www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

«وراء الشمس» لم يقدم حلولاً!! /ملدا شويكاني

0

«وراء الشمس» لم يقدم حلولاً!! والأعمال التاريخية تفتقر إلى الدقة.. كاتب باب الحارة: الاجتماعية وقّعت بالشكلانية والكوميديا ليست استعراضاً

 

باب الحارة.. ليس مسلسلاً عادياً.. لقد غدا طقساً من طقوس رمضان على مدى خمس سنوات متتالية، دخل قلوب الصغار والكبار وشغل المحطات الفضائية، وأصبح مثار جدل كبير، عجز الكثيرون عن تفسير نجاحه الذي وصل إلى أمريكا وكندا وبلاد الاغتراب كلها.

ومن المعروف أن كمال مرّة كاتب مسرحي وتلفزيوني وممثل عمل في دار الثقافة والعمالي والقومي، درس المسرح بعد دراسته الهندسة الميكانيكية، برع بتجسيد الحارة (الدمشقية والحلبية) إضافة إلى البيئة الساحلية.

تمكن من الربط المحكم بين الشخصيات المتفاعلة والمتميزة بالحيوية، وقدم حبكة درامية ذات مسارات متعددة، فجاء باب الحارة المحمّل بالرموز والمضامين والمفاهيم..

وربما كثيرون لا يعرفون أنه عازف كمان ورسام محترف وقارىء جيد

تُرى.. ماذا سنقرأ في عالم كمال مرة

باب الحارة يحمل الكثير من المضامين

*كيف تفسر نجاح باب الحارة من وجهة نظرك ككاتب العمل؟

برأيي ما يصدر من القلب يُستقبل بصدق، هذا هو سر نجاح باب الحارة الذي حمل إلى المشاهدين كل الحب والتآلف والتلاحم وقدم حكايات عفوية وبسيطة ولكنها تتبنى قيماً إنسانية ومشاعر وجدانية نفتقدها في وقتنا الحاضر ليس لأنها غير موجودة في ذاتنا.. وإنما قد تكون لغة العصر اختلفت من عصر إلى آخر وغابت في ضباب حياتنا المتسارعة لتعود إلى أذهان المشاهدين، أنا لا أتكلم عن باب الحارة كأجزاء وإنما كعمل متكامل.

إنه مجموعة من الحكايا تبدو عادية تماماً إلا أنها محمّلة بالرموز واستطاعت أن تلامس جوانب المجتمع ككل، وتصل إلى المشاهدين ليس في سورية فقط، وإنما في الوطن العربي ككل وفي بلاد الاغتراب، إلى تركيا إذا عُرض باب الحارة باللهجة التركية.. كما عُرض في عدة قنوات مصرية، وهذا لم يحدث سابقاً «العمل ككل توخى المصداقية، وتوجه إلى المشاهدين بكل شرائحهم وخلفياتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية.. ولم يستهدف المنافسة لمسلسلات البيئة المشابهة، وإنما توجه إلى المشاهدين بكل مصداقية.. ونجاحه عناصر متكاملة ابتداءً من النص والإخراج والجغرافية المكانية، وحركة الكاميرا ومصداقية الأزياء والاكسسوارات واللهجة والمفردات، وقدرة المخرج على اقتناص اللقطة المناسبة والموحية  والتصوير والإضاءة وأداء الممثلين والقدرة على الدخول إلى قلوب الناس، حيوية الشخصيات، تصاعد الحدث، الخطوط الساخنة في العمل الدرامي،  ورغم بساطة وسهولة قراءة باب الحارة، إلا أنه يتضمن مفاهيم كبيرة قومية ووطنية في الوقت ذاته، أما من حيث الشخصيات فرغم بساطتها التي تبدو في بعض الأحيان ساذجة… إلا أنها محمّلة بالكثير من المضامين والرموز التقطها المشاهد بحسه، وعبّرت عن حالة متكاملة «حالة سياسية – اجتماعية – اقتصادية»،  رأينا في الجزء الخامس قصي خولي في شخصية جديدة «أبو قاعود»، وفايز قزق الشخصية الهامة التي حملت الكثير من الإسقاطات الواقعية التي نعيشها.. وتختصر كل ما هو معاصر، وما يحدث الآن.. حتى موته كان وفق قتل جماعي تعبيراً عن انتقام ورفض من الجميع، هذا له دلالة أيضاً، شخصية أم جوزيف المناضلة التي لا تقدم مفهوماً لشخصية منفردة، وإنما لشخصيات جماعية أدركت أن ما آلت إليه الأمور تحتاج إلى مقاومة جماعية، استلاب المكان «منزلها»، فما أُخذ بالقوة يستعاد بالقوة.

«ثياب أولادها» التي قدمتها لمعتز عقيد الحارة، والتي وصفتها بأنها أغلى من الذهب هي استمرار للهوية والنضال والمقاومة والوجود.

* هل يوجد جزء سادس لباب الحارة لاسيما أن النهاية بقيت مفتوحة لكثير من الشخصيات؟

**يضحك… حقيقةً لا أعرف أنا بقرارة نفسي أتمنى أن يكون هناك جزء سادس وسابع… أتمنى أن يستمر باب الحارة الذي يعبّر كما قلت عن مضامين هادفة، وبالتالي وجود جزء سادس لا يشكل عبئاً على المخرج والكاتب، فمتعة المسلسلات البيئية أن كل جزء وحدة منفصلة وحكايا جديدة، وإن كانت الشخصيات الأساسية واحدة… والإطار العام واحد إذا عدنا إلى المسلسلات الأمريكية، نرى مثلاً أن مسلسل دلس استمر إلى 2000 حلقة وكان ناجحاً، ومسلسل فرند على سبيل الذكر.. وكذلك المسلسلات التركية تصل إلى مئتي حلقة وأكثر ولم يشكل هذا عبئاً.

برأيي البيئة الشامية غنية بأنماط الكركترات عكس كاركترات مجتمعنا المعاصر، والأعمال الاجتماعية التي دخلت في حالة الشكلانية، في أعمال البيئة كل شخصية لها ثيمة مختلفة عن الأخرى،  وكاركتر يوحي بنمط خاص «الطربوش – الخيزرانة – الشروال»، وتراثنا غني جداً وموروثنا الشعبي يحفل بآلاف النماذج، أما فيما يتعلق بالنهاية المفتوحة فلأن الدراما تخاطب المشاهد، وأردت أن أُقحم المشاهد في اختيار النهاية التي تحتمل وجوهاً عدة ومحمّلة بالرمزية.

تنوّع الكاركترات

*بعض النقاد نقدوا المخرجين لتكاسلهم بصنع كاركترات جديدة لاسيما للبيئة الشامية.. فما رأيك؟

**بالتأكيد يقع على المخرج صنع كاركترات جديدة حتى تخرج من إطار التشابه، فكل شخصية تعبر عن نمط حياتي اجتماعي يكسبها سلوكيات خاصة من حيث المظهر العام وأسلوب الكلام والمفردات، التي تتداولها في باب الحارة كل الممثلين اشتغلوا بكاركترات مختلفة، وتركوا تأثيراً واضحاً لدى المشاهدين.. مثلاً شخصية زهير عبد الكريم «أبو شاكوش»، وشخصية قصي خولي «أبو قاعود»، الذي قدم شخصية «أبو دياب» أيضاً بكاركتر مختلف شخصية مأمون بيك، شخصية النمس.

* تعقيباً على كلامك ما حقيقة الخلاف الذي وقع بين المخرج ومصطفى الخاني؟

** لاحظنا جميعاً أن أداء شخصية النمس في الجزء الخامس جاءت مغايرةلشخصيته في الجزء الرابع، ومن هنا وقع الخلاف مع المخرج «مؤمن الملا» إذ حاول الخاني أن يسيّر الشخصية بمسار يختلف عما رّسم لها، وحاول أن يجسدها كما يريد، وهذا أساء إلى شخصيته، لا أعتقد أن المشاهد لاحظ غياب الشخصية، لأن أغلب المشاهد قد صُوِّرت من قبل الخاني قبل الخلاف، وقد تدخلتُ بإضافة خط جديد «أبو شاكوش»، وعدلت مع المخرج بصياغة العمل الدرامي حتى نسوّغ غياب النمس.

الدبور نص سيء

* حفل رمضان العام الحالي بأعمال متنوعة للبيئة الشامية، «باب الحارة – الدبور – أهل الراية» فما رأيك بها؟

** اعتدتُ دائماً أن أقول رأيي بصدق ووفق قناعاتي: الدبور نص سيء بجهود كبيرة بُذلت من قبل العاملين فيه، وخضع لمعالجة درامية كبيرة إلا أن الحكاية المطروحة تمت معالجتها بسطحية مبالغ بها.. مما أدى إلى حدوث خلل واضح بالعمل، فمن المعروف أن المجتمع يقسم إلى الحرملك، وتكون فيه المرأة سيدة بيتها، ولها حضورها الإنساني والاجتماعي في الحارة وبين النساء، ويعبر هذا المجتمع عن التواصل والحراك الاجتماعي ومجتمع السرملك الذي يصوّر الرجل وحياته الخاصة، خارج المنزل وعلاقاته مع كل القضايا ومع الآخرين.. ومن المعروف أنه في كثير من الأحيان الرأي للمرأة في أكثر القضايا الحياتية التي تُدار خطوطها  في المنزل، العمل اشتغل على هذه النقطة وبالغ بها إلى درجة أصبحت فيه محرّك الأحداث، طبعاً مع احترامي لأداء النجوم الذين شاركوا بالعمل، وقدموا كل ما لديهم لرفع سوية العمل.

الدراما لا تعني التوثيق

فيما يتعلق بأهل الراية أعتقد أن العمل لم يكن مهيئاً لعرض جزء ثانٍ منه رأينا جميعاً نهاية الجزء الأول الذي كان مفتاح الجزء الثاني، ولم ألحظ أية إضافة جديدة إلى العمل، فجميل أن نرى عاداتنا وتقاليدنا في المسلسلات الدرامية «البيئة الدمشقية»، لكن المشاهد ليس مضطراً لمشاهدة مشاهد توثيقية للاحتفالات الدينية والاجتماعية في المناسبات والمشاهد الطويلة التي تأخذ حيزاً من ساحة العمل… مهمة الدراما ليس التوثيق، وإذا أردنا التوثيق للبيئة الدمشقية بدقة، فهذا ليس لصالحنا، فهناك بعض العادات السيئة التي تترك أثراً سلبياً، فإما أن نكون صادقين أو غير صادقين نحن نقدم فناً ودراما، والدراما صناعة، نحن نجمل الأشياء، ونعرض حالة جمالية قد نجمل موضوع القتل الذي يحمل الكثير من الدموية.

بحاجة إلى قراءة تاريخية معدّلة

* مارأيك بالأعمال التاريخية؟

** ما قلته حول مسلسلات البيئة «التوثيق ينطبق على التاريخ والسؤال كيف نتعامل مع التاريخ وما هي الصورة التي تعرضها ..؟ هل تحمل الكثير من المصداقية هل تتعرض للتزييف.. حينما تتناول عصراً من العصور، أو شخصية تاريخية فكيف نقرؤها، نلاحظ الكثير من التناقضات.. نحن بحاجة إلى قراءة تاريخية نحقق فيها التوازن.

أين الحلول؟؟

*ما رأيك بالأعمال الاجتماعية التي تناولت مسألة المعوقين؟؟

** جميل أن تتناول أعمالنا الاجتماعية قضية شريحة من المجتمع تشكل نسبة معينة، ليست في مجتمعنا فقط، وإنما في كل المجتمعات.. ومسألة تناول المعوقين بالدراما أمر في غاية الأهمية من حيث الطرح.. ولكن السؤال ماذا قدم وراء الشمس أو قيود الروح من حلول لهذه الشريحة؟؟ إذا تحدثنا عن وراء الشمس والذي رأينا فيه جهداً إخراجياً كبيراً.. ماذا قدم من حلول ؟؟على مدار ثلاثين حلقة؟؟ استمر الحدث منذ الحلقة الأولى، وسلط الضوء على واقع المعوقين ولكن لم يقدم معالجة حقيقية لهم ولم يدخلنا في صلب معاناتهم في المدرسة والعمل والتواصل مع الآخرين، العمل يوصلنا إلي الكثير من التساؤلات والاستفسارات حول مصير هؤلاء المعوقين، هم عبء على أسرهم أين دور المؤسسات والجمعيات الخاصة والرسمية والأهلية، أنا أحيي علاء الزيبق على الجهد الكبير الذي بذله، لكن في العمل وخلال الخط الدرامي رأينا أن أم علاء ماتت، ما مصير علاء لو مات والده؟.. وماذا سيكون مصيره بعد والده، أين دور المجتمع الذي يضمن للمعوق حياة كريمة لا يحتاج فيه إلى أحد، أو لا ينبذ من أقربائه بعد وفاة والديه.. وأين حقه في التعلم والعمل ليكون إنساناً يملك القدرة على حماية نفسه، أعتقد أن هذا الجانب كان غائباً عن العمل.

العمل طرح شخصيات، ولم يطرح موضوعاً.. مع أن المخرج كما قلت قدم جهداً كبيراً وحوّل العمل إلى مشاهد بصرية إنسانية، اشتغل عليها بطريقة جميلة جداً.. ولكن النص كان يفتقر إلى ما ذكرت.

تنوّع اللجهات دليل نجاح الدراما

* نوعّت دراما هذا العام بلهجاتها.. فما رأيك؟

** التنوع باللهجات ضروري جداً ويدل على غناء الدراما السورية، فكل منطقة سورية تصلح لتقدم أعمالاً درامية غنية، سواء الدمشقية أم الحلبية أم الساحلية أم الجبلية.. وتحدثت أكثر من مرة عن المناطق الشرقية التي تجمع بين المدنية والعشائرية وتتضمن الكثير من القصص والحكايا المعبّرة عن العادات والتقاليد وتنم عن موروثها الشعبي الخاص، هذه البيئة فيها تنوع وتجديد للساحة الدرامية… وكما ذكرت في حديثك الفيلم الذي قدمه المخرج سامر برقاوي و(كلام حريم)، يتناول هذه المنطقة، وكان تجربة ناجحة.. إننا بحاجة إلى إضافات جديدة إلى المسار الفني.. تقدم قيمة فنية وليس حالة تجارية.. الدراما صناعة لها أحداث ومسار وقواعد لا تتجاوزها، وهدفنا تقديم دراما ناجحة تليق باسم سورية وليس ربحاً سريعاًودراما تحترم وجهة نظر الكاتب، وتحترم الفكر الفني … نحن نتعرض لمنافسة شديدة ليس على الصعيد السوري العربي وإنما دخلت إلى الخط الدراما التركية والايرانية، في سوق التسويق والمحطات الفضائية، وإذا لم نكن مهيئين ومؤهلين لهذه المنافسة… بالتأكيد سنتراجع..

استعراض لشخوص فقط؟؟

*كيف تقيم الأعمال الكوميدية؟؟

** تابعت مسلسل (أبو جانتي) وبرأيي لا يقوم مسلسل على كاركتر واحد وكاريزما سامر المصري فقط… العمل الكوميدي، أخلاقياً لا يؤذي الذوق العام، أبو جانتي سائق تكسي، له حضور قوي يقدم مساعدات إنسانية ويحمل الكثير من القيم والشهامة ويساعد الآخرين، واعتمد العمل على حركة الكاميرا والموسيقا التصويرية وموسيقا الشارة.. لكن كان فيه الكثير من السلبيات التي تؤذي الذوق العام مثل سلوكيات شخصية (أبو ليلى) بعض التفاصيل كانت غير مقبولة إنه أقرب إلى الفالس اعتمد على المبالغة ولم يقدم موضوعات هادفة، إنه استعراض لشخوص فقط.

أما بقعة ضوء فكان مهماً جداً، لأنه تناول موضوعات ساخنة بطريقة كوميدية تخاطب عقول الناس وقلوبهم.

البطولة الجماعية

* كيف نحافظ على نجاح الدراما السورية؟.

** العمل وفق مبدأ البطولة الجماعية وعدم تكريس بطل فردي وهذا ما اعتمدت عليه في باب الحارة، فما يهمني الحكاية ككل، العمل الجماعي القاعدة التي تقوم عليها الدراما، وهذا ما يميز الدراما السورية عن بقية الدرامات.. فنحن لا نقدم مسرحية مدتها ساعتان أو ثلاث ساعات، تعتمد على حدث واحد ومسار واحد وبطل، نحن نقدم خلفية لمجتمع متكامل بكل صراعاته، وتناقضاته وهواجسه وأحلامه، وهذا لا ينطبق على حالة البطل الفردي.

دراما أقرب إلى روائية

*بعد باب الحارة بماذا تحلم؟؟..

** أحلم أن أقدم دراما أقرب إلى الروائية وأتابع مشروعي القديم في كوم الحجر والحوت، ومشاريع جديدة تعبر عن مفهومي ورؤيتي للدراما

موسيقي ورسام

*ماذا على الصعيد الشخصي

** أحب الموسيقا بالدرجة الأولى أنا عازف كمان استمتع بألحانه التي تفتح لي الكثير من الآفاق، وأرسم بأسلوب واقعي، وكنت في مرحلة سابقة محترفاً، أقمت معارض ولي لوحات كثيرة، لمشاهد طبيعية وبورتريهات واقعية وخيالية.. أتابع الأفلام السينمائية الحديثةخاصةً والأعمال الدرامية..

وفي منحى آخر، فأنا قارىء جيد أقرأ كتباً بعالم السياسة والأدب وعلم الاجتماع والفلسفة.. والتحليل النفسي.

حوار: مِلده شويكاني

ت: ماجد أسعد

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.