www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

عَبَثيّةُ الحــالْ/عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

0

لم تشهد مرحلة زمنية ما نشهده هذه الأيام من نقد ووصم ووشم لقادة شعوب هذه الأرض من ملوك وسلاطين وأمراء ورؤساء اللهم إلا قلة قليلة تعد على الأصابع ممن لا زالوا متمسكين بالقيم الوطنية والمواقف الرجولية رغم كل المغريات والضغوط ، لكن هذه النجوم القليلة ليست كافية لإضاءة السماء السياسية .

 

 

عَبَثيّةُ الحــالْ

عبد الشافي صيام ( العسقلاني )

      لم تشهد مرحلة زمنية ما نشهده هذه الأيام من نقد ووصم ووشم لقادة شعوب هذه الأرض من ملوك وسلاطين وأمراء ورؤساء اللهم إلا قلة قليلة تعد على الأصابع ممن لا زالوا متمسكين بالقيم الوطنية والمواقف الرجولية رغم كل المغريات والضغوط ، لكن هذه النجوم القليلة ليست كافية لإضاءة السماء السياسية .

      مليارات الدولارات تقتطع سنويا من قوت الشعوب وحاجاتها للرعاية الصحية والتعليمية والأمنية والتنمية ، لتنفق على ” صالونات التجميل السياسي ” وعلى فضائيات إلهاء وتخدير الشعوب لصرفها وإبعادها عن مسارات التصحيح لاسترداد حقوقها المسلوبة بقوانين العورة والسيادة والأمن القومي الخالي من القوم .

      المفترض في الحالة الصحيحة والوضع السليم أن يكون شعار الدولة .. بيت لكل أسرة ، ورغيف لكل مواطن ، وبيضة لكل فم حتى يشعر الإنسان بانتمائه لهذا الكيان .

      والحاصل غير ذلك تماما إذ الموجود زنزانة لكل أسرة ، ورجل أمن لكل مواطن ، وقناة فضائية لكل ثلاثة أفراد لقتل الوقت وغسل الدماغ ليبقى السلطان سلطان الزمان .

      ولو أجرينا حسبة سريعة نتعرف من خلالها على ساعات اليوم لإنسان هذا العصر ” المنير ” والمشبع بالتقدم والحضارة والمدنية والرفاهية . وما يحتاجه هذا الإنسان المحطم من وقت للعمل والنوم والوصول والعودة لعمله ، والشكوى والتذمر ، والصداقات والزيارات والراحة ، ومشاهدة الفضائيات والفيديو ، والاستماع لمحطات الإذاعة وأشرطة التسجيل ، وقراءة الصحف والمجلات ومطالعة الكتب ، والإبحار في الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ) ومتابعة رسائل الهاتف المحمول ( SMS ) ، وإنجاز المعاملات الروتينية في دوائر الدولة ، وإيصال الأولاد للمدرسة ، ودفع فاتورة الكهرباء والماء والهاتف ، وتجديد الإقامة وجواز السفر ، ودفع الضرائب ، واستخراج شهادتي الميلاد والوفاة ، والوقوف في طابور شراء رغيف الخبز وجرة الغاز ، ومتابعة مباريات ” عقل القدم ” ولا أقول كرة القدم ، وحضور المهرجانات التي تقام تلميعا للزعيم .

      أي دراسة تحليلية لهذا ” البرنامج الانتخابي ” لا أعتقد أنها ستخرج بنتيجة تنجينا من عذاب يوم عظيم ، لأننا يبدو أننا نعيش هذا العذاب في الدنيا قبل الآخرة .

      وأخطر هذه النتائج أن الشعوب ابتعدت عن قضاياها الرئيسية والمصيرية ووقعت في الشراك التي نصبت لها فأدمنت حالة حراك الموت ، وتحولت لأدوات لمسح الزمن كأدوات التنظيف التي تستخدم في البيوت للتنظيف والكنس والشطف  ، وإزالة غبار الحقيقة .

      قد تغطي الأعــذار التقصير تجــاه بعض الأحداث لأنها تأتي بسرعة .. وتقع بسرعة .. وتنتهي بسرعة . لكن أين العذر إذا كان عمر الحدث طويلا وتجرعنا مرارة حدوثه ، وتعايشنا مع أضراره التي لحقت بنا ؟ .

      وما هي ردات فعلنا تجاه الأحداث التي تُسَيِّرُها حكمة الجنون ؟ .
 
      تحت هذا البيت الزجاجي الهش الذي يُخرِجُ الضوءَ ولا يُدخِله تنبت حالة عبثية تحتاج إلى اجتثاث .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.