باعوا المخلد بالحطام الفاني
باعوا المخلد بالحطام الفاني | وشريت بالأغلى من الأثمان |
تلك الحياة أمانة أديتها | بتمامها لله والوطان |
بالصبر والإيمان أخلص بدؤها | وختامها بالصبر والإيمان |
أعرت عن لذاتها منذ الصبا | والورض تفري والقطوف دواني |
متوخيا من دونها أمنية | لم يوه وحدتها شتيت أماني |
تهوى البلاد ولا هوى لك غيرها | أو تفتدى من ذلة وهوان |
ظلت تنازعك الصروف بما بها | من منة وظللت ثبت جنان |
مستنزفا دمك الزكي ولم يرق | بشباة قرضاب ولا بسنان |
في صولة للدهر تعقب صولة | منتابة في الآن بعد الآن |
حتى قضيت شهيد رأيك وانقضى | ما كنت تلقى دونه وتعاني |
ويح الأبي تسوءه أيامه | وتسر كل مماذق مذعان |
ممن يقدم في الرجال وما به | غلا الطلاء بكاذب الألوان |
ماذا دهى الفسطاط حين تجاوبت | أصاؤها لنواك بالإرنان |
وجلا عن القدر المخبإ ليلها | وبجا لاصباح مقرح الأجفان |
خب ارانا في مجالات الفدى | والصدق كيف مصارع الشجعان |
غشيت ثبيرا من أسه غمامة | جرت كلاكلها على لبنان |
فالشرق شرق من الدمع الذي | أجرى العيون وفاض بالغدران |
أي مصطفى يبكيك قومك كلما | عادتهمو ذكرى فتى الفتيان |
ويم الوفاء دعا فكنت لواءه | ولطيعة لطليعة الفرسان |
هذا شهيد من ولاتك خامس | يهوي بحيث هويت في الميدان |
لكأنهم والموت أسوأ مغنم | ي تراكضون غله خيل رهان |
بذلوا النفوس كما بذلت وارخصوا | ما عز من جاه ومن قنيان |
فإذا ذكرت وأنت عنوان الفدى | فاسم الرفاق تتمة العنوان |
رزئت أمينا أمة مفؤودة | لفراقه سكرى من الحزان |
خرجت تشيعه وسار برمزه | من فاته التشييع للجثمان |
تزجي الصحافي المين المجتبي | عف الجيوب مطهر الأردان |
طلق المحيا في الحجاب كأنما | نسج الأشعة ناسج الكفان |
يستقبل الله الكريم بجبهة | بيضاء خالية من الدران |
أعزز على الإخوان أن مكانه | متفقد في ملتقى الإخوان |
ما كان أسمحه واصرح طبعه | وارقه للمستضام العاني |
حسنت شمائله وصين غباؤه | عن كل شائنة أتم صيان |
وبطيب محتده زكت أخلاقه | فتضوعت كالورد في نيسان |
عن الصحافة فيه عز عزاؤها | ما خطبها في صبها المتفاني |
في النابه الموفي على أعلامها | والنابغ السباق للأقران |
فرد به جاد المان ومثله | قدما يكون مضنة الأزمان |
هيهات أنت طوى صحائف زانها | بطرائف الآداب والعرفان |
تخذ الحقيقة خلة فهنا على | علات هذا لعيش يصطحبان |
ويزيده كلفا بها عذالة | فيها فما يثنيه عنها ثان |
تشتد حجته ويجفو حكمه | ولسانه أبدا أعف لسان |
لم يخش في الحق الملام ولم يكن | لسوى المير عليه من سلطان |
أما يراعته فقل ما شئت في | لفظ تفيض بدره ومعان |
لم تجر في عبث ولم تنكر بها | لطف المكان روائع القرآ |
لصريرها رجع تسامعه النهى | وله رنين مثالث ومثان |
يلقي سرورا في النفوس وروعة | بالساطعين الحق والبرهان |
وعلى المكاره ظل أوفى من وفى | لحماه في الإسرار والإعلان |
يسمو إلى عليا الأمور بفطنة | تأتي البعيد من الطريق الداني |
هل بعثة الدستور إلا وحيه | تنزلا كتنزل الفرقان |
وحي إليه ثاب أرباب النهى | فتألفوا والخلف في خذلان |
في ذمة الرحمنت خير مجاهد | لم يلتمس إلا رضا الرحمن |
كان المحامي عن قضية قومه | بمضاء لا وكل ولا متواني |
لم تشغل الأيام عنها قلبه | بالزينتين المال والولدان |
فمضى وما لبنيه إرث غير ما | ورثوه من ضعف ومن حرمان |
أنبتهم اللهم نبتا صالحا | وتولهم بالفضل والإحسان |
وأرع المحصنة التي برت به | بر الشريك المسعف المعوان |
يا راحلا في مصر يخلد ذكره | ما دام فيها النيل والهرمان |
لجميل وجهك صورة مطبوعة | بالطابع الأبدي في الأذهان |
ولصوتك الرنان ما طال المدى | في كل جانحة صدى تحنان |
ما الميت كل الميت إلا خامل | يطوى وما لحد سوى لانسيان |
المجد للآثار خير حافظا | في كل عصر منه للأعيان |
فز بالنعيم جزاء ما قدمته | وتمله في زاهرات جنان |
واعتض خلودا من حياة إنما | يعتد فانيها لغير الفاني |