www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

المفرقعات للتفريغ والتعبير/عودة عريقات

0

ربما وجد قسم من الشباب ضالته في المفرقعات لتفريغ شحنات الغضب والإحباط من الظروف التي آل إليها الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب قهر الاحتلال والمظاهر الغير طبيعية المتولدة نتاج ذلك،

   المفرقعات  للتفريغ والتعبير
  ربما وجد قسم من الشباب ضالته في المفرقعات لتفريغ شحنات الغضب والإحباط من الظروف التي آل إليها الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب قهر الاحتلال والمظاهر الغير طبيعية المتولدة نتاج ذلك،                          
 وأصبح التعبير عن الفرح في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يستكمل شروطه ولا يأخذ مداه في التعبير إلا بإطلاق الشباب للمفرقعات المولد انفجارها  للأصوات القوية والمولدة أيضا للإضاءة ذات الألوان المختلفة وأمست عادة أو طقسا لا  يستثنيه إلا القليل من الناس،
بالرغم من  خطورة المفرقعات المصنعة  بإنتاج إسرائيلي أو مستوردة من الصين وغيرها من الدول المصنعة مع ارتفاع أسعارها إلا أنها أصبحت سمة  من سمات وعلامات المناسبات المعبرة  والمعلنة عن الفرح حتى أمست عادة مميزة ومتداولة ومتكررة  لدى فئة الشباب من الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة ،
 وعند إطلاقها وسماع صوتها المزعج فهي إشعار للغير بوجود مناسبة  وتعكس الابتهاج والفرح والسرور لدى مطلقيها وهي تطلق ابتهاجا لخروج أسير إلى الحرية وتطلق تعبيرا عن الفرح بالنجاح وخاصة النجاح في الثانوية العامة وتطلق ابتهاجا وسرورا بالأفراح المختلفة  وخاصة مناسبات الزواج،
وحتى في الأعياد (عيد الفطر وعيد الأضحى) هناك من يعبر عن سروره بالعيد من خلال إطلاق المفرقعات وخاصة عند فئة الأطفال الصغار تحت سن الخامسة عشرة ولا وقت محدد لديهم لإطلاقها،
وتأتي بديلا لإطلاق النار من الأسلحة  النارية بالذخيرة الحية  في المناسبات وخاصة مناسبات الزواج كما كانت العادة عند الرجال قبل احتلال بقية الوطن الفلسطيني ،
وتشكل خطرا في استعمالها وخاصة عند فئة المراهقين الصغار بسبب الجهل بمخاطرها وسوء الاستعمال وابتداع أساليب إطلاق مختلفة لذلك وعدم أخذ الحيطة والحذر اللازمين عند إطلاقها،
ووقعت حوادث كثيرة لمطلقيها من الشباب تسببت بفقء العين أو بتر الأصابع أو تشويه الوجه بالإضافة لصوتها المزعج وما يسببه من هلع لدى الأطفال حديثي العهد وترقب وقلق من مختلف الناس خاصة عند إطلاقها في ساعات متأخرة من الليل ،
ولكن ما هو سر هوس الشباب في إطلاق المفرقعات وهل للبيئة المحيطة تأثير على ذلك  وما يعكسه الاحتلال من قهر واضطهاد هل هو من المسببات التي حقنت الشباب الفلسطيني  بالحنق والغضب على واقع مرير ومستقبل غير معلوم الملامح مما يدفعهم  للتفشش في إطلاق المفرقعات وبحجة مناسبة ما من مناسبات الفرح،
وهل تعتبر بديلا لشيء ناقص لدى فئة كبيرة من الشباب يرغبون فعله في ظروف الاحتلال الصعبة والمهينة ولا يستطيعون ذلك بسبب ظروف مختلفة فوجدوا في المفرقعات ملاذا وتنفيسا عن حنقهم لأن فيها نارا وفيها أصوات تشبه الإنفجارات،
والشاب أو الفتى المطلق للمفرقعات هل يقلد غيره من مطلقي المفرقعات أو  يعبر عن الفرح والسرور أم أنه يفرغ شحنات الغضب المحتقنة لديه بواسطة الإطلاق أم أن إطلاقها بمثابة إعلان وإعلام الغير عن الحدث الذي أطلقت بسببه المفرقعات،
 رغم أن هناك فئة غير قليلة من الشباب غير مبالية بالأوضاع الراهنة وتعيش يومها وتطلق المفرقعات تعبيرا عن تمردها  ومخالفتها للمألوف من عادات وسلوك،
وبالرغم أن المفرقعات تطلق من قبل أفراد في مختلف دول  العالم تعبيرا عن الاحتفال بالمناسبات المختلفة والابتهاج والمتعة والتسلية إلا أن ظاهرتها متفاقمة وتزيد في المجتمع الفلسطيني مع واقع الاحتلال الإسرائيلي،
وإطلاق المفرقعات في المناسبات المختلفة هل ترسخت كعادة طبيعية أم أنها حالة نفسية طارئة ومستمرة بحاجة للبحث من قبل الأطباء النفسيين ومساعدة علماء الاجتماع  لدراستها وتحليل أسبابها ووصف علاجها ،
أم أن السبب الرئيس هو فرض التعايش القسري مع الاحتلال بظروفه الصعبة و بالقوة على الشباب وبقية الشعب الفلسطيني مما يدفعهم للبحث عن منفذ للتنفيس عن سخطهم وفرحهم الممزوج معا من خلال إطلاق المفرقعات،
وأيا كان السبب في إطلاقها إلا أنها توحي بأنها إنذارا لما يجري من قهر وظلم مستمر  وتمرد على وضع مغلق الأفق وما يتبعه  من أفعال مضادة  لاضطهاد الاحتلال لأن البغاة في أرضنا فعلا  إستنسروا  واستكلبوا وتجاوزوا كل الحدود،
وأجيال متعاقبة مرت منذ النكبة وأجيال  تبدأ  خطواتها ولكن  أفق الفرج ما زال غير مرئي  وغير محدد ، ولكن  ما في القلوب من إيمان وأمل بالله  وبعدالة القضية والنصر في يوم ما قادم إنشاء الله ،هو ما يصبر الأجيال على مرارة الاحتلال،
وإذا كان في إطلاق المفرقعات ضالة الشباب لتنفيس ما في نفوسهم من كبت وغل وعدم رضا عما يجري من أحداث يريحهم نوعا ما فلا حول ولا قوة إلا بالله،
فلتنطلق  المفرقعات ما دام فيها بلسما لنفوس الشباب من القهر والظلم والكبت والفاقة والحاجة ومن ضبابية الرؤيا لمستقبل آمن أو وعد  بالحرية  وازدهار قريب  والتمني بعدم خذلان من أولي الأمر في الوحدة والمصالحة ومعالجة الأمور،
ولكن المحزن أن الحالة النفسية لشباب الأرض المحتلة عبر العقود الماضية من زمن الاحتلال لم تسعفها حرب تخلصهم من الظلم والاحتلال وأيضا لم يسعفها  سلام عادل طال انتظاره ،
  حتى وجدوا ملاذا في تفريغ شحنات عواطفهم المختلطة بوسيلة تشكل نوعا من البلسم المفضي  والمخفف للكبت والقهر  من خلال  إطلاق المفرقعات لتفريغ شحنات الغضب المكبوتة لديهم،
وأنواع الفرح التي تنتاب أفراد الشعب مختلفة ودرجة تأثرهم  بشعور الفرح مختلفة حسب العامل المسبب للفرح ودرجة تفاعل الشخص الذي عاش المناسبة وتأثر أقربائه وأصدقائه بالحدث  ومشاركتهم له بشعوره ومناسبته المفرحة،
ولكن هل هناك فرح حقيقي نابع من القلب رغم المآسي العامة الناتجة عن الاحتلال ويعيشها الشخص نفسه صاحب المناسبة وأقرب المقربين إليه أم أنه  فرح مصطنع بسبب خلجات الألم والحزن المكبوتة في النفس وتخرج الفرح مشوها ،
والتعايش الطويل مع الاحتلال المفروض ضد رغبة الشعب الفلسطيني دفع الناس للتأقلم  مع المناسبات السعيدة لأن حياة الإنسان مجموعة أنفاس وأيام  وسنين محدودة ولا يستطيع تأجيل الفرح حتى تتبدل الظروف حتى لو كان فرحه مصطنعا،
ويمر عيد آخر وبمذاق ورونق مختلف عن العيد الذي سبقه فلم يعد العيد موجودا بسروره وفرحه في حدقات أعين الصغار ولا نرى بهجته على تقاسيم وجوه الكبار فكلما مر عام آخر على الاحتلال يضمحل رونق العيد  ويزيد بهوته   وينخفض الضياء في وجوه الأطفال الصغار والكبار،
ورغم ذلك يستشف من شعور مطلقي المفرقعات أنهم يرون في إطلاقها  لحظة تحدي يرضي نفوسهم  ويريحها ولو مؤقتا خاصة عند الفتية الصغار وهم أكثر المتضررين من خطرها  في المجتمع الفلسطيني،
 وإذا  كان إطلاق المفرقعات يعبر عن شعور بالفرح  و يعبر عن تفريغ للغضب والحنق المكبوت  فإن الحالة النفسية والاجتماعية التي تدفع الشباب لإطلاق المفرقعات بحاجة لعلماء الاجتماع والنفس والسلوك لدراسة الحالة لأنها متفاقمة وبازدياد وأصبحت تسبب إزعاجا للناس وتشكل خطرا على مطلقيها ويجب حظر المفرقعات الشديدة منها والتي تشكل خطرا على الأطفال ومنع استيرادها وبيعها.
 
20/11/2010                      عودة عريقات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.