www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

قَدرُ مِصرَ، يا نوالُ/د. فايز أبو شمالة

0

قدر مصر أن تكون قائدة الأمة العربية، هذا حكم التاريخ على الوقائع، ولا مشيئة لمصر غير ذلك حتى لو شاء بعض المصريين شيئاً آخر، إنها الأقدار التي أوجدت مصر في عين الإعصار، وأوجدت لها هذه المكانة غير المنقوصة حتى لو انزوت مؤقتاً، أو تهربت قليلاً من دورها، أو حاول البعض الانكفاء فيها عن عروبتها، فإنها مصر التي لن تفقد شخصيتها، ولن تصير كومة من القش تشتعل فيها النيران. فهي الأم الحاضن لكرامة هذه الأمة، والأكثر حنانا وتضحية، وقد ساقتها الأقدار لتصير يوسف بن يعقوب وسط إخوته؛ إن يتطاولوا عليها غفرت لهم، وإن يركلوها بالأقدام، تمسح العرق عن جبينهم، لا لشيء سوى أنها يوسف الذي اصطفاه رب العباد قائداً، وهذا هو قدر مصر القيادي، وعلى القائد أن يتصرف بمسئولية أمام جنوده، فإن تردد في قيادتهم، أو مال

قَدرُ مِصرَ، يا نوالُ

د. فايز أبو شمالة

قدر مصر أن تكون قائدة الأمة العربية، هذا حكم التاريخ على الوقائع، ولا مشيئة لمصر غير ذلك حتى لو شاء بعض المصريين شيئاً آخر، إنها الأقدار التي أوجدت مصر في عين الإعصار، وأوجدت لها هذه المكانة غير المنقوصة حتى لو انزوت مؤقتاً، أو تهربت قليلاً من دورها، أو حاول البعض الانكفاء فيها عن عروبتها، فإنها مصر التي لن تفقد شخصيتها، ولن تصير كومة من القش تشتعل فيها النيران. فهي الأم الحاضن لكرامة هذه الأمة، والأكثر حنانا وتضحية، وقد ساقتها الأقدار لتصير يوسف بن يعقوب وسط إخوته؛ إن يتطاولوا عليها غفرت لهم، وإن يركلوها بالأقدام، تمسح العرق عن جبينهم، لا لشيء سوى أنها يوسف الذي اصطفاه رب العباد قائداً، وهذا هو قدر مصر القيادي، وعلى القائد أن يتصرف بمسئولية أمام جنوده، فإن تردد في قيادتهم، أو مال للاستكانة، أو فكر بالاعتزال فإنهم يغضبون عليه، ويرجمونه بالحصى بالكلام، فهم لا يرتضونه غير قائدهم، وقدوتهم، وهذا حال مصر العربية في هذه الأيام، وهي تفيق من غيبوبتها، وتسترد شخصيتها، وتعود إلى نفسها ليعود معها الشرق كله إلى وجدانه، وليس كما زعمت الكاتبة “نوال السعداوي” في لقائها مع هيئة الإذاعة البريطانية، واتهامها لمصر بالارتداد، وبأنها تتنفس ديناً.

فإذا كان الارتداد المصري أنفاساً دينية فنعم الارتداد المصري زفيراًٍ وشهيقاً، وسحقاً للتقدم الذي خدعنا بموال الحرية والعدالة والمساواة سنوات، زاغت معه الأبصار، وتاهت البوصلة، ليصل العرب إلى هذه الحالة من التفكك، والضياع، والخنوع العسكري لإسرائيل، والانحطاط الاقتصادي، والعلمي، والتراجع الحضاري.

وأشهد أن الارتداد إلى الحق لأفضل ألف مرة من الثبات على الباطل. وأن مصر حين ترتد لتستر عورة الهوان العربي، وأن مصر حين ترتد لتكون قبلة المسلمين، فإنها تغتسل من أدران التقدم الذي ينادي فيه البعض في كتاباتهم التي كشفت عن لحم مصر، وعن ذراعيها في شوارع السياسة. ولا بأس أن ترتد مصر، وترتدي عباءتها العربية، وتلف حضارتها بالملاية اللّف، لتفرض حضورها بغطاء الرأس الذي يحميها من غبار المندسين، وفحيح الثقافة المنبعثة من الأقلام المصنعة في بلاد غريبة، بلاد لم تستطع “نوال السعداوي” ذاتها الحياة فيها، فقالت عنها في اللقاء الإذاعي: “أن المجتمع الأمريكي مجتمع رأسمالي أبوي ذكوري مسيحي يهودي”. لتعود “السعداوي” مع غيرها للعيش في حضن مصر العربية قائدة الأمة الإسلامية.

fshamala@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.