www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

الفايغلينية “…… سبيل التيار الديني للسيطرة على الدولة العبرية/صالح النعامي

0

كان شارون يوقف موكبه منتظراً أن يتقدم لمصافحته، لكن الشاب باستعلاء واضح يلوح له بيده ويندفع نحو البرلمان دون أن يلتفت الى زعيم حزبه. الجميع يتزلفونه، الوزراء والنواب المنتمون للحزب يستشيرونه في كل كبيرة صغيرة، هاتفه النقال لا يتوقف عن الرنين، على الطرق الآخر من الخط: اعضاء من اللجنة التنفيذية ينتظرون رد الشاب الحاسم في القضايا التي تهم الحزب.

الفايغلينية “…… سبيل التيار الديني للسيطرة على الدولة العبرية
صالح النعامي
كان شارون يوقف موكبه منتظراً أن يتقدم لمصافحته، لكن الشاب باستعلاء واضح يلوح له بيده ويندفع نحو البرلمان دون أن يلتفت الى زعيم حزبه. الجميع يتزلفونه، الوزراء والنواب المنتمون للحزب يستشيرونه في كل كبيرة صغيرة، هاتفه النقال لا يتوقف عن الرنين، على الطرق الآخر من الخط: اعضاء من اللجنة التنفيذية ينتظرون رد الشاب الحاسم في القضايا التي تهم الحزب. أنه موشيه فايغلين ( اثنين واربعين عاما )، زعيم حركة ” القيادة اليهودية “، أهم الأجنحة في حزب ” الليكود ” العلماني الحاكم، وأكثرها تأثيراً على توجهات الحزب وسياسات الحكومة الحالية. منذ الانتخابات التمهيدية التي جرت في الليكود عشية الانتخابات التشريعية الأخيرة أصبح فايغلين وجماعته القصة الأكثر نجاحاً في الحلبة الحزبية الإسرائيلية، فقد نجح في جعل الاستطلاعات التي أجرتها مراكز قياس الرأي الأكثر شهرة في الدولة العبرية نكتة، عندما نجح في إدخال عدد من من أنصاره إلى قائمة مرشحي الليكود بزعامة نتنياهو. وفي أواخر العام 2004 سبق له أن قاد حملة ضد شارون بوصفه رئيس الوزراء وزعيم الليكود ارئيل شارون و معظم وزرائه، وأستطاع أن يقنع معظم منتسبي الحزب بالتصويت ضد خطة ” فك الارتباط “، في الاستفتاء الذي أجري في أوساطهم بخلاف كل التوقعات. لم يفلح شارون في تجنيد انجازه المتمثل بالضمانات غير المسبوقة التي قدمها له الرئيس الامريكي جورج بوش والتي تحسم عمليا جميع قضايا الحل الدائم لصالح الدولة العبرية في زعزعة ثقة معظم منتسبي الحزب بالمسوغات التي قدمها فايغلين لرفض الخطة، و لم تصمد في حينه حجج وزير الدفاع الأسبق شاؤول موفاز، الجنرال الإكثر في دموية في تاريخ إسرائيل، الذي حاجج فايغلين بالقول أن تطبيق خطة ” فك الارتباط “، في قطاع غزة تهدف عملياً الى سلخ الضفة الغربية وضمها إلى الدولة العبرية ” الى أبد الآبدين “، كما كان يحلو لموفاز أن يطمأن مستمعيه. القاعدة الحزبية الأوسع في إسرائيل أختارت أن تصدق الشاب المتدين ورفاقه الذين لا يرون طائلاً من أي تسوية مع العرب لإيمانهم العميق ب ” صراع الحضارات “. بسبب هذا الشاب، اضطر شارون لترك الليكود وتشكيل ” كاديما ” الذي يذوي حالياً في ظل الانشقاقات. تعدد الأجنحة في الحزب العلماني الواحد داخل الدولة العبرية، ظاهرة رافقت قيام الدولة وحتى الأن، لكن الذي يجعل الأمر مختلفاً، بل وثورياً بالنسبة للتأثير الكاسح لحركة “القيادة اليهودية “، على حزب الليكود هو حقيقة أن جميع أعضاء هذه القوة الحزبية الصاعدة بإندفاع هم من أتباع التيار الديني الأصولي ” الارثوذكسي ” المتطرف، وهذا ما لم يكن من قبل مطلقاً. فايغلين يتباهى بالهدف الذي وضعه لجماعته وله شخصياً وهو الوصول الى قيادة الحزب، ومن ثم قيادة الدولة وتطبيق ايدلوجية حركته ( سنتطرق لاحقاً بشئ من التوسع لأفكار ” القيادة اليهودية” ومنطلقاتها الأيدلوجية ). قوة الدفع المذهلة التي يتحرك بها فايغلين ورفاقه تجعل معظم الأوساط الحزبية في الدولة العبرية لا تستبعد أن ينجح في تحقيق أهدافه. الانطباعات العميقة التي تركتها الانجازات التي حققتها جماعة ” القيادة اليهودية”، جعلت عدداً من كبار علماء الاجتماع السياسي في الدولة العبرية وأشهر معلقي وسائل الأعلام اللإسرائيلية يرون ان أنطلاق ” القيادة اليهودية ” يؤذن في الحقيقة بانطلاق مدرسة فكرية صهيونية ثالثة تنافس مدرستي الصهيونية العملية والصهيونية التصحيحية. عدد من علماء الإجتماع السياسي، فضلاً عن كبار المعلقين أصطلحوا على تسمية هذه المدرسة ب ” الفايغلينية “، للدور يلعبه زعيمها الشاب في بلورة أفكارها ونقلها بقوة الى دائرة التأثير في المعترك السياسي والحزبي والإجتماعي الإسرائيلي. ونحن هنا سنتطرق الى الأسباب التي حدت بأتباع التيار الديني الأصولي الصهيوني المتزمت للتوجه للتأثير والسيطرة على الأحزاب العلمانية الكبيرة، وبالذات حزب الليكود، الحزب الأكبر والأهم، والذي يهيمن لوحده على حوالي ثلث مقاعد البرلمان في الدولة العبرية. وما هي الآليات التي يتبعها أتباع التيار الديني الاصولي الصهيوني المتشدد للسيطرة على الأحزب العلمانية، وما تأثير هذه الظاهرة على مستقبل الدولة العبرية وشكل الصراع بين العرب واسرائيل بالنظر للأيدلوجية التي تنظم الخط الفكري ل ” الفايغلينية “.
لماذا الانقضاض على الأحزاب العلمانية الكبيرة
في مقابلة نادرة نشرتها له مجلة الصفوة ” الايام السبعة “، في عددها الصادر بتاريخ 11-6-2004، يشرح فايغلين الأسباب التي دفعته للانتقال من العمل ضمن الحركات الدينية الارثوذكسية المتزمتة الى فضاء الأحزاب العلمانية الكبيرة،سيما الليكود. يقول فايغلين أن النشطاء السياسيين المتدينيين قد ارتكبوا منذ الإعلان عن الدولة خطيئة كبرى عندما حصروا نشاطهم ضمن الأحزاب الدينية التي عادة ما حرصت على تمثيل قطاعات بعينها في الجمهور اليهودي في الدولة العبرية، الأمر الذي كرس مكانة هذه الأحزاب ونشطائها خارج ما يعرف ب ” الأجماع الصهيوني العام “، الذي تشكله القواسم المشتركة لكل من حزب الليكود بإعتباره حزب علماني يمين وسط، وحزب العمل، باعتباره حزب علماني يسار وسط. ويرى فايغلين أن غياب النشطاء السياسيين المتدينيين عن ساحة العمل داخل الأحزاب العلمانية الكبيرة هو الذي مكن الساسة العلمانيين من تحديد معالم ” الاجماع الصهيوني “، بدون أي صلة بتوراة ” شعب اسرائيل “. ويرى فايغلين أن قبول قطاعات من اليهود داخل الدولة العبرية، ومن ضمن أولئك قطاع هام من العلمانيين من اصحاب التوجهات اليمينية لفكرة التنازل عن أجزاء من أرض إسرائيل مقابل تسوية سياسية مع العرب هو نتاج طبيعي لعدم احتكام الطبقة السياسية الحاكمة في الدولة الى منظومة القيم التي تمليها ” التوراة “، على العاملين في مجال السياسة. ويضيف فايغلين أن هذا ما دفعه للإنضمام الى حزب الليكود كمنتسب عادي في أواخر العام 1999، ليقف بعد أربعة أعوام على رأس أكبر جناح داخل الحزب العلماني الأهم في الدولة. فايغلين المتدين، الذي يتباهى بحفظه لعشرات الالاف من نصوص الفتاوى التي أصدرها كبار رجالات الإفتاء على مر العصور، يرى أن قيام الاحزاب و الحركات الدينية في الدولة العبرية كان له بالغ الأثر في التأثير سلباً على مكانة الدين اليهودي. ولا يتردد فايغلين صاحب اللهجة الحادة واللسان السليط في وصف هذه الحركات والأحزاب بأحزاب ” المتقاعدين “.
آليات السيطرة: الإغراق بالمنتسبين
في أواسط التسعينيات خبرت إسرائيل طريقة الانتخابات التمهيدية، حيث تقوم القاعدة الإنتخابية لكل حزب بإختيار مرشحيه لشغل مقاعد البرلمان، ومرشحه لرئاسة الوزراء. تحديد القاعدة الإنتخابية التي يحق لها الإنتخاب يتم بعد عملية تنسيب مقترنة بدفع رسوم انتساب. عندما أنضم فايغلين لليكود في آواخر العام 1999، كان الحزب يوشك على تنظيم عملية انتساب شاملة. يقول فايغلين أنه لم يضيع أي ثانية من أجل استغلال هذا الحدث الى أقصى حد، وبالفعل فقد اتصل على جناح السرعة بعدد من أقطاب اليمين المسيحي الصهيوني الأمريكي الذين يعتبرون الحليف الأوثق لأتباع التيار الديني الارثوذكسي في الدولة العبرية، وشرح لهم مخططه الهادف الى احكام سيطرة على حزب الليكود، مطالباً أياهم بالتجند لجمع تبرعات عاجلة له. بسرعة شكل أقطاب اليمين المسيحي حركة مساندة لفايغلين في الولايات المتحدة أطلقوا عليها ” صديقي هذه أرضنا” هدفها جمع التبرعات لصالح فايغلين وحركته. الذي دفع هذه الجماعة للتبرع لجماعة فايغلين هو أعتقادها بوجوب قيام دولة يهودية ” خالصة ” قبل حرب ” يأجوج و مأجوج”، التي تسبق نزول المسيح مجددا. كما يقول فايغلين ففي غضون شهرين استطاع تنسيب عشرة الاف متدين لحزب الليكود، جميعهم من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه القاعدة الصلبة من المنتسبين لليكود مكنت فايغلين من التحكم بطبيعة الأشخاص الذين يتم انتخابهم ليمثلوا الحزب في البرلمان والحكومة. وجود هذا العدد الكبير من المنتسبين من بين صفوف أتباع التيار الديني المتزمت كان له بالغ الأثر في هيمنة الصقور على القائمة البرلمانية للحزب. هذه القوة الكبيرة هي التي مكنت فايغلين من تحدي زعيم الحزب ارئيل شارون ومعظم وزرائه ونجاحه في احباط خطة فك الارتباط في الاستفتاء الذي اجري في مطلع مارس الماضي. فايغلين لا ينفك عن تجنيد منتسبين جدد من بين المستوطنين المتدينين لليكود. في الفترة الممتدة بين مارس ومايو الماضي فقط استطاع فايغلين تنسيب الفي مستوطن جديد للحزب. من مكتبه في مستوطنة ” كرنيه شمرون”، الواقعة للغرب من مدينة نابلس يشرف فايغلين على مواصلة تنسيب مزيد من الاعضاء لليكود. ويؤكد أنه نظراً للحماس الشديد الذي يبديه المستوطنون المتدينون للانتساب للحزب، فأنه لم يعد قادراً على تلبية طلبات الانتساب بشكل سريع. ويضيف أن الناس باتت تدرك أنه بدون تأثير “القيادة اليهودية “، فأن السيطرة اليهودية على هذه الأرض لن تكون مضمونة.
يقول فايغلين أن أتباع التيارات الدينية في الدولة العبرية لم يعرفوا كيف يستغلون الديموقراطية الإسرائيلية بالشكل الذي يحقق أكبر قدر من التأثير لهم على مجريات الأمور وذلك عن طريق اغراق الاحزاب العلمانية وبالذات الليكود بالمنتسبين المتدينين. من المؤكد أن نجاح فايغلين في السيطرة على الليكود تأتى لغياب الحماس لدى الأجنحة العلمانية، وتقاعسها عن التحرك للتأثير على مجريات الأمور في الدولة، وهي ظاهرة يلمسها كل من يحاول تفحص طبيعة الحراك في المشهد الإسرائيلي. في حين أن فايغلين هذا يستغل الدافعية منقطعة النظير لدى أتباع التيار الديني، سيما من بين أوساط المستوطنين للانخراط في العمل السياسي العام من أجل التأثير والقيادة. في المدى المنظور وضع فايغلين لنفسه ولحركة ” قيادة يهودية “، التي يتزعمها داخل الحزب هدفان اساسيان: التأثير على مصير القضايا الهامة المطروحة على ” جدول الأعمال الوطني “، فضلاً عن تحديد الأشخاص الذين يمثلون الليكود في البرلمان والحكومة ومجالس الحكم المحلي. فايغلين قطع شوطاً كبيراً في تحقيق هاتين الغايتين، فنجاحه وهو عضو اللجنة المركزية للحزب في الوقوف ضد قيادة الحزب وممثليه في الحزب، وإقناعه قاعدة الحزب بالتصويت ضد خطة شارون لفك الإرتباط، بالإضافة الى اجبار الحكومة على اضفاء الشرعية على العشرات من البؤر الأستيطانية التي أقامها المستوطنون في الضفة الغربية ومضاعفة الموازنات لها. الى جانب ذلك فأنه بفضل فايغلين فأن معظم نواب الليكود في البرلمان يقعون الى يمين شارون في كل ما يتعلق بالموقف من الصراع مع الفلسطينيين.فايغلين لا يدع مجالاً للشك، فهو يعلن أن هدفه النهائي هو الوصول الى قيادة الليكود ومن ثم قيادة الدولة، بحيث تكون الخطوط العامة لسياسة حكومته قائمة على المنطلقات الأيدلوجية ل ” القيادة اليهودية “. بلور فايغلين منطلقاته الأيدلوجية وعرضها على قرص مدمج، قام أتباعه بتوزير مئات الالاف من النسخ منه حتى الان على اليهود في الدولة. نقطة الانطلاق بالنسبة للفايغلين هو الافتراض بأنه سيصبح قائداً لليكود، ومن ثم رئيساً للوزاء لدولة إسرائيل. يشير فايغلين في القرص المدمج الى أن قائمة الليكود تحت قيادته ستحظى بثلاث وسبعين مقعدا في البرلمان، أي سيكون قادراً على تشكيل حكومة بدون الحاجة الى وجود إئتلاف مع أحزاب أخرى، الأمر الذي سيتيح له تطبيق برنامجه السياسي القائمة على منطقاته الأيدلوجية بالغة التطرف
أيدلوجية قائمة على التطرف والمبادرة للمواجهة
لو كان الحديث يدور عن حركة يمينية هامشية من الطراز الذي تداول العمل السياسي منذ الإعلان عن الدولة العبرية، لما كان كل هذا الصخب حول ” القيادة اليهودية “، لكن الحديث يدور بالفعل عن حركة ذات بنية فكرية تقوم على الصدام مع العرب، صاغت أسساً جديدة لعلاقات الدولة العبرية مع العالم. والذي يجعل من الأهمية بمكان تسليط الأضواء على هذه الحركة هي حقيقة مواصلتها السيطرة على الحزب الحاكم والحزب الذي تتوقع جميع استطلاعات الراي العام في الدولة أن يواصل قيادة الدولة لعقود، الى جانب نجاحها في استقطاب مزيد من رموز النخب في الدولة، فضلاً عن الحماس الذي تبديه الشبيبة لأفكار هذه الحركة.
نعم للإرهاب اليهودي
يقول الرجل الذي يخطط للوصول الى قيادة الدولة العبرية أن استخدام الإرهاب في مواجهة المقاومة الفلسطينية هو أمر ” أخلاقي ومنطقي ” . ويضيف أن حكومة برئاسته ستتبع أسلوباً آخر في مواجهة عمليات المقاومة الفلسطينية. وكما يقول فأن أي مدينة فلسطينية يخرج منها أي مقاوم فلسطيني يتوجب السيطرة عليها وترحيل الفلسطينيين عنها وإحلال اليهود محلهم. ويدعي فايغلين أن إنتفاضة الأقصى كان من الممكن أن تكون قد انتهت منذ زمن بعيد لو تعاملت الحكومة الإسرائيلية وفق طريقته عند سقوط أول قتيل يهودي. ولا يكتفي فايغلين بالتنظير للإرهاب اليهودي، بل أنه ينظم لرفاقه زيارات الى قبر المجرم باروخ جولدشتاين، منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل التي قتل فيها تسع وعشرين فلسطينياً وهم سجود في رمضان من العام 1994. ويصف جولدشتاين ب ” الرجل الرائع ” وأن ما قام به هو جزء من حق اليهود في الدفاع عن انفسهم. ولا يثير شئ غضب فايغلين مثل مصطلح ” حقوق الانسان “، لدى التطرق للعرب والفلسطينيين. ويصب جام غضبه على اليهود الذين أبدوا التعاطف مع العجوز الفلسطينية التي نقلت شاشات التلفزة صورتها وهي تقوم بالبحث عن علاجها بين ركام منزلها المدمر في مدينة رفح. ويضيف ” يتوجب علينا التخلص من التقاليد الغربية التي تراعي حقوق الانسان، التي تجعلنا نلتفت لمثل هذه العجوز”. ويجزم” ” هذه العجوز ستدمرنا لأنها تلد الانتحاريين”.
طرد الفلسطينيين
لا يخفي فايغلين تأييده لكل ما جاء على لسان الحاخام مئير كهانا مؤسس حركة ” كاخ “، العنصرية التي تنادي بطرد الفلسطينيين. ويقول ان كهانا ” صديق “، منوهاً الى أنه يؤمن بالشعار الذي رفعه كهانا ” العرب الذين سنسمح لهم بالبقاء هنا هم العرب الذين سيحاربوننا”. ويرى أن دولة إسرائيل لا يتوجب عليها أن تتحمل عبء بقاء الفلسطينيين، ويضيف ” هناك اثنين وعشرين دولة عربية كان من الإنصاف أن يجد الفلسطينيون فيها ملاذهم، لماذا تتحمل إسرائيل الدولة الوحيدة للشعب اليهود عبء وجود الفلسطينيين”. ويؤكد فايغلين أنه يرى أنه يتوجب إفهام الفلسطينيين بأي طريقة أن ماضيهم كان هنا حقا، لكن مستقبلهم سيكون في مكان اخر تماما. ويشدد على مدى التزامه ك ” رئيس وزراء دولة اسرائيل ” مستقبلاً بطرد الفلسطينيين، قائلاً “هذا هو هدف حياتي”. ويشدد على أن اليهود يجب أن يكونوا ” سادة الارض”. ويسخر فايغلين من شارون الذي التلف على قرار الليكود الذي رفض خطة ” فك الارتباط “. أما فيما يتعلق بفلسطينيي العام 48، الذين يعيشون داخل اسرائيل ويحملون قصراً الجنسية الإسرائيلية فيرى أنه يتوجب حرمانهم من المشاركة في الحياة السياسية والعملية الإنتخابية، كما أنه لن يسمح لهم بالتوجه للقضاء الإسرائيلي. ويشدد على أن الحق في الهوية الإسرائيلية سيكون لليهود فقط، ولن يتمتع غير اليهود بحقوق المواطنة. وحسب فايغلين فأنه على فلسطينيي 48 القبول بسيادة الشعب اليهودي على فلسطين، وكل من يرفض ذلك فأنه لن يكون له مكان على هذه الأرض، كما يقرر فايغلين. وفي حال حاول هذا القسم من الفلسطينيين التعبير عن أمانيهم القومية، فأن مصيرهم يتوجب أن يكون مشابهاً لمصير الفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث لا خيار أمامهم سوى الطرد للدولة العربية. ويرى أنه يتوجب التعامل مع هؤلاء الفلسطينيين كما تتعامل وكالة الهجرة الامريكية مع الأجانب على أرض الولايات المتحدة. ويؤكد أن حكومة برئاسته ستعمل على محاربة الفلسطينيين في مصدر زقهم من أجل دفعهم لمغادرة البلاد. لا يؤمن فايغلين بأي حق للفلسطينيين على هذه الارض. ويضيف ” لا يوجد هناك شعب فلسطيني ولم يكن أصلاً مثل هذا الشعب على مر التاريخ”.
تدمير الأقصى وبناء الهيكل الثالث
في المادة الدعائية التي تضمنها القرص المضغوط الذي يواصل ارساله الى جميع اليهود في الدولة العبرية، يؤكد فايغلين أن أول خطوة سيقدم عليها بعد لحظات من الإعلان عن انتصاره في الانتخابات سيكون التوجه الى باحة المسجد الاقصى، والإعلان من هناك عن انتهاء السيطرة الإسلامية على الحرم القدسي، وتحديد موعداً لتدميره تمهيداً لبناء الهيكل الثالث على أنقاضه. ويقوله فايغلين بصوته ” المسجد الأقصى هو الهيكل، وسأقوم ببناء الهيكل الثالث، أن علينا أن نكون على الأقل مثل معظم الامريكيين الذين يؤمنون بذلك، تدمير الاقصى واقامة الهيكل الثالث مكانه هو الضمانة لحلول السلام في العالم، على العالم ان يقبل سيادتنا على مقدساتنا”.
“العربي يعني الصحراء “
الدعوة للارهاب ضد الفلسطينيين واستسهال طردهم الى الدولة العبرية كما يظهر بشكل جلي في ادبيات حركة فايغلين، مرتبط بشكل أساسي بنظرته العنصرية تجاه العرب. فبالنسبة له فأن العربي يعني الصحراء. ويضيف ” كل مكان تطأه قدم العربي يصبح صحراء ، انه لا يعيش في صحراء، بل هو يوجدها”. ويرى فايغلين أن العرب لا يعرفون الإبداع، ويميلون للعيش متطفلين على الأمم الأخرى. ويضيف” انظر للعرب انهم لا يستطيعون ان يوصلوا انبوب نفط من السعودية الى الاردن، انهم يحتاجون شركة غربية لانجاز ذلك، العرب لا يعرفون الابداع، انهم مستلبون لثقافة التدمير”.فايغلين يرى أنه يتوجب عدم التعامل بجدية كبيرة مع الأمة العربية. ويضيف أنه بحكم التوراة وبفعل الفرق بين العنصرين لا يمكن مطلقاً المساواة بين الدم اليهودي والدم العربي. ويرى فايغلين أنه من الطبيعي أن يصدر الجهاز القضائي الإسرائيلي احكاماً مخففة ضد اليهود الذين يتورطون في قتل فلسطينيين، في حين يصدر أحكاماً قاسية على فلسطيني يتسبب في المس بيهودي بأي شكل.
حتمية صراع الحضارات ومصير أطفال مصر
تعتبر حركة ” القيادة اليهودية “، هي الحركة السياسية الإسرائيلية الأولى التي تعطى وزناً كبيراً في تراثها الفكري لحتمية ” صراع الحضارات ” بين اليهودية والإسلام. يقول فايغلين أن الغرب بجهله يركز على ظاهرة أسامة بن لادن، كما لو كانت ظاهرة منعزلة عن طبيعة الإسلام. ويضيف ” كل طفل يولد في القاهرة هو ابن لادن، ان حلم كل طفل مصري يتمحور بشكل تلقائي حول أي برج سكني يمكنه اسقاطه”. الإسلام بالنسبة لرجل الليكود القوي، هو دين ” اجرامي “، يتوجب مواجهته بدلاً من التزلف له، ونفاق معتنقيه. يجزم فايغلين أن الولايات المتحدة تعيش حالياً حالة تفكك متواصلة على كل الأصعدة، وهذا بالضبط ما سيشجع المسلمون على التوجه للسيطرة على العالم، منوهاً إلى أن التاريخ دل على أنهم قادرون على ذلك. فايغلين يرى وجوب توجيه ضربة استباقية للعالم الإسلامي، والحرص على تجريده من كل أسباب القوة التي يمكن أن يركن إليها المسلمون في مسعاهم للقفز الى قيادة العالم. دولة اسرائيل حسب فايغلين يتوجب أن ترى نفسها كصاحبة المصلحة الأولى في القضاء على كل أسباب القوة للمسلمين. فإسرائيل – وفق رؤيته – هي التي ستطالب بدفع فاتورة الصراع بين الاسلام والعالم المسيحي. لا يتأثر فايغلين كثيراً بالتوصيفات التي تطلق على بعض أنظمة الحكم في العالمين العربي والإسلامي، على اعتبار أن هذا النظام حليف لأمريكا أو يقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. هو يرى وجوب التحرك ضد جميع الدول الاسلامية والعربية، وهو يرى نموذج قصف المفاعل الذري العراقي في العام 1981 نموذج يتوجب أن يكون دائماً ومتواصلاً، وهو لذلك يصب جام غضبه على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التي لم تواظب على استخدام هذا النموذج وبشكل متواصل. يؤكد فايغلين أن الأسوأ لم يأت بعد، وأن حرب حضارات طاحنة ستنشب هنا.
انعزالية ورفض للديموقراطية
تشدد حركة ” القيادة اليهودية” على وجوب انسحاب اسرائيل من الامم المتحدة. ويقول فايغلين” يجب ان نلغي عضويتنا في الامم المتحدة، أننا نعطي ضريبة من أجل مواصلة العضوية في منظمة معظم قرارتها معادية لإسرائيل”. ويعد فايغلين بالغاء وزارة الخارجية على أن يتم تدشين وزارة تعنى بتوظيف كل إمكانيات الدولة من أجل العمل على تهجير كل اليهود في العالم الى إسرائيل. على الرغم من حرصه على إستغلال المزايا التي تمنحها الديموقراطية، إلا أنه يعتبر أن الديموقراطية ” كلمة تثير لدي قدر غير قليل من التقزز ، بالنسبة لي انا مع حكم العدالة الالهية وليس حكم القانون”. وهناك مفارقة تشي بشكل دقيق بتوجهات الحركة، وهي قول فايغلين أنه على الرغم من كرهه الشديد له، إلا أنه يرى في هتلر ” عبقري لنجاحه في توظيف الديموقراطية الألمانية لخدمة أفكاره ووضعها موضع التنفيذ”.
دلالة تعدد مصادر التمويل
في البداية كانت ” القيادة اليهودية” تعتمد بشكل اساسي على التبرعات التي تقدمها جماعة “هذه أرضنا “. لكن ازدياد نفوذ فايغلين في حزب الليكود، واعتباره أحد أقوى الساسة في الحلبة الحزبية الإسرائيلية جعل عدداً من رجال الأعمال الإسرائيليين من الذين يتقنون فن تحديد إتجاه البوصلة في الدولة العبرية، سارعوا للتبرع لفايغلين. وأحد أبرز المتحمسين للتبرع له حاليا هو رجل الأعمال شلومو بن تسفي الذي يملك القناة العاشرة الفضائية التي تعتبر أهم قناة فضائية باللغة العبرية.وكما يقول فايغلين فأنه بات لا يتحمس لتقبل مزيداً من العروض لدعمه بسبب كثرة العروض.
خلاصة
باتت” الفايغلينية ” تشكل حالة بارزة في المشهد الفكري والسياسي الإسرائيلي، وكما قال الوزير الإسرائيلي السابق نتان شيرانسكي فأنه لا يستبعد أن يصل فايغلين الى زعامة الدولة العبرية. أن هذه الحالة يتوجب أن تقلق الكثير من النخب في العالم العربي التي قد تجهل حدوث مثل هذه التطورات في الدولة العبرية، وتظل ترسم صورة غير حقيقية لما يجري هناك. أنها حالة ضد المنطق السائد لدى النخب العربية المؤمنة بإمكانية التوصل لتسوية مع اسرائيل. فالمنطق يقول أن الركون العربي الرسمي نحو التوافق مع إسرائيل والتهافت على الحلول معها، كان يفترض ألا يؤدي الى بروز وتعاظم دور الفايغلينية الزاحفة بثبات نحو قيادة اسرائيل، بل على العكس تماماً. لكن ما العمل عندما يكون هذا ما يحدث فعلاً في ظل كل مظاهر الضعف العربي. أن على العالم العربي أن يعي أن الأسوأ في العلاقة مع إسرائيل لم يأت بعد.

طالع بقية المقالات على موقع صالح النعاميwww.naamy.net
بريد الكتروني
Saleh1000@hotmail.com
هاتف : 00970599404726

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.