www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

السياسة فوق القانون فى بريطانيا/دكتور ناجى صادق شراب

0

يقال عادة فى السياسة ألبريطانية أن البرلمان أو مجلس العموم يستطيع ان يفعل أى شئ لدرجة انه يستطيع أن يغير الملكية الى جمهورية، ألا ان يحول الرجل ألى امرأة أو المرأة الى رجل ، وهو ما يؤكد مبدا السمو البرلمانى والذى لا يعلوه سلطة أخرى حتى سلطة القضاء ، ولذا بريطانيا لا دستور مكتوب لها ، ولا محكمة دستورية عليا على غرار الولايات المتحده وفرنسا .

                                    السياسة فوق القانون فى بريطانيا
يقال عادة فى السياسة ألبريطانية أن البرلمان أو مجلس العموم يستطيع ان يفعل أى شئ  لدرجة انه يستطيع أن يغير الملكية الى جمهورية، ألا ان يحول الرجل ألى امرأة أو المرأة الى رجل ، وهو ما يؤكد مبدا السمو البرلمانى والذى لا يعلوه سلطة أخرى حتى سلطة القضاء ، ولذا بريطانيا لا دستور مكتوب لها ، ولا محكمة دستورية عليا على غرار الولايات المتحده وفرنسا . وهو أن لا سلطة على سلطة مجلس العموم ، وحيث أن الحكومة هى التى تتحكم فى البرلمان بحكم أغلبية المقاعد التى يتحكم فيها الحزب الحاكم ، فالحكومة فى النهاية هى من يحكم البرلمان وهى من يحكم السياسة ألبريطانية .هذه المقدمة الموجزه كمدخل لفهم السياسة البريطانية ضرورية ونحن نسمع عن عزم الحكومة البريطانية وعلى لسان رئيس وزرائها عزمها تغيير القانون الذى قد يسمح باعتقال متهمين بأرتكاب جرائم حرب للمحاكمة وذلك فى أعقاب ألأمر القضائى ألأول فى بريطانيا الذى أمر باعتقال تسيبى ليفنىوزيرة خارجية أسرائيل فى حكومة أولمرت فى أعقاب الحرب التى شنتها أسرائيل على غزه وراح ضحيتها اكثر من الف وأربعمائة شهيد معظمهم من المدنيين وألأطفال والنساء ، وذلك أستنادا على مبدا العدالة الدولية . وهذا الموقف يثير تساؤلات عديده حول مستقبل وحقيقة الديموقراطية فى هذه الدولة ، ومستقبل القضاء وسيادة دولة القانون، وحول ألأبعاد والمضامين السياسية وراء هذا التوجه وهو ليس ألأول فى نوعه فى أوربا، فقد سبقت أسبانيا وعدلت قوانينها . هل لأن المستهدف هى أسرائيل ؟ أم أن الهدف هو ألأسلام والمسلمين ؟ أم أن الهدف هى السياسة وما تفرضه من مصالح مشتركه .؟ ام ان الهدف هو وظيفة أسرائيل فى السياسات الأوربية وألأمريكية وموقعها فى الحضارة الغربية ؟ أم أن الهدف كما قيل هو حرص بريطانيا على المحافظة على دورها فى صنع السلام فى المنطقة وتسوية القضية الفلسطينية ، والتى تعتبر أى بريطانيا هى المسؤولة ألأولى عن نشؤها وتطورها وبوعد بلفور الذى أصدرته ، وبسياسات ألأنتداب على فلسطين والتى قد سهلت قيام اسرائيل ؟ كل هذه ألأسئلة تحتاج الى أجابات واضحه وقاطعه ، ولعلى منذ البداية أؤؤكد على ألأزمة ألأخلاقية التى تعانى منها الديموقراطيات الغربية ، هى ازمة حكم ، وأزمة اخلاق ، ويغلب عليها سياسات المصالح على ألأعتبارات ألأخلاقية ، حسب التعبير الميكيافيلى الذى عاد ليحكم سياسات هذه الدول وخصوصا فى كل ما يتعلق بالعالم ألعربى وألأسلامى وقضاياه وفى مقدمتها القضية الفلسطينية . ولا شك ان هذا الموقف السريع من رئيس وزراء بريطانيا والذى قال بصريح العبارة أن تسيبى ليفنى شخصية مرحب ومرغوب بها فى كل وقت فى بريطانيا ، وتصريح وزير خارجيته ميليباند الذى قال أنه عندما سمع أمر ألأعتقال تزعزع بدنه . وما قالته ليفنى نفسها أن هذا ألأعتقال يلحق الضرر بمصالح بريطانيا وبالقيم المشتركة بين بريطانيا وأسرائيل ، وأن الهدف المشترك هو مكافحة ألأرهاب ، وما قاله ليبرمان أن هذا ألأعتقال معاد لليهودية والسامية ، وما لفت نظرى تصريح الوزير ألأسرائيلى شالوم كلنا تسيبى ليفنى ، ولن نسمح لأى جهة بان تعاقبنا على دورنا فى معركة ألأرهاب زهذه التصريحات عكس الحال عندنا. . هذه التصريحات قراءتها مهمة ، وفهم أبعادهاأهم ،، ويفترض ان تجعلنا نعيد قراءة وفهم قواعد العلاقات بين الدول، وأن نعيد تقييم كل سياساتنا ، وأننا لسنا وحدنا فى هذه الكرة ألأرضية ، ولسنا الوحيدون الذين يحكمون العالم ، وأن لغة المصالح هى اللغة المتحكمة فى النهايى فى علاقات الدول . وبقدر تأثيرنا فى مصالح الدول بقدر قدرتنا على تغيير سياساتها ، وعلينا أن ندرك ايضا موقع أسرائيل فى سياسات الدول المهيمنة والمتحمه فى صناعة القرار الدولى , وهذا ليس قاصرا على أمريكا وأوربا بل العديد من الدول التى قد نعتبرها صديقة . هذا أمر مهم فى تفسير الموقف البريطانى ، ولا داعى للدهشة وألأستغراب من مثل هذه تصريحات. وألأنكى من ذلك نريد غيرنا هو الذى يعاقب ويعتقل  ويحاكم، ويؤثر ويأتى لنا باهدافنا وتحقيق مصالحنا وبالدفاع عنا ونحن جالسين على مقاعد الحكم .
ونعود لبدايات القصة وهى أن ناشطين فلسطينيين وبريطانيين قدموا طلبا بتقديم مسؤوليين أسرائيليين أرتكبوا جرائم حرب ضد ألأنسانية فى حربهم على غزه وفقا لمبدأ العدالة الدولية , ولا شك ان النظام القضائى والقانونى وحتى السياسى يسمح فى بريطانيا بذلك  وينبغى أن نعترف بهذا ألأمر ، ولا نذهب بعيدا فى تقديرنا وفهمنا للأمور ، ونذهب بعيدا فى انتقاداتنا العاطفية والحماسية ، هذه هى السياسة فى الدول الديموقراطية مزيج من العديد من القيم التى تغلب عليه فى النهاية المصلحة القومية . وعلينا ان نكون موضوعيين فى التفسير والفهم . فمن وجهة نظر ساسة بريطانيا أن هذا التعديل لا يمس مبدأ سيادة القانون ، ولا مبدأ السمو البرلمانى ولا مكانةا لقضاء ،لأن المسألة من وجهة نظرهم ليست متعلقة باسرئيل فقط ، بل المسألة مرتبطة بمحاربة ألأرهاب والذى مصدره يأتى من الدول العربية وألأسلامية ، وأن هذأ ألأرهاب يضر بمصالح هذه الدول ، ومن ثم قد يلزم البحث والمراجعة لهذه القوانين المنظمة والمحددة للأرهاب ومن يمارسه ، وفى هذا التفسير ليست ابحث عن تبرير للتعديل ، بقدر ما فهم لطبيعة سياسات هذه الدول وكيف تحكم ، وكيف تنظر لقضاياها وسياستها الداخلية والخارجية . أعتقد هذا يتطلب منا وكما أشرت مراجعة كاملة لدورنا فى محاربة ألأرهاب وكشف كل صوره وخصوصا أرهاب الدول والذى تمارسه اسرائيل وغيرها من هذه الدول ، أنها معركة مهمه فى السياسة الدولية ، لم نحسن ادارتها ، وألا أستسلمنا لما هو قائم وبتنا وكمن يتهم فى جرم لم يرتكبه ، القضية شائكة ومعقده ، وتتجاوز حدود تعديل قانون من السهل تعديله فى نظام بريطانى ، ولكن السؤال وماذا بعد ذلك ؟
دكتور ناجى صادق شراب /أكاديمى وكاتب عربى
drnagish@hotmail.com

Jawwal. 00970 59 9411455
Egypt : +2 01 765 84104
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.