أرن سهم الردى إرنان منتحب
أرن سهم الردى إرنان منتحب | وسال بالدمع وجه السيف ذي الشطب |
أبا الحديد أسى من أن يفارقه | في كل حلبة فخر خير مصطحب |
ماذا شجا ظبي عسفان بمرتعه | وراع ليث الشرى في غيله الأشب |
دهى العروبة خطب فت ساعدها | من حيث لا يتقى بالبيض واليلب |
مضى الحسين مفديها ومنقذها | فأي قلب لهذا البين لم يذب |
أأغضيت عن حماها عين كالئها | ولم تنم عن حماها أعين النوب |
كلا وذكراه ما دامت مؤججة | نار الحمية في صيابها النخب |
وما أهابت بجند الله فاصطدمت | كتائب الغير الدهماء بالشهب |
إن يحتجب لك وجه يا حسين فقد | تركت للرأي وجها غير محتجب |
إليه مرجعها في كل معضلة | فلست عن أمرها المشهود في الغيب |
أجدر بها أن تظل الدهر واعية | ذكرى أعز مليك أو أبر أب |
حررتها وأذقت البأس موردها | ببأسه المتمادي مورد العطب |
يفيض بالصاب قرطاس أخط به | من المظالم ما سيمت مدى حقب |
فمن يكن ناسيا أو جاهلا ليسل | عنهم أولي الذكر أو يرجع إلى الكتب |
أيام أصبح ستر الضاد منهتكا | مهلهلا وحماها مرتع الجنب |
وشملها في بواد باد آهلها | وفي الحواضر شملا جد منشعب |
تقذي عيون الأولى يغشون أربعها | بكل عاري الشوى في مسكن خرب |
تأذنت بانقراض بعد منعتها | ونفرت عن حياض العلم والأدب |
لا تسطع الشمس إلا خلف غاشية | من الأسى بمحيا كاسف شحب |
ولا يسيل أصيل في سحائبه | إلا بدمع صبيب أو دم سرب |
يا منقذا جاء بعد الألف من حجج | يعيد ما فات من مجد ومن حسب |
هل ضم غير الرسول المصطفى قدما | تلك العزائم والآمال من شعب |
أمر يضيق به الذرع انتدبت له | وأنت إن ضاق ذرع خير منتدب |
صرفت رأيك فيه فاضطلعت به | مؤيد الرأي بالأرماح والقضب |
في كل مرعدة بأسا ومبرقة | من الجحافل بين الوري واللجب |
عادت بها كل آبي الضيم نخوته | من حيث أبطل سحر الخوف والرعب |
فكان بعث قلوب الأمة ارتقصت | له وأعطافها اهتزت من الطرب |
وبشرت آية للحق ظاهرة | بوحدة لخصوم الحق لم تطب |
بدت على غير ما راموا بوادرها | وخالف الجد ما خالوه للعب |
فأجمعوا أمرهم في السلم واعتزموا | نقضا لما أبرموا في ساحة الرهب |
وأضمروا لك عدوانا وجدت به | في الأمن ما لم تجد في الحرب من حرب |
أين الذي سجلوه في رسائلهم | ورددوه من الأيمان في الخطب |
لولا معونة ذاك الحلف لانقلبوا | دون الذي أملوه شر منقلب |
نصرتهم صادقا فيما وعدت ولم | تخل مواعيدهم ضربا من الكذب |
ما كان همك ملكا تستقل به | والجد في صعد والمجد في صبب |
بل نصرة العرب في حق أقر لهم | تؤيد الشرع فيه حجة الغلب |
فما ألوت لذاك الحق عن طلب | وكيف يدرك مطلوب بلا طلب |
قاسوا الحسين إلى غير الحسين فلم | تصدق فراستهم فيه ولم تصب |
شتان فيمن تولى أمر أمته | ما بين معتقب أو غير معتقب |
ظنوه بالتاج يرضى غير مكترث | لما عداه فألقى التاج وهو أبي |
سجية العربي الهاشمي لها | معنى وراء معاني الجاه والرتب |
أين الكنوز التي خالوه يحملها | وأين ما أثقل الأسفاط من ذهب |
تبينوا اليوم ما كانت خبيئته | من عفة ووفاء لا من النشب |
تلك الفضائل ما كانت لمكتسب | كابي الضمير وما كانت لمغتصب |
للخصم في ثلبها عذر الحنيق على | من حال بين يد السلاب والسلب |
ما عذر طائفة من قومه أخذت | بما أثار العدى من ذلك الشغب |
زايلت بيتا عتيقا أنت سادنه | بالإرث من عهد إبراهيم والنسب |
إلى صفاة على الدأماء قد رسخت | ولم تسغها لهاة البحر ذي العبب |
تشبهت روضها بالروض وائتنست | منها القرى بدعات الأخضر الصخب |
حللت فيها وما بالزاد من سعة | وعشت بين رباها عيش مغترب |
فكنت في النفي والأردان طاهرة | ما لم تكن في ثياب العزة القشب |
صبرت صبر كريم غير مبتئس | ولا ملول ولا شاك على وصب |
حتى حملت وقد حم القضاء إلى | دار من المسجد الأقصى على كثب |
كأن ربك أوحى أن تجاوره | حتى تقر به في مزدجى القرب |
يرعى مزارك بالروح الأمين ولا | تنأى به السبل عن أعقابك النجب |
ويجمع البر حفاظ المآثر من | شتى العشائر حول الوالد الحدب |
من كان يدري وقد ناط الرجاء به | صيانة الحرم الثاني فلم يخب |
إن المآب إليه والثواب به | هل قدم الخير مخلوق ولم يثب |
أبناء يعرب هذي سيرة برزت | لكم حقائقها الكبرى من الحجب |
كتاب تفدية أوعت صحائفه | أدعى الفصول إلى الإعجاب والعجب |
إن الأولى استشهدا في الله أو قتلوا | فيما غلوا فيه للأوطان من أرب |
لهم حياة وما إن تشعرون بها | إلا وقد ناجوا الأرواح في الكرب |
كرامة ابن علي أن تكون لكم | آثاره عظة موصولة السبب |
تعلموا الصدق منه والوفاء على | ما يعقبان من الحرمان والنصب |
تعلموا نضحه عن ذخر أمته | بحزم مقتصد لله مرتقب |
تعلموا الذود عن حق تطيب له | عن كل ما هو غال نفس محتسب |
تعلموا قوة الإيمان في دأب | فإنما قوة الإيمان بالدأب |
تعلموا الصبر أو تقضى لبانتكم | والعزم في بدئها كالعزم في العقب |
تعلموا أن هذا العمر مرحلة | لا ترتقى هضبة فيها بلا تعب |
تعلموا أن من حذق الرماة بها | ليدركوا النصر أن يجثوا على الركب |
سجا الحسين وقد ورى مساجله | حتى يثين أوان الصائد الدرب |
فإن ضحا ظله فالروح مرصدة | للموقف الفصل من يهتف بها تجب |
عزاءكم يا بنيه الصيد من ملك | مسدد الرأي إن يمنع وإن يهب |
ومن أبي تولى عن أريكته | بلا شجى إذ تولاها بلا رغب |
له من الشيم الغراء مملكة | إن كان ذا لقب أو غير ذي لقب |
ومن أمير بناها دولة أنفا | قامت على أثر من مجدها ترب |
في العلم والأدب العالي يكاد إذا | ساق الأحاديث يسقيك ابنة العنب |
ومن فتى ألمعي كل محمدة | جارى السوابق فيها فاز بالقصب |
ماض بفطرته في نهج عترته | عف اللسان نقي النفس من ريب |
من عدكم عد يوم الفخر أربعة | ملء الزمان من الأقمار والسحب |
لنعرفن لكم في إثر منجبكم | خطى كبارا مداها غير مقتضب |
دعوا الأسى واسمعوا صوتا يهيب بكم | مات الحسين فعاشت أمة العرب |