www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

صدام حسين والثورات العربية-آداب عبد الهادي

0

عرضت قناة العربية في نشرتها الإخبارية مساء أمس مقاطع من فيديو يعرض لأول مرة عن الرئيس صدام حسين وهو في قاعة المحكمة يوجه كلامه للقاضي محتجاً على طريقة كلام القاضي الموجه إليه سيما عندما طلب منه أن يجيب عن سؤاله ويعترف على المسؤولين العراقيين الذي كانوا السبب في قضية الدجيل أمتنع الرئيس صدام عن الإجابة وهو يقول للقاضي: عليك أن تلتزم القانون وأنت تسألني وأنا لن أجيب طالما أنت تتجاوز القانون في سؤالك وطريقة كلامك

  عرضت قناة العربية في نشرتها الإخبارية مساء أمس مقاطع من فيديو يعرض لأول مرة عن الرئيس صدام حسين وهو في قاعة المحكمة يوجه كلامه للقاضي محتجاً على طريقة كلام القاضي الموجه إليه سيما عندما طلب منه  أن يجيب عن سؤاله ويعترف على المسؤولين العراقيين الذي كانوا السبب في قضية الدجيل أمتنع الرئيس صدام عن الإجابة وهو يقول للقاضي: عليك أن تلتزم القانون وأنت تسألني وأنا لن أجيب طالما أنت تتجاوز القانون في سؤالك وطريقة كلامك. لم يكن الرئيس صدام مهزوزاً ولا ضعيفاً ولا بائساً ولا ذليلاً، بل كان شامخاً، واثقاً قوياً شجاعاً ، كان قائداً باختصار شديد، وما آلمني في مشاهدتي لتلك المقاطع هو كيف فتح أحد الحراس الباب ليدخل الرئيس زنزانته بعد انتهاء جلسة الاستجواب وكيف أغلقه وهو يضع يده على ظهر الرئيس وكأنه يدفعه نحو الداخل. لا شك أن هذه المشاهد التي تم عرضها تركت تأثيراً كبيراً في نفوس من يحبون صدام ومن يكرهونه من يواليه ومن يعارضه، لأن الأمر لم يعد شخصياً بل أصبح قضية شرف بلد وأمة، قضية شرف خسرتها الأمة بعد أن حاول هذا الرجل جاهداً أن يحافظ على ما تبقى من الشرف العربي، لكن مع الأسف الشديد تآمر عليه من لا شرف لهم فأودوا ليس بحياته وحسب وليست حياته قضية بقدر ما أودوا بحياة الملايين من الشعب العراقي ، لكن كما يقول المثل ( إذا راح الغالي شو نفع الرخيص) والغالي هنا لسنا نحن الشعب ولا الرئيس إنما الوطن الذي انتهكت حرمته وداسته أقدام الأنجاس في كل شبر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. ما حصل للرئيس صدام حسين وبشكل شخصي وأعني هنا اعتقاله ومن ثم محاولة إذلاله وهو خلف القضبان وفي المحاكمة العلنية ومن ثم شنقه ليس بالأمر السهل إطلاقاً ومن السذاجة أن نفصل ما حدث للرئيس صدام حسين شخصياً عما يحدث الآن في العالم العربي والكره الشديد الذي ظهر جلياً للزعماء والقادة العرب الذين وصلوا إلى درجة لم يعد الشعب يتحمل أياً منهم أبداً ولا أحد على الإطلاق. ربما كان البوعزيزي هو السبب المباشر لاندلاع الثورات العربية، لكن قبل البوعزيزي كان هناك مناخ وبيئة ملائمة تماماً لهذا الاندلاع، ونضجت البيئة تماماً بعد شنق الرئيس صدام حسين ، الشنق والصمت العربي المطبق حيال إعدامه، حيث لم يبدي أي زعيم عربي على الإطلاق أي استنكار أو شجب باستثناء ماقاله طبعاً القذافي في مؤتمر القمة العربية حيث أتى كلامه عن هذا الموضوع من باب المسخرة والاستهزاء ليس إلا. تم اعتقال وإعدام الرئيس صدام وسط صمت القادة والزعماء العرب بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك، تآمروا عليه، تآمروا وأوغلوا في المؤامرة وعلى رأس المتآمرين كان الرئيس المصري حسني مبارك وملك الأردن والسعودية وليبيا والكويت بل كل دول الخليج،لن نتحدث عن الدول الأجنبية ودورها في التآمر كإيران وغيرها فلا شأن لنا بتلك الدول فهي عدوة ولها الحق بالتآمر كما تشاء ويحلو لها، لأن اللوم يكون على الأخ والشقيق والشريك في الأرض والعرض في الحضارة في التاريخ في المصير. موقف هؤلاء الزعماء والقادة مما جرى في العراق وما جرى للرئيس صدام وأولاده شخصياً آثار حفيظة الشارع العربي، لدرجة أنه وبعد سنوات من إعدام الرئيس صدام تحول إلى رمز عربي وتحول إلى بطل . الإهانة التي تعرض لها شخص  الرئيس صدام حسين على يد المحتلين فتحت شهية الشعب العربي للانتقام من كل من تسبب له بتلك الإهانة التي أراقت آخر ذرة كرامة للعرب تحت نعال الغرب المتصهين وأمريكا المحتلة المستعمرة. ربما لو بقي المواطن العربي يشعر بشيء من الكرامة لقبل على تحمل المزيد من الجوع والفقر والبطالة والظلم والفساد، لكن الإهانات التي كانت تطاله( المواطن العربي) في داخل بلده وخارجها أفقدته صوابه وكانت آخر الإهانات هو إعدام الرئيس شنقاً في أول أيام عيد الأضحى ليكون كبش فداء ، لكن كبش فداء عن ماذا….. بالطبع ليس كبش فداء عن القادة الذين تآمروا عليه، بل كان كبش فداء الثورة العربية القادمة،والتي تحدث الآن في كل شبر من الأرض العربية. إعدام الرئيس صدام حسين أفقد القادة والزعماء العرب الهيبة التي كانوا يتمتعون بها، وأزال من حولهم الهالة التي كانت تخيف الشعوب المقهورة، فمجرد رؤية رئيس كصدام حسين وعلى الرغم من كل محاولاته من إظهاره قوته وجبروته إلا أنه كان في لحظات ما يثير الشفقة والعطف، وأظنه لو كان حياً سيعدم من ينظر إليه بعين الشفقة والعطف، لكنه لم يظهر كرجل ضعيف على الرغم من كل محاولات الأمريكان إفقاده هيبته والسيطرة على قوته من خلال تسليط ألسنة أزلامهم في المحاكمة من رئيس المحكمة إلى الحارس الذي يفتح له الباب، كل ذلك لم يضعف من قوته أمام نفسه وظل حتى النهاية يردد أنا رئيس العراق، ربما لصدام كاريزما خاصة لا يمتلكها القادة العرب الآخرون وبدا ذلك جلياً بعد خلع بعضهم حيث بدا الضعف والهزالة على ملامحهم بل وصل بهم الأمر إلى الإصابة بجلطات قلبية وهذا يؤكد مدى هشاشتهم وضعفهم وهم الذين لم يحصل لهم جزءا ولو يسيرا مما حصل للرئيس صدام حسين. وهنا يمكنني القول أن الهالة التي أزالها الأمريكيون وأعوانهم عن صدام حسين ذلك الرجل القوي أوحوا بشكل أو بآخر للشعوب العربية أن من يحكمهم مجرد أشخاص ضعفاء ساعدت الظروف لوصولهم إلى سدة الحكم، وبالتالي لا خوف من مواجهتهم أو حتى الانقضاض عليهم بل والانقلاب لمن يتمكن، وحدثت بالفعل قبل هذه الثورات عدة محاولات انقلابية في العالم العربي باءت كلها بالفشل. لو كان القادة والزعماء العرب على درجة عالية من الذكاء ولن أقول الوطنية والشرف والإخلاص-لا أظن لهم علاقة بتلك الصفات- لكانوا عملوا جاهدين على دعم الرئيس صدام ومنع الحرب على العرق منعاً كلياً وكانوا يستطيعون وقادرون على ذلك ليس حرصاً منهم على العراق وشخص صدام وإنما حماية لأنفسهم (لأنهم وكما قال القذافي سيأتيهم الدور وليس بالضرورة أن يأتيهم الدور من الأمريكان وها قد أتاهم من شعوبهم الناقمة)، وما كان بوش ليقدم على الحرب لولا موافقة الزعماء العرب وهذا كلام أكيد وموثق وذكره كاتب وصحفي في البيت الأبيض في كتاب اسمه خطة الهجوم وذكر فيه حرفياً أن الرئيس بوش سأل ملك السعودية وأبلغه عن طريق بندر بن سلطان قلقه وخوفه من مواقف الدول العربية والإسلامية في حال ضربت أمريكا العراق واحتلته وقتلت الرئيس صدام،ونقل الكاتب الصحفي بالحرف الواحد رد ملك السعودية حول ذلك إذا قال:( قال لي بندر إن جلالة الملك يقول للسيد الرئيس بوش ليتكل على الله ويضرب العراق، فلن يكون للدول العربية والإسلامية أي موقف وعليه ألا يخشى ويقلق من هذا الأمر، فلو كان للدول العربية موقف في الحرب الأولى سيكون لها موقف في الحرب الثانية ، فليتكل على الله ونحن ندعو الله أن يوفقه)، وكذلك  كان موقف حسني مبارك في تقديمه الدعم الاستخباراتي والمعنوي وأيضا أمير الكويت الذي سخر الأرض والبحر والجو للأمريكان وحتى والأردن وغيرها….. لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. جملة اعتراضية: (نحن نريد ثورات تسحل زعماؤنا سحلاً على الشوارع لتكون بقاياهم طعاماً لكلاب الشارع الشاردة، لعنة الله عليهم وتباً لهم). هذا الدعم (القادوي)العربي منقطع النظير لأمريكا وتشجيعها على احتلال بلد عربي وقتل رئيسه لا يمر على الشارع العربي مرور الكرام، ولاحظنا في بداية الحرب كيف توافد المجاهدون العرب إلى العراق من كل حدب وصوب للجهاد وقتال الأمريكان. الشارع العربي ليس غبياً ومن يستغبيه مصيره كمصير بن علي ومبارك وبقية القائمة،تهاون حكامنا واستهتارهم وتسخيفهم لاحتلال واعتقال الرئيس صدام ومن ثم شنقه وعدم الوقوف معه، أظهر مدى عمالتهم ومدى جبنهم ومدى هزالتهم وضعفهم وهذا ما أفقدهم هيبتهم أمام شعوبهم ، وعندما يفقد الحاكم هيبته أمام الرعية ويصبح وجوده في سدة الحكم مجلب للعار على الرعية، فمن الطبيعي أن تعمل الرعية على خلعه ومحاكمته إن رفض هو أن يخلع نفسه ويتنحى،وبما أننا لم نعتد في عالمنا العربي على زعيم تنحى لأنه باقي إلى الأبد (استغفر الله وحده الباقي إلى الأبد) فعلى الرعية أن تستفيد من الأمريكان في درس العراق والتعامل مع الرئيس صدام، فمن هم عندنا ليسوا أقوى ولا أشجع ولا أعظم من الراحل صدام، فإن كان هو قد اقتيد من حفرة (كذب إدعاء حيث أن الأمريكان كانوا قد اعتقلوا الرئيس صدام قبل شهر من إعلانهم ذلك وكان من المقرر أن يوضع في قفص ويعرض على الملأ من حديقة البيت الأبيض لكن جدالاً حاداً حدث بين الرئيس بوش وكونداليزا رايس ورامسفيلد بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة حيث أقنع رامسفيلد بوش ورايس بأن وضع صدام في قفص وعرضه من أمريكا سيثير حفيظة ونقمة الشعب العربي وهذا سيزيد هجمات المجاهدين ضد القوات الأمريكية المتواجدة فعدلوا عن الفكرة وتم بعدها تمثيل مسرحية الحفرة المعروفة للجميع) وشنق فهم يكفيهم اجتياح الشعب إلى قصورهم الرئاسية ليفروا هاربين هلعين. وهنا أظن أن تخلي الزعماء العرب كلياً عن الرئيس صدام حسين كان بداية نقمة الشارع العربي و بدء مرحلة الثورة. كان الرئيس صدام كبش فداء، لكنه كبش فداء للثوار، كبش فداء لمستقبل عربي أفضل سيما وأن الشعب العربي الآن انتهى من حالة المخاض وبدأت الولادة، صحيح هي عسيرة في بعض البلدان لكنها كانت سهلة للغاية في بلدان أخرى، ستلد الأمة العربية جيلاً جديداً من الزعماء والقادة ، جيلاً من الثوار يعيدون للأمة الكرامة ، جيلاً يجعلنا نقول نعم نحن عرب ونفتخر. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.