من عذيري والدمع جارس خين
من عذيري والدمع جارس خين | إن جرح النوى لجرح ثخين |
فقد خير الصحاب أودى بصبري | واراني التبريح كيف يكون |
يا حبيبا عليه ضم فؤادي | وفؤادي بمن يحب ضنين |
كيف فارقته ولم يتفطر | جزعا ذلك المصاب الحزين |
لا وحق الذي آماتك تحيا | ولك الحب فيه والتمكين |
ويرى صحبك الأولى بنت عنهم | روحك الحي في حلى لا تبين |
إن بالشرق بعد سركيس شجوا | شرقت بالدمءا منه الجفون |
فل من غرب مصر أن يتوى ل | خلها البر والولي المين |
دميت مهجة الآم وسالت | بالصفا في لبنان منه العيون |
لمريدي سركيس في آخر المعمور | نوح مردد وأنين |
كل قطر للعرب فيه مقام | أو مقال له به تأبين |
وبأغلى فريده وحلاه | جاد في مدحه اللسان المبين |
ذاك احقه على ناطقي الضاد | ومن بالوفاء منهم يدين |
عجب أن خبا الشهاب وأن أعقب | ذاك الحراك هذا السكون |
كان ملء الحياة فهي وقد ولى | فراغ تحس فيه المنون |
أوقع الذعر حينه في نفوس | خلن من ذاك عزمه لا يحين |
يا فخار البيان ماذا دهاه | فهو اليوم خاشع مستكين |
يتلقى الخطوب غير أبي | وعلى نفسه يكاد يهون |
كيف ينسى سنين أعززت فيها | شأنه فوق ما تعز الشؤون |
إذ أثرت الحرب العوان على البغي | وكل له عليك معين |
فترامى بحرا وبرا بك لانفي | ووراتك بالحجاب السجون |
وبلوت الشقاء من كل لون | ما به رحمة وما بك لين |
شد في السرة التي ست ما عانيت | مما ترتاع منه الظنون |
محن تنسف العزائم في الأبطال | نسفا لو أنهن حصون |
إنما صانك الثبات على رأي | تفديه والثبات يصون |
وصحيح اليقين لو صلى النار | عذابا ما اعتل منه اليقين |
ذاك درس ألقيته وسيبقى | عظة الناس ما تمر القرون |
كم فتى فيك يا حميد السجايا | فقد البأس والندى والدين |
كنت شملا من الصفات جميعا | فتوليت تلك الصفات العيون |
فقد الفاقدوك حرا صريحا | مال في طباعه تلوين |
وخدينا على اختلاف الليالي | لا يجاريه في الولاء خدين |
وصديقا في وده لا يداجي | وصدوقا بعهده لا يمين |
ونديما حديثه طرف لا تتناهى ألطافها وشجون |
|
يورد النادرات أظرف غيراد | ويعدو اخفهن المجون |
وأديبا إذا تقضت فنون | من إجاته تلتها فنون |
يؤثر السهل في الكلام واللجزل | متى تدعه البلاغة حين |
تطفر البادرات من نبعه العذب | وفي المستقر فكر رصين |
ظاهر القول قد يرى نزقا والرأي | في غوره البعيد رزين |
هو للناظرين نور مبين | وهو للواردين ماء معين |
ما تراني معددا من صفات | كلها يكرم الفتى ويزين |
كان سركيس في الصحافة إن قامت | صعاب يروضها فتهون |
كل يوم يأتي بسحر حلال | قد حلا فيه للعقول الفتون |
فهوى إذ هوى شهاب منير | من بنيها وانهد ركن ركين |
ضم من شملهم اساهم عليه | وغلى الرشد يرجع المحزون |
فلنحي النقابة اليوم قامت | ولها عند قبره تكوين |
كان سركيس عالي النفس لا يشكو | ويشكي ما اسطاع من يستعين |
كان سركيس يمنح العذر إلا | من أتى باغيا أمورا تشين |
كان إن تدعه المروءة لباها | ومسعاه بالنجاح ضمين |
كان سمحا يجني القليل ولكن | فيه فضل يصيبه المسكين |
لا يبالي شح السحاب عليه | وعلى غيره السحاب هتون |
كان في أهله وهم خير أهل | نعم رب الحمى وننعم القرين |
لهم من هداه نجم مضيء | ولهم من نداه كنز ثمين |
عاد حب البنين في ذلك المرشد | للعالمين وهو جنون |
إن تواروا في دارة الدار عنه | جد شوق به ولج حنين |
أي عذب الخطاب حلو المعاني | رزئته أسماعهم والعيون |
كيف يسلونه وفي كل أفق | لحديث عنه صدى ورنين |
غيه سركيس إن بكينا فإن الباقي | الحزن والسرور الظعين |
لا على الذاهبين لكن علينا | حين يمضون تستدر الشؤون |
مصر قامت حيالك اليوم ترثيك | وفي قلبها عليك لشجون |
كنت بالروح تفتديها وما من | يفتديها بروحه مغبون |
لم يضع راحل وفي نفس كل | م بنيها له قرار مكين |