أيام معدودة ويأتي اليوم الذي يحتفل المصريون بذكرى ثورتهم المزعومة ال25من يناير بعد أن أحتفل التونسيون بذات الحدث والذي ينتظر اليمنيون لقدوم يوم من الشهر القادم كي يحتفلون ولو من باب المكابرة والتقليد بذات الحدث وأيضا الحدث في ليبيا وسوريا
((عامٌ من الفوضى))
بقلم د.يوسف الحاضريAlhadree_yusef@hotmail.com
– أيام معدودة ويأتي اليوم الذي يحتفل المصريون بذكرى ثورتهم ال25من يناير بعد أن أحتفل التونسيون بذات الحدث والذي ينتظر اليمنيون لقدوم يوم من الشهر القادم كي يحتفلون ولو من باب المكابرة والتقليد بذات الحدث وأيضا الحدث في ليبيا وسوريا وكل هذه الأحداث والتي حصلت في أرض العروبة والإسلام خلال العام المنصرم 2011م والتي كانت سلبياتها وخرابها ودمارها أكثر من إيجابيتها ومحاسنها والتي أثر الإعلام العميل المدمر على إظهار المحاسن وتغافل – عمدا وعمالة – عن المساوئ ,,, وعندما نتكلم عن محاسن ومساوئ هذا العام والذي أطلقت عليه رأفة (عام من الفوضى) فالمحاسن ربما لن تتجاوز بضع كلمات قد يتفق معي العامة وقد يختلفون وتنحصر فقط في (تخلص بعض الشعوب من حكام طال مكوثهم في الحكم وغرس رؤية وثقافة وفكرة بأن هذه المناصب كما قال عنها خير البشر صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ذات يوم “يا أبا ذر لا تطلب الإمارة فإنها يوم القيامة خزي ومهانة” وبعد هذه الإيجابية والتي أيضا أتحفظ في ذكرها ولكن أقولها من باب الإنصاف لذوي القلوب المرجفة والضعيفة كي يستمروا في مواصلة القراءة لهذا المقال فإن السلبيات التي عمت هذا العام عديدة جدا وكثيرة سواء مساوئ ظهرت أو مازالت تظهر أو ستظهر لاحقا وسألخص بعض منها في عدة نقاط ربما تكون الأهم وربما لا ولكن من باب التوضيح لماذا أطلقت على عام2011م عام من الفوضى والخراب والدمار وهذه الفوضى تلخصت في الآتي :
-1. الجانب الديني :
— كنت إلى ما قبل هذه الفوضى الخلاقة أحدث نفسي عن سر تكرار الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام موضوع “الدجال” وقدوم الدجال وفتنة الدجال وتخويفنا منه والتشديد على التعوذ منه وإظهار علاماته رغم أن الأمر محسوم (حسب رؤيتي وتحليلي السابق) كوننا أمة مسلمة ومؤمنة ودرسنا علامات الدجال كاملة وأول ما يظهر لن يكون من الصعوبة تحاشي أي مسلم عن الوقوع في فخه ,,, غير أن أحداث 2011م أظهرت لنا جميعا خطأي التام في هذا الجانب وهذه الرؤية فجزء كبير من الشعوب خاصة “النساء” انجروا خلف وانجرفوا بعد الأحداث هذه وفتنها وزينتها ومدبروها ومخططوها دون وعي أو فكر أو حسبان مما ينذر أن الدجال وظهوره سيكون كارثي كما حذرنا منه سيد الخلق أجمع وسيدخل كل المدن في الجزيرة العربية باستثناء (مكة والمدينة) ,,, فظهر في الوسط العربي الكثير ممن تجاوزت أعمالهم وأقوالهم كل حدود الدين والعادات والتقاليد المنبثقة من الدين فظهرت لنا نساء فاجرات بغيضات يقدن حملات التحرير والتطهير والرفعة والكرامة للإنسان العربي (كرؤية مضحكة ومبكية في آن واحد) بل أن الأمر وصل إلى حد التسابق والتنافس في من يستطيع منهن أن تكسر هذه المبادئ أسرع وأشد وأقوى حتى وصل بأحدهن التطاول على الله جل وعلا عل وعسى ترضي بهذا إله من آلهتها في دهاليز المتآمرين ,,, العلماء أصبحوا منجرين خلف أهداف ورؤى دنيوية مخيفة (إلا من رحم الله) حتى تجرأ أحدهم وأخترع لنا شيء اسمه “فقة ثوري” وأحله محل الفقة الديني المحمدي المعلوم والمعمول به منذ أن جاء به وأسسه خير البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وضمن سنن هذا الفقة جواز احتلال الدول العربية والإسلامية من قوى غربية والخروج على ولي الأمر وقتاله وتعطيل البلاد والعباد وغير ذلك من أحكام ,,, وصل الأمر في عام 2011م في المجال الديني إلى تلاشي الثقة بين عامة الشعب عن علماء الشعب وهؤلاء هم ورثة الأنبياء وحملة الدين مما أدى إلى تلاشي الدين من قلوب الكثير فأصبح الدين بضع حركات في المساجد وتلاشت عن المعاملة بين الناس وقوانينها وغير ذلك ,,, وصل الأمر للدعوة بأن الدين فقط عبادة والدنيا لها قوانينها وأصبحت المارقات تتكلمن في هذا الأمر ويقودين جيوش من الشباب الأعمى خلفهن وبلا وعي ,,, وهناك الكثير والكثير من المبادئ الدينية والتي أضحت في سنة 2011 وضحاها عبارات من الماضي وكلها في فوضى أسمها 2011م.
2. الجانب الاقتصادي.
– زعموا أن ثوراتهم لإخراج الناس من حالة الفقر والبؤس إلى حالة الغنى والرفاهية ومقارعة (ماليزيا وتركيا) في التطور والتنمية والرفاهية فحطموا خلال هذا السعي اقتصاد مصر وسياحتها واستثماراتها وتجارتها حتى تجاوزت خسارة مصر (أرضا وإنسانا) المئات من المليارات ,,, واليمن والتي أصلا تعتبر من افقر دول العالم خسارتها تجاوزت ال30مليار دولار بما يعادل ميزانية سنتين فزادت في أراضيها الفقر والبطالة وتوقفت أعمال البناء والتنمية والإنشاءات والتعمير وزادت معاناة الناس وبشكل كبير جدا وأصبح الكهرباء يصل إلى عاصمتها ساعتين في اليوم والليلة ولولا أن الله حباها بجو طبيعي معتدل ورائع على مدار العام أن أهلها سيضيقون أكثر وأكثر كما يضيق أهل المناطق الحارة كالحديدة وعدن ,,,وتعطلت أعمال وتجارة معظم أصحاب المال والأعمال ومنها تم تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعاملين ,,, وليبيا وما أدرئك ما ليبيا فليبيا أصبحت نسخة مكررة من أرض الرافدين في جانب النفط والثروات وإن اختلف المحتل وناهب الأرض وما تحت الأرض بين أمريكا هناك والناتو ومن فيه هنا فأصبح بلاد الثروات والأموال والغنى تقام مباريات ودية يذهب ريعها لمساندة أطفال القتلى خلال هذه الحرب المدمرة والتي أيضا دمرت مدنهم وبناهم التحتية والفوق تحتية وغير ذلك فأصبحت الثروات تتقاسم بين محتلي الأمس (محرري اليوم) وبين القائمين على الشئون الليبية ,,, وأما سوريا وتونس فليستا أحسن حالا من هذه الدول فقدت توقفت كل أعمال التنمية والتجارة والاقتصاد وتخسر هذه الدول ما يفوق الخيال والواقع والأرقام التي يعلمها الجميع في ازدياد يومي خاصة سوريا الحرة الأبية ,,, وأما قطر وما أدرك ما قطر فثرواتها وملياراتها والتي يجب على من يدير شئونها أن ينفق هذه الأموال الطائلة على شعبة وأبناء شعبة حتى لو وصلوا إلى مرحلة التشبع وأن يعمل في تنمية بعض الدول العربية والإسلامية ومساندة الصومال وانتشالها مما هي فيه فقد أنفقت ومازالت تنفق مليارات خيالية في عمليات الخراب والدمار للبلدان العربية في وقت أنها تبني مستوطنات إسرائيلية لفقراء بني صهيون في القدس المحتلة وما حولها فقطر مثال للدول العربية التي يتم بعثرت أموالها وبقرارات أمرائها ,,, وهكذا هي عام 2011م في الدول العربية في جانب الفوضى الاقتصادية والتي أتت على كل شيء وعلى اللاشيء نفسه .
3. الجانب الاجتماعي.
– كنا إلى ما قبل 2011م نعتبر الأب أبا لنا والأم أم والأهل والأقارب والأسرة والمجتمع والأمة شيء واحد ,,, وكنا نعتبر هذه الأشياء مقدسة وخطوط حمراء لا يجب الاقتراب منها ومنها جاء تماسك هذه الدول بخلاف دول الغرب والتي ربما أن معظمهم لا يعرف من أبيه وإلى أي أسرة ينتمي وفقا لشتاتهم الاجتماعي وعدم ترابطهم بل أن بعضهم لا يعرف أمة أو أبيه إلا في نهاية العام وبوردتين قائلا لهم (كل عام وانتم طيبين) ,,, كان الأب والأم وكلماتهم وأوامرهم مقدسة لنا وتوجيهاتهم لا حياد عنها وآرائهم متبعة وأفكارهم مأخوذة حتى عنادهم محبوبة وغير ذلك ,,, كنا خير أمة أخرجت للبشرية أجمع نأمر ونأتمر بالخير والكلمة الطيبة والمعروف ونتناهى عن كل قبيح ولئيم وشين ومنبوذ ومكروه ,,, حتى عصفت بنا سنة الشؤم وعام القبح والشتات والفراق 2011م رغم أن الصفات يجب ألا تطلق على العام ولكن على من صنع منه هذه الصفات ,,, فأصبح الصغير بيننا يستحقر الكبير وأصبح الكبير يستغل الصغير وأصبح كلمات البذاءة ثورية وتطهيرية وتصحيحية وأصبحت كلمات الحب والود والوئام غريبة ودخيلة ومضحكة وبلطجية ,,, تشتتنا في أرضنا ومجتعنا وأسرتنا وبيتنا فالمنزل يحتوي على فكرين أو أكثر من أفكار ولا ضير أن يتهجم الابن على أبية ويصرخ في وجهه ويصفه بكلمات نابية ومنها كما نعلم جميعا (بلطجي) بل لا ضير أن يعلن هذا الشاب المحرر الثائر تبرئة من أبية وعبر وسائل الإعلام بل لا عجب أن نجد آلاف من الشباب يصفق له ويؤيده ويشد على ساعده مما أوصل رسالة سلبية لبقية الآباء مفادها إن لم تخرسوا ألسنتكم خلف أفواهكم وتمارس صلاحيتك كأب فقط في المسمى والبطاقة فسيصيبك كما أصاب والد ذا وذاك ,,, أصبح الجار لا يطيق جارة بل لا يطيق أن ينظر لوجهه عوضا عن السلام والكلام والابتسام ,, وصل الأمر بالطالب في المدرسة أن يستعبد المدرس بدل يطيعه طاعة عمياء لا نظير لها والطالب في الجامعة يستحقر مدرس سعى في الأمس لجعله منتج في المجتمع والفتاة المسلمة والعربية خلعت ثيابها أمام العامة قائلة لهم أنظروا أليا وإلى جسدي فأنا أصبحت حرة ,,, حتى وصل الأمر بقبيحات مجتمعيات لكتابة مقال بعنوان (من أجل يوم وطني لفض غشاء البكارة بين بنات العرب ) من باب العدالة الجنسية بين الجنسين واصفة أن البكارة فيها تقييد للحرية عكس الرجل ,,, دخلت مجتمعاتنا أفكار غريبة وغربية جعلت من الولدان شيبا والقلوب خائفة تترقب مما قد سيصيبنا جراء هذه الأشياء وهذه الأعمال وهذه الأحداث وهذه الأفكار كانسلاخ مجتمعي خطير جدا ينذر بكارثة مجتمعية خطيرة تهلك الحرث والنسل ,,, في وقت أننا نتفاخر بعام 2011 ونطلق عليه عام الشعوب في وقت أننا تناسينا ما حواه هذا العام من فوضى.
4. الجانب السياسي
-تتفاوت سلبيات وإيجابيات هذا الجانب من أجل ذلك أخرت الحديث عنه حتى النهاية وفقا لما أسلفت ذكره من كون هذا العام هز عروش رؤساء وحكام كثير وجعل بعضهم يترك الحكم وآخرون يعيدون حساباتهم في شعوبهم من خلال توفير العناية اللازمة بهم وفقا لإمكانياتهم ,,, غير أن سلبيات هذا العام والفوضى العارمة التي أطاحت بالشعوب وأستطاع مدبرو المؤامرة غرسها تتمثل في أشياء لعل أهمها السعي إلى (( إغراء الحكام باضطهاد الشعوب ,,, ثم إغراء الشعوب بالتمرد على الحكام ,,,مرتكزين في ذلك على نشر مبادئ الحريات والمساواة والعدالة وغيرها مع تفسيرها تفسيرا خاصا يؤذي الجانبين ,,, والسعي لبقاء قوة الحكومة وقوة الشعوب متعاديتين ,,, وإبقائهما في حالة خوف وتوجس دائم من الآخر ,,, ومحاربة كل ذكاء يظهر بين الأميين (غير اليهود) ,,, مع الاستعانة بالنساء والأموال والمناصب والمكايد وما إلى ذلك من وسائل الفتنة) ,,, والشيء الآخر الأخطر من هذا الأمر أن العامة أجمع وعلى اختلاف قدراتهم العقلية والعلمية والتعليمية والمجتمعية بدأ يتحدث عن أمور العامة والخاصة وأمور السياسة ويحلل ويكفكفك ويربط ويشرح ويتفلسف ويرى ولا يرى حتى أصبح عندنا رؤساء كثير لدولة واحدة قد يصل ربما إلى عدد سكان هذه الدولة وكل واحد رئيس بحد ذاته وآمر وحاكم فبعد أن كنا نشكو من ديكتاتور واحد أعطانا عام 2011 آلاف منهم في كل وطن .
– خلاصة القول ,,, فعام 2011م كان من أكثر السنين فوضى وخراب ودمار حل بالبلدان العربية على جميع المستويات حتى أنه فاق في مآسيه عام48من القرن الماضي وحتى سنين مضت خلال تاريخ الخلق العربي والإسلامي ,,, سيظل آثاره عقود قادمة من الزمن لأنها أنشئت لنا جيل في عام واحد نحتاج إلى 40 عاما كأربعينية موسى عليه السلام وبني إسرائيل كي يتجدد الجيل ويأتي بخير منه.