www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

طيور الجنة لمين؟/مصطفى إبراهيم

0

في غزة منعت الحكومة الفنادق والمطاعم من تزيين الواجهات باللون الأحمر والبالونات واجبر بعضهم تحت طائلة القانون على نزعها ومنعوا تنظيم أي احتفالات بمناسبة عيد الحب الذي صادف الرابع عشر من فبراير/ شباط الحالي، ومع ذلك اكتظت تلك الأماكن بالرواد، وكذلك المحال التجارية في شارع عمر المختار بمدينة غزة التي زينت بالورود واللون الأحمر. مفارقات عجيبة غريبة تحدث في قطاع غزة كما تلك المفارقات والتناقض الذي يجري عندما تجد ألاف الأطفال من مخيمات ومدن وقرى القطاع يلتفون حول الشاشة الصغيرة على مدار الساعة يحملقون في قناة طيور الجنة الفضائية.

http://mustaf2.wordpress.com/
 
طيور الجنة لمين؟
مصطفى إبراهيم
16/2/2010
في غزة منعت الحكومة الفنادق والمطاعم من تزيين الواجهات باللون الأحمر والبالونات واجبر بعضهم تحت طائلة القانون على نزعها ومنعوا تنظيم أي احتفالات بمناسبة عيد الحب الذي صادف الرابع عشر من فبراير/ شباط  الحالي، ومع ذلك اكتظت تلك الأماكن بالرواد، وكذلك المحال التجارية في شارع عمر المختار بمدينة غزة التي زينت بالورود واللون الأحمر.
مفارقات عجيبة غريبة تحدث في قطاع غزة كما تلك المفارقات والتناقض الذي يجري عندما تجد ألاف الأطفال من مخيمات ومدن وقرى القطاع يلتفون حول الشاشة الصغيرة على مدار الساعة يحملقون في قناة طيور الجنة الفضائية.
يشاهد ويسمع الأطفال ويرددون الأناشيد التي تتخذ الطابع الديني الوطني من منشدين (مغنين) بكامل أناقتهم، ويطل هؤلاء عبر الشاشة من فيلات ومنازل فخمة محيطة بها مساحات خضراء مزروعة بالأشجار، ويعيش أطفالهم في غرف مستقلة بها كل ما يحلم به الأطفال من العاب، وأجهزة حاسوب( لاب توب)، ويستقلون سيارات فخمة وحديثة هم وأولادهم وزوجاتهم، ويمارسون حياتهم بشكل خيالي.
وفي تناقض غريب مع واقع غالبية الأطفال في المخيمات الفلسطينية بشوارعها الضيقة وانعدام الأماكن والمساحات الواسعة والخضراء، وفي بيوتهم الضيقة المتهالكة، أو أولئك الأطفال الذين ما زالوا يعيشون في الخيام أو في ما تبقى من منازلهم المهدمة، وبعضهم لا يجد المسكن المناسب الذي يحفظ لهم كرامتهم والعيش كباقي البشر.
في غزة لا يقتصر ذلك على المخيمات فالحال واحد فمعظم أحياء القطاع مكتظة بالسكان وتجد الفقر والبطالة والصمود والموت والحياة، وصور الشهداء مزينة شوارعهم وجدران منازلهم سواء لابن أو أخ أو صديق أو جار أو رفيق درب، ومع ذلك يشاهد الأطفال طيور الجنة ويرددون أناشيد مغنيها (منشديها) وزوجاتهم وأولادهم وبناتهم.
طيور الجنة تبث على مدار الساعة وتحاول إدخال بعض القيم والأخلاق مثل الصدق والنظافة وتعليم الصلاة ومساعدة الآخرين وآداب المعاملة، إلا أنهم يظهرون تناقض كبير من خلال ترسيخ مفاهيم خاطئة عند الأطفال وتصوير الطفل الفقير بشكل مهلهل وغير نظيف بطريقة ساذجة توازي بين عدم النظافة والفقر.
عدا عن ما يسبب ذلك من فجوة وعقد نفسية للأطفال في مراحل عمرهم الأولى ومواجهة الحياة سواء للأطفال الذين يعيشون بمستوى معيشي متوسط أو مقبول أو أولئك الأطفال الفقراء والمهمشين الذين يعانون الفقر والإهمال والحرمان من ابسط مقومات الحياة ومستوى معيشي لائق يحفظ كرامتهم، وزيادة معاناتهم والمقارنة بين الواقع المعاش لديهم وبين ما يشاهدون من ألعاب غير متوفرة لديهم ولا يستطيع ذووهم شرائها أصلاً.
والقناة تلعب باحلام الأطفال الفلسطينيين في القطاع فهم يشاهدون قناة طيور الجنة وما بها من أشياء مختلفة عن واقعهم، وفجأة ينقطع التيار الكهربائي الدائم الانقطاع فيخرج هؤلاء الأطفال إلى الشارع فيعودون إلى واقعهم المر الصعب.
 وهذا ما يحدث مع شباب غزة من تناقض بين الواقع الذي يعيشونه وما يشاهدون حولهم في العالم الخارجي والمقارنة بين العيش بحرية وكرامة، وقيامهم بتقليد طقوس ومشاهد معينة مثل عيد الحب مع أقرانهم خارج محيطهم في ما يفعلون، ما يدفعهم للاعتقاد على إزالة تلك الفوارق مع أقرانهم في المحيط الخارجي وهم يمارسون تلك الطقوس هروبا من الواقع المر.
 ويبقى يوم الحب يوم واحد وما هي إلا ساعات ويعودون للحياة القاسية والصعبة، تماما كما يحدث من تزييف لأحلام الأطفال عندما يبتعدون عن الشاشة الصغيرة ويعودون إلى واقعهم الحقيقي الصعب.
قناة طيور الجنة وما تبثه من أناشيد دينية بغطاء وطني من تمجيد للشهداء الفلسطينيين وحصار قطاع غزة والاحتلال والتركيز في بعض الأغاني على المسجد الأقصى من خلال الفيديو كليب في محاولة لمحاكاة ومنافسة الأغاني الهابطة بشكل مبالغ فيه، يشعر الإنسان معها أن القائمين على تلك القناة هدفهم المتاجرة بمعاناة الفلسطينيين.
 وان هذه القناة الفضائية ليست موجهة للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بل موجهة للعالم العربي الذي يعتمد على النمط الاستهلاكي في كل شيئ، وتعمل على استغلال الواقع في الأراضي المحتلة وحصار غزة للترويج للمحطة في الوطن العربي.
فلسطين/ غزة
Mustafamm2001@yahoo.com
mustaf2.wordpress.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.