هل يستحق مروان البرغوثي نيل شهادة الدكتوراه؟ وهل نالها لمواقفه الوطنية، ولصموده خلف الأسوار، ولموقعه القيادي، أم نالها عن بحثه العلمي الخاضع لشروط البحث؟ وهل انطبقت عليه القوانين التي طبقت على غيره في معهد البحوث والدراسات العربية،
مروان الأسير، وغيره الأمير
د. فايز أبو شمالة
هل يستحق مروان البرغوثي نيل شهادة الدكتوراه؟ وهل نالها لمواقفه الوطنية، ولصموده خلف الأسوار، ولموقعه القيادي، أم نالها عن بحثه العلمي الخاضع لشروط البحث؟ وهل انطبقت عليه القوانين التي طبقت على غيره في معهد البحوث والدراسات العربية، أم جرى الإطراء للاسم، والحكم بالنجاح عن بعد، ومن ثم منح شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية لأغراض إعلامية؟ أسئلة قد تدور في رأس بعض المشككين بقدرة الأسرى الفلسطينيين، أو الذين قد يسيئون فهم مضامين النجاح لأسير يرفض أن ينزوي، أو يذبل خلف الجدار، ويصر على أن بوابات النجاح تفتح أبوابها إذا أغلقت الزنازين أوداجها، وهذا النجاح لا يُكسب العدو الإسرائيلي ميزة الديمقراطية، وصفة الإنسانية كما يدعي البعض، بل نجاح الدكتور مروان البرغوثي يجيء ليفضح الجرم الإسرائيلي الذي يعتقل نائباً منتخباً ديمقراطياً في المجلس التشريعي، وتفضح رسالة الدكتوراه التي جاءت تحت عنوان: “الأداء التشريعي والرقابي والسياسي للمجلس التشريعي وإسهامه في العملية الديمقراطية في فلسطين، تجربة المجلس التشريعي في الفترة ما بين 1996-2008، جاءت لتفضح الأهداف الصهيونية التي كمنت خلف الموافقة على إجراء انتخابات تشريعية فلسطينية وفق المزاج اليهودي، وبنكهة غربية، كان الهدف منها تمرير اتفاقيات مهينة لشعب المقاومة، ومزيفة لإرادته، كشف عنها اعتقال الدولة العبرية لثلث أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني، وتعطيل أعماله.
شهادة دكتوراه مطرزة بالتحدي والعذاب، وشهادة استغراب من الحالة الفلسطينية التي لا تناقش الأسباب التي تجعل شخصاً مثل مروان البرغوثي أسيراً، وفي الوقت نفسه تجعل شخصاً فلسطينياً آخر أميراً، يتنقل عبر الحواجز الإسرائيلية باحترام من الجنود الإسرائيليين، فكيف يصير هذا؟ وما الفرق بين آلاف الفلسطينيين الذين تعاقبهم إسرائيل بالسجن والحرمان لأنهم قاوموا المحتلين، وبين عشرات الفلسطينيين الذين يمازحهم الإسرائيليون، ويجالسونهم على طاولة المفاوضات، أو يجري معهم التنسيق، والاتصالات؟ ولماذا تغضب إسرائيل على هذا الفلسطيني وتصفه بالإرهابي مصاص الدماء، وترضى عن هذا الفلسطيني وتصفه بالعقلاني ومطر السماء! لماذا يحرم هذا، ويُجرَّمُ، ويمنح ذاك الامتيازات ويغنمُ؟ وهنا نضع علامة الاستفهام: لماذا تصفح إسرائيل عن هذا، وتصافحه، ولماذا تعاقب ذاك، وتصفعه؟
شهادة الدكتوراه التي نالها الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي تعد شهادة صمود وانتصار لكل الأسرى الفلسطينيين الذين تحرروا قبل عشرات السنين، وللأسرى الذين ما زالوا خلف الأسوار، وهي شهادة نضارة، وطهارة، ونقاء للإنسان الفلسطيني الذي اختط لنفسه طريق المقاومة، ورضي أن يحتمل العذاب خلف الجدار بينما غيره يتنقل بحرية، ولا تمنعه من السفر حواجز إسرائيلية، ولا تعيقه أسوار!.