اعترفت إسرائيل بأنها دولة تمتلك السلاح النووي ، وأن قنابلها الذرية جاهزة للاستعمال في أي تجاه . ما يدعو للسخرية حقاً ، أن هذا الاعتراف الرسمي , يأتي في الوقت الذي يعلن فيه المجتمع الدولي , عن رغبته في منع إيران , وبعض الدول الأخرى , من امتلاك هذا السلاح ،ويمارس معها شتى أنواع الضغوطات ، والعقوبات الاقتصادية ، والسياسية ، والعسكرية ، الكاتب صالح خريسات
فكرة تدمير المفاعل النووي الإيراني ..!
اعترفت إسرائيل بأنها دولة تمتلك السلاح النووي ، وأن قنابلها الذرية جاهزة للاستعمال في أي تجاه . ما يدعو للسخرية حقاً ، أن هذا الاعتراف الرسمي , يأتي في الوقت الذي يعلن فيه المجتمع الدولي , عن رغبته في منع إيران , وبعض الدول الأخرى , من امتلاك هذا السلاح ،ويمارس معها شتى أنواع الضغوطات ، والعقوبات الاقتصادية ، والسياسية ، والعسكرية ، الكاتب صالح خريسات
بينما تصر إسرائيل, على أنها تملك حقاً شرعياً في امتلاك هذا السلاح ، كنوع من توازن القوى في المنطقة، أو كأنه تحد
للشرعية الدولية !
الطريف في الموضوع , أن نجد من بين قادة العالم , وزعماء التحرر , من يقول بأن نزع السلاح , ليس أمراً واقعيا ، في الوقت الذي استطاعت فيه أكثر من مائة دولة , أن تملك المواد الأولية , والمعرفة اللازمة, لإنتاج القنابل الذرية .
هذه الدول تعيش حالة من العدائيات المستحكمة بينها , وبين الدول المجاورة ، ومن الممكن اللجوء إلى استخدام هذا النوع من الأسلحة المدمرة , في لحظة ضعف تفرضها ظروف الحرب ، وعلينا أن نتصور كيف يتحول العالم , إلى جحيم يحرق نفسه بنفسه .
أقرب مثال , هو الوضع القائم الآن , بين إسرائيل وبين إيران , التي تسعى إلى امتلاك هذا النوع من الأسلحة , كوسيلة للدفاع عن النفس . فالعدائيات بين الدولتين , قائمة ومستحكمة، ولا تعايش بينهما على الإطلاق , مهما حاولت الوثائق والمعاهدات الدولية و أن تخفف من حدة التوتر ونبرات التهديد، والنية بإعلان الحرب .
فإسرائيل تعلن صراحة , بأنها ستعمل على تدمير المفاعل النووي الإيراني, بالطريقة نفسها التي دمرت بها المفاعل النووي العراقي . وقد تعلمت إيران درساً من جارتها السابقة , وليس من السهولة بمكان تجريدها من هذا السلاح , أو إقناعها بالتراجع عن حقها في امتلاك هذه القوة . فيبدو الأمر وكأننا نقترب من حافة الهاوية , في ما يشبه برميل بارود ينتظر شعله مفاجئة , لتنفجر المنطقة بأسرها , وقد يعم الخراب العالم كله .
لقد تكلم علماء وفلاسفة, وساسة ورجال فكر، ولكن ما زال القرار سياسياً وعسكريا ً، وبيد قادة الدول, ومن ورائهم كل المصالح والشركات , والمنتفعين من الرعب والتهديد النووي .
فمن يضمن من ؟! وإلى أين يسير العالم إذا ؟! وليس هناك أي حماية من هذا الخطر ، وليس هناك أي سياسية خارجية , أو جارية , لإيقاف هذه القدرة على إنشاء الأسلحة النووية ؟!
إن المرء ليجد نفسه مضطراً للسخرية, بسبب الجهود الحامية التي يبذلها المجتمع الدولي, للخلاص من هذا الواقع القاسي . وتزداد السخرية حين يعلن ساسة هذا المجتمع , عن بناء مشاريع لعالم مثالي , لا تأخذ بالحسبان الأخطار المحدقة بنا حالياً ، ونحن نحاصر من كل جانب , بالسلاح النووي المدمر، في الهند ، و في الباكستان ، وفي إيران ، وفي إسرائيل ، عوضاً عن ما تملكه الدول الكبرى , من صورايخ عابرة للقارات, تحمل رؤوساً نووية مدمرة ، والعالم كله يعيش حالة من الاضطراب والهيجان , ولا ندري متى تحين ساعة الصفر ؟!
وتزداد السخرية أيضاً, حين يتحدث المسئولين الكبار في العالم النووي, عن الفضيلة الخالصة, والمسؤولية الأخلاقية, في الوقت الذي يكذب الواقع ويدحض أقوالهم, عندما يجدون أنفسهم مرغمين, على أن يجعلوا القنابل الذرية جاهزة, لاتقاء إمكانية نزاع عالمي .
إن هذا الوضع قد يكون من شأنه, جعل النزاع أكثر حتمية، وعلاوة على ذلك, إذ انفجر هذا النزاع, فالعالم كله يتعرض أثناء الدفاع عن نفسه مادياً, لأن يهدم نفسه كثقافة، لأن ما من أحد يستطيع التأكيد, أن كسب الحرب بوسائل الدمار الحديثة, والشاملة, سيترك الكفاية من المادة الفيزيقية , والاجتماعية ,لتتيح للغالبين أو المغلوبين, إعادة بناء الحضارة .
لقد كان العالم المتحرر, يعزو منشأ جميع الشرور إلى الجهل, أو إلى عيب ما في الإنسان ,أو في بيئته، لكن السخرية تزداد, من جراء أن العالم المدعو حراً, يتحتم عليه هو بالذات, أن يلجأ إلى الشر لدرء ما يعتقده أنه الشر .
إن قياس التوازنات بالقوة العسكرية, والأسلحة النووية المدمرة، يجب أن ينتهي من قاموس العالم واستراتجياته، ويجب أن يحل محلها قوى أخرى, لكي يسود السلام العالم, وتوجه مبالغ سباق التسلح, إلى الإنتاج والتنمية بالدول, وتتمتع الشعوب بخيرات بلادها ,وتنعم بالرفاهية في إطار من الاستقرار, والأمان, وسعة العيش، والإيمان بمستقبل أفضل ,للأجيال القادمة .