www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

من قصص الأديبة /ريمه الخاني

0

انتفض من نومه فزعا ً…صارخا بصوت ٍ عال ٍ مرعب: -قتلتها نعم قتلتها لأنها قتلت أخي في ذاك اليوم الأسود

رأس الأفعى….

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

انتفض من نومه فزعا ً…صارخا بصوت ٍ عال ٍ مرعب:
-قتلتها نعم قتلتها لأنها قتلت أخي في ذاك اليوم الأسود…
هرعت إليه أمه ُ مستغربة من تصرفه ِ المفاجئ..وذهنها عالق مازال َ في قضاياها مع ضرتها التي تهادنها مرغمة ,و كي تكسب َ حب زوجها الصعب المراس…
فكرُ ها مشغول ٌ دوما ومشوش كالزمن العاري الذي لا يقر بالحقيقة المرة…نعم هي خطفته منها..دخلت حياتها بطريقة غير شرعية وصارت الأقرب! ..
-مالك يا بني خيرا خيرا ً أهو كابوس مزعج ٌ من جديد؟
– آه يا رأسي , نعم يا أمي أكاد اختنق.. أكاد أموت فزعا ً..
-هل هي الأفعى ذاتها؟ ذات الرأس الكبير البشع؟
-نعم هي , أنا رأيت نهايتها .. قتلتها قتلتها بيدي الاثنتين ..
-هل هشمت رأسها؟لأنه أمر لا تحمد عاقبته في منطقتنا..فحقدهم دفين دوما لا ينتهي ولا يكل ولا يمل..أحيانا كثيرة ندفع ثمن غلطتنا دما وروحا غالية, ذكرتني بأ بي متعب مختار قريتنا الصغيرة كان لا يصاحب إلا أصحاب الأعمال الكبيرة ومؤسسيها الكبار,كي يكسب إلى جانبه كوادر تنصره وترفده ويكسب المؤسسة ويضعها كلها في جيبه لاحقا,تعلم يا بني تعلم ولاتكن مثاليا بسذاجة..
-. لست متاكدا ..لكننا رحلنا إلى مدينة أخرى…و أظن أن هذا يكفي …
صحيح ..لكن لم لا يكون العكس؟ لم لا يكون كبار تجار المنطقة يبحثون عن منافذ لهم عبر المختار وأمثاله؟
– آه نعم صحيح الأمر في الحالين ممكن الحدوث , على كل ٍ الموضوع انتهى …رغم الخطر الذي تركته للأهالي هناك…
-لا أظنها ورائي أو أنها ستلحق بي , كيف ستقطع كل تلك المسافات الشاسعة ,كيف نزرع الخوف في جنبينا من فكرة أسطورية! وقصص الرخ والبومة , بكل الأحوال يجب أن أجدها وأقتل رأسها …كانت غلطتي الوحيدة نعم ..وغلطة الشاطر بألف دوما كنت دقيقا في تخطيطي إلا هذه المرة كان حزني على أخي يحرقني يؤلمني حتى الصميم وهو يتلوى أمامي وأنا عجزت عن إنقاذه عندما أتيته متأخرا..
-وهذه المرة كانت أهم كل المرات, لا تذكرني بتلك الأيام الخوالي التي ذبت فيها ألما لفراقه, كله لغيابي وجلبي بعض الخضار لأبوك من الحقل وهانحن الآن لا نراه إلا قليلا , يا للسخرية والألم,كان زينة أهل الحي وأفضلهم..هل كنت تغار منه؟
– سامحك الله يا أمي لكل صفة وطباع اختارها الله له, بكل الأحوال ,كان يجب أن تكون نهايتها حاسمة وقاطعة..
اشرب كاس الماء هذا واستعذ بالله ,واهدأ لعل الأمر عارضٌ نفسيٌ فقط…وكل ربك يا بني هو عالم بالحال …خرجت من الغرفة وهي منشغلة البال أكثر وأكثر محمرة الوجه مضطربة النظرات , وهي تتلفت إلى الوراء وتغلق باب الدار بإحكام بحركة لاشعورية..
-لا أعرف في عمري قط أن حيوانا لحق بغريمه أو صاحبه سوى الحمام الزاجل
-مؤكد هناك غيره , فغريزة الحيوان قوية وليست مثلنا .
-ربما ..لا تدخل متاهات الأساطير أرجوك …لا أحبها معظمها كذب وتسخير لغايات من ابتكرها تارة تكون غايات شريفة مبررة وكثيرا جدا ملوثة بعاهات عصرها..
-نعم
عاد لنومه معتدلا في استلقائه وكأنه ارتاح قليلا ونادى من سريره:
-أمي أعدي لنا فطورا فانا جائع جدا
حاضر يا احمد…
بعد دقائق قليلة ,امتد رأس من بعيد…نفذ من شباك الشرفة الموارب بابه….ليسمعا صراخ ولحاق أهل القرية…

أم فراس 12-12-2010

 **********************

الزواج بالتزكية…
لم أكن أتوقع يوما ما أن ملائكة الرحمة ستعاني من قلة الرحمة!,أن تكون ضحية زمنها الغادر المتسلط, أن يبول في العراء ويعري مظهره العاري أصلا!,ويجتر الوهم , ويبحث عن الضياع في ضياع!
خرجت ُ من قريتي من عشر سنوات ٍ خلت, مرغمة وقد انتزعوني من نعيم الفقر إلى مجتمع يشعرني بفقري أكثر!إى مجتمع كبير كبير أجد نفسي فيه قطرة تائهة بين شمس الظهيرة وبرد المساء!
أعاني قلة الزاد ووحشة الطريق…فوجدت الانتساب لمدرسة التمريض أقصر السبل لحل معضلتي فأنام وأبات فيها بعيدا عن مسقط رأسي في الريف, وصوت والدي يهدر كالصاعقة في أذني:
-صار عليك الآن أن تبحثي عن عمل ترفدي به عائلتك المحطمة لم يعد بي طاقة على تحمل نفقاتكم المتزايدة يوما بعد يوم…
سنوات عشر وأنا اجتر غربتي بصمت وحذر وخوف أن يضيع مني غال حتى أضمن طريق العودة بسلام…أكابد مرارة الوحدة مع كل هذا العدد من الفتيات,اكتب مذكراتي الدامية وأشعر بقلة ذات اليد ,وأجوع يوما وأتطفل أياما على موائد صديقاتي الذين كان يرسل لهم ما يكفيهم من أرض سخية بخلت على أهلي بخيرها حينها!
و اختلط الدمع بدمي وبات قمحي براعما ستزهر يوما ما…وما جعلني مرفوعة الرأس بياض صفحتي ونقاء سري وسريرتي…أرى كل يوم تهاوي صديقاتي في براثن العبث والقذارة الأخلاقية وأبكيهم لأني فقدتهم فعلا….بقي سؤالي عالقا في شفة القلب:
-هل الابتعاد عن الرقابة الأبوية يسوغ كثيرا من الأخطاء على سبيل التجربة؟
لا تجربة في مسار الأخلاق هكذا حرصت والدتي على تعليمي…حتى كأني أسير في الطريق ولجام الخلق في حلقي يمنعني حتى بالتلفظ بما لا يليق….
-غريب أمر تلك الفتاة..
نعم وأنا سعيدة بغرابتي…
كنت أعتقد أن تلك السنوات كفيلة بتأجيج أشواق إخوتي ووالدتي ليزورونني في عالمي الجديد هذا!!
ليباغتني والدي بزيارة مفاجئة يلقي قنبلة حارقة يخبرني فيها بوفاة والدتي ….
-يا الله…كيف سولت لكم أنفسكم ان تخفوا عني هذا الخبر الحزين الصاعق؟والدتي توفيت ولم ترني! ولم أرها يا الله…كانت رسائلها المكتوبة باللغة العامية تسعدني وتريحني..فكيف فعلتموها أجيبوني؟
-هذا ما حصل لقد كان الأمر سريعا جدا…أتتها جلطة في يديها ثم استفحل الأمر وبدا الشلل يسري في جسدها ولم تكن احتمالات نجاح استئصال الورم في المخ مرتفعة فكان لزاما علينا ان نستقبل القضاء والقدر بصدر رحب وتسليم…
تذكرت حسام …نعم حسام الذي حفظني وحفظته..ونوى تحدي أهله في الرغبة بالزواج مني وهو المخملي الطلعة والحياء والحياة!
-ابن عمك طلبك مني , وكذا أولاد عمك الباقون ,وقد وعدتهم وعليك الاختيار بينهم ..لامناص..
-كيف هذا يا أبي وهم لا يقرؤون ولا يكتبون …وإن كانوا فلي رأيي وكياني لقد شكلت نفسي من جديد نعم أنا أصيلة, وحافظت على نفسي جيدا لتضيعوها اليوم ؟لا تنس ؟إنني قسّمت لقمتي نصفين ولم أتواني عن دعمكم يوما…فكيف؟..
-لا تخرجي غضبي رغما, ولا تكسبي غضب والدك الآن ..قضي الأمر..
– لا لم يقض بعد ,أنا بشر , أنا كيان كامل …اترك لي الخيار…
-سوف تأتين معي الآن
-وعملي وظروفي؟
-لامناص ولا هروب بعد الآن , يكفي ما قمت به لم يعد بنا حاجة له الىن, سوف تسعدين بهم فلديهم ما يغنيك عن العمل ,تعالي وإلا ..
ورفع يده في وجهي,وكأن التزاما حارقا هب فجأة وملوحا أمامه , يقيد معصمه وفكره العجوز….وكان ورطة لفت حبل حياته وشدته بقسوة…
هطل دمعي غزيرا…وابتعدت عنه وكأنني اهرب من شبح آت بفجيع!ارتطمت بخزانتي …ثم كتبي ورأيتني أترنح بسذاجة…
فوجدت رأسي تدور والكون يدور وكل أوراقي تتناثر حولي ومذكراتي تتمزق دون أن أراها جيدا…
لأفيق في المستشفى ويقول لي حسام
-الحمد لله على السلامة ياحبيبتي …
أم فراس 22-2-

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.