أرأيت في أثر الغمام الوادق
أرأيت في أثر الغمام الوادق | جري العيون بدمعهن الدافق |
هي ديمة خرساء ألقت درها | وكأن ما ألقته حمر صواعق |
لم ينأ عن مرمى لظاها ناطق | بالضاد بين مغارب ومشارق |
ماذا جناه ولم يكن متوقعا | قدر تغير في قصار دقائق |
فجع الكنانة بابنها وبسيفها | وبرأيها في الموقف المتضايق |
هيهات تهجع والخطوب حيالها | يقظى تقوض كل رأس شاهق |
وتلج في حصد الشباب وما بها | رفق بمحتلم ولا بمراهق |
فتياناه هم ذخرها وعتادها | وأشعة الصبح الجديد الشارق |
أتظل كالأم الثكول مروعة | ببوائق تنقض إثر بوائق |
حسنين إن يبعد فليس مفارقا | ما كل غائب صورة بمفارق |
أني افتقدت وجدت في آثاره | ذكرى تضوع كالأريج العابق |
علم وتقوى جناهما | حلوا على قدر المنى للذائق |
أدب كما يهواه أرباب الحجى | وفصاحة ليست بذات شقائق |
جود بلا من يكدر صفوه | والمن يكره لو أتى من رازق |
بأس وما أحلاه في متكرم | عن لوثة المتصلف المتحامق |
وصلابة تهوى لما ازدانت به | من ناعمات في الخلال رقائق |
طلب المعالي في اقتبال شبابه | وأتى الفري بمبدعات طرائق |
بالرأي أو بالبأس أو بكليهما | يدني البعيد ولا يعاق بعائق |
في كل شوط لملهارة والحجى | يشأو الرفاق وما له من لاحق |
ألسيف أشرف لهوه وأحبه | والسيف لا يأبى مرانة حاذق |
يعتده حيث الزمان مسالم | ليكف من غرب الزمان الحالق |
هو إلفه وحليفه لكنه | للزهو لم ينط النجاد بعاتق |
جاب الصحارى الموحشات يروعها | من ذلك الإنسي أول طارق |
يرتادها بذكائه ودهائه | وكأنه يرتادها بفيالق |
فأصاب باستكشافه واحاتها | فتحا عزيزا خلد اسم السابق |
ورمى العنان بذات أجنحة على | كره تذل لقائد أو سائق |
تقع القشاعم دونها وتمر في | هوج العواصف كالشهاب المارق |
أيحافها وهو المراغم للردى | حتى يوافيه بحيلة سارق |
بين الثقافة والرياضة لم يزل | في سيره المتخالف المتوافق |
حتى إذا رمقته عين مليكه | لشمائل اكتملت به وخلائق |
أدناه مختصا به فوفى له | بفؤاد شهم لا لسان مماذق |
مستمسكا بولائه متجشما | عنتا ولم يك ذرعه بالضائق |
ويلي المناصب لم يكابد دونها | حرق المشوق ولا هوان العاشق |
يقضي حقوقا للبلاد وأهلها | منها ولا يقضي لبانة عالق |
ويزيد مرهقة الفروض نوافلا | من سد خلات ونفع خلائق |
في المعضلات يرى بثاقب رأيه | ما غيبته من وجوه حقائق |
فيسير لا حذرا ولا مترددا | ويبث بث المطمئن الواثق |
هل يستوي متطلع من مستوى | لا أفق فيه وناظر من حالق |
ما اسطاع يصطنع الجميل ولم يرق | في عينه غير الأنيق الرائق |
ورعى الأولى قدروا الجمال فبرزوا | بفنونهم من صامت أو ناطق |
فبجاهه وبنصحه وببره | نصر النفيس على الخسيس النافق |
ورعى رياضات تنشيء فتية | سمحاء أخلاق حماة حقائق |
أللهو ظاهرها وفي توجيهها | كم من منافع للحمى ومرافق |
ماذا أرانا في رفيع مقامه | من كل معنى في الرجولة شائق |
حتى قضى الأيام لا يلقى بها | إلا تجلة مكبر أو وامق |
تجلو القلادة صورة في جيده | لفضائل كجمانها المتناسق |
هذا فقيد ملكيه وبلاده | وشهيد إخلاص الوفي الصادق |
يا وافدين ليشهدوا تأبينه | من أولياء وأصفياء أصادق |
ومن الشباب الصيد في الفرق التي | عنها ضحا ظل اللواء الخافق |
أتعاد بالذكرى مآثره وما | يحصني بين جلائل ودقائق |
من مسعد الخطباء والشعراء أن | يرقوا إليها بالثناء اللائق |
في الشرق آفاق ترددها فما | جدران دار أو ستور سرادق |
فاروق يا فخرا لأمته إذا | عد الملوك من الطراز الفائق |
دم سالما وفداك أهدى رائد | وأبر مؤتمن وخير مرافق |
ما كان أفدح رزءه بنواه عن | مولاه لو لم يلق وجه الخالق |