فجع القريض وقد ثوى حسان
فجع القريض وقد ثوى حسان | وخلا ببيت المقدس الميدان |
جزعت فلسطين وقبل رداه لم | يجزع لرزء قومها الشجعان |
إن بان شاعرهم فإر فعالهم | شعر وما الأبحار والأوزان |
أبطال صدق ما بهم من لوثة | يوم الحفاظ وما لهم اقران |
إن تكد من أحسابهم ربوعهم | زادوا وإن تكد المحاسن زانوا |
من لا يحييهم ويرفع ذكرهم | ممن عليه تكرم الأوطان |
أمم العروبة شاطرتهم حزنهم | أو ما بنوها كلهم إخوان |
وأشد ما ربطت أواصر رحمة | في الأهل أن تتقاسم الأحزان |
لا بدع في بث الكنانة شجوها | وكرام جيرتها بهم أشجان |
ترثي فقيدهم رثاء فقيدها | ويشف عما تضمر الإعلان |
خطب العروبة في أبي إقبالها | قد عز فيه الصبر والسلوان |
فقدت به العون الدؤوب وربما | أغنى إذا ما فاتها الأعوان |
من يحكم الإفناء بعد سليمه | وبه الرضى وغليه الاطمئنان |
أعلم يجلوه لأرباب النهى | والحق يسطع فيه والبرهان |
تبكي القوافي من له إبداعه | فيها وذاك الوشي والاتقان |
نظم الفوائد في بديعات الحلى | لا الدر يعدله ولا العقيان |
ولقد يزف إلى الملوك قلائدا | فتغار من إشراقها التيجان |
في شرعه نفحات طيب خالد | لم يؤتها ورد ولا ريحان |
يسقي المنى من جفنة علوية | فالقلب صاح والحجى نشوان |
أما ترسله ففيه طرائف | راقت معانيها وشاق بيان |
أبكار فضل تستبيك وربما | وقر الجمال وفعله فتان |
لله مقولة الفصيح إذا علا | بين المحافل صوته الرنان |
وبوادر ونوادر من قوله | ليست تمل سماعها الآذان |
دع ذلك الأدب الرفيع وما به | من كل لون مونق يزدان |
واذكر مناقب حرة عربية | سارت بسيب حديثها الركبان |
من عفة ومروءة وصداقة | لم يبلها في غيره الخدان |
أكرم به بين الأولى بلغوا العلى | بنفوسهم ونماهم عدنان |
ودعته قبل الرحيل وسلوتي | أمل الإياب فخانه الحدثان |
ما هذه الدنيا وما أوطارنا | عند الزمان وإنه لزمان |
وسع الماني التي تلهو بها | هل من تجاريب الصروف أمان |
أدى به حرم إلى حرم ولم | يقعده ما يتجشم الجثمان |
فقضى قريضة حجه يحتثه | شوق ويحدو ركبه الايمان |
متزودا بالصالحات وزاده | من خبر ما يتقبل الرحمن |
فأقر في البيت العتيق قراره | وبه تجلى العفو والرضوان |
هذا هو الفوز العظيم وهكذا | يغلو الجزاء إذا غلا الإحسان |
لطف أساك أبا المحاسنط ما النوى | في الله نأي إنها قربان |