ألا أيهذا الطالع المتبسم
ألا أيهذا الطالع المتبسم | هدى وسرور نورك المتوسم |
سلام على ذاك الوليد الذي بدا | من الرحم الخافي مشيرا يسلم |
سلام على ذاك الشقيق من الدجى | يكلمها والبرء حيث يكلم |
سلام على ذاك الهلال من امرئ | صريح الهوى والحر لا يتكلم |
سلام وتكريم بحق كلاهما | واشرف من أحببته من تكرم |
هويتك إكبارا لما أنت رمزه | من المأرب العلوي لو كان يفهم |
وعلما بأن الشرق ينمو ويرتقي | بأن يتصافى عيسوي ومسلم |
فإن نال مني كاشحون ولوم | في كل حب كاشحون ولوم |
أرى كل دين جاء بالخير طاهرا | ولا شيء غير الشر عندي متهم |
وإن ير مثلي رايه عن تحيز | فمن عالم فينا ومن متعلم |
أبى لي عقلي أن أخالف حكمه | ولو فزت من قوم بما لا يقوم |
هو الحق حتى تضرب الهام دونه | فما الخطب في أسباب جهل تفصم |
قل الحق ما إن ينفع الناس مثله | ولو بعد حين واترك الزور ينقم |
قل الحق إن يعجب فذاك وإن يسوء | فذاك ولا يصددك ما قد تجشم |
فتالله ما المصدي لأقوال غيره | بأنبه عندي من جواد يحمحم |
وتالله ما الرواغ دون صميره | باشرف من رعديدي هيجاء يهزم |
منير السرى بشرا بعامك مقبلا | ولا طاب ذكرا صنوه المتصرم |
دهانا بأنواع الأذى متجنيا | فلم يك إلا صارخ متظلم |
كأني وقد ولى بصرت بلجة | يغيب فيها شامخ متضرم |
فقلت بعيدا لا مدحت بطيب | سوى عبرة عن بارح الخطب تنجم |
على أن ما للعام في شأننا يد | وما الذنب إلا ذنبنا المتقدم |
شهدتم رزايا مصر في بدء أمره | ونكبة دار الفرس إذ هو يختم |
وما حل في أثنائه من كريهة بدولتنا الكبرى تروع وتؤلم |
|
لدن هجم القرصان يغزون غربها | كما كانت الجهال في البدو تهجم |
يسومننا باسم الحضارة حربهم | ألا إنها مما جنوه لتلطم |
ألا إنها ساءت عروسا لخاطب | إذا بسطت كفا وحناؤها دم |
لحرفها من دقة الصنع بهجة | وفيها من الشكل الجمال المتمم |
وما نقشت منها البوارق مهمل | وما نقطت منها لابنادق معجم |
فأعجب بها من آية ذات روعة | تصغر آيات الحروب وتعظم |
عززنا بها من ذلة وبعزمها | يقشع هذا الغيهبا لمتجهم |
ولكن أنبقى آخر الدهر عيلة | على الجيش يشقى في الدفاع وننعم |
وله قوة الأجناد تكفل قومها | إلى آخر الأيام والقوم نوم |
إذا ماتبصرتم فمصر و فارس | ودولة عثمان شقاء مقسم |
سوى أن كرسي الخلافة محتم | بأبطاله أما الشعوب فهم هم |
عذيري من سبق اليراع إلى الذي | أداجي به نفسي ولا أتكلم |
دعوني من ذكرى أمور تسوءنا | وذا يوم عيد بالمسرات مفعم |
أرى بينكم آمال خير طوالعا | تهل وراء الأفق والليل مظلم |
رجالا تحلو بالفضائل وارتقوا | بأنفسهم عن كل خلق يذمم |
شبابا إذا عفوا فإن النهى نهى | وإن يطلبوا الغايات فالعزم يعزم |
عدوا في هوى الأوطان أبعد غاية | يسوق إليها العاشقين التألم |
ولكن لقوا منا الذي لم يسرهم | لقوا القاع والطيار خزيان مرغم |
لقوا كيف اغنتنا الشجاعة فيا لوغى | من العدد الصم التي ليس ترحم |
لقوا حين أعيانا التفاهم باللغى | مقابضنا في الهام كيف تترجم |
لقوا فوق ما ظنوا من البأس مفضيا | إلى رحمة تربو على ما توهموا |
فمغفرة حيث الأبي مجندل | ومقدرة حيث الجبان مسلم |
وعطف على جرحى عددنا جراحهم | مكفرة عما أساءوا وأجرموا |
هم أحرجونا فاقتضونا هلاكهم | على أننا كنا نضام فنحل |
وإن يشجنا ما نالهم من عقابنا | ففينا على العلات ذاك التكرم |
سماحة نفس لم تزل من عيوبنا | فإن يغفروها ذلك الفضل منهم |
حمى الله أبطالا حمونا فإنهم | أتوا معجزات في الخصومات تفحم |
محوا بجميل الثأر ما خط مفتر | علينا وفي كفيه للعار ميسم |
وجاءوا من النصر المبين بآية | على صفحات الدهر بالتبر ترسم |
منمقة رنانة عربية | لها كاتب منها وتال مرنم |
إذا طولعت لم تسأم العين حسنها | وإن أنشدت فالسمع هيهات يسأم |
فهم أولياء الحق مهما يعيروا | وهم حلفاء الصدق مهما يؤثموا |
إلى هؤلاء الخالصين طوية | لمصر بنصح خالص أتقدم |
بني خذو عنا نتائج خبرنا | لتكتسبوا ما فاتنا فتتمموا |
عليكم بأشتات العلوم فإنها | نجاة فإن شقت فلا تتبرموا |
تقووا فما حظ الضعيف سوى الردى | وخير القوى للمرء خلق مقوم |
أعينوا أخاكم لا على غير طائل | ومن كان لا يرجى فما هو منكم |
تواصوا بحسن الصبر فالفوز وعده | ولا تبتغوا ما لا يرام فتندموا |
ولا تستفزوا في إجابة دعوة | فحيث أجبتم أقدموا ثم أقدموا |
ذروا كل قول فاقد النفع جانبا | ومدوا مجال الفعل ذلك أحزم |
ولا تتوخوا لذة في محرم | فشر مبيد للشعوب المحرم |
فإما تكاملتم كما نبتغي لكم | فتلك المنى تمت وذاك التقدم |
ويومئذ تعتز مصر بأهلها | وتسعد ما شاءت وتعلو وتكرم |