هذا صبي هائم
هذا صبي هائم | تحت الظلام هيام حائر |
أبلى الشقاء جديده | وتقلمت منه الأظافر |
فانظر إلى أسماله | لم يبق منها ما يظاهر |
هو لا يريد فراقها | خوف الفوارس والهواجر |
لكنها قد فارقته | فراق معذور وعاذر |
إني أعد ضلوعه | من تحتها والليل عاكر |
أبصرت هيكل عظمه | فذكرت سكان المقابر |
فكأنما هو ميت | أحياه عيسى بعد عاذر |
قد كاد يهدمه النسيم | وكاد تذروه الأعاصر |
وتراه من فرط الهزال | تكاد تثقبه المواطر |
عجبا أيفرسه الطوى | في قلب حاضرة الحواضر |
وتغوله البؤسى وطرف | رعاية الأطفال ساهر |
كم مثله تحت الدجى | أسوان بادي الضر حائر |
خزيان يخرج في الظلام | خروج خفاش المغاور |
متلفعا جلبابه | مترقبا معروف عابر |
يقذي برؤيته فلا | تلوي عليه عين ناظر مطران |
لو كان فذا إنما | هو عاثر من ألف عاثر |
أنظر إلى اليسرى وكم | تدع الميامن للمياسر |
هذي فتاة حالها | أدهى وأفطر للمرائر |
هي بضعة لشقية | زلاء ما كانت بعاقر |
في مشيها وشحوبها | سيما لتربية العواهر |
وارحمتا لصباك يا | شبة الأماليد النواضر |
أكذاك يلقى في نجاسات | الموطيء بالأزاهر |
فإذا رخصن ألا كرامة | للصغيرات الطواهر |
أترى تثنيها ولفته | كل سائرة وسائر |
هم يعجبون بلطف ما | تبديه من غنج الفواجر |
وكأنهم لا يجزعون | لمثل هذي في الكبائر |
وكثيرهم مستهزيء | وقليلهم إن بر زاجر |
لا يشعرون بأن تلك | من الفوادح في الخسائر |
قعدت شعوب الشرق عن | كسب المحامد والمفاخر |
فونت وفي شرع التناحر | من ونى لا شك خاسر |
تمشي الشعوب لقصدها | قدما وشعب النيل آخر |
كم في الكناية من فتى | ندب وكم في الشام قادر |
لكنهم لم يرزقوا | رأيا ولم يردوا المخاطر |
هذا يطير مع الخيال | وذاك يرتجل النوادر |
جهلوا الحياة وما الحياة | لغير كداح مغامر |
يجتاب أجواز القفار | ويمتطي متن الزواخر |
لا يستشير سوى العزيمة | في الموارد والمصادر |
يرمي وراء الباقيات | بنفسه رمي المقامر |
ما هد عزم القادرين | بمصر إلا قول باكر |
كم ذا نحيل على غد | وغد مصير اليوم صائر |
خوت الديار فلا اختراع | ولا اقتصاد ولا ذخائر |
دع ما يجشمها الجمود | وما يجر من الجرائر |
في الاقتصاد حياتنا | وبقاؤنا رغم المكابر |
تربو به فينا المصانع | والمزارع والمتاجر |
يا من شكا حالا نعاني | من عواقبها المخاطر |
لا والذي ولاك ناصية | البيان بلا مكابر |
لم تعد ما في النفس من | شتى الهواجس والخواطر |
أضحي كما أمسي وبي | شغل مغاد أو مساهر |
يا ليته الهم الذي | يفديه بالروح المخاطر |
لكنه هم بما | يردي الأبي من الصغائر |
قد تقتل الحشرات من | هانت عليه فلا يحاذر |
ويعيش من رام المنيعة | دونها أجم القساور |
دعنا نفرج ما بنا | شيئا بمختلف المناظر |
سر بي الدار التي | شيدت على كرم العناصر |
حيث المروءة بالفقير | أبر من أدنى الأواصر |
ندفع إليها ذينك الطفلين | والله المؤازر |
من لي ومن لك يا أخي | بخزائن الذهب العوامر |
نأسو بهن خلائقا | دارت عليهن الدوائر |
ونشيد ما شاء السخاء | من المعاهد والمنابر |
ونقول يا دهر احتكم | ما أنت بعد اليوم جائر |
أسراة مصر وقادة الألباب | فيها والضمائر |
ردوا عليها صبية | لعب الفساد بهم يقامر |
ألقى بهم في مطرح الأزلام | سكير وفاجر |
أو فرقوا سلعا وفرقهم | من الفساق تاجر |
ما يصبحون غدا وكيف | مصيرهم بين المصاير |
من هؤلاء أيرتجي | خير لمصر أولو البصائر |
هم في جماعتكم صدوع | فاجبروا والله جابر |