www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

يوم الهوان العربي – فهمي هويدي

0

أرشح اليوم الثالث من مارس «آذار» لكي يكون يوم الهوان العربي. ذلك أن الأمة العربية في ذلك اليوم الأسود أعلنت انبطاحها رسميا، ليس أمام الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما أمام السيد بنيامين نتانياهو شخصيا. وهو المشهد الذي رحب به الرجل، فسارع إلى تقديم الشكر إلى بعض الزعماء العرب لما أبدوه من أريحية وكرم، ولم تقصر وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة كلينتون في الإعراب عن امتنانها ورضاها عما اعتبرته موقفا عربيا «شجاعا» (!).

صحيفة الشرق القطريه السبت 20 ربيع أول 1431 – 6 مارس 2010
يوم الهوان العربي – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/03/blog-post_06.html
 
أرشح اليوم الثالث من مارس «آذار» لكي يكون يوم الهوان العربي.
ذلك أن الأمة العربية في ذلك اليوم الأسود أعلنت انبطاحها رسميا، ليس أمام الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما أمام السيد بنيامين نتانياهو شخصيا.
وهو المشهد الذي رحب به الرجل، فسارع إلى تقديم الشكر إلى بعض الزعماء العرب لما أبدوه من أريحية وكرم،
ولم تقصر وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة كلينتون في الإعراب عن امتنانها ورضاها عما اعتبرته موقفا عربيا «شجاعا» (!).

 القصة عمرها 19 سنة (منذ توقيع اتفاقيات أوسلو) استمرت خلالها المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وتواصلت مشاريع الحل الأمريكية، وهو المسلسل الذي لم يحقق شيئا يذكر، حيث أكل الإسرائيليون الأرض في حين أكل الفلسطينيون الهواء.

 وحين ظهر الرئيس أوباما في الأفق، فإنه شمر عن ساعديه وتحدث عن اعتزامه العمل على حل القضية وإقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية،
ووعد بالعودة إلى استئناف المفاوضات التي كانت قد توقفت في ظل حكومة نتانياهو،
 وطلب وقف الاستيطان بصورة مؤقتة لتهيئة الأجواء المناسبة لتحقيق ما وعد به.
 
هذا الكلام تراجع عنه الرئيس الأمريكي بمضي الوقت للأسباب المعروفة.
وإزاء إصرار إسرائيل على موقفها الرافض لوقف الاستيطان وغير المعترف بما قطعته المفاوضات في ظل حكومة أولمرت السابقة، فقد اتجهت الضغوط صوب الجانب العربي، باعتبار أنه الأكثر استعدادا للتنازل والانحناء.
 
ولم يخيب العرب ظنونهم لعدة أسباب بينها
 أن الأطراف المعنية فرطت في كل أوراقها ولم تعد تملك شيئا تضغط به على إسرائيل،
ناهيك عن أن بعضها لم يعد راغبا في ممارسة ذلك الضغط ومتمنيا أن يغلق ملف القضية بأي ثمن.
 
في هذا الصدد توافق أبومازن مع القاهرة وعمان على القبول بفكرة إجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لفترة تستغرق أربعة أشهر تعقبها مفاوضات مباشرة حول قضايا الحل النهائي،
 وهي الفكرة التي اقترحها مبعوث الرئيس أوباما إلى الشرق الأوسط «السيناتور جورج ميتشيل»، للاحتيال على العودة إلى المفاوضات واستمرار اللعبة العبثية، التي تريح بال إسرائيل وتمكنها من التفرغ للتعامل مع الملف الإيراني.

كان مطلوبا أن يبتلع العرب شرط وقف الاستيطان، ويتخلى أبومازن عن العنترية التي ادعاها. وينسى الجميع كل ما قالوه عن مراوغة إسرائيل وعدم رغبتها في إقرار السلام، ورفضها للمبادرة العربية وازدرائها بمن أطلقوها.
 
كان مطلوبا أيضا أن يغض العرب بصرهم عن
مخططات تهويد القدس،
وعملية اقتحام المسجد الأقصى،
 وسرقة الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح،
وسرقة وهدم بيت المقدس،
باختصار كان مطلوبا محو الذاكرة العربية ونسيان العدوان على غزة، واستمرار حصارها، وإصرار إسرائيل على ارتهان 11 ألف فلسطيني في سجونها.

 ولإخراج المشهد المخزي تم ترتيب الأمر بين تل أبيب ورام الله والقاهرة وعمان.
فدعيت لجنة المبادرة التي ضمت 13 دولة عربية لاجتماع وزاري في القاهرة لبحث فكرة العودة إلى المفاوضات قبل القمة العربية في ليبيا.
 
ولتسكين المشاعر العربية وتخديرها طلب نتانياهو وقف اقتحام المسجد الأقصى وتأجيل هدم 150 بيتا للعرب في حي سلوان بالقدس لإقامة ما سمي بالحدائق التوراتية بدلا منها، وهو المشروع الذي كان قد تقرر إطلاقه في وقت اجتماع لجنة المبادرة بالقاهرة.

ادعى أبومازن البراءة، فصرح بأنه ألقى بالكرة في ملعب اللجنة للنظر في الاقتراح الأمريكي، مؤكدا التزامه بما تقرره إزاءه، وهو يعلم وكل الوزراء يعرفون أن اللجنة تشكلت لتسويق المبادرة العربية ولا علاقة لها بموضوع استئناف المفاوضات.

 حين أعلنت لجنة المبادرة الانصياع ودخول بيت الطاعة المنصوب، نظرت إلى صورة الوزراء المجتمعين فرأيتهم جميعا وقد انبطحوا عرايا في القاعة الفسيحة التي جمعتهم،
ورأيت صورة نتانياهو معلقة على الجدار وهو يبتسم وقد لوح بيده في الهواء محييا ومباركا،
وحبست رغبة شديدة في البكاء!.
…………………………

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.