انا في الروض ساهر وهو نائم
انا في الروض ساهر وهو نائم | بات في قرة الدجى وهو ناعم |
كلما جئته وقلبي باك | رق دمعي كمائه فهو باسم |
أبتغي فيه سلوة من مصاب | لم يلطفه عهده المتقام |
يا لعزمي من الأسى ولحلمي | أسعداني على الخطوب الغواشم |
غلبتني صروف دهري على صبري | وأفنته نارها في الملاحم |
الأمان الأمان ألقيت سيفي | وطويت اللواء تسليم راغم |
خان عزمي الشباب واقتص ضعفي | من ثباتي فكيف مثلي يقاوم |
إن من سيفه شباب نضير | فعيوب الشباب فيه مثالم |
والذي درعه فؤاد رقيق | فجريح إن يقتحم أو يقاحم |
أيها الروض كن لقلبي سلاما | وملاذا من الشقاء الملازم |
ما أقر الندى وما ألعب النور | وما اجزع الظلال الحوائم |
زهر ذابل كأني اره | ثملا من أنفساه في الكمائم |
وغدير صاف أقام سياجا | حرله تباسق من الدوح قائم |
تتناغى بيض من الطير فيه | سابحات وتحتها النجم عائم |
كيفما سرن فالطريق عقود | نظمت من محاجر ومباسم |
حبذا البدر مؤنسا يتجلى | كحبيب بعد التغيب قادم |
حبذا رسمه البرايا كأبهى | ما ترى العين في صحيفة راسم |
حبذا الماء والمصابيح فيه | كبنان يزينها بخواتم |
جنة بانت المكارة عنها | وهي بكر من الأذى والمحارم |
إنما أهلها طيور حسان | إن دعاها الصباح قامت تنادم |
وضياء يموج في الماء حتى | لتراه كأنه متلاطم |
ومروج مدبجات كوشي | أتقنت صنعه حسان المعاصم |
وعصون تهزها نسمات | كمهود تهزهن روائم |
هذه عزلتي أفر إليها | من مجال الأسى ومجرى المظالم |
ههنا أجتلي مثالين باتا | في سماء صفت وراء الغمائم |
ههنا ألتقي بطيفي حبيبي | الدفينين في فؤادي الواجم |
حيث لا عين للرياء ولا للخبث أذن | ولا فم للنمائم |
إيه فاني وكل من عاش فان | أين باتت تلك الخلال الكرائم |
ملك مر بالحياة كريما | وتولى عنها تولي غانم |
زهرة لم تكد توفي ربيعا | ذبلت واللدات لدن نواعم |
يا عروسا مرت بها أشهر الصفو | سراعا كأنها حلم حالم |
قد سقاك المحب كأسا وما إن | خال فيها سوى الدواء الملائم |
هفوة رامها القضاء وفاديك | هفاها بغير ما هو رائم |
ففقدت الحياة فقد نفيس | تزدريه نفس الكريم الحازم |
واستقى صبك الحمام بكأس | من أسى ليس مستقيها بآثم |
كأس موت سقاكها وساتقاها | من يد الحزن وفيا غير نادم |
فتولى في عنقوان من العمر | حليف العلى أليف العظائم |
عاهته فوائح المجد عهدا | وعلى الإثر أخلفته الخواتم |
بات في ذرة السرور وأضحى | في قرار من الأسى المتفاقم |
صاعد النجم ثم قطره عن | أوجه حادث من الدهر حاطم |
هكذا فارق الحبيبان دارا | هي دار الشقاء دار المغارم |
فارقهاا بلا قطوب وكانا | كابتسامين في وجوه المعالم |
ختما العرس في غيابة رمس | وختمنا أفراحنا المآتم |
ما رأى الناس مثل هذا ولاء | عنه ينبو سيف الحمام الفاصم |
فاستقرا في رحمة ودعانا | في حياة أولى برحمة راحم |
أنتما في رضى ونحن نوفي | لشقاء الدنيا بقايا العزائم |