بلغت مداها روعة الذكرى
بلغت مداها روعة الذكرى | بجلال هذي الحفلة الكبرى |
أنظر إلى هذي الوفود وقد | ضاق الندي بها تجد مصرا |
ما في الصدور وفي الوجوه سوى | قلب يذوب ومقلة شكرى |
رزء الكنانة رزء والدة | مبرورة تبكي ابنها البرا |
تبكي المرجب في البنين إذا | عدت بنين أعزة كثرا |
تبكي سريا في الوفاء لها | أفنى القوى واستنفد العمرا |
ليس التقادم في فجيعتها | مما يقر ضلوعها الحرى |
هيهات تسلوه وما التفت | ألفت له في مجدها إثرا |
بطل تعرض والقضاء له | مجرى فحول ذلك المجرى |
بالرأي والأسياف مغمدة | ضمن النجاح وأحرز النصرا |
فازال عصرا سام أمته | خسفا وجدد للعلى عصرا |
كم في الوقائع كلما بعدت | غنم يفوز به من استقرى |
أيام ثروت ثروة نفست | بكنوزها الياقوت والدرا |
فتبينوا العبر الكبار بها | لا تقرؤن كتابها عبرا |
تؤتي صحائفها طرائفها | ما الطرف مر بها وما كرا |
شأن العظائم أن آتيها | يبني على آثار ما مرا |
يهدي تتبعها الحفي بها | سبلا إلى أمثالها تترى |
يا من نعيد اليوم سيرته | فتزيدنا بزماننا خبرا |
قد كنت ذخرا للبلاد وقد | خلفت في تاريخها ذخرا |
تلك الحياة وهبتها كرما | ونزاهة فكسبتها فخرا |
أبليتها وشبابها خلق | فألبس شبابا خالدا نضرا |
أجر ظفرت به وإن تك لم | تتوخ يوما ذلك الاجرا |
وكذاك تجزي مصر فاديها | وكذاك يحسن شعبها الشكرا |
شعب آثارته ظلامته | إن المظالم ترهق الحرا |
ما كان بد من تهالكه | ليعيش أو من هلكه صبرا |
فنهضت تنفح عن قضيته | متحملا من شأنها وقرا |
وركبت حين الأرض واجفة | بالدست ذاك المركب الوعرا |
تجتاز من خطر إلى خطر | وتذود عن يمنى وعن يسرى |
بدهاء ذي عدد وذي عدد | من نفسه إن كر أو فرا |
جمع المرونة والصلابة في | أخلاقه والصدق والمكرا |
وهدته معرفة محققة | بالناس في تصريفه الفكرا |
وأعانه أدب يرقرقه | فكأنه يسقى النهى خمرا |
وجلا النبوغ له الخفاء فلم | تكتمه أسداف الدجى سرا |
وسما الخلوص به فأورده | سيين حلو العيش والمرا |
يمشي إلى غاياته قمنا | ببلوغها أو يبلغ العذرا |
ويرى الصعاب فما يزال بها | حتى يبدل عسرها يسرا |
جهد المساجل في الخصومة أن | يرتد عنه ولم يفد أمرا |
عن صخرة ملساء راسخة | لا مد يوهنها ولا جزرا |
شرفا أبا الدستور ما رفعت | مصر لرافع قدرها قدرا |
ألملك في إبان عزته | شق العنان وطاول الزهرا |
والشعب مناع لندوته | يأبى ضياع دمائه هدرا |
لا يكرثنك أن وحدته | صدعت وكان برأبها أحرى |
أشهدت خيرا لا يناهضه | شر إلى أن يدحر الشرا |
يتغلب الرأي الأسد وإن | حال التناحر دونه دهرا |
حاشاك أن تخشى ولم تك إن | خاس الشجاع بخائس ذعرا |
هذا مثالك نصب أعيننا | أجلا محيا أم جلا بدرا |
تثب اللحاظ إليه من غرق | بدموعها فترى به بشرا |
يا حسنه أوفى يعلمنا | ألا نضيق بحادث صدرا |
وكذاك كنت مدى الحياة إذا | عبست بك الأيام مفترا |
ثقة بفوزك ما غلوت بها | ويفوز من لا يعدم الصبرا |
من أخطأ الأولى فظل على | إيمانه لم يخطيء الأخرى |