف السياسية تمثلت في ضرب المعارضة الإسلامية باليسارية من جهة أولى، ولتشويه الحقبة الناصرية التي قرر الخروج عليها والتنصل من إستراتيجياتها من جهة ثانية، وهو ما كان إظهار التعاطف مع الإسلامييين سيرفده بكل عناصر القوة والتأصيل الأيديولوجي، بسبب التناحر التاريخي المعروف بين نظام جمال عبد الناصر والإسلاميين عموما، ومنهم الإخوان المسلمين بالدرجة الأولى. يندرج في هذا الإطار أيضا نموذج أفغانستان، وكيف تمت تعبئة الكثيرين من العرب لدعم الثورة الأفغانية، مع أنها كانت تحقق المصالح الأميركية بالدرجة الأولى، ولا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالمسلمين، ولا شأن للقيم الإسلامية وللأهداف الإسلامية بها لا من قريب ولا من بعيد، إلا إذا افترضنا أن الإسلام المقصود ليس أكثر من تلك الهمجية والوثنية الجديدة التي طلع علينا بها هؤلاء، عندما لم يفرقوا بين الصنم الذي يُعبد والأثر الذي يروي التاريخ. وليس بعيدا عن السياق نفسه ما فعله الرئيس التونسي المخلوع “زين العابدين بن علي” عندما أطلق على نفسه لقب “حامي الحمى والدين”. أما الهاشميون فقد لعبوا بدهاء على وتر النَّسَب الشريف وعلى رعاية القدس والمسجد الأقصى. مقولة أمير المؤمنين في “الملك المغربي” هي بدورها امتداد طبيعي للتلاعب بالدين والعزف على عمقه في الذهن العربي. ولعل الكثير من الرؤساء العرب حاولوا – تكريسا لهذه السياسة وانطلاقا من إيمانهم بجدواها، نسبة أنفسهم إلى آل البيت، بدءا بالقذافي – الذي ظهرت خلال الثورة الليبية الأخيرة مستندات تثبت أنه ابن يهودي ليبي تم تبنيه من قبل صديق لأسرته من عشيرة “القذاذفة”، لينشأ ويترعرع مسلما بعد ذلك، وهو ما أكدته خالته في اللقاء الذي أجري معها في القناة الإسرائيلية الثانية عندما ظهرت هي وابنتها تتحدث عن الجذور اليهودية لابن أختها “معمر” – مرورا بصدام حسين الذي حاول بكل الطرق إثبات امتداد نسبة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. أما مقولة “خادم الحرمين الشريفين” التي طلع علينا بها الملك “فهد بن عبد العزيز” بنصيحة من مستشاريه المقربين، لتصبح لقبا لملوك آل سعود بعده، فهي المخرج الذي تحايل به على استحالة إثبات نسبته إلى آل البيت، مادام الكل يعرف أن “آل سعود” لم يتمكنوا من الحديث عن نسب عربي لهم خارج نطاق قبائل “ربيعة”، هذا إن صحت النسبة أصلا.. إلخ).
20 – (عن جريدة الأقصى التي تصدرها دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الأردني، العدد الصادر بتاريخ 16/9/1970، الصفحة الأولى).