أترى جازعا وأنت صبور
أترى جازعا وأنت صبور | إن خطبا أكبرته لكبير |
ثكلت مصر من جزعت عليه | ثكل أم فقلبها مفطور |
لا يبرح بك الأسى فإذا العزم | الذي كان قاهرا مقهور |
وعظيم الرجال تعلم من جل | على قدر ما تجل الأمور |
هكذا هكذا الوجود وما الأرواح | إلا الصبا وإلا الدبور |
وحياة اللبيب أسر فهل يرثى | له حينما يفك الأسير |
ما اجترائي على الوزير المعلى | بعظاتي وهو الحكيم البصير |
وهو النابه الذي استشرف الغيب | فأبدت له الخفايا الستور |
أبني الراحل العزيز إذا لم | تملكوا النفس فالمصاب خطير |
رحم اله من قضى إن من تبكون | برا لخالد مبرور |
رجل كان في اعتكار الدياجي | نيرا يهتدي به المستنير |
جمع الحلم والندى فهو سمح | ما يثاء الكمال وهو غفور |
همة لا تني وقلب خفوق | للعلى لا يهي ولا يستطير |
وافر المحمدات فيه خلال | غيره بالأقل منها فخور |
موشك في تواضع النفس أن يسرف | لولا جلاله الموفور |
خلق في دمائكم يتمشى | من قديم وإنه لطهور |
يستوي فيه زارع وطبيب | وأديب ونائب ووزير |
إن كفرا يدعى مصيلحة | سماه لا شك ألمعي خبير |
ليس بدعا وفي المكان صلاح | أن يراعى في اسم المكان النظير |
ساسه سيخكم بحزم وعزم | فغدا وهو بالندى مغمور |
جعل القوم إخوة يكثر الخير | فيهم ويندر الشرير |
حبب السعي في الحياة إليهم | فإذا هم وليس فيهم فقير |
باذلا نصحه مشيرا بما فيه | فلاح نعم النصيح المشير |
مانحا همه مهمته تلك | وقد يصلح الكثير اليسير |
مصلح الكفر مصلح القطر هل | مصر لعمري إلا قرى وكفور |
إن يعظم شأن الحواضر إجحافا | فما الشأن في الضياع صغير |
رب حي أولى التقدم حيا | وله في الظواهر التأخير |
غالب الضير ما يجيء من المدن | ونزر من القرى ما يضير |
إن بعدا عن كل حشد مقيمين | لتقوى وراحة وسرور |
لو أعز المقام قرب من الناس | إذن هان في الجبال ثبير |
أو أتى الطور في الجماهير موسى | ما زكت ناره ولا لاح نور |
إنما نزلت عليه انفرادا | كلمات الهدى فكان الطور |
هكذا ساد ربعه ورعاه | ذلك السيد الحصيف الوقور |
فهو فيه الأب الحبيب إلى كل | امريء والمؤدب المشكور |
طاول النجم عزه وعلى قريته | كل أمره مقصور |
عف عن بسطة ولو دبر الملك | لما جاز وسعه التدبير |
غاية النيل في الفعال صغارا | وكبارا ألا يكون قصور |
ذاك من قد علمت في ذاته والفضل في آله الكرام كثير |
|
مات من قبله حسين ولم يعدله | قاض حر نزيه قدير |
وعلي لو ظل وهو يدير الحكم | ما فاقه الغداة مدير |
دعهما واذكر البنين لقد عاش | فقيد بولده مذكور |
حبذا الفتية العلى من مصابيح | نبوغ يروع منها الزهور |
كل نجم ملء العيون ظهورا | بسناه وما مناه الظهور |
من كعبد العزيز طلاع أنجاد | صعاب إذا دعاه الضمير |
لا يباري ذاك الذكاء ذكاء | لا ولا ذلك الشعور شعور |
هي يوم الفخار طفل وديع | وهو يوم الحفاظ ليث هصور |
ما لحي في حب دار تفدى | قلبه الصادق الوفي الغيور |
حسبه أنه بإجماع مصر | صوت مصر وسيفها المشهور |
فعزاء آل الفقيد فما للحي | إلا هذا المصير مصير |
إن ذاك الذي تعزون فيه | ليعزى فيه التقى والخير |
لقي الله غير باغ ففي الدنيا نحيب | وفي الجنان حبور |
عمر غير غائب وحماه | ببنيه من بعده معمور |