www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

خليك ع النت/نضال نعيسة

0

رغم مكابدة بعض صعوبات النت، وبطئه، وأمور أخرى، لا طاقة لنا بها، فأنا بت أقرأ جميع الكتب على النت، وأنظر إلى كتبي الجامعية المكدسة كمسرحيات شكسبير وشو وإبسن وروايات ديكنز ودوستويفسكي وكتب النقد الأدبي والشعر التي أكلت من عمري ذات يوم وكانت من أعز مقتنياتي وصار بيني وبينها علاقة روحية هزيزة، لكنها أضحت مجرد أشباح وأضرحة مرمية في مكان لم أعد أرتاده، أو أطيق النظر إليه، إلا بالمناسبات بعد اليوم، فكل هذه الأكوام من الكتب الورقية متوفرة لدي على مجرد”فلاشة” صغيرة لا يتعدى وزنها الغرامات، وهي أكثر بريقاً وجاذبية للتصفح والقراءة ومبوبة بطرق أيسر وأسهل وتحملها معك أينما ذهبت. وأعمل على النت، من خلال ترجمات هناك وهناك، ولأكثر من جهة، وأرسلها بالنت إلى أربع أطراف الأرض، وأكتب ما يجول بخاطري و”أشاغب” على النت، وأفكر بصوت عال، وأقول رأيي دون مواربة ولا مراعاة لأحد، أة خوف من الرقيب، ولا يستطيع أحد منعي من التعبير عن رأيي بكل صراحة حيال الأحداث اللاهبة على الساحة والصراخ عالياً لو أردت والكتابة والحديث عن أي أمر ومهما كان ساخناً ومحرما وصعباً.

رابط النشر في الحوار المتمدن:
 
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=195411
 
خليك ع النت
 
نضال نعيسة
 
رغم مكابدة بعض صعوبات النت، وبطئه، وأمور أخرى، لا طاقة لنا بها، فأنا بت أقرأ جميع الكتب على النت، وأنظر إلى كتبي الجامعية المكدسة كمسرحيات شكسبير وشو وإبسن وروايات ديكنز ودوستويفسكي وكتب النقد الأدبي والشعر التي أكلت من عمري ذات يوم وكانت من أعز مقتنياتي وصار بيني وبينها علاقة روحية هزيزة، لكنها أضحت مجرد أشباح وأضرحة مرمية في مكان لم أعد أرتاده، أو أطيق النظر إليه،  إلا بالمناسبات بعد اليوم، فكل هذه الأكوام من الكتب الورقية متوفرة لدي على مجرد”فلاشة” صغيرة  لا يتعدى وزنها الغرامات، وهي أكثر بريقاً وجاذبية للتصفح والقراءة ومبوبة بطرق أيسر وأسهل وتحملها معك أينما ذهبت. وأعمل على النت، من خلال ترجمات هناك وهناك، ولأكثر من جهة، وأرسلها بالنت إلى أربع أطراف الأرض، وأكتب ما يجول بخاطري و”أشاغب” على النت، وأفكر بصوت عال، وأقول رأيي دون مواربة ولا مراعاة لأحد، أة خوف من الرقيب، ولا يستطيع أحد منعي من التعبير عن رأيي بكل صراحة حيال الأحداث اللاهبة على الساحة والصراخ عالياً لو أردت والكتابة والحديث عن أي أمر ومهما كان ساخناً ومحرما وصعباً.
 
كما أسافر وأسوح هنا وهناك، وأتنقل بين لندن، وباريس، وواشنطن، وأذهب لشوارع لندن التي تجولت فيها ذات يوم، ثم فجأة أزور قريتي الجميلة الغافية على قمة جبل أشم أخضر في الساحل السوري، ومن حولها الغابات، والينابيع، والأشجار الباسقة، والأنهار والبحيرات، عير الغوغل إيرث، وبعدها أذهب لبيتنا الدمشقي لألقي عليه التحية، وأطمئن عليه، وأتجول قليلاً في شوارع دمشق الجميلة والأثيرة على قلبي، وأسير على نفس الطريق الذي كنت أقصده يومياً بعد الخروج من كلية الآداب، عبر ساحة الجمارك، وساحة الأمويين، باتجاه الصالحية، حيث كان مقهى ومطعم القنديل في الصالحية مركزاً لتجمع الصحفيين والكتاب السوريين من الرعيل الأول، ولا أزال أذكر منهم حتى اليوم، وبكل حسرة، المرحوم ممدوح عدوان، والشاعر الشعبي “الحوراني” الرائع حسين حمزة، الذي كان يلقي علي وعلى الفنان عبد الحكيم قطيفان، أشعاره الجميلة، بلهجته وصوته الرخيم الأجش والرائع، ثم أعود بعد كل ذلك، كله، إلي بيتي، وأنا جالس على “كنبة العمدة”، إياها في اللاذقية، كما يسميها صديقي المصري سامي.  
 
ولي “شلة” من الأصدقاء والمشاغبين، والمهتمين، من أمثالي بالحدث، أحدهم يومياً على النت، فألقي السلام عليهم واحداً واحداً، ونتحادث، ونتبادل الآراء، والصبحيات، والأخبار، ويمضي كل منا إلى اهتماماته، وشغله، ومنهم من ليس لديه شغل، سوى النت، والتصفح، ومتابعة هذا الحدث أو ذاك.
 
وكانت طاولة الزهر، أو النرد، واحدة من ألعابي المفضلة، وخاصة المحبوسة، وكنت محظوظاً فيها، وحين أشعر بالملل، فلا مانع من “دق” محبوسة على النت، ولكن سرعان ما أنتبه، إلى تلك الأجواء والأيام الخوالي، وأحن إلى الأيام التي كنت أقضيها بصحبة لفيف وشلة طويلة عريضة من الأصدقاء، منهم عزت، ومحمود، ويونس، ويوسف، ونبيل، ومايكل، وباسم وغيرهم، في قهوة كربوج” في اللاذقية، حيث كانت تدور معارك حامية الوطيس ومباريات أين منها الفورميولا ون، وسباق الهجن، وكلها حول “دق” 41، اللعبة الشعبية الأولي بالورق “الشدة”، في اللاذقية، وكان المغلوب يدفع ثمن المشاريب، بعد دق آخر من التهكم والسخرية منه، حين أتذكر ذلك، أدخل أيضاً، لأبداً “دق” 41 مع أصدقاء أعطهم الأسماء التي أريد، وأعيد تلك السير من أيام زمان. ثم سرعان ما أتذكر أن علي العودة لعملي، فأنهي اللعبة، على الفور.
 
إضافة لعملي وانشغالي الأصلي، أتحول لساعات طوال لأعمل كمجرد سكرتير أفتح الرسائل وأغلقها، وأرى ما في هذه أو تلك، وأرد على هذا، ومن ثم أتحول لساعي بريد لأوصل رسائل هامة وعاجلة تتعلق بالعمل إلى هذه الدولة، أو تلك المدينة، وهاتيك القرية، أو إلى ذلك الصديق العزيز.
 
وحين أشعر بالملل، والضيق، وبرغبة في الحديث، فهناك طيف واسع من الأصدقاء، والصديقات، على المسنجرات، من الماركسي، للسلفي لليبرالي، للأخونجي، للبعثي للقومجي، للعلماني ….إلخ، وسرعان ما ننخرط في  أحاديث وجدالات طويلة، ولاسيما تعليقات على بعض المقالات والأفكار والأحداث الساخنة، إضافة إلى أخبار وأحاديث شخصية، وهموم فردية، ومعاناة قهرية، وأزمات دهرية، ومماحكات عبثية…..إلخ. وحين تود متابعة أي فيلم أو مسلسل، أو لقطات نادرة، تطلبها على ذوقك، أو أغنية محببة، قد لا تصدفها في التلفزيون، ووسائل الإعلام، فإنك “تحملّها”، بنفسك خلال ثواني، فلديك هنا، خيارات لا تحصى أيضاً. وتتجول في الأسواق ودور العرض والأزياء، وكله من خلال هذه الشاشة السحرية المسماة بالشبكة العنكبوتية.
 
لم يعد هناك من ضرورة للخروج من البيت، فها هو العالم الافتراضي أصبح  عالماً واقعياً، مكتباً للعمل، ومكتبة، ومقهى، وشارعاً، ومتنزها ومكاناً للفسحات، وسينما، وإذاعة، وتلفزيون، ومركبة فضاء وهاتف وموبايل وفيره الشيء الكثير.
 
إنه عالم الغد فـ”خليك ع النت”.
Best Regards
Nedal Naisseh
http://www.ahewar.org/m.asp?i=566
 
 
 
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.