www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الحرب القادمة على غزه:الكوابح والجوامح/دكتور ناجى صادق

0

السؤال الذى يتداوله الناس فى غزة المحاصرة هو ، هل ستقوم أسرائيل بشن حرب جديده ، وتدمر ما تبقى من مظاهر الحياة ألأنسانية . هذا السؤال طرح على مرات عده ، ولعل السبب وراء هذا السؤال هو حالة من الخوف تسيطر على الناس هنا ، فالكل يدرك ان الشعب لا يملك ما يحميه حتى من رصاصة طائشة ، والناس ايضا ما زالوا يعيشون فى أجواء هذه الحرب المستمرة

الحرب القادمة على غزه:الكوابح والجوامح
السؤال الذى يتداوله الناس فى غزة المحاصرة هو ، هل ستقوم أسرائيل بشن حرب جديده ، وتدمر ما تبقى من مظاهر الحياة ألأنسانية . هذا السؤال طرح على مرات عده ، ولعل السبب وراء هذا السؤال هو حالة من الخوف تسيطر على الناس هنا ، فالكل يدرك ان الشعب لا يملك ما يحميه حتى من رصاصة طائشة ، والناس ايضا ما زالوا يعيشون فى أجواء هذه الحرب المستمرة  ويستحضرون أهوال الحرب السابقة. وألأجابة كانت دائما نعم ، وليس هذا من قبيل بث الرعب فى قلوب الناس ، بقدر ما هو تفهم وحذر من كل ما تقوم به أسرائيل ، فالخيار القائم ليس هو خيار السلام ، بل كل ما هو قائم حالة من التهدئة الهشة التى قد تنهار مع اى عملية قتل هنا أو هناك . ومع ذلك الحروب ليست سهلة ، وليست مجرد نزهة ، والحروب لا تتكرر فى فترة زمنية قصيرة ، لكن فى الوقت ذاته الحروب لها أشكال وصور متعدده ، وليس بالضرورة أن يتكرر نموذج الحرب ألأخيرة بنفس الأسلوب والطريقة ، فالحرب على غزة لها أشكال وصور عديده ،وقد تكون فى صورة أستهداف قيادات معينه، أو مناطق بعينها ، او أهداف محدده ، أو حتى أحتلال مناطق معينه كخط الحدود مع مصر . على الرغم من أن خيار الحرب أحتمالاته كبيرة ، لكن ما ينبغى التاكيد عليه ان أسرائيل لن تعود لأحتلال غزة ثانية . ومع ذلك هناك العديد من الكوابح والجوامح التى قد تمنع أسرائيل من شن حرب شامله على غزة . وقبل أستعراض بعضا من هذه الكوابح والجوامح ، لا بد من ألأشارة الى بعض الحقائق : وهى أن
تقرير جولدستون أو غيره من التقارير الدولية التى تدين أسرائيل بأرتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين فى غزة أو غيرها من المدن والقرى الفلسطينية لن يحول  دون اللجؤ الى الخيار العسكرى فى التعامل مع الشعب الفلسطينى من منطلق أن أسرائيل تعطى دائما أولوية لخياراتها ألأمنية والعسكرية ليس فقط مع الفلسطينيين ولكن مع كل الدول العربية وغير العربية التى قد يشكل أمتلاكها للقدرات العسكرية تهديدا لأمنها وبقائها ، فأسرائيل دولة قوة تحكم علاقاتها بالدول ألأخرى وخصوصا فى المحيط ألأقليمى الذى توجد فيه مبدأ ألأحتفاظ بموازين القوى لصالحها ، وهذا ما يفسر لنا مثلا تعاملها مع خيار الملف النووى ألأيرانى وتلميحها دائما للخيار العسكرى فى حسم هذا الملف ، وهذا ما يفسر لنا أيضا أولوية القرارات العسكرية والدور الحاسم الذى تلعبه المؤسسة العسكرية فى القرار السياسى ألأسرائيلى ، ومن هنا ينبغى أخذ تصريحات القادة العسكريين ألأسرائليين بضربة عسكرية أخرى لغزة بجدية . واذا كان مبدا توازن القوى هو الذى يحكم علاقة أسرائيل بالدول العربية أو الدول ألأقليمية فى المنطقة كايران أو أى دولة اخرى ، فألأمر يختلف فى العلاقة مع الفلسطينيين ، ففى كل ألأحوال هذا المبدا غير قائم ، ولا يمكن أن يشكل محددا للعلاقة مع أسرائيل ، فموازين القوة مفقوده ، لكن هذا لا يمنع أن يمتلك الفلسطينييون درجات من التسلح ولو البسيطة ، ومع ذلك تنظر أسرائيل الى كل أنواع التسلح الفلسطينية وأيا كانت مصدرا للخطر ، وتشكل تهديدا لها ، ، وكيف لنا ولو جدلا أن يملك الفلسطينيون بعضا ولو محدودا جدا من ألأسلحة ألأكثر تطورا وتهديدا لها ، ومن هنا المفارقة الفلسطينية فى المبالغة فيما يملكون من سلاح أو صواريخ ، فهذا من شأنه ان يقدم المببررات لأسرائيل وإن كانت ليست فى حاجة الى مبرر، ولعل السبب وراء ذلك ليس السلاح ونوعيته ، ولكن التلاصق الجغرافي والتداخل والأحتكاك ألسكانى المباشر الذى يجعل حتى من المطواه أداة فعالة مثلها مثل غيرها من أنواع ألأسلحة القاتلة طالما أنها قادرة أن تحقق الهدف ذاته من القتل . هذا عامل مهم جدا فى تحديد العلاقة من منظور عسكرى مع الفلسطينيين . ومن المدركات المهمة التى قد تدفع أسرائيل للخيار العسكرى تأكدها من صعوبة فرض عقوبات عليها بفضل الفيتو ألأمريكى فى مجلس ألأمن . هذا وتبقى أسرائيل دولة أحتلال وهذا يفرض عليها مسؤوليات كبيرة وهذا ما لم يوظفه الفلسطينيون جيدا ، وحتى تتغلب أسرائيل على هذه الصفة تحاول جاهده أن تصور المقاومة الفلسطينية وتضعها فى دائرة ألأرهاب والعنف ، وخصوصا ألأستفادة من العمليات البشرية التىكانت تتم فى داخل أسرائيل ، وهنا أسرئيل تستغلها بما يخدم أهدافها ألأحتلالية , وأذا كانت أسرائيل تحكمها محددات عامة مع الشعب الفلسطينيى ومقاومته ، فالعلاقة ذاتها تحكمها خصوصية أكثر فى التعامل مع قطاع غزه : ,ألأسباب هنا واضحه : أولا سيبقى قطاع غزه ولأسباب جغرافية أحد مكونات السياسة ألأمنية لأسرائيل ، ويعنى أن اسرائيل لم تسقط ولن تسقط غزه من خياراتها العسكرية وألأمنية ، ولذلك فإن أنسحابها من غزه كان لأهداف سياسية ، أما الحسابات ألأمنية فثابته وقائمه فى كل الظروف ، و ألأمر الآخر أن أسرائيل لن تسمح بان يتحول قطاع غزه ألى ما يشبه قاعده وقوة عسكرية أيا كانت السلطة والقوة المهيمنة والحاكمة فيه ، والمسألة تأخذ أهمية أكبر فى حالة سيطرة وهيمنة وحكم حماس فى غزه ، فطبيعة هذه الحركة الدينية ورفضها للإعتراف بأسرائيل وتمسكها بخيار المقاومة العسكرية ، سيبقى الخيار العسكرى لأسرائيل هو الخيار المسيطر والحاكم للعلاقة مع هذا الساحل الفلسطينى الصغير ، ويضاف لذلك تخوفات أسرائيل من أرتباطات حماس ألأقليمية ، مما يزيد من أحتمالات الخيار العسكرى ، وكل هذا يفسر لنا المحاولات التى تقوم بها أسرائيل من حصار ، ومراقبة لأى تدفق للسلاح ، ومحالاتها السيطرة والتحكم فى المنافذ التى تربط غزه بالعالم الخارجى . والسؤال الذى نطرحه ماذا تريد أسرائيل من غزه وما هى أهدافها ؟ بإختصار شديد أسرائيل تريد غزه بعيده عن بقية الجسد الفلسطينى ، وتبقى حالة ألأنقسام السياسى مع الضفة الغربية ، لأن من شان ذلك أن يحقق لها أهدافها فى أحتواء كل الخيارات الفلسطينية من مفاوضات ومقاومة ، وتريد من غزه أن تبقى دائما فى حالة من الضعف ألأقتصادى والضعف السياسى والعسكرى ، حتى تبقى فى حالة من التبعية الكاملة لها ، وهذه الحالة الغير متكافئة تلعب فيها عوامل كثيرة منها ان ألأقتصاد الأسرائيلى يبقى يشكل أقتصادا حاضنا للأقتصاد الفلسطينى ، ولذلك تريد أسرائيل غزه سوقا مستهلكة ، وهناك المشاكل السكانية وزيادة درجات البطالة والفقر بسبب ألأفتقار للموارد ألأقتصادية الذاتية القادرة على بناء أقتصاد مستقل نسبيا , ولا يعنى أسرائيل من يحكم غزه ، لكن المهم ان من يحكم عليه أدراك هذه المحددات والمطالب ألأسرائيلية ألأمنية ، وفى النهاية أسرائيل لا تريد أعترافا من حماس بقدر ما تريد حماس ضعيفه ، وهذا قد يدفع فى أتجاه الدفع بحركة حماس الى مزيد من المرونة السياسية أذا ما ارادت ألأستمرار فى حكمها وتواجدها . كل هذه المحددات والمدركات تجعل من الخيار العسكرى هو الخيار الوحيد فى التعامل مع غزه . ويبقى التساؤل كيف يتم التعامل فلسطينيا مع هذا الخيار ؟.لا شك هناك عدد من الكوابح التى تفرض نفسها على أسرائيل ومن ذلك الضغط الذى يمثله الشارع العربى وألأسلامى بل والدولى الذى يشكل قوة ضغط على أنظمة الحكم لتمارس ضغطا مباشرا على أسرائيل ، ومن ذلك على سبيل المثال الموقف التركى ومن  قبله الموقف العربى ، مصر والسعودية وألأردن وغيرها من الدول ليس من مصلحتها أندلاع حرب جديده ، وهناك دور التحولات فى الحركات السياسية ألأسلامية وزيادة نشاطها وتأثيرها فى قطاعات واسعة من الرأى العام فى العديد من الدول ، لا يمكن التقليل من أهميته ، وهناك دورا مباشرا يقع على الفلسطينيين أو اى حكومة مسؤولة فى غزه ، وهى أدراك حقيقية أساسية أنه لا يمكن تحرير فلسطين، أو أنهاء ألأحتلال الأسرائيلى أنطلاقا من غزة ، ولذلك لا بد من نزع كل المببررات من يد أسرائيل ، وعليه تصبح التهدئة مصلحة فلسطينية عليا ، وينبغى التفكير فى تكوين رؤية حضارية تنموية ديموقراطية لغزة ، فغزة لا تصلح لأن تكون نموذجا لثكنة عسكرية ،بقدر ما تكون نموذجا سياسيا متقدما يثبت قدرة المواطن الفلسطينى على الممارسة الديموقراطية وهذا هو الكابح الرئيس ضد اى حرب قادمةعلى غزة .
دكتور ناجى صادق شراب /أكاديمى وكاتب عربى .
drnagish@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.