جبر القلوب مقيلك الجبار
جبر القلوب مقيلك الجبار | وجلا قطوب الريب الاستبشار |
إنهض كمال الدين ترعاك العلى | ويحفك الإجلال والإكبار |
أيهاض عظمك إنها لعظيمة | نزلت وأرزاء الكبار كبار |
إن عطل السعي الأصيل هنيهة | أغناك من لطف القدير معار |
في الطب آيات ترينا فضل ما | يمحو الحليم ويثبت القهار |
تلك العزيمة لا تزال كعهدها | وكما يحب المقدم الكرار |
وإذا مراحلك البعيدة أرجئت | لم يرجأ الإيراد والإصدار |
سلمت نهاك ودام في تصريفها | ما فيه نفع للحمى وفخار |
كم في مآثرك الجلائل شافع | بشفائك اتضحت له آثار |
جود كجود أبيك لم يعلن وكم | سدلت على حرم به أستار |
وتماسكت في البأس أرماق به | ونجت من البؤس المبيد ديار |
فاليوم هاتيك النفوس تفتحت | بشرا كما تتفتح الأزهار |
سمعت ضراعتهن فيك ولبيت | بالبرء أدعية لهن حرار |
مولاي لا ضير عليك فإنه | ما ضارها أن تحجب الأقمار |
ليس الرجال من العثار بمأمن | هيهات يؤمن في الحياة عثار |
وكأنما الأخطار أعلق بالأولى | في هذه الدنيا لهم أخطار |
أو ما نرى شهب السماء كأنها | أكر بها تتلاعب الأقدار |
لله في نوب الحوادث حكمة | ليست تحيط بكنهها الأفكار |
بالأمس تنشد في المهامه روعة | عذراء لم تستجلها الأبصار |
ترتاض أو ترتاد كل دغيلة | كمنت بها الأنياب والأظفار |
ولقد تزور بها ملوك سباعها | ولقد تناجزها وما لك ثار |
ولقد تبيت ولست منها في قرى | وحيال ركبك لا تشب النار |
بالأمس تطوي في الموامي مجهلا | لا يستبين لخابطيه منار |
للعلم فيه خبيئة مظنونة | حالت مهامه دونها وقفار |
مما تخلف من صحائف باحث | أردته مسغبة بها وأوار |
تمضي فتطلبها بحيث تعسفت | فيها الرواة وطاشت الأخبار |
حتى ظفرت بها وقلبك ملهم | كشفت مواقعها له الأسرار |
بالأمس تقحم لوبيا ورمالها | وعثار لا نجع ولا آبار |
مستهديا تيه الفلا مستطلعا | ما تضمر الأنجاد والأغوار |
تغزو وفتاح المغالق من أولي | علم وفن جيشك الجرار |
فإذا الفجاج ولا يحد لها مدى | صور وجملة حالها أسطار |
وإذا حقيبتك الصغيرة تحتوي | ذخرا تضاءل دونه الأذخار |
سفر إلى العرفان أهدى طرفة | لم تهدها من قبله الأسفار |
أسرفت ما أسرفت في إعداده | حتى تجاهل قدره الدينار |
بالأمس في أقصى الجواء مشرقا | ومغربا تنأى بك الأسفار |
وتكاد لا تخفى عليك خفية | قربت بها أو شطت الأقطار |
كالكوب السيار ما طالعتها | وأخوك فيها الكوكب السيار |
عجبا سلمت ولم تسمك أذاتها | بيد ركبت متونها وبحار |
فإذا أتيت الدار وهي أمينة | لم تدفع المحذور عنك الدار |
أحجية للخلق لم تدرك وما | فتئت تحاجيهم بها الأدهار |
مهما يكن منها فإنكر لم تخل | أن الصروف تحاجيهم بها الأدهار |
مهما يكن منها فإنك لم تخل | أن الصروف يردهن حذار |
وحييت تعبث في مداعبة الردى | وتبش إذ تتجهم الأخطار |
وتكاد عزا لا ترى فوق الثرى | حظا على ما نلته يختار |
ألتاج بعد أبيك قد آثرته | بالطوع منك لمن له الإيثار |
هو تاج مصر وملك فرعون الذي | باليمن تجري تحته الأنهار |
يأبى التشبه بالدراريء دره | وكأن نور الشمس فيه نضار |
إن تمض في العلياء نفس حرة | فهناك لا حد ولا مقدار |
أشهدت هذا العصر من تصعيدها | في المجد ما لم تشهد الأعصار |
لا بدع أن تلفى بجأش رابط | والساق تبتر والأساة تحار |
ألليث يزأر إن ألم به الأذى | وسكنت لا بث ولا تزآر |
لو في سواك شهدت ما كابدته | لم يعص جفنك دمعه المدرار |
لكن صبرت لحكم ربك مسلما | وعرفت أن الفائز الصبار |
مولاي برؤك كان يمنا شاملا | قضيت لأوطان به أوطار |
فإذا أصابت مصر حظا وافرا | منه أصابت مثله أمصار |
فاهنأ بمؤتنف السلامة لا تلا | إقبال دهرك بعدها إدبار |