يا صورة شبهت صخرا بإنسان
يا صورة شبهت صخرا بإنسان | في روعة ملأت قلبي وإنساني |
لا وجه أبهى ولا أزهى برونقه | من وجهك النضر في منحوت صوان |
من المليك الذي تثني جلالته | عنه ويمضي فما يثنيه من ثان |
هذا فتى النيل ذو التاجين من قدم | هذا فتى مصر راعمسيس الثاني |
سيزستريس الذي دان العتاة له | من قوم حث ومن فرس ويونان |
إن قصر الجيش أغرى الرأي أمكنه | ما فاز خاتلها منها بإمكان |
ممنون مردي العادي غير محتشم | بطشا ومسدي الأيادي غير منان |
مستقبل الشمس عبر النهر ما طلعت | صبحا براس من الجلمود رنان |
أناظر أنت لما هم كيف خطا | من الصفا غير معتاق ولا عان |
هو المضاء تراءى فاستوى رجلا | هو الإباء رعى ضعفي فحياني |
قاربت سدت العيا على وجل | ولم أخله يناجيني فناجاني |
تراه عيناي مغضوضا لهيبته | طرفاهما وتراني منه عينان |
ارابني أنني قبلا بصرت به | محنطا مدرجا في سود أفان |
أكبر برمسيس ميتا لن يلم به | موت وأكبر به حيا إلى الان |
تقوض الصرح فيما حوله ونجا | على التقادم لم يمسس بحدثان |
لولا تماثيله الخرى محطمة | ما جال في ظن فان انه فان |
في مصر كم عز فرعون فما خلدوا | خلوده بين أبصار وأذهان |
ولم يتم لها في غير مداته | ما تم من فضل غثراء وعمران |
ولم يسر ببنيها مثل سيرته | ساع الى النصر لا ساه ولا وان |
من منتهى النيل في أيامه استعت | إلى أعاليه في نوب و سودان |
ومن علي الذرى في الطور عن كثب | إلى قصي الربى في أرض كنعنان |
في ارض كنعان إلا أن عسكره | أحس ما بأس شعب غير مذعان |
أعاد كراته فيها وعاد على | اعقابه بعد إيقال وإمعان |
فما يرى نقعه وهو الضباب علا | تلك الربى فدحاها دحو قيعان |
حتى تهب به ريح فترجعه | عنها عثورا بأذيال واردان |
وتبرز القمم الشماء ذاهبة | في الأوج تحسبها أجزاء أعنان |
مغسولة بدماء الفجر طالعها | من أدمع القطر ذر فوق مرجان |
سفوحها حرة والهام مطلقة | وكل عان بها بعد الأسى هاني |
وموقع الذل ناء عن أعزتها | كموقع الظل عن هامات لبنان |
لكنما الخلف في الجارين صار إلى | حلف وأدنى الى الصلح الأشدان |
وإن خيرا حليفا من تروض به | صعبا وتوليه ودا بعد عدوان |
تصافيا فصفا جو العلى لهما | وطوعا ما عصى مما يرومان |
وطالما كان ذاك الإلف بينهما | على صروف الليالي خير معوان |
في مبدإ الدهر والأقوام جاهلة | زها بمتبكرات العقل عصران |
عصر بما ابتدع الفينيق واخترعوا | فيه له فضل سباق ومسحان |
وعصر مصر الذي فاقت روائعه | آي الأجدينمن فخم ومزدان |
مما توالت على الوادي به حقب | زينت حواشي الصفا منه بأفنان |
حضارتان سما شأو النهى بهما | افادتا كل تثقيف وعرفان |
وباتحادهما في الشأن من قدم | ما زال يرتبط الأسنى من الشان |
يا مجد رمسيس كم أبقيت من عجب | فيه ومسألة عنه لحيران |
أبغض به في العدى من هادم حنق | وحبذا هو للتاريخ من بان |
عالى الصروح كما وغلى الفتوح بلا | رفق بقاص ولا عطف على دان |
أكان منزله في المجد منزله | لو رق قلبا لشيب أو لشبان |
أم كان ما أدركت مصر على يده | ذاك المقام الذي أزرى بكيوان |
تخير الخطة المثلى له ولها | يعلو فتعلو به والخفض للشاني |
ما زال بالقوم حتى صار بينهم | غله جند تحابيه وكهان |
ورب سائمة بلهاء هائمة | تشقى وتهواه في سر وإعلان |
يسومنها كل خسف وهي صابرة | لا صبر عقل ولكن صبر إيمان |
ألا وقد بلغت في الخافقين به | مكانة لم تكن منها بحسبان |
إن باب في حجب باءت إلى نصب | يلوخ منه لها معبوده الجاني |
فبجلت تحت تاج الملك مدميها | وقبلت دمها في المرمر القاني |
واليوم لو بعثت من قبرها لبدا | لها كما خبرته منذ أزمان |
ما زال صخرا على العهد الذي عهدت | بلا فؤاد وإن داجي بجثمان |
مسخرا قومه طرا لخدمته | وما بغى رب سوء محض إحسان |
مخلد المجد دون القائمين به | من شوس حرب وصناع وأعوان |
مخالسا ذمة العلياء مضطجعا | من مهد عصمتها في مضجع الزاني |
بحيث آب وكل الفخر حصته | ولم يؤب غيره إلا بحرمان |
كم راح جمع فدى فرد وكم بذلت | في مشترى سيد أرواح عبدان |
لموقع الأمر فيهم كل تكرمة | ومنفذ الأمر فيهم كل نسيان |
كلا وعزته فيما طغفى وبغى | وذل من قبل الضيزى بإذعان |
هم الذين على عسر بمطلبه | قد أسعوفه بأموال وفتيان |
وهم على سفه دانوا بمن نصبوا | فخولوه مدينا حق ديان |
فيم الأولى صنعوا أنصابه درست | رسومهم منذ باتوا رهن أكفان |
وما لأسمائهم دون اسمه دفنت | شعثا منكرة في رمس كتمان |
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به | حق العزيزين من وال وسلطان |
أو يرشد الشعب يمس الأمر في يده | ولا اعتداد بأملاك وأعيان |
ليت البلاد التي اخلاقها رسبت | يعلو بأخلاقها تيار طغيان |
النار أسوغ وردا في مجال على | من بارد العيش في أفياء فينان |
أكرم بذي مطمع في جنب مطمهعه | ينجو الأذلاء من خسف وخسران |
يهب فيهم كإعصار فينقلهم | من خفض عيش إلى هيجاء ميدان |
بعض الطغاة إذا جلت إساءته | فقد يكون به نفع لوطان |
في كل مفخرة تسمو الشعوب بها | تفنى جموع مفاداة لأحدان |
كم في سنى الكوكب الوهاج مهلكة | في كل لمح لأضواء وألوان |
لم ترق حقبة مصر كما رقيت | في عصره بين أمصار وبلدان |
لما رمت كل تاني الشوط ممتنع | بسابقين الى الغايات شجعان |
ألا ترى في بقايا الصرح كيف مضوا | بأوجه باديات البشر غران |
هم الذين على عسر بمطلبه | قد أسعفوه باموال وفتيان |
وهم على سفه دانوا بمنن نصبوا | فخولوه مدينا حق ديان |
فيم الأولى صنعوا أنصابه درست | رسومهم منذ باتوا رهن أكفان |
وما لأسمائهم دون اسمه دفنت | شعثا منكرة في رمس كتمان |
إن يجهل الشعب فالحكم الخليق به | حق العزيزين من وال وسلطان |
أو يرشد الشعب يمس الأمر في يده | ولا اعتداد بأملاك وأعيان |
ليت البلاد التي اخلاقها رسبت | يعلو بأخلاقها تيار طغيان |
النار أسوغ وردا في مجال على | من بارد العيش في افياء فينان |
أكرم بذي مطمع في جنب مطمعه | ينجو الأذلاء من خسف وخسران |
يهب فيهم كإعصار فينقلهم | من فخض عيش غلى هيجاء ميدان |
بعض الطغاة إذا جلت إساءته | فقد يكون به ننفع لأوطان |
في كل مفخرة تسمو الشعوب بها | تفنى جموع مفاداة لحدان |
كم في سنى الكوكب الوهاج مهلكة | في كل لمح لأضواء وألوان |
لم ترق حقبة مصر كما رقيت | في عصره بين أمصار وبلدان |
لما رمت كل تاني الشوط ممتنع | بسابقين غلى الغايات شجعان |
ألا ترى في باقيا الصرح كيف مضوا | باوجه باديات البشر غران |
وكيف عادواو رمسيس مقدمهم | إلى الربوع بأوساق وغلمان |
فبعد أن صال بين المالكين بهم | صار الكبير المعلى بين أوثان |
بالمس يدنيه قربان لآلهة | واليوم يأتيه أرباب بقربان |
إن يغد ربهم العلى فلا عجب | هل من نظام بلا شمس لأكوان |
جهالة ولدت فيها قرائحهم | ضروب نحت وتصوير وبنيان |
مما لو ساتطلع الراني نفائسه | لما انقضى عج المستطلع الراني |
في كل منكشف كنز ومستتر | مظنة لخبايا ذات أثمان |
آيات مقدرة جلت دقائقها | شأي بها كل قوم قوم هامان |
تقادم العصر الخالي بها ولها | تم الجديدين من حذق وإتقان |
لم يعتور مجدها مهدوم أروقة | ولم يذلك فنها مهدود أركان |
وراض كل أبي هول بها حرد | دمى تهاويلها آيات إحسان |
وزاد روعتها أنقاض آلهة | فيها حوان على أنقاض تيجان |
سجود ما كان مسجودا له عظة | في نفس كل لبيب ذات أشجان |
ورب رزء بآثار أشد أسى | منه ملما بأشخاص وأعيان |
والتاج أشجى إذا ما نفض عن صنم | منه إذا ما هوى عن راس إنسان |
بيت عتيق يرى فيه الكمال على | ما شابه الآن من أعراض نقصان |
حججته وبه من طول مدته | وفضل جدته للطرف حسنان |
ما زال والدهر يطويه وينشره | يزهى جلالا رواقاه المديدان |
في النقش منه لهل الذكر قد كتبت | آيات ذكر بإحكام وتبيان |
تنزلت صورا واستكملت سورا | في مصحف من دعامات وجدران |
شاقت بفتنتها الأقوام فاقتبسوا | منها اصول حكومات وأديان |
ومن حلاها استمدوا كل تحلية | بلا محاشاة إغريق و رومان |
هذا هو المجد نفنى والبقاء له | على تعاقب أجيال وأزمان |
تاريخ مصر و رمسيس فريدته | عقد من الدر منظوم بعقيان |
ما مثله في طروس الفخر من قدم | طرس من الفخر أوعى كل عنوان |