وارحمتاه لقوم فارقوا النعما
وارحمتاه لقوم فارقوا النعما | من غير ذنب لهم واستقبلوا النقما |
ولاة أرزاقهم ولو فما رجعوا | وغادروهم عراة جوعا هضما |
شيوخهم وعذاراهم وصبيتهم | ذاقوا جميعا فطام القهر واليتمائ |
فلو ترقبهم مستطلع لرأي | اشلاء حزن مشظة بكل حمى |
مكدسين جماعات على علل | مستوطنين بيوتا تشبه الرجما |
مستضعفين ثكالى لا قرار لهم | ولا يلاقون إلا البؤس والسقما |
لولا بشاشة إيمان تثبتهم | تخيروا دون تلك العيشة العدما |
ما حال أم لها طفل بجانبها | غير المدامع في يوميه ما طعما |
ورضع وجدوا الأثداء لاذعة | كالجمر فانفطموا واستنكروا الحلما |
وغانيات اباحتها الخطوب فلو | لم تعصم النفس ساء الفقر معتصما |
وعاجزين إذا الحاجات ثرن بههم | عاقت قيود الليالي منهم الهمما |
أشباه موتى سوى رؤيا تروعهم | ورائعات الروى لا تبعث الرمما |
أولئكم أهل من جادوا بأنفسهم | وخلفوهم على أوطانهم ذمما |
شكوا إلى مصر ما عانوه فاستمعت | ومن شكا فدعا مصرا دعا الكرما |
جادت بما أخجل التيار مندفقا | والسحب هاطلة والغيث منسجما |
لله در بنيها السخياء فهم | إذا انبروا للندى بزوا به المما |
عباس قدوتهم فيه وهم تبع | كلاراس والجسم نعم الصاحبان هما |
رعى الإله مليكا جل بغيته | أن يعلي الحقا أن يكشف الغمما |
إذاتعاظمت الجلى فنائله | تراه فوق مرامي الفضل قد عظما |
وكافأ الحمد أم المحسنين بما | أولت فأغلت فراع العرب والعجما |
ألقت على الدهر ذكرا من عوارفها | يعطر الكون والأرواح والنسما |
هي المروءة تعطي والوفاء يفي | ورسمها السعد محجوبا ومبتسما |
عاشت وقت بنجليها وأمتها | وبالسرورين مبذولا ومغتنما |
ولتحي مصر فما زالت كما عهدت | كهفا لقاصدها غوثا لمن أزما |
تناولت كل ملهوف برحمتها | والله يرحم في الدارين من رحما |