الأردن وجدلية العلاقة بين مراكز القوى والثورة الممكنة ضد التحالف الكومبرادوري البيروقراطي
أسامة عكنان
عمان – الأردن
الأردن وجدلية العلاقة بين مراكز القوى
مؤسسة العرش والشعب والثورة الممكنة ضد التحالف الكومبرادوري البيروقراطي
أسامة عكنانعمان – الأردن
البعد الأمني للدولة الأردنية..الدولة الأردنية – شأنها شأن كل الدول العربية – دولةٌ تنزف مواردَ وحرياتٍ. والشعبُ الأردني – شأنه شأن كل الشعوب العربية – شعبٌ يُقْمَعُ ويُنْهَب ويُسْتَلب جهارا نهارا. وكل من يَدَّعي غير ذلك، يُغْمِض عينيه عن الواقع ويُزَوِّر الحقيقة. وإنه نظرا للخصوصية الديموغرافية الناشئة ابتداء عن خصوصية جيوسياسية تتمتع بها الدولة الأردنية منذ نشأت، فإن صُناَّعَ هذه الدولة والقائمين على إدارتها على مدى الخمسين سنة الماضية، ما فتئوا يُكَرِّسون وظيفيَّتَها، خدمةً لمنظومةِ المصالح الإمبريالية في المنطقة. ولأن إدارة دولةٍ وظيفيَّة حساسة الجغرافيا والديموغرافيا مثل الأردن، ليست بالأمر الهيِّن، فقد كان لزاما أن تتشكَّلَ مراكز القوى في هذه الدولة بطريقةٍ تقوم بمساندة إداراتِها ودعمها على نحوٍ يُمَكِّن القائمين عليها من جعلها تؤدي الدورَ الوظيفي المنوط بها على أكمل وجه.من حيث الشكل لا توجد فروقات ملموسة وذاتَ قيمة تأثيرية جوهريا، بين تشكيلة مراكز القوى في الدولة الأردنية وأي دولة عربية أخرى، وعلى رأسها الدولتان اللتان ثار شعباهما وأسقطا النظامين فيهما، وهما تونس ومصر. ففي كل دولة من تلك الدول هناك.. أولا.. مؤسسةُ رئاسةٍ أو مؤسسةُ عرشٍ مسنودةٍ بالجيش الذي يبدو محايدا، بإحاطتِه نفسَه بهالة من عدم التدخل في الشأن السياسي، متفرغا لحماية الوطن والشعب. ثانيا.. تحالفٌ طبقيٌّ كومبرادوري بيروقراطي، يأخذ شكلَ هيمنةِ الحزبِ الحاكم الواحدِ المحاط بديكور حزبي كاريكاتوري معارض، يُعطي نوعا من المشروعية الديمقراطية للحزب الحاكم، مدعوما بجهاز أمني حديدي تفصله عن االشعب كل حواجز الولاء والانتماء الحقيقية، مُكَرِّسا كل إمكاناته لخدمة ذلك التحالف على حساب مصالح ذلك الشعب، إذا كانت الدولةُ دولةً جمهوريةً كما هو حال مصر وتونس. وقد يَكتفي هذا التحالف الطبقي المسنود بالمؤسسة الأمنية الحديدية في تكريس هيمنته وتحييد كل القوى الشعبية الأخرى عن سدة السلطة، بقوة التزاوج بين الثروة والسلطة من جهة، وباتباع سياسة التزوير والتزييف والتَّغْييب والتَّجهيل على نطاق واسع في كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسات الإعلامية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية من جهة أخرى، إذا كانت الدولةُ دولةً مَلكيةً كما هو حال الأردن. دون أن يعني ذلك أن الحزب الحاكم في الدول الجمهورية لا يمارس هذا التزوير والتزييف والتغييب والتجهيل، ربما على نطاقات أوسع. ثالثا.. الشعب الذي يتاجر به وبمصالحه وبادعاء الانتماء والولاء له جميع هؤلاء، مُمَثلا في قوى سياسية هزيلة وعاجزة ومرتبكة، تمارس المعارضةَ إما بشكل ديكوري يُسهم في تجميل النظام أكثر مما يُسهم في خدمة الشعب والتعبير الموضوعي عن قضاياه، وإما بشكل عدمي مضطرب يخفي وراءَ عدميته كل ألوانِ العجز عن التأثير في الشعب وتحشيده، وإما بغيابٍ كامل عن حقيقة المشكلات التي تُؤَصِّل لجوهر التناقض بين الشعب والنظام، مكتفيةً بالتنظير الأجوف، وبالتمسُّك بكليشهاتٍ لم يعد لها مكان أنسب من المتاحف ومحلات بيع الأنتيكات. في الأردن يقف “الملك” على رأس “مؤسسة العرش” وهو ما يقابل “مؤسسة الرئاسة” في الدول الجمهورية، سيدا للسلطة التنفيذية ولجزء مهم من السلطة التشريعية بلا منازع، وخلفَه – سندا قويا – يقف الجيش الذي لا يتلقى أي توجيهات أو أوامر أو تعليمات من غير هذه المؤسسة ومن غير شخص الملك بالذات. ووراء هذه السلطة الدستورية لشخص الملك، اختبأ وما يزال يختبئ ذلك التحالف الطبقي المتغَوِّل الفاسد المدعوم بالمؤسسات الأمنية، مُمَثَّلةً بالدرجة الأولى بدائرة المخابرات العامة، والمُحْتَكِرِ لمؤسسات الإعلام الرئيسة، متمثلة في المقام الأول بالتلفزيون الأردني وبالصحف الأردنية الكبرى. أما الشعب فحدث عن بؤسه ولا حرج، في ظل غياب القوى السياسية الفاعلة القادرة على تجسيد قضاياه والنضال لأجلها وفي سبيلها.استطاع التحالف الطبقي المعادي لمصالح الشعب الأردني، والمُكّرِّس للدور الوظيفي للدولة الأردنية تمريرا للمصالح الإمبريالية في المنطقة، أن يهيمن على السلطة على مدى خمسين عاما كاملة من عمر هذه الدولة التي ما تزال فتيَّة بعمرٍ لا يتجاوز الخمسة والستين عاما. وهو قد تمكن من تحقيق ذلك مستخدما أداتين، الأولى دستورية والثانية أمنية، مع العلم بأن الأداة الدستورية نفسَها هي في الأساس من وحي الأداة الأمنية ومن تدبيرها، ما يجعلنا نتجرأ على القول بأن الأردن دولةٌ أمنيةُ الطابع من رأسها إلى إخمص قدميها، بلا أدنى تحفُّظ، بما في ذلك أداؤُها السياسي الداخلي والخارجي.الإستراتيجية الأمنية للدولة الأردنية.. تجلَّت اليد الطولى للمؤسسة الأمنية الرئيسة في الأردن، ألا وهي دائرة المخابرات العامة، في صياغة هذه الدولة على مدى الخمسين عاما الماضية، في عدد يعصى على الحصر من تفاصيل الحياة ذات الطابع الأمني، يمكننا حصر أهمها في العناوين الرئيسة التالية..1 – تشكيل الحياة الدستورية الأردنية المُفَرِّغَة للديمقراطية المزعومة من مضمون “حكم الشعب”، عبر.. أ – تمييع مبدأ الفصل بين السلطات، بعدم ورود فواصل واضحة بين تلك السلطاتِ منصوصٍ عليها دستوريا، وتداخل مهامها بشكل مريب يشكك في حقيقة استقلالها عن هيمنة السلطة التنفيذية التي غوَّلَها الدستور على باقي السلطات بشكل مرعب. ب – تغييب الدلالة الفعلية لمبدأ أن الشعب هو مصدر السلطات، بصياغة نصوص دستورية تَحْرِمُ الشعب من أن يكون بالفعل كذلك، فلا شيء في الدستور الحالي إذا أُخِذَ بشكل متكامل يجعلنا نطمئن إلى أن الشعب هو فعلا مصدر السلطات. ج – تجميع وحصر كامل عناصر السلطة التنفيذية في يد “الملك” الذي نصت المواد الدستورية على كون ذاته مصونة لا تُمَس، في تناقضٍ صارخ مع مبدإٍ هامٍّ وأساس من مبادئ العدالة والديمقراطية، هو أن من يحكم يجب أن يُسْأل ويحاسب لا أن تُصان ذاته ويُعفى من المحاسبة. د – تسفيه دور القضاء وتحييده، بتحويل المؤسسة القضائية إلى مؤسسة تخضع خضوعا كاملا للسلطة التنفيذية، وإفقاد كافة مستويات المحاكم دورَها الرقابي والإشرافي والقضائي في الحياة العامة، وجعلُ وزير العدل وهو فرد من أفراد السلطة التنفيذية سيدَ السلطة القضائية بلا منازع، ما يجعل “الملك” بالتالي هو المهيمن على القضاء باعتباره رأسَ السلطة التنفيذية. ه – تقييد السلطة التشريعية بشكل يحرمها من القيام بدورها على الوجه المنسجم مع مبادئ الحرية والديمقراطية، بربطها ربطا وجوديا وعضويا بسلطات “الملك”، حلا وانعقادا ودعوة إلى الانتخاب والالتئام.. إلخ، فضلا عن جعل أحد مجلسيها وهو “مجلس الأعيان” بعيدا كل البعد عن الديمقراطية، ومُكَرِّسا لأشد الأعراف الديكتاتورية والفردية، بخضوعه لمبدإ التعيين وليس الانتخاب، مع ما أُعْطِيَه من دور رئيسٍ في عملية التشريع، الأمر الذي أفقد الادعاء باستقلال السلطة التشريعية وتمثيلها للشعب دلالته ومعناه. و – إحالة الكثير من المبادئ المنصوص عليها في الدستور إلى قوانين تنظمها في أرض الواقع، ما أفقدها جوهرَها الدستوري المُفْتَرض، بأن جعل تفاصيلها تخضع لمؤسسة تشريعية هي في ذاتها مُقَلِّصَة الصلاحيات دستوريا، ففقد الدستور الأردني صفةً أساسيةً من صفات الدساتير، وهي السمو والاستعلاء القانوني، بأن أصبحنا نحتاج إلى القوانين كي نفهمه، بدل أن نحتاج إليه كي نفهم القوانين ونتأكد من دستوريتها، في معادلة نشاز غير مسبوقة في مبادئ الحياة الديمقراطية في العالم، الذي عندما يرتاب في مشروعية تشريعات المجالس النيابية يحيلها إلى المحاكم الدستورية للتأكد من دستوريتها، لا أن يحيل نصا دستوريا جوهريا إلى المجالس التشريعية لإعطائه صورته التطبيقية. الأمر الذي جعل معظم الأطر الناظمة للحياة الديمقراطية والمعبرة عنها في أرض الواقع بيد السلطة التشريعية المقَلَّصَة الدور، وبيد السلطة التنفيذية المهيمنة على السلطة التشريعية أساسا، ومن تلك الأطر ما يتعلق بالتشريعات الناظمة لتشكيل وإدارة النقابات المهنية، وتلك الناظمة لتشكيل منظمات المجتمع المدني، وتلك الناظمة لحقوق النشر ولتشكيل الأحزاب وللانتخاب والترشح سواء لمجلس النواب أو للمجالس المحلية.. إلخ. وبكلمة أخرى وبسبب طبيعة النصوص الدستورية أصبحت كل تفاصيل الحياة الديمقراطية المنصوص على بعض كلياتها في الدستور، موكلةً إلى سلطةٍ تشريعية سُنَّت كل القوانين والنصوص الدستورية التي تقلص من دورها ومن فاعليتها وتأثيرها، ليصبح واقع الحال هو أن الأردن ليس فيه إلا سلطة واحدة ووحيدة هي السلطة التنفيذية، التي حُصِرَت بشكل كامل في “مؤسسة عرشٍ” لا تُسْأل عما تفعل، بشكل لم يَدَّعِه لأنفسهم حتى الأنبياء والرسل الذين يُفترض أنهم يتحدثون نيابة عن الإله الخالق سبحانه وتعالى، ليختبئ وراءها – وعبر مؤسساتِ دولةٍ يقودُها تحالفٌ كومبرادوري بيروقراطي غير مسبوق في انعدام ولائه وانتمائه للوطن وللشعب – كل من يريد أن يَنْهَبَ البلد ويُفقرَ الشعب ويمررَ المؤامرات ومعادلات البيع والارتهان والتبعية.ٍ2 – شقُّ الصف وبثُّ بذور النعرات بين مُكَوّنَي الشعب الأردني “الشرق أردني” و”الغرب أردني”، عبر.. ا – سن قوانين انتخاب لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالتمثيل الحقيقي لمُكَوِّنات الشعب الأردني ولتجمعاته السكانية والفئوية، بل هي أبعد ما تكون عن العدالة في هذا الشأن. قوانين فُرِضَت على الشعب من خلال قنوات تشريعية غير دستورية على الرغم من قصور تلك القنوات الدستورية في الأساس، وراحت السلطة التنفيذية تعدِّل فيها بإيحاء متواصل من المؤسسة الأمنية “المخابرات العامة”، بدون الرجوع إلى أيِّ منفذٍ من منافذ التمثيل الشعبي المتاحة رغم كل المآخذ عليها، في أكثر أساليب الاستهتار بالإرادة الشعبية مهانة لهذا الشعب وإنكارا لوجوده ولحقوقه، بشكل عمَّقَ من الفرقة ومن بث النعرات وشق الصف وإيغار الصدور. ب – الترويج لثنائية الهوية بين أبناء الشعب الواحد بشكل بدا واضحا أنه يريد تصعيبَ أي التقاء سياسي بينهما، والعمل على صناعة سياساتٍ تفصل بين أجزاء الوطن الواحد، عبر دفع “مؤسسة العرش” إلى اتخاذ قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية التي كانت على مدى أكثر من خمسة وثلاثين عاما أرضا أردنية، والتي لم تُحْتَل إلا وهي تحت السيادة الأردنية. فبدل أن يُصار إلى العمل على إذابة الفوارق التي يُمْكِنُها أن تنشأَ لسبب أو لآخر بين أبناء الشعب الواحد دعما لمفهوم راقٍ ومتطورٍ للوحدة الوطنية، ضمانا للاستقرار وللعمل على تحرير الجزء المحتل من الأرض، فإن دائرة المخابرات العامة راحت تغذي كل الفئات والأيديولوجيات، وتدعم كل السياسات التي تراها تساعد على بث الفرقة على أساس تلك الهويات المصطنعة، خدمة للمخطط الإمبريالي الذي تضطلع به الدولة الأردنية الوظيفية. ج – اختلاق هويات فرعية عشائرية شوفينية، راح يُغَذَّي بها أبناءُ الوطن من “الشرق أردنيين” إمعانا في إلهائهم عن الجريمة التي ارتُكِبَت في حقهم، بإضاعة خمسين سنة من تاريخهم في الخوف على هويةٍ استخدمها التحالف الطبقي الكومبرادوري البيروقراطي المدعوم من المخابرات العامة أبشع استخدام، لتمرير المصالح الطبقية لذلك التحالف، عبر إفقارهم واستلابهم وإيهامهم بأن هويتَهم في خطر يتهددها من قبل المُكَوِن الثاني للنسيج الديمغرافي الأردني، وهو المكون “الغرب أردني” أو “الفلسطيني”. 3 – هيمنة الروح الأمنية على مختلف مرافق الحياة الأردنية، عبر.. أ – إفشال العملية التعليمية والتربوية إفشالا مُمَنْهَجا أسهم في تخريج أجيال من الأردنيين يعانون من التناقضات والعقد النفسية والفراغ المعرفي والتداعيات السلبية للمنهج التلقيني الوعظي. ب – تحويل الإعلام الأردني عامة، وعلى رأسه الإعلام المرئي خاصة، إلى بوقٍ للنظام، وإلى مُولِدٍ لا همَّ له سوى التغني بوطن تم بيعُه في المزاد، والتغزُّل بمؤسسة عرشٍ تم جَعْلُها فوق كل إنسان ووراء كل نشاط في هذا البلد، بل وسبب كل إبداع. وكأن الإنسان الأردني لا وجود ولا كيان له بعيدا عن هذه المؤسسة، وبدون روحها المُلْهِمَة له في الصحو والمنام. إنها عملية اختزال مرعبةٍ لوطنٍ وشعبٍ ودولةٍ في شخص “الملك”، إلى درجة أن راح يعشش هذا الإحساس في نفوس الأردنيين، فجعلهم لا يتصورون لا أنفسهم ولا بلدهم ولا مستقبلهم، بدون شخص الملك الذي أرادوه بل الذي اقتنعوا بأنه يفكر عنهم ويعمل نيابة عنهم ويتكرم عليهم ويعلمهم ويعالجهم ويتنفس بدلا منهم، ويرشدهم إن هم ضلوا السبيل، و.. و.. أي أنهم أرادوه شعبا ودولة ومؤسسات بدلا منهم، بعد أن شَوَّهَت الفلسفة الإعلامية والتربوية أرواحَهم ونفوسَهم وعقولَهم على مدى العقود الخمسة السابقة.4 – إعاقة الفعل السياسي المُعَبِّر عن تَطَلُّعات الشعب الأردني، عبر عرقلةِ إنشاء وتطوير الأحزاب السياسية، بسنِّ قوانين أحزاب راحت تتطور بشكل سلبي متراجعة إلى الخلف بدل أن تتقدم إلى الأمام. ففي الوقت الذي تقوم الدول الديمقراطية بتسهيل عمليات تشكيل الأحزاب السياسية إذا رأت شروط تشكيلها الراهنة تنطوي على صعوبات تجعل الناس يعزفون عنها، فإن المؤسسة التشريعية الأردنية تحت عباءة المؤسسة الأمنية وبالخضوع لتوجيهاتها، راحت تصعِّبُها وتعقدها كلما رأت أنها سهلةً، خلافا لكل ادعاءاتها. وكأنها وصيةٌ على طريقة تفكير الناس، وعلى أسلوب انتظامهم في الجماعات وحول البرامج السياسية التي يرغبون فيها. فقررت في قانون الأحزاب الأخير أعدادا غير مناسبة لتركيبة المجتمع الأردني، لمن يفترض فيهم أن يشكلوا حزبا سياسيا. ووضعت شروطا قاسية على أماكن تواجدهم وسكنهم.. إلخ. أي أنها حاصرت عملية تشكيل الأحزاب، وكرَّهت الناس فيها وأخافتهم منها وجعلتها متاحة فقط لفئات محددة تملك المال والنفوذ، وهي غالبا تلك الفئات المحسوبة على التحالف الطبقي الحاكم، مع وجود استثناءات قليلة هنا وهناك. إلى درجة أن معظم الأحزاب القائمة اضطرت عند صدور القانون الجديد للأحزاب إلى أن تعاني الأمرَّيَن كي تعيد ترتيب أمورها بشكل يتناسب معه، علما بأن معظم الأحزاب التي كانت قائمة قد حُلَّت بسببه ونتيجة للصعوبات التي وضعها في طريق العملية السياسية. كل ذلك مع أن السلطة التنفيذية المتغوّلَة ما فتئت تتحفنا ليل نهار، عبر وزارةٍ أسمتها وزارة التنمية السياسية، بأنها حريصة على دمج الإنسان الأردني، وبخاصة الشاب الأردني في العملية السياسية عبر تشكيل الأحزاب.ما المطلوب أردنيا.. ثورة أم إصلاح؟إن أي نظام سياسي يحاول التفاعل مع مطالب الشعب ومطالب قواه السياسية في إطار إصلاحي، عندما يكون المطلب يمسُّ منظومةَ الحريات وآليات الحكم ومبادئ العملية الديمقراطية، إنما هو نظام على رأي إخواننا المصريين “بْيِسْتَعْبَطْ”، أي يتظاهر بالعَبَط ويتجاهل جوهر المشكلة، لأنه يريد الزج بالمطالب الشعبية في خانة المطالب الإصلاحية، للحفاظ على الميكانيزمات التي تُخَّوِّل التحالفات الطبقية الحاكمة الإبقاء على هيمنتها على مفاتيح الاقتصاد، بعدم المساس بمفاتيح السلطة مساسا جوهريا قد يغير من مفهوم التداول فيها ليجعله حقيقة بعد أن كان كذبة وتزييفا، انطلاقا من القاعدة التي تنص على أن من يمتلك مفاتيح السلطة في أمة من الأمم، يمتلك مفاتيح ثروة تلك الأمة ومفاتيح إدارتها وتوجيهها.كما أن أي قوة سياسية تطالب نظاما سياسيا معينا بإجراء إصلاحاتٍ فيه، يجب أن تكون مُدْرِكَة لحقيقة أنها ليست بصدد المطالبة بتغييرات جوهرية في آليات الحكم ومفاتيح العملية السياسية، وأن كل ما تطالب به هو عمليات تجميلية في هذا المرفق من مرافق تسيير الدولة أو في ذاك، وهذا لا يتم أو يحدث عادة إلا في الدول الديمقراطية التي تكون قد حَسَمَت منذ زمن آليات تداول السلطة فيها. أما إذا كانت تلك القوة السياسية تطالب بإجراء تغييرات ذات طابع دستوري سلطوي جوهري في بُنْيَة النظام، دون أن تعي أنها تمارس ثورة ضد هذا النظام، فإنها إما تخدع نفسها، وإما تجهل متطلبات حراكها السياسي.ما يجب أن يكون واضحا، هو أن المطالبة بتغييرات تَحْدُث على مستوى البُنية الدستورية الجوهرية للدولة، ونظام الحريات وآليات الحكم وتداول السلطة فيها، هي مطالبة تُحْدِث في المجتمع حراكا ثوريا. أما لو كانت المطالبَة تنصَبُّ باتجاه إحداث تغييرات على مستوى إدارة المرافق غير الدستورية للدولة كلِّها أو بعضِها، أو حل بعض المشكلات والقضايا ذات الطبيعة الهيكلية اجتماعية أو اقتصادية.. إلخ، في ظل المحافظة على البناء الدستوري نفسِه، بل حتى لو أُرْفِقَت تلك المطالبات بتعديلات دستورية طفيفة، يمكنها أن تَحْدُث وفقَ الآليات التي يسمح بها الدستور نفسُه، على اعتبار أن كل دستور يحتوي على آليات تتعلق بإمكانية وكيفية تعديله، فإنها مطالبة تُحْدِث في ذلك المجتمع حراكا إصلاحيا.إن جوهر الثورة المجتمعية يتعلق بطبيعة التغيير المطلوب لا بشكلِه. فإن كان هذا التغيير دستوريا جوهريا يهدف إلى قلب طبيعة الدولة، وأسس نظام السلطة والحكم فيها، فنحن بإزاء عمل ثوري، حتى لو حدث ذلك بدون عنف. أما إذا كان التغيير المطلوب لا يمس البناء الدستوري، حتى لو تعلق بكل مرافق الدولة الأخرى، أو حتى لو تعلق بتغييرات دستورية تحدث في ضوء إمكانات وفضاءات الدستور نفسِه، فنحن بإزاء عمل إصلاحي، حتى لو تم ذلك بمنتهى العنف. ولكن لماذا يعتبر التغيير الأول ثورة فيما لا يتعدى التغيير الثاني حدود كونه إصلاحا؟ إن طبيعة العلاقة بين منظومة “قواعد الحرية” ومنظومة “قواعد العدالة” في المجتمع، هي التي تؤسِّس للاعتبار السابق. إن أي تغيير في “قواعد العدالة”، لا يقوم ابتداءً على تغييرٍ أسبقَ منه في “قواعد الحرية”، هو تغيير قِشْري سطحي لا يفعلُ فعلا حفريا في إعادة إنتاج علاقات وهياكل وبُنى المجتمع بشكل مختلف قادرٍ على إحداث تغييرات مستقبلية ملموسة على صعيد علاقات الإنتاج، وأنماط الفرز الطبقي، وأشكال تمركز الثروة في المجتمع، وإنما يقوم فقط بإحداث تغيير طفيف في زاوية الدَّفَّة التي تقود السفينة الاجتماعية، بشكل يخفف من احتقانٍ هنا ويُنَفِّس ضغطا هناك ليس إلا، مبقيا على بوابة الاحتقانات وتراكم الأزمات، قائمة وقابلة للاستفحال في المدى القريب، ناهيك عن المدى البعيد. أما إذا حدث التغيير ابتداء على مستوى السلطة والنظام السياسي ومنظومة “قواعد الحرية” بشكل أساسي، فهذا يعني أن مُحَدِّدات تداولِ الثروة والانتقال في تمركزاتها والفرز الطبقي المرافق لها قد تغيرت، ما يُمَهِّد الطريق لتلك التغيرات المجتمعية كي تَحْدُث بشكل عميق وملموس. ولهذا السبب كان التغيير على المستوى الأول إصلاحا سطحيا وقِشْرِيا، فيما كان التغيير على المستوى الثاني ثورة اجتماعية عميقة. ترى، ما الذي نطالب به في الأردن في ضوء التوصيفات السابقة لدلالةِ كلٍّ من التغيير الإصلاحي والتغيير الثوري؟ هل نحن بصدد ثورة أم بصدد إصلاح؟ هل نريد تغييرا ثوريَّ الطابع أم تغييرا إصلاحيَّ الطابع؟ وبتعبير أدق وأوضح: هل أن مطالبَ الأردنيين يمكن تجاوبُ النظام معها في ضوء أداءٍ إصلاحي، أم أن التجاوبَ معها لا يمكنه أن يتم إلا في ضوء أداءٍ ثوري؟ وفي كل الأحوال، هل أن هناك أفاقا لتغييرٍ – ثوريا كان هذا التغيير أو إصلاحيا – بدون عنف، أم أن العنفَ مسلكٌ لا مفر منه لتحقيق تلك المطالب؟ إن الإجابة الحاسمة على هذا السؤال تتطلب التعرف ابتداء على مطالب الشعب الأردني، ليتبين لنا في ضوء تلك المطالب إن كانت طبيعتها تتطلب ثورة أم إصلاحا!! فما الذي يريده الشعب الأردني؟!مطالب الشعب الأردني..1 – على صعيد منظومة “قواعد الحرية”..على صعيد الحريات العامة والبُنْيَة الدستورية للنظام السياسي الأردني وما يتعلق منها بالديمقراطية والمشاركة الشعبية الحقيقية في إدارة شؤون البلاد، تتجسد مطالب الشعب الأردني في وضع التشريعات وإصدار القوانين وإنشاء دستور جديد، من شأنها تحقيق ما يلي..1 – المساواة التامة بين كافة فئات وشرائح المجتمع الأردني، وصولا إلى تكريس المعنى الحقيقي للمواطنة كما هو متعارف عليه في أرقى الأنظمة الديمقراطية في العالم.2 – اعتبارُ مؤسسةِ العرش مؤسسةً سيادية وليست مؤسسة سلطة وحكم، يجب السمو بها عن التدخل في السياسة، وعن أن تحسب على طرف دون طرف باتخاذها مواقف سياسية محددة، بكل ما يستتبع ذلك من سحبٍ لكل الصلاحيات السياسية من يد “الملك”.3 – انتخاب رئيس الوزراء انتخابا مباشرا من قبل الشعب، وعدم عزله إلا من قبل الشعب نفسه أو من ينوب عنه لهذه الغاية، ووفق شروط خاصة تتضمنها التشريعات ذات العلاقة، وذلك باعتباره رأس السلطة التنفيذية ما يوجب أن تكون شرعيته شعبية مباشرة.4 – وضع قانون انتخابي عصري وتقدمي ومتطور يكفل تحقيق العدالة والمساواة، ويضمن إيصال من يمثلون الإرادة الشعبية بصدق وأمانة ونزاهة إلى المجلس التشريعي، علما بأن هذه الصفات لا تتحقق في قانون انتخابي في الأردن إلا إذا كان متصفا بما يلي..أ – أن يكون الأردن كله دائرة انتخابية واحدة، أو على أقل تقدير أن تكون كل محافظة من محافظاته دائرة انتخابية واحدة.ب – أن يكون من حق الناخب انتخاب كافة أعضاء دائرته الانتخابية إذا كانت المحافظة هي الدائرة الانتخابية، أو أن يحق له انتخاب كافة أعضاء المجلس التشريعي إذا كان الأردن كله دائرة انتخابية واحدة.ج – إذا كانت المحافظة هي الدائرة الانتخابية، فإن عدد المقاعد المخصصة لها في المجلس التشريعي يجب أن يتناسب تناسبا عادلا وموضوعيا مع عدد سكانها من الناحية العددية. د – اعتماد نظام الكوتات التنافسية لشرائح معينة من المواطنين “النساء، المسيحيين، الأقليات الإثنية”، على ألا يتجاوز عدد المقاعد المخصصة للكوتات ما نسبته “10%” من إجمالي عدد المقاعد النيابية، لأن الكوتة قائمة على فكرة ضمان الحد الأدنى المعقول من التمثيل للشريحة المعينة، مادامت الفرصة متاحة أمام جميع المواطنين للوصول إلى المجلس التشريعي عبر التنافس الحر. 5 – ضمان عدم تدخل السلطة التنفيذية للتأثير على المجلس التشريعي أو حله أو دعوته للانعقاد انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات. والمجلس بنفسه هو الذي يحدد أنظمته ولوائحه الداخلية وإجازاته السنوية وغير السنوية. وهو في حالة انعقاد دائمة خارج نطاق الإجازات، ولا سلطة لأحد عليه أيا كان. 6 – ضمان أن يتم انتخاب أعضاء مجلس الأعيان مع شروط تنطوي على دلالات الخبرة والتخصص، والغاء مبدأ التعيين ألغاء كاملا. 7 – ضمان عدم حل أي من المجلسين، وضمان أن حلهما والتئامهما يقومان بناء على منظومات تشريعية داخلية خاصة بهما.8 – ضمان عدم الجمع بين المنصبين التشريعي والتنفيذي بأي شكل من الأشكال. 9 – ضمان استقلالية وقوة القضاء وحصانته ومنع التدخل في شؤونه وتوفير الموازنات الخاصة له، وضمان أن تكون هيئاته العليا منتخبة من قبل الشعب مباشرة. 10 – وضع كافة مؤسسات الدولة ذات الطبيعة التنفيذية ضمن مسؤوليات رئيس الوزراء المنتخب وسلطته المباشرة أو ضمن سلطات وزرائه، وعلى رأس تلك المؤسسات، ما كان منها عسكريا أو شبه عسكري “الجيش، الأمن العام، المخابرات العامة.. إلخ”. 11 – ضمان حق المواطنين في بناء تنظيماتهم السياسية بعيدا عن التعقيدات والممارسات المانعة والمعرقلة لفكرة إنشاء الأحزاب وأدائها لوظائفها الوطنية. 12 – ضمان أن تُنْتَخب المجالس البلدية والمحلية انتخابا حرا وحقيقيا، ومنع كافة أنواع التعيين ضمانا للتمثيل الجماهيري الصادق والنزيه. 13 – تفعيل كافة أوجه الحرية الفكرية والثقافية والإعلامية في المجتمع الأردني، والارتقاء بها عبر دعم كافة مكونات العملية الإبداعية من سينما ومسرح وموسيقى ودراما وفنون تشكيلية ورواية وشعر. وتنشيط حركة ترجمة الأعمال الفكرية والأدبية والعلمية العالمية من لغاتها الأم إلى اللغة العربية. وإلغاء كافة أوجه الرقابة السابقة واللاحقة على المطبوعات والمؤلفات. وحصر المخالفات والعقوبات في مجال الطباعة والنشر في أضيق الحدود وتحريرها من المساس بحرية الكتاب والمؤلفين والمبدعين والصحفيين، عبر الفصل بينها وبين القوانين الجنائية. وضمان انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للإعلام من قبل الشعب مباشرة وعدم تدخل أي جهة في نشاطاته الرقابية، أو الوصاية عليه بشكل يحد من دوره الرقابي. 14 – منع تدخل الأجهزة التنفيذية أيا كانت في أيٍّ من نشاطات المجتمع المدني الوطنية. وضمان قيام كافة فئات الشعب الأردني بتنظيم نفسها بأي شكل تريده مهنيا واجتماعيا وثقافيا وإثنيا ودينيا، أو تحت أي تصنيف تراه مناسبا لتنتظم من خلاله. وسن كافة التشريعات التي تساعد منظمات المجتمع المدني على أن يكون لها دور استشاري في إدارة الدولة.2 – على صعيد منظومة “قواعد العدالة”.. أ – الإستراتيجيات..على صعيد تحقيق العدالة الاجتماعية، وإنجاز تنمية مستدامة تضمن استقلالا اقتصاديا مُشَرِّفا لا تبعيَّةً مُهينة وراهنة للقرار السياسي، مع ما يستتبع ذلك من قضاء على الفقر والبطالة والفوارق الطبقية المجحفة، وتوجيهٍ للثروة الوطنية نحو الاستثمارات الإنتاجية.. إلخ، وغلق كل منافذ الفساد، تتجسد مطالب الشعب الأردني في وضع التشريعات وإصدار القوانين واتباع سياسات اقتصادية من شأنها تحقيق ما يلي..1 – الحيلولة دون “كنز” الثروة، أي دون إبقائها خاملةً في الخزائن وبيوتات المال والبنوك، من غير تحريك وفاعلية في خدمة المجتمع. إماَّ عبر التوظيف والاستثمار الخالق لفرص العمل المؤدية إلى إنتاج السلع والخدمات الضرورية للاستهلاك، أو عبر الضرائب متنوعة الأغراض والقِيَم. لا ادخار غيرَ منتجٍ يبعد الثروة عن أن تتحرك في مختلف القنوات الاقتصادية. وليس الادخار حريةً شخصية ولا هو قرارٌ فردي لمالك الثروة وصاحب المال، فكل من يملك مالا يزيد عن حاجاته الاستهلاكية يجب أن يوظفه ويعيد تدويره لخلق العمالة ولإنتاج السلع والخدمات. ويجب أن يتم إصدار التشريعات الناظمة لهذه المسألة. 2 – الحيلولة دون “التقتير” ودون “التبذير”، بإيجاد حد أدنى للأجور، وتحديد سقف أعلى للاستهلاك. فعندما يتم توجيه الثروة الخاصة أو العامة على حد سواء، إلى الأوجه التي تُحَقِّق مبدإ “عدم الإكناز” للزج بالثروات في فضاءات الاستثمار والتشغيل والتنمية، يغدو كل ما زاد عن الحاجة الاستهلاكية بالمعايير المنطقية التي يضعها أهل الخبرة والاختصاص في المجتمع، منصبا نحو الاستثمار لتحقيق تلك المعادلات. إن كافةَ السياسات والبرامج الاقتصادية في مجالات المُلْكِيَّة، والإنتاج، والتوزيع، والتسعير، والتنمية، والتشغيل، والضرائب، والاستثمار، والأنظمة النقدية، والأجور.. إلخ، والتي ستوضع في الدولة، يجب أن تُحَقِّقَ الأهداف المحددة التالية، بصرف النظر بعد ذلك عن التفاصيل الإجرائية، وعن الصيغ المباشرة، وعن البُنى العملية والمؤسسية التي تتطلبها تلك الأهداف المحددة كي تَتَحَقَّق..أ – تثبيت حدود دنيا للدخول لا يجوز الهبوط عنها تحت أي ظرف، إلاَّ إذا كان إجمالي الناتج المحلي أو الظروف الجيوسياسية للدولة، وليس أي عامل اقتصادي آخر، هي التي تعجز عجزاً فعلياً عن تلبيتها. على أن تكون هذه الدخولُ مُقَرَّرَة على أساس قدرتها الفعلية على تحقيق كرامة الإنسان، وعلى إشباع حاجاته كاملة، وعلى تحريره من الفقر ومن البطالة ومن كل أشكال الحرمان، وفق معايير العصر وظروف الجغرافيا ومتطلبات المهام السياسية للدولة والمتفق عليها من قبل أغلبية أفراد المجتمع. مع ضرورة وضع قواعد لتنظيم مسألة الحوافز والمكافآت كآلية متبعة للتفريق بين جهود الأفراد.2 – تثبيت سقوف عليا للإنفاق “الاستهلاك” لا يجوز تجاوزُها تحت أي ظرف، تأخذ في الاعتبار التَّصَوُّرات الثقافية لمجتمعنا الأردني في مفاهيم “التقتير” و”التبذير”، واحتياجات الدولة السياسية المتفق عليها من قبل غالبية أفراد الشعب. على أن يكون مفهوما أن وجودَ سقوف استهلاكية أعلى من حدود الدخول الدنيا المقررة، يعني قطعا أن تلك الحدود الدنيا قد أمكن تحقيقها في الواقع للجميع، وإلاَّ فإن السماح بسقوفٍ أعلى منها في ظل وجود مواطنين لا يحصلون على الحدود الدنيا للأجور هو أمر يتعارض مع إستراتيجية العدالة الاجتماعية.3 – وضع نظام ثابت وصارم لتسعير السلع والخدمات يتيح للحدود الدنيا للدخول أن تُعَبِّرَ تعبيراً حقيقياً عن قدرتها على تلبية الحاجات الأساسية للأفراد بالشكل المقرر والمرتكز إلى معايير كرامة الإنسان ومستويات وظروف المكان والزمان. وعدم ترك نظام التسعير عُرْضَةً لتقلبات السوق.4 – وضعُ حُزَمٍ من الضرائب على الدخول، تُسْتَثْنَي من الخضوع لها استثناءً كاملا كافة الدخول التي تُمثل الحدود الدنيا. وتتصاعد بعد ذلك وفق أنظمةٍ تُحَقِّقُ مشاركةً أكبر في موازنة الدولة للدخول المرتفعة.5 – وضعُ مجموعةٍ من “أنظمة وحُزَم وقواعد ومجالات” الاستثمار، تَفْرِضُ على كافة الدخول الزائدة عن المستويات الاستهلاكية المقررة في سقوفها العليا، أن تندمج اندماجا كاملا في التنمية، تحقيقا لمبدأ عدم الكنز.6 – تفعيل كافة الإجراءات التي من شأنها المساعدة على الوصول بالتدريج المدروس إلى جعل الخدمات مُقَدَّمَةً للمواطنين بدون وكالة النقد، أي بالمجان. وفقَ سياسة ترتيب حسب الأولوية والأهمية الحيوية للخدمات مُقَرَّرَة على النحو التالي.. “العلاج، التعليم، السكن، النظافة، التنقل، التسلية.. إلخ”.7 – سن كافة القوانين والتشريعات التي تمنع تصدير الثروة الخاصة وإيداعها في بيوتات المال الأجنبية، وحرمان الاقتصاد الوطني من ثم من الاستفادة من فرص تدويرها استثماريا في القنوات الإنتاجية المحلية الخالقة لفرص العمل وللقِيَم المضافة.8 – العمل على توسيع دائرة عناصر وعوامل ووسائل الإنتاج التي يمكن تحويلها إلى مُلْكِيَّة عامة كلما أمكن ذلك، بِما لا يتعارض مع أيٍّ من الأهداف السابقة، وبِما يُبقي على مبدأ الملكية الخاصة قائما بما لا يتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية الموضحة هنا. 9 – يجب أن تكونَ كافة الخطط التنموية في الدولة وعبر كافة تفاصيلها متناسبةً مع الأهداف الثمانية السابقة ومُساعِدَةً على تحقيقها في أرض الواقع، وغيرَ متعارضة معها بأي شكلٍ من أشكال التعارض. وبناء عليه فلا حراك اقتصادي بدون إشراف مركزي.10 – يَجب أن تكون الارتباطات الإقليمية والعالمية للاقتصاد الوطني بكل أشكالها “استيراد، تصدير، استثمار مُسْتَقْدَم أو مُسَفَّر إلى الخارج، اقتراض أو إقراض خارجيين، سياحة قادمة أو مُساَفِرَة، تعاون اقتصادي إقليمي أو دولي، سياسات نقدية خارجية، اتفاقيات اقتصادية وتجارية خارجية من أي نوع.. إلخ”، مُصاغَةً ومُعَدَّةً على نَحْوٍ لا يتعارض مع الأهداف التسعة السابقة، بل بشكلٍ يَخدِمُها ويُفَعِلُّها ويدفعها إلى الأمام.إن تحقيق الإستراتيجيات السابقة يعني إحداث تنمية من شأنها تحقيق اكتفاء مائي واكتفاء غذائي ونهضة صناعية، وفق الأسس والتفاصيل التالية..ب – الاكتفاء المائي..يجب أن تتم مطالبة إسرائيل بعد اتفاقية “وادي عربة”، بحصة الأردن من مياه أعالي “نهر الأردن” التي سرقتها قرابة خمسين عاما بتحويله عام “1964” ومنع الأردن من الاستفادة من مياهه طيلة تلك الفترة، ومطالبتها بالمياه الجوفية من الأراضي الأردنية المؤجَّرة لها، وهي “الغمر” جنوبا، و”الباقورة” شمالا، والتي تزيد عن “500” مليون متر مكعب سنويا، وتقديم مطالبة مالية لإسرائيل ولمن دعمها ولمن ما يزال يدعمها، بأثمان المياه الأردنية المسروقة على مدى سنوات الاحتلال والتي سبقتها، منذ تم تحويل “نهر الأردن”، وهي أثمان تتجاوز قيمتها والفوائد المترتبة عليها الـ “22” مليار دولار أميركي. اتباع سياسة الحصاد المائي في البادية الشرقية، وهو ما يسمح به وبشكل فعال واقع الأمطار في تلك المساحات الواسعة من الأراضي الأردنية، حيث تُقَدِّر الدراسات المبدئية، أن الحد الأدنى الممكن توفيره من المياه التي تضيع هدرا في تلك المساحات الشاسعة من البادية، وبأقل تكلفة، هو “500” مليون متر مكعب سنويا، وأن هذه الكمية مرشحة للزيادة كلما أمكن استخدام تقنيات تساعد على تقليل نسبة الفاقد من مياه الأمطار بالتبخر، أو كلما أمكن رفع مستوى التخزين باختيار مناطق ملائمة لتجميع المياه المنسابة عبر السيول والأودية.ج – الاكتفاء الغذائي..يجب أن تُسْهِم الدولة في تأمين مستلزمات الزراعة والإنتاج الحيواني بأسعار الكلفة، وأن تَفتح المجال أمام التعاونيات الزراعية وتمليكها للفلاحين أصحاب الأرض، ودعمها في التسويق مباشرة إلى المستهلك بدون وساطة السماسرة الطفيليين الذين يعتبرون أحد أهم الأسباب المدمرة لبنية الزراعة الوطنية، وفتح الأسواق الخارجية أمام الفوائض من الإنتاج الزراعي لحساب المزارعين مباشرة، ووضع الخطط الكفيلة بانتقال الأردن إلى مرحلة إنتاج كل أنواع التقاوي ذات الجودة العالية لتغطية احتياجات الزراعة المحلية، ووضع الخطط الكفيلة بانتقال الأردن إلى مرحلة إنتاج كافة أنواع الأعلاف ذات الجودة العالية مما يلزم للإنتاج الحيواني المحلي، ووضع الخطط الكفيلة بتشجير كافة ما يمكن تشجيره من الأراضي الأردنية تحت شعار “الأردن الأخضر”. وكلها أمور ممكنة وسهلة وذات مردود تنموي عالي.د – النهضة الصناعية..* الموارد والثروات..نظرا لكون تحقيق الاكتفاء الآمن في كلٍّ من “الدواء والكهرباء والكساء والسلاح”، والذي هو بعدَ تحقيق الاكتفاء في موردي “الماء” و”الغذاء”، المُكَوّن الأساس المُكَمِّل لعناصر السيادة والاستقلال السياسي، هو في جانب هام من جوانبه حديث عن الصناعة، فلا شك في أن إلقاء نظرة علمية وواقعية مسنودة بالأدلة والبراهين على آفاق الصناعة، عبر التعرف على واقع الموارد والثروات الطبيعية الأردنية اللازمة لها، يعتبر أمرا ضروريا، بسبب أن الحكومات التي تعاقبت على حكم الأردن من “فريق التبعية” المنفذ لمتطلبات “الدور الوظيفي” للدولة الأردنية، وخاصة منذ تم التوقيع على تفاهمات واشنطن في مطلع تسعينيات القرن الماضي، انتهجت إزاء تلك الموارد، سياساتٍ تضليليةً تزويريةً كان الهدف من ورائها تخويف المواطن الأردني بتزييف وعيه عبر التأكيد له على أن بلده بلد معدوم الموار والثروات، وأنه كي يتمكن من العيش بسلام وأمان يجب أن يقبل بمبدأ المساعدات الخارجية وما يترتب عليها من تبعية سياسية تجبره على التنازل عن حقوقه الوطنية، وإلا فإنه سيموت حاجةً بعد أن أقنعوه قبل ذلك بأنه سيموت جوعا وعطشا، بإخباره بأنه لا يملك المياه الكافية لشربه وزراعتهٍ، وهو ما أثبتت كل الدراسات المتخصصة أنه غير صحيح على الإطلاق.فالأردن خلافا لكل خرافات الحكومات الأردنية السابقة وتقاريرها ومزاعمها، يعتبر متحفا جيولوجيا يزخر بأهم وأعظم وأنفس الموارد والثروات الطبيعية، وبكميات واحتياطيات تجارية هائلة تصلح لإنشاء صناعات استخراجية وتحويلية مجدية على نطاق واسع، تتيح له أن يتحول إلى دولة ترفل في رفاهية لا تقل عن رفاهية الدول الغنية بالنفط، بل وأكثر منها، عندما نضيف إلى تلك الموارد، الكفاءات العلمية التي تستطيع تحويل تلك الثروات الطبيعية، من موارد ذات مردود رَيْعي فقط، إلى موارد ذات مردود تحويلي وتركيبي أيضا، بنقل الصناعة في الأردن من مجرد الاقتصار على استخراج تلك الموارد وتعدينها، إلى العمل على تحويلها إلى مُرَكَّبات تدخل في الصناعة، بل إلى إنشاء صناعات تركيبية تستخدمها.تشير الدراسات الجيولوجية الحديثة التي أجرتها شركة “أتو جولد” في الفترة من “1961 – 1964″، والتي تبعتها فيها شركة “ب.ر.ج.م” سنة 1975، ثم شركة “سلترست” عام “1984”، فضلا عن الأعمال التنقيبية المتنوعة التي قامت بها “سلطة المصادر الطبيعية” في أكثر من منطقة جيولوجية على امتداد الأراضي الأردنية، وعلى مدى فترات زمنية طويلة، وهي الدراسات التي بقيت مدفونة في الأدراج بلا أي تفعيل، تشير إلى أن الأردن يحتوي على كميات واحتياطيات هائلة من المعادن والفلزات والموارد الطبيعية التالية.. “النحاس، المنغنيز، الحديد، الفوسفات، الصخر الزيتي، اليورانيوم والثوريوم والراديوم كمعادن مشعة، أملاح البحر الميت، رمال الكوارتز، الحجر الجيري النقي، الدياتومايت، التربولي، الزيولايت، الكاولين، البازلت”. وهي موارد طبيعية تمثل المدخلات اللازمة لإنتاج كافة مخرجات الصناعة الحديثة!!ومع ذلك فإن متابعة سياسة حكومات “التبعية” عبر خمسين سنة من عمر الدولة الأردنية، تطلعنا على واقع مرير من تزوير الوعي الجمعي للأردنيين وتضليله، بالترويج الدائم لمقولة أن الأردن دولة فقيرة بالموارد والثروات، وبألا مفر من أن يبقى قرارها السياسي مرهونا للقوى القادرة على تعويض هذا الخلل الطبيعي فيها. بل سوف نكتشف بمتابعة التاريخ الأسود لتلك الحكومات على صعيد التعامل مع هذه الثروات والموارد، أن هناك حرصا على تغييب هذه الحقيقة قدر الإمكان، إلى درجة أننا كنا على الدوام نستورد بأثمان باهظة ومرتفعة، ما كان بإمكاننا إنتاجه بمواردنا المحلية بأسعار أقل، وتصدير الفائض منه مُصَنَّعا ومحوَّلا، لرفد الناتج الإجمالي بثروات فائضة يمكنها أن تُحْدِث تنمية حقيقية في هذا البلد!!1 – النحاس.. يتركز “النحاس” في منطقة “وادي عربة” وتحديدا في كل من “خربة النحاس – الجارية”، و”فينان”، و”أبوخشيبة”. حيث تُقَدَّر الاحتياطيات الصافية منه بعد فصله عن المادة الخام التي يتواجد فيها، بحوالي “600” ألف طن متري في المنطقة الأولى. وبحوالي “271” ألف طن متري في المنطقة الثانية، وبحوالي “52” ألف طن متري في المنطقة الثالثة. أي بإحتياطي صافي إجمالي يتجاوز الـ “900” ألف طن متري. وهو ما يكفي لاستخدام النحاس في كافة الصناعات التي تحتاج إليه، بشكل آمن.2 – المنغنيز.. ويتواجد هذا المعدن مرافقا للنحاس في أماكن تواجده. ويقدر الإحتياطي الصافي منه بعد فصله عن المادة الخام المرافق لها بحوالي “130” ألف طن متري. وهو ما يكفي أيضا لاستخدامه في الصناعة بشكل آمن.3 – الحديد.. وقد استُغِلَّ هذا المعدن الإستراتيجي في جنوب “وادي عربة” وفي منطقة “عجلون” مرافقا لاستخدام النحاس منذ القدم. ويقدر احتياطي الحديد في المنطقتين المذكورتين بحوالي “2,5” مليون طن متري. وهو ما يصلح أن يكون موردا مناسبا لإقامة قاعدة استخراجية آمنة لصناعات حديدية تفي باحتياجات الأردن وتفتح منافذ تصديرية للصناعات الحديدية لا يستهان بها.4 – الفوسفات.. يعتبر الفوسفات موردا أردنيا بامتياز بالمقاييس العالمية، فحوالي “60%” من الأراضي الأردنية تحتوي على خامات “الفوسفات”. والأردن ثالث دولة مصدرة لهذا المعدن في العالم بعد كل من المغرب والولايات المتحدة، وهو خامس دولة منتجة له. أما الاحتياطي المؤكد من هذا الخام فيقدر بحوالي “1540” مليون طن. هذا ويعتبر الفوسفات الأردني الأجود في العالم بسبب احتوائه على “أكسيد اليورانيوم” بنسبة عالية تصل إلى حد “70 – 180” غرام في الطن الخام الواحد قبل السحق. وبالتالي فإن الاستفادة من هذا المعدن تتجاوز حدود بيعه خاما كما هو حاله في الوضع الراهن بأثمان زهيدة، ليصار إلى إنشاء صناعة تفصل فيه “أوكسيد اليورانيوم” عن باقي مكوناته، للاستفادة منه في توليد الطاقة وبناء المفاعلات النووية للأغراض السلمية.5 – الصخر الزيتي.. الزيت الصخري أو “زيت السجيل” كما يسميه البعض، هو زيت عالي الكثافة ويحتوي على نسب عالية من “النيتروجين”، و”الهيدروكاربونات الثقيلة”، وهو في الأردن يتميز باحتوائه على نسبة عالية من الكبريت تصل إلى “10%”. ومع أن عملية فصل الكبريت عن باقي مُكَوِّنات الصخر الزيتي غير مكلفة، لأجل استخدامه في صناعة الأسمدة الفوسفاتية، إلا أن كل حكوماتنا الرشيدة لم تفكر في أن تفعل ذلك، ومازل الأردن يستورد الكبريت من الخارج بأسعار مرتفعة بالقياس لكلفة إنتاجه محليا. فضلا عن ذلك فإن نسبة الزيت القابلة للتقطير من الصخر الزيتي الأردني هي نسبة عالية وتصل إلى “10%”. كما أنه يحتوي على نسب عالية من المعادن النادرة التي يمكن استخراجها بالتقطير غير المكلف وهي “الكوبالت، الكروم، النيكل، الفانديوم، الزنك، اليورانيوم، الفوسفور”. كما أن الرماد الناتج عن حرق الزيت الصخري يستخدم في “صناعة الإسمنت”، و”فرشات خلطات الطرق”، و”استصلاح الأراضي الزراعية”.ورغم أن “سلطة المصادر الطبيعية” قد أجرت دراسات على الصخر الزيتي المنتشر في كل مكان في الأردن مع شركات ألمانية وسوفياتية وصينية وكندية وفنلندية وأميركية وسويسرية، دلت كلها على أن كلفة إنتاج البرميل الواحد من النفط الناتج عن الصخر الزيتي لا تتجاوز الـ “15” دولارا، فإن الأردن ما يزال يستورد النفط بالأسعار العالمية المرتفعة جدا بالقياس لهذه الكلفة. فبدل أن يصبح الأردن بلدا مصدرا للنفط ومنتجا للدخل بسببه، فإنه يستنزف الثروة القومية ويرهق كاهل المواطنين بالضرائب جراء فاتورة نفط ترتفع عاما بعد عام.أما فيما يتعلق باحتياطيات الأردن المؤكدة من الصخر الزيتي فإنها تعتبر فلكية بالقياس لاحتياجاته من الزيت ومن العناصر الممكن استخلاصها منه. حيث تُقَدَّر بما مجموعه “100” مليار طن من المادة الخام، التي يمكن أن يستخلص منها ما مجموعه “100” مليار برميل من النفط، و”10″ مليارات طن من الكبريت. وتتبدى لنا ضخامة الرقم المتعلق بمردود الصخر الزيتي من النفط، إذا علمنا أن هذه الكمية تشكل ما نسبته “16,5%” من احتياطي العالم الذي يقدر المؤكد منه بـ “600” مليار برميل من الزيت مستخلصة من “600” مليار طن من الصخر الزيتي الخام. فإذا علمنا أن احتياطي العراق الذي يمتلك حتى الآن المخزون النفطي الأطول عمرا في العالم، يقدر بـ “280” مليار برميل من النفط، اتضحت لنا المكانة التي يمكن للصخر الزيتي في بلدنا أن يضطلع بها في تحقيق تنمية مُسْتدامة ونهضوية تنقل هذا البلد إلى مصاف الدول الغنية والمرفهة والمستقلة اقتصاديا وسياسيا استقلالا فعليا عن أي شكل من أشكال التبعية لمراكز رأس المال العالمي.6 – المعادن المشعة “اليورانيوم، الثوريوم، الراديوم”.. بعد أن أصبحت العناصر المشعة تكتسي أهمية كبيرة في توليد الكهرباء وتحلية المياه وتعقيم الخضروات والفواكه وفي الاستخدامات الطبية المختلفة، وإثر إظهار “سلطة المصادر الطبيعية” نوعا شكليا من الاهتمام بهذه العناصر، وبدئها بإجراء المسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوكيميائية لغرض البحث عن تلك العناصر في الأراضي الأردنية، تبين أن هناك تركيزا فوق عادي لعناصر مشعة هامة هي “اليورانيوم” و”الثوريوم”، و”الراديوم” تغطي مساحات واسعة من الأراضي الأردنية، مع أن تلك الدراسات توقفت عند هذا الحد، وأُنْفِق عليها من الأموال ما أُنْفق، لتوضع في الأدراج بلا أي تفعيل، وكأنها أجريت ذرا للرماد في العيون، وللتدليل على أن هناك حرصا رسميا على التعرف على آفاق الموارد والثروات الأردنية، للتغاضي بعد ذلك عن أي فعل تواصلي مع نتائج الدراسات التي لا تجري في العادة إلا لتحويل مخرجاتها العلمية إلى قواعد بيانات لإنشاء مشاريع واقعية تفيد البلد وتحقق التنمية، خاصة عندما تكشف تلك الدراسات عن آفاق مجدية لمثل تلك المشاريع. فاليورانيوم فضلا عن تمركزه مرافقا للفوسفات، فإنه يوجد أيضا وبتركيز عالٍ في مناطق انتشار الينابيع الحارة القديمة والحديثة. وقد قدرت الدراسات أن الاحتياطيات المؤكدة من عنصر اليورانيوم المشع القابل للتعدين من معدن الفوسفات وحده تزيد عن الـ “200” ألف طن متري. بالإضافة إلى ترسباته كخام في مناطق جنوب الأردن وشمالها ووسطها، وهي الترسبات التي قدرت الدراسات احتياطياتها القابلة للتعدين بحوالي “80” ألف طن متري. وهو ما يؤشر على وجود قاعدة تعدينية آمنة وكافية على المدى الطويل لإنشاء بنية تحتية لتوليد الطاقة الكهربائية، ولاستخدام عنصر اليورانيوم في كافة الأغراض السلمية التي تحتاج إليه، وعلى رأسها تحلية المياه من البحر الأحمر، ونقلها إلى أماكن استخدامها للأغراض المنزلية والصناعية والزراعية في الجنوب والوسط والبادية الشرقية.أما فيما يتعلق بعنصر “الثوريوم” المشع، فإنه يتركز في المنطقة الجنوبية من البلاد، إلا أن احتياطياته غير محددة وهي بحاجة إلى دراسات للتعرف عليها، مع أن المؤشرات الأولية للمسوحات المنفذة حتى الآن تدل على آفاق لا تقل عن تلك المتعلقة بعنصر اليورانيوم. وبخصوص عنصر “الراديوم” الذي هو من الناحية العلمية نتاج تحلل أحد عناصر اليورانيوم المشعة، فإنه يتواجد قريبا من اليورانيوم ومرافقا له في أماكن تواجد المياه الحارة، فضلا عن وجوده في الصخور الحاملة للعناصر المشعة مثل الصخر الزيتي. أما احتياطياته المؤكدة فما تزال قيد الدراسة والبحث، ولم تتحد بشأنها أي أرقام حتى الآن.7 – أملاح البحر الميت.. بداية يجب أن نعلن أن مجموع أوزان الأملاح الموجودة في البحر الميت تصل إلى قرابة الـ “43” مليار طن. وهي ثروة هائلة وفلكيىة من الموارد التي تدخل في استخدامات صناعية وزراعية تصعب على الحصر. وتتركز هذه الأملاح والمعادن بواقع “340” غرام في الليتر الواحد من مياه البحر، وهي “كلوريدات البوتاسيوم، المنغنيز، الصوديوم، الكالسيوم، برميد الكالسيوم، كبريتات الكالسيوم، الليثيوم، السيزيوم، الكوبالت، الكادميوم، الرصاص، الزنك، النيكل، اليود، اليورانيوم، المياه الثقيلة، الصخور الملحية”.الغريب في أمر حكومات “التبعية” أنها أنشأت شركة “البوتاس العربية” في بداية خمسينيات القرن الماضي، فيما بدا لاحقا أنه ذر للرماد في العيون، وكي لا يقال أن البحر الميت تستغله إسرائيل ولا نستغله نحن الأردنيون ونحن أولى بذلك!! ولكن الشركة إياها لم تبدأ في الإنتاج التجريبي من مادة “كلوريد البوتاس” فقط، إلا في العام 1982، أي بعد ثلاثين عاما من تأسيس الشركة!! ألا يدعو الأمر إلى التساؤل والاستغراب والريبة؟! لا بل كانت الخطة الخمسية الموضوعة للأعوام “1981 – 1985” تقضي بإنفاق “93” مليون دينار – وهو مبلغ كبير جدا بمعايير تلك الفترة، إذ يقارب الـ 300 مليون دولار أو يزيد – في مشاريع “شركة البوتاس العربية”، لإنتاج كل من “كلوريد البوتاس”، و”البرومين”، و”أكسيد المغنسيوم”، و”ملح الطعام النقي”. إلا أن الاستثمارات الفعلية تجاوزت الـ “200” مليون دينار – أي الـ 650 مليون دولار بأسعار وتبادلات تلك المرحلة – بالرغم من أنه لم يتم تنفيذ مشاريع “البرومين” و”أكسيد المغنسيوم”، و”ملح الطعام النقي”. والسؤال يبقى مطروحا. لماذا حصل ذلك؟ وأين ذهبت تلك الأموال. الجواب واضح لا لبس فيه، إنها دائما حكومات التبعية ومجموعات نهب المال العام!!8 – رمال الكوارتز.. يقدر الاحتياطي الأردني من “رمال الكوارتز” أو “رمال السليكا” كما تسمى أحيانا، بحوالي “13” مليار طن، موزعة على مناطق الجنوب حيث “رأس النقب”، و”قاع الديسي”، و”البتراء”. ويستخدم هذا العنصر الطبيعي الهام في صناعة “الألياف الزجاجية” وصناعة “الزجاج” و”الكريستال” و”البصريات” و”قوالب السكب” وفي صناعة “المطاط” و”البلاستك” و”الورق” و”الدهان” وفي صناعة “نوع خاص من الإسمنت المقاوم للمياه المالحة” وفي صناعات كيماوية مختلفة.
8 – رمال الكوارتز.. يقدر الاحتياطي الأردني من “رمال الكوارتز” أو “رمال السليكا” كما تسمى أحيانا، بحوالي “13” مليار طن، موزعة على مناطق الجنوب حيث “رأس النقب”، و”قاع الديسي”، و”البتراء”. ويستخدم هذا العنصر الطبيعي الهام في صناعة “الألياف الزجاجية” وصناعة “الزجاج” و”الكريستال” و”البصريات” و”قوالب السكب” وفي صناعة “المطاط” و”البلاستك” و”الورق” و”الدهان” وفي صناعة “نوع خاص من الإسمنت المقاوم للمياه المالحة” وفي صناعات كيماوية مختلفة.9 – الحجر الجيري النقي.. ويعتبر هذا النوع من الحجارة الموجود بكثرة في الأردن، حيث يقدر الاحتياطي المؤكد منه بحوالي مليار طن، من أهم الخامات اللافلزية التي تستخدم في أغراض الصناعة والزراعة. وهو منتشر بكثرة في مناطق “القطرانة” و”سواقة”، و”السلطاني”، و”الحسا”، و”الحلابات”، و”اللُّبَّن”. أما مجالات استخدامه فهي كثيرة منها، أنه عاملٌ مساعد لتسريع إذابة ومزج الحديد والألومنيوم والنحاس كسبائك، ويساعد على إنتاج الجير الحي ومختلف أكاسيد الصوديوم، وعلى إنتاج الإسمنت الأبيض والحديد والفولاذ والزجاج، وعلى تصفية السكر من الشوائب، وتنقية المياه، فضلا عن أنه يستخدم كمادة مالئة.10 – الدياتومايت.. ويتواجد في منطقة “قاع الأزرق” بإحتياطي مُعلن يقدر بحوالي “1250” مليون طن، ويستخدم في امتصاص السوائل، وكمادة صاقلة وحاكة ومنقية، وكمادة مضافة في صناعة الإسمنت والطوب العازل، فضلا عن استخداماته الهامة في صناعة المبيدات الحشرية.11 – التربولي.. ينتشر هذا الخام على طول الأودية التي تخترق المنطقة الجبلية الممتدة شرق حفرة الانهدام من جنوب البلاد إلى شمالها. ويقدر الاحتياطي المؤكد منه لمنطقتين فقط تمت دراستهما من مناطق تواجده على الخط الطولي المذكور، هما “الشهابية” و”العدنانية” بحوالي “20” مليون طن. ويستخدم بالإضافة إلى استخدامات “الدياتومايت” نفسها، كوسيط في تقطير البترول، وفي عمليات التسميت في آبار النفط، وكسائل مساعد في حفر الآبار العميقة التي لا تنفع فيها العناصر التقليدية، وفي صناعة السيراميك، وفي صناعة الغزل والنسيج.12 – الزيولايت.. يتواجد هذا الخام الهام في “14” موقعا تتمركز في منطقة “حرات الشام” شمال شرق البلاد، وفي منطقة “مكاور” في الوسط، بالإضافة إلى بعض مناطق الجنوب. ويقدر الاحتياطي المؤكد منه بحوالي “1,6” مليار طن. أما استخداماته فهي عديدة منها، تنقية مياه الشرب والمياه العامة من “الأمونيا” في المناطق السكنية وفي مرافق المدن المختلفة، امتصاص الروائح في أماكن تربية الحيوانات والمسالخ ومصانع تحضير الأطعمة، يضاف إلى الأسمدة العضوية لزيادة فعاليتها، يستعمل كسماد ومحسن للتربة بأنواعها، يستعمل في مجال تغذية الحيوانات، يستعمل كمجفف وكمانع لتكوين العفن في أعلاف الحيوانات، يدخل في تصنيع الأوكسجين النقي، يستغل في الطاقة الشمسية لتسخين وتبريد الماء، يستعمل لحفظ الرطوبة في الأتربة الزراعية، ويستعمل أيضا في تصنيع الطوب العازل.13 – الكاولين.. تظهر رسوبيات هذا الخام الذي يتكون من مجموعة من المعادن الصفائحية الهامة، في ثلاثة مواقع رئيسية في جنوب البلاد وهي “بطن الغول”، و”المدورة”، و”الحصوة”. فيما يقدر الاحتياطي المؤكد منه بحوالي “12” مليار طن متري. أما بخصوص استخداماته، فإنه يدخل في صناعة “السيراميك”، و”الإسمنت”، ويستخدم كمادة مالئة في صناعة “الورق” و”الدهانات” و”البلاستك” و”المطاط”، وفي صناعة “الأدوية”، وفي مواد مكافحة الحشرات والبكتيريا، وفي صناعة “الأسمدة الكيماوية”، وفي إنتاج الألياف الزجاجية.14 – البازلت.. يتواجد بكميات هائلة جدا في “حرات الشام” شمال شرق البلاد، وفي “ماعين” و”مكاور” و”الزارة” في وسط البلاد، وفي “تل برما” و”جبل عنيزة” جنوب البلاد. ويستخدم في صناعة الصوف الصخري، وقوالب السباكة، وأحجار البناء والزينة، وفي حصمة الطرق.* المشاريع والتطبيقات..في ضوء كل ما سبق من حقائق ووقائع وحيثيات ومؤشرات وإمكانات، فإن إحداث نهضة صناعية في الأردن تحقق الإستراتيجيات التي تم الحديث عنها فيما مضى يتطلب ما يلي..1 – فتح ملفات الفساد من بيعٍ وتأجيرٍ للأراضي، وملفات خصخصةٍ للمؤسسات العامة والثروات الوطنية، والعمل على استردادها بكل الوسائل المتاحة والممكنة والمشروعة، ومحاسبة القائمين على ذلك وبأثر رجعي.2 – تأسيس هيئة خاصة لمساءلة كل موظفي الدولة والتحقيق معهم على قاعدة “من أين لك هذا” عن مصادر أموالهم وممتلكاتهم، للتأكد من نظافة أيديهم من الانغماس في المال العام وحقوق الشعب، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في أي قضية من قضايا الفساد، والعمل على استعادة كافة الأموال والممتلكات التي آلت إلى كل فاسد وغير مستحق، لخزينة الدولة.3 – سن تشريع يلزم كل من يلتحق بوظيفة عامة في أي جهاز من أجهزة الدولة، أن يقدم وثائق مصدقة تثبت حالة ذمته المالية، لا فرق في ذلك بين موظف صغير وموظف كبير. على أن يضمن ذلك التشريع الاستمرار في متابعة الذمة المالية لموظفي الدولة من فترة إلى أخرى، لضمان الإطلال الدائم والمستمر على نظافة أيديهم وسلامتها من الولوغ في المال العام.4 – سن تشريع يحدُّ من حرية تحويل الأموال إلى خارج البلاد، ويربط التحويل باحتياجات حقيقية وبمبالغ منطقية، إذا كان التحويل خارج نطاق المبادلات التجارية والتبادلات الرسمية والنقدية الطبيعية، وذلك لضمان ألا تتسرب الثروة إلى خارج البلاد، ولإجبار أصحابها على استثمارها داخل حدود الوطن، لخلق فرص العمل والقيَم المضافة ولإنتاج السلع والخدمات الضرورية لاستهلاك المواطنين.5 – توجيه الاستثمارات المحلية بالدرجة الأولى والعربية بالدرجة الثانية والأجنبية بالدرجة الثالثة، نحو الصناعة التحويلية التي تكون الصناعة التعدينية جزءا منها. والعمل على التَدَرُّج في الاستغناء عن استيراد مدخلات الصناعة التحويلية من الخارج، بالتزامن والترافق مع النمو والتطور في الصناعة الاستخراجية المحلية التي ستحل بمنتجاتها محل المدخلات المستوردة لحساب الصناعة التحويلية بشكل كامل في غضون مدة زمنية تقررها الخطط التنموية الموضوعة. 6 – توسيع دائرة الحوافز الضريبية لتشجيع الصادرات الصناعية التحويلية، وذلك عبر منح الإعفاءات التالية..أ – إعفاء الأرباح الناشئة من التصدير من ضريبة الدخل.ب – منح إعفاءات ضريبية للصناعات التي تمتلك مراكز أبحاث وتطوير.ج – إعفاء الأرباح التي يعاد استثمارها والتي تكون ضمن سقوف الاستهلاك العليا من ضريبة الدخل.د – إعفاء نسب مئوية من أرباح المؤسسات التي تقوم بتأهيل كوادرها من ضريبة الدخل.7 – إسقاط ضريبة المبيعات عمن تكون دخولهم ضمن الحد الأدنى من الدخول، وفرضها بتدرجات منطقية متناسبة مع مستوى الدخول التي تزيد عن ذلك، بشكل يضمن أن يدفع الأكثر غنى ضريبة أكثر ارتفاعا. وتسن التشريعات الكفيلة بضمان التطبيقات السلسة والدقيقة لهذه السياسة الضريبية.8 – سن التشريعات الكفيلة بضمان السير بالاقتصاد الوطني ومستوى ناتجه الإجمالي إلى مرحلة حصول كل المواطنين على علاجهم وتعليمهم الجامعي بالمجان، وفق سياسة متدرجة تحقق ذلك الهدف بدون قفزات مربكة.9 – إعادة إنتاج مكونات الموازنة العامة السنوية للدولة بشكل يتيح تحقيق الأهداف التالية فيها.. أ – تقليص إجمالي النفقات العامة الجارية غير الاستثمارية، باقتطاع كل ما يمكن اقتطاعة من موازنات المؤسسات الأمنية والعسكرية وشبه العسكرية والإدارية ومن الوزارات المختلفة، بما لا يتعارض مع الإستراتيجيات الأمنية والإدارية العامة للدولة.ب – ضخ مبالغ جديدة ومتصاعدة سنويا، في موازنات المؤسسات الصحية والمؤسسات التعليمية ومؤسسات البحث العلمي، إما من خلال الاقتطاعات الحاصلة في موازنانات المؤسسات الأمنية والعسكرية وشبه العسكرية والإدارية المشار إليها سابقا، أو من خلال إحداث إضافات على موارد الموازنة العامة، بما لا يمس ولا بأي شكل بمستوى معيشة ذوي الدخول التي تراوح حول الحد الأدنى.ج – خارج إطار هذين التعديلين اقتطاعا وضخا، لا يتم إجراء التعديلات التي من شأنها إرهاق كاهل دافع الضرائب، إلا إذا رؤي أن هناك موارد حقيقية يمكنها أن تساعد على ذلك. أي يجب أن تتغير سياسات إقرار الموازنات، بحيث لا يصار إلى تحديد تفاصيل الموازنة وبنود الإنفاق والأموال التي تتطلبها، للبحث عن موارد لها بعد ذلك، حتى لو كان ذلك بإرهاق كاهل المواطنين والمستثمرين ودافعي الضرائب. الموازنات هي جزء من ناتج المجتمع الإجمالي، وبالتالي فإنها تتحدد بعد أن يتحدد هذا الناتج، وبعد أن تتم معرفة طريقة توزيعه على المواطنين وفق نظام تقسيم العمل السائد. ولا يتم الخروج على هذا النهج في اعتماد الموازنات وتحديدها وإقرارها إلا في حالات الطوارئ والكوارث والمستجدات التي تتطلب الإنفاق الفوري، وإن تطلب ذلك العودة إلى الشعب بشكل ما، على أن يتم تبرير ذلك، وتقليص الأضرار والضغوطات المترتبة على المواطنين إلى أقل الحدود الممكنة.د – توسيع دائرة النفقات الاستثمارية وفق سياسات مدروسة وخطط موضوعة بإحكام. وتحرص الدولة على أن تكون باستمرار شريكا استثماريا للمواطنين وللمستثمرين قدر ما تستطيعه وما تتيحه موازناتها العامة، على أن لا تتحدد هيمنتها على إدارة المؤسسات الاستثمارية إلا في ضوء رأس المال الذي تشارك به ونسبته من رأس المال العام لتلك المؤسسات.ه – البدء بقليص دور بند الاقتراض الخارجي في تكوين موارد الموازنة العامة عبر التقليص في نفقات الدولة، وليس عبر الانتقال في الاقتراض من “الخارج” إلى “الداخل”، إلا في الحد الأدنى وعند الضرورات. وذلك إلى أن يتم الوصول إلى التوقف عن الاستدانة الخارجية بالكامل. وتوضع لهذه السياسة معادلة تنطوي على أن يكون الاقتراض في كل سنة أقل منه في السنة التي سبقتها، وعلى أن يكون السداد في كل سنة أقل منه في التي سبقتها. إلى أن يتم الوصول إلى الانفصال التام بين الاقتصاد الأردني ومؤسسات الإقراض العالمية بكل أشكالها. وإذا كان بالإمكان التعامل مع معادلةٍ تقضي بالتوقف الفوري والتام عن الاقتراض وتلقي المعونات المشبوهة، إذا تم التوقف التام عن سداد الديون وفوائدها، فإن على الدولة أن تنتهج هذه السياسة، مُعَلِّقَةً سداد كافة ديونها، مُخْبِرَة كافة المؤسسات الدولية ذات العلاقة بهذه الخطوة، لتتعامل مع الأردن على أساسها.10 – العمل على إنشاء المفاعلات النووية للأغراض السلمية وعلى رأسها.. “تحلية مياه البحر الأحمر”، و”إنتاج الكهرباء”، و”الأغراض الطبية والعلاجية”.11 – إنشاء صناعة نفطية متكاملة قائمة على استخراج وتقطير الصخر الزيتي والاستفادة من كل مكوناته، على أن تحرص هذه الصناعة مادامت غير قائمة حتى الآن، على أن تقوم وتنشأ وفق الأسس التالية..أ – أن تكون صناعة صديقة للبيئة.ب – أن تكون صناعة تقوم على أُسُسٍٍ تحويلية لا تُصَدِّر النفط الخام إلا في الحدود الدنيا، فيما تعمل على تصدير مشتقاته والمركبات المصنوعة منه في مشاريع صناعية تنشأ لهذا الغرض. وعلى أن تكون تلبية احتياجات السوق المحلية بالدرجة الأولى هي الهدف الأساس من إنشاء هذه الصناعة.ج – أن تنشأ على هامش صناعة النفط هذه كافة الصناعات الرديفة والمرافقة لتغطية كافة الاحتياجات المحلية وفتح أسواق تصديرية لمنتجاتها، بدءا بالأسواق العربية.12 – تطوير وتفعيل الصناعات القائمة على استخراج أملاح البحر الميت.13 – إنشاء صناعات متكاملة تعتمد على منظومات الموارد والثروات الطبيعية الموجودة في الأردن، والتي تم ذكرها تفصيلا فيما مضى، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فيها بتقديم كافة الحوافز الممكنة له كي يستثمر في هذه القطاعات الإنتاجية.14 – انشاء منظومات متكاملة للطاقة البديلة وعلى رأسها طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على أن يتم تقليص احتياجات الأردن من الكهرباء المتولدة عن طريق النفط وغيره، بالتزامن والترافق التامين مع التطور في مستويات إنتاج الطاقة البديلة وخاصة الشمسية منها.15 – العمل على توفير صناعات تتمكن من إنتاج كافة قطع الغيار لمختلف الصناعات التركيبية المستوردة، مع العمل على الاستبدال التدريجي لتلك الصناعات بصناعات تركيبية محلية، إلا في حال الصناعات غير الإستراتيجية التي تكلف الاقتصاد الوطني استثمارات كبيرة لا داعي لها.16 – التوسع في صناعة المعلوماتية بكل مجالاتها وأبوابها وتطبيقاتها وآفاقها.17 – وضع قاعدة تقنية وتأسيسية لصناعة الأسلحة وطنيا، وخاصة كل أنواع الأسلحة الدفاعية والذخائر والقاذفات الأرضية والمقذوفات والصواريخ القصيرة والمتوسطة ومختلف أنواع المدافع والراجمات والمضادات الأرضية والجوية والبنادق والرشاشات، وكافة أسلحة المقاومة الشعبية وأسلحة الهندسة والاتصال. وابتكار أنواع جديدة من الأسلحة في هذا الإطار، بحسب الطبيعة الجيوسياسية للأردن في أي حروب محتملة في المستقبل، فضلا عن كل ما يلزم من معدات وأدوات الصيانة وقطع الغيار لمختلف الأسلحة المصنعة محليا أو المستوردة. مع تجنب إنفاق أموال على أي صناعة سلاح ثقيلة ومتطورة ومكلفة وتحتاج إلى تقنيات دقيقة جدا، فهي أنواع من الأسلحة لن يحتاج إليها الأردن بالمعايير والمقاييس العسكرية الإستراتيجية التي يفترض أن يتم تجهيز الساحة الأردنية والشعب الأرني لها للدفاع عن حياضه وأمنه وحرماته الوطنية.18 – التوسع في الصناعات الدوائية والغذائية بالشكل الذي يحقق الأمن الغذائي والدوائي للشعب الأردني بأعلى المستويات العالمية، بحيث يستغني عن الحاجة لاستيراد أي أنواع من الأدوية أو الأغذية الضرورية من الخارج.19 – تخطيط التعليم من الناحية الإجرائية بحيث يكون هناك تناسب وتوافق حقيقيين ومدروسين بين مخرجات التعليم ومدخلات السوق، هذا بعد إحداث كافة التغييرات المطلوبة في العملية التعليمية من النواحي الإدراية والمنهجية بما يحقق الإستراتيجيات المشار إليها فيما مضى. 20 – تطوير وتفعيل قطاع السياحة بما يتناسب مع التوجه القاضي بتسويق الأردن سياحيا على أوسع نطاق عالمي، مع تجديد عناصر الجذب السياحي والخروج من عنق زجاجة الفلسفة التقليدية لصناعة السياحة، والحرص على أن تتفتق الذهنية الأردنية عن آفاق إبداعية غير مسبوقة في أنماط التسويق السياحي للبلد تاريخا وطبيعة ومعالماً وحداثة. والنتيجة أننا بحاجة إلى ثورة وليس إلى إصلاح..من الواضح أن تحقيق مطالب الشعب الأردني في مجال منظومة “قواعد العدالة” بمعزلٍ عن تحقيق مطالبه على صعيد منظومة “قواعد الحرية”، أمرٌ مستحيل وغيرُ ممكن، لأن مطالِبَه تلك تمسُّ مساسا جوهريا البنيةَ الطبقيةَ للتحالف الكومبرادوري البيروقراطي، الذي ما قام ولا استمر ولا تغَوَّل على الدولة وعلى الشعب، مسنودا بالجهاز الأمني المتمثل في “دائرة المخابرات العامة”، إلا على أنقاض تلك المطالب التي أسهم غيابُها في وصول الدولة إلى ما وصلت إليه على جميع الصُّعُد. لا يمكن للشعب الأردني أن يوافقَ، ولا لقواه الحية أن تقبلَ في سياق الخروج من المأزق الذي تعاني منه الدولة، ومن الأزمات التي يعاني منها الشعب في منظومة “قواعد العدالة”، بأقل من تلك المطالب كاملة غير منقوصة، لأن ما هو أقل منها مما تطرحه الحكومات وتعرضه من حين لآخر في قوالبَ فضفاضةٍ من الوعود الهزلية إنشائية الطابع، ليس أكثر من حيلٍ متتابعة للإبقاء على التحالف الطبقي اللعين السابق مهيمنا على الدولة وعلى مقدراتها، وممعنا في رهن الشعب ومصيره لتداعيات “تفاهمات واشنطن” ومنظومة العلاقات الإمبريالية في المنطقة، عبر الدور الوظيفي التاريخي للدولة الأردنية. فالأردنيون لن يقبلوا بأقل مما ذكرناه، لأن أي شيء أقل من ذلك هو دوران في حلقة مفرغة من الأكاذيب والترحيلات التي لا تنتهي، لنواجِهَ الواقعَ المريرَ في المستقبل القريب بشكل أكثر حِدَّة، بعد أن تكون مآزقنا قد تراكمت بشكل أكثر تأزيما واحتقانا، بحيث لا يعود ينفع أسلوبا للحل عندئذٍ ما يمكن القبول به الآن. كما أن التحالف الطبقي إياه، لن يقبل بتلبية مطالب الشعب التي لخصناها فيما مضى، على أُسُسٍ إصلاحية، لأنه في واقع الأمر سيهدم نفسَه إن هو قبِل، ويُفَكِّك بنيتَه الطبقية تفكيكا نهائيا، كي يتمكن من التجاوب الفعلي مع هذه المطالب, أي أنه سيتحول إلى قائد لحركة التغيير الجذرية وينتحر. وهذا رهان خاسر، فما عودتنا الغيلان ولا تحالفات الطفيليين على مدى التاريخ، على أنها تتنازل عن مصالحها بهذا القدر من السهولة، متحوِّلَة فجأة لى مجموعة من الثائرين النبلاء.قد يقول قائل: إن تلك المطالب الشعبية على صعيد منظومة “قواعد العدالة”، يجب أن تتولى تنفيذَها ضمن برنامج سياسي تصل به إلى السلطة بطريقة ديمقراطية، فئةٌ من فئات الشعب ممثلَةً في قوة سياسية ماَّ أو في مجموعة قوى متحالفة ومتآلفة. وهو ما يعني أن البداية يجب أن تكون عبر تركيز الشعب الأردني مطالبَه في منظومة “قواعد الحرية”، لتصبح المسألة بعد ذلك مسألة تنافس برامج في ظل أجواء الديمقراطية للتعامل مع منظومة “قواعد العدالة”. وإذن فليتم إجراء التعديلات الدستورية وإصدار التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تحققَ ذلك، كي تكون البداية هي البداية الصحيحة والسليمة.ومع أن هذا الطرح هو الطرح الذي يطالب به الشعب الأردني وقواه السياسية، انطلاقا من وعيه بمسألتين هما: أن له مطالب جوهرية على صعيد منظومة “قواعد الحرية”، بقدر ما له أيضا مطالب جوهرية على صعيد منظومة “قواعد العدالة” دون فصل مطالبه في هذه عن مطالبه في تلك. وأنه يعي أن تحقيق مطالبه على صعيد “قواعد الحرية” هي البداية الصحيحة لتحقيق مطالبه على صعيد “قواعد العدالة”، لأن هذا هو منطق التاريخ ومنطق كل تغيير يتعاطى مع مشكلاتٍ كتلك التي يعاني منها الأردن.ولكن هذا التكييف الإجرائي للتعاطي مع مطالب الشعب الأردني وقواه الحية، يُعَقّدُ المسألةَ ولا يبسِّطها كما يتصور الكثيرون. لأن مطالب الشعب الأردني على صعيد منظومة “قواعد العدالة”، إذا كانت تتطلب تفكيكا فعليا لبُنية التحالف الطبقي المهيمن على البلاد والعباد، فإن مطالبًه على صعيد منظومة “قواعد الحرية”، تتطلب القدر من التفكيك ذاتًه لتلك الطبقة، بل ربما بشكل أكثر عمقا وتجذيرا وتأصيلا، لأنه تفكيك سيُحَوِّل تلك الطبقة إلى أطلال، من خلال إعادة إنتاج الحياة الدستورية للدولة بشكل يفقدُ تلك الطبقة قدرتَها على الهيمنة والتحكم في مفاتيح السلطة والثروة في هذا البلد بشكل كامل. فهي – أي تلك الطبقة المتغوِّلَة – أقدر على التلاعب وممارسة الحيَل والتلوُّن الحرباوي وممارسة التسويف والترحيل، وحصر مطالبَ الشعب الأردني في سياق الإصلاح والمرحلية، عندما تتعاطى مع حُزْمَة منظومة “قواعد العدالة” في تلك المطالب، منها عندما تجد نفسها مضطرة للتعاطي مع حُزْمَة منظومة “قواعد الحرية” في تلك المطالب. فالحزمة الأولى تفرضُ بطبيعتها التساهل في عنصر الزمن، وهو ما لعبت عليه وعزفت على وتره كل الحكومات السابقة على مدى عقود مضت، مُتَحَلِّلَة من تنفيذ أي وعد قطعته على نفسها، بل مستغلة عنصر الزمن لمفاقمة الأزمة الوظيفية للدولة، ولتعميق المأزق التَّبَعي لها. بينما الحزمة الثانية في مطالب الشعب الأردني، لا تتطلب سوى اتخاذ القرار والبدء بالتنفيذ، وهو ما لا يحتاج إلى أكثر من ستة أو تسعة أشهر، لنجدَ أنفسنا في بلد يحتكم إلى دستور ومنظومة تشريعات وقوانين متطورة في ديمقراطيتها ومستويات حرياتها السياسية المتاحة. إلا أن هذه العناصر ذات الطبيعة الطبقية والمصلحية في مُكَوِّنات الأزمة المستفحلة بين الشعب الأردني ونظامه السياسي، لا تمثلُّ إلا جانبا من جوانب التعقيد الذي أشرنا إليه. إذ أن هناك جانبا ذا طبيعة دستورية قانونية إجرائية يمثل مظهرا من مظاهر التعقيد في المسألة، لا يقل عن سابقه. فإذا شئنا أن نُدْرِجَ التجاوبَ مع مطالب الشعب الأردني المتعلقة بمنظومة “قواعد الحرية”، في بوتقةِ الأداءات الإصلاحية التي علينا أن نطالب بها النظام نفسه دون المساس بركائزه التي يقوم عليها، فهذا يعني أن حُزْمَةً من التعديلات الدستورية يجب أن يتم إجراؤها كي تتحقق تلك المطالب. وهنا مكمن العقدة، لأن مطالب الشعب الأردني فيما يتعلق بمنظومة “قواعد الحرية” تجاوزت إمكان اعتبارها مطالب من الممكن تحقيقها بإجراء تعديلات دستورية تتولاها المؤسسات الدستورية القائمة وفق الدستور ذاته وفي ضوء نصوصه ذاتها.إذ كيف يمكن لمجلس نوابٍ قائمٍ على قانون انتخابٍ يرفضه الشعب، مجلسُ نواب يعتبره الشعب ساقطَ المشروعية، منذ اللحظة التي اعتبر فيها القانون الذي قام على أساسه هذا المجلس قانونا باطلا وغير شرعي، أن يمتلك أي مشروعية لإجراء تعديلات دستورية؟ إن اعتراض الشعب الذي هو مصدر السلطات جميعها، واعتراض قواه الحية التي تمثل حراكه ومطالبه، على المؤسسة التشريعية، لم يعد منصبا نحو حالةٍ من حالاتها يراها مُزَوَّرَة، بحيث لو أن حالةً أخرى منها نتجت عن انتخابات غير مُزَوَّرَة فقد حُلَّت المسألة. كل مجالس النواب غدت غير شرعية، لأنها كلها تقوم على قانون فقد شرعيته برفض الشعب له، وإن تمسكت به كل المؤسسات الدستورية الأخرى وعلى رأسها مؤسسة العرش ذاتها.وكيف لمجلس أعيان يرفض الشعب بُنْيَتَه وطريقةَ تشكيله منذ اللحظة التي رفض فكرة التعيين ومبدأه، أن يكون مؤهلا لإجراء تعديلات دستورية، تنصب في بعض جوانبها نحو إلغاء مبدأ التعيين إلغاء تاما؟بل كيف يمكن لدستور يعتبره الشعب قاصرا في أسلوب إقراره لأي تعديل دستوري، أن يكون مؤهلا لأن يُعَدِّلَ نفسَه بنفسه؟ هل يمكن لمجلس نواب غير شرعي انتفت شرعيته بعدم توفر القبول الشعبي للقانون الذي قام عليه، ولمجلس أعيان غير شرعي سقطت شرعيته برفض الشعب لمبدأ التعيين، أن يلجآ إلى دستور يُكَرِّسُ طريقةً في التعديل سقطت شرعيتها شعبيا برفض الشعب لها.. هل يمكن لكل هذه المنظومة من “اللاشرعيات” أن تمتلك حق تعديل دستور لألغاء نفسها وشرعياتها؟ هل هناك هرطقة دستورية أكبر من هذه الهرطقة؟ بل هل هناك تجديف تشريعي أكثر من هذا التجديف؟على النظام الأردني بكامل مؤسساته الدستورية أن يحدد بادئ ذي بدء موقفَه المعلن والواضح من المبادئ التالية.. – هل أن الشعب الأردني هو مصدر السلطات كاملة في هذه الدولة، أم أن هناك من يشاركه في هذه المصدرية؟!- هل أن الشعب الأردني يرفض قانون الانتخاب الحالي أم أنه لا يرفضه؟!- هل أن الشعب الأردني يرفض مبدأ التعيين في مجلس الأعيان أم أنه لا يرفض ذلك؟!- هل أن الطريقة المعتمدة في نصوص الدستور الأردني لإجراء التعديلات الدستورية هي طريقة يرفضها الشعب الأردني في ظل وجود مجلسي نواب وأعيان يتشكلان بطريقة لم يعد يقبلها أم لا؟!إذا كانت إجابة النظام ومؤسساتِه على تلك الأسئلة أو على أي سؤال منها بـ “نعم”، فقد اعترف ضمنا بأن كل الشرعيات الدستورية قد أسقطها الشعب، وأن عليه – أي النظام – أن يتجاوب مع مطلب الشعب بإنتاج شرعية دستورية جديدة وفق الأصول والإجراءات التي يعتمدها البشر عادة لإنتاج الدساتير الجديدة. أما إذا كانت إجابة النظام على تلك الأسئلة مجتمعة بـ “لا”، فهذا يعني أنه ما يزال يغرِّد في سرب غير سرب الشعب، ويرفض التجاوب مع المطالب الشعبية في منظومة “قواعد الحرية”، ويسهم بإرادة ووعي كاملين منه، في تأزيم المأزق، وفي تفعيل الاحتقان، وفي الدفع به إلى حيث لا يأمن العواقب أحد.إننا إذن بصدد ثورة وليس إصلاحا. مطالبُ الشعب الأردني لا يمكنها أن تتحقق في سياق الدلالات الإصلاحية، بل في سياق الدلالات الثورية. ولكن ما تزال أمام النظام الأردني ممثلا بالدرجة الأولى في “مؤسسة العرش” التي نؤكد على أن اثنين من الأردنيين لا يختلفان عليها من حيث ضرورتُها وسموُّها ومرجعيتُها الرمزية.. نقول.. ما تزال أمام هذا النظام، ممثلا في تلك المؤسسة، فرصةٌ لإنقاذ الوطن من الانزلاق إلى الهاوية، بأن تقودَ هي بنفسها تلك الثورة، ثورة التغيير لتحقيق مطالب الشعب الأردني كاملة غير منقوصة، فقد وصلنا إلى مستوى محلي وإقليمي ودولي لم يعد ينفع معه الترقيع والترحيل. على “الملك” الذي يمثل مضمون وجوهر “مؤسسة العرش” أن يثورَ برفقة شعبه على هذا النظام الذي لم يعد يلبي مطالبَه، كي يعيد إنتاجه برفقة هذا الشعب، على أسسٍ دستورية جديدة، تُبقي على الأردن بثورته البيضاء هذه، بلدا ملكيا دستوريا برلمانيا وراثيا، يحفظ للرموز رمزيتَهم، ويعطي للشعب حقه، ويسترجع من كل من نهبوه وسلبوه ورهنوه كامل مسروقاته الدستورية أولا ثم كامل مسروقاته الاقتصادية لاحقا. فليتقدم “ملك” الأردن طليعة شعبه الراغب في التغيير السلمي والسلس، وليعمل برفقة قواه الحية على تكوين “جمعية تأسيسية” لإنتاج دستور جديد وفق الأصول المرعية في أرقى الدول الديمقراطية، يُعرض على الشعب الأردني في استفتاء عام، بعد أن يتم بناؤه على النحو الذي يلبي مطالب الأردنيين كما باتت واضحة للقاصي والداني. وليعمل “الملك” أيضا على إنتاج قانون انتخاب جديد قد يكون ملحقا بالدستور أو مستقلا عنه، ويُعرض على الاستفتاء الشعبي العام مع الدستور، كي يُصار إلى البدء بإنشاء المؤسسات الأردنية الجديدة على أساس هذا الدستور وذلك القانون. ولتعلم “مؤسسة العرش” أن أي تأخير في تحقيق هذه المطالب ليس لصالح أحد على الإطلاق، ولن يكون المستفيد منه إلا أعداء هذا الشعب وماصو دماء هذا الوطن من تلك الفئات الطفيلية المتحالفة والمتغوِّلَة ضد مصالحه على مدى عقود مريرة من عمر هذا البلد. أما إذا خرج علينا وعلى “مؤسسة العرش” من يتجرأ على القول بأن ما أشرنا إلى أنه غدا خياراتٍ شعبيةً، ليس كذلك، ولا يخرج عن كونه وجهات نظر معزولة لا تؤيدها سوى فئات محدودة من الشعب الأردني، فليس أمام “مؤسسة العرش” إلا أن تقوم بنفسها وبمنتهى الوضوح بمطالبة الشعب بالتعبير عن موقفه من الثورة التي ندعو إليها عبر الشارع والتظاهر السلمي. والشعب نفسه عندئذٍ هو الذي سيثبت إرادته إن كانت مع الإصلاح المحدود الذي تُرَوِّج له فلول التحالف الطبقي الذي أشرنا إليه، أو مع الثورة التي تحدثنا عنها في دراستنا هذه، وما على مؤسسة العرش بعد ذلك إلا أن تسير مع الشعب حيث سار، وأن تقود مطالبه وتتقدم صفوف ثورته، غير مبالية بأيٍّ من عناصر ذلك التحالف الطبقي البغيض أو ذيوله وامتداداته.