www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

قيمة المواطن هي المشكلة – فهمي هويدي

0

لولا إنفلونزا الخنازير لما تعرف الناس على حقيقة أحوال المدارس الحكومية فى أنحاء مصر. ذلك انه حين حل موعد بدء العام الدراسى، وخشيت الحكومة من أن يكون تجمع التلاميذ فى المدارس أحد أسباب انتشار الوباء، اضطرت وزارة التعليم إلى العناية بأمر نظافة المدارس، والايحاء بأنها تقوم بواجبها فى التحوط لمنع انتشار المرض. وأمام هذه الضرورة وجدت الإدارات التعليمية أنه ينبغى أن تهتم بنظافة قاعات الدراسة وتهويتها، وتوفير دورات للمياه تصلح للاستخدام الآدمى، وتخصيص مكان للرعاية الطبية…. إلخ.

صحيفة الشروق الجديد المصريه الخميس 19 شوال 1430 – 8 أكتوبر 2009

قيمة المواطن هي المشكلة – فهمي هويدي

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/10/blog-post_08.html

 

لولا إنفلونزا الخنازير لما تعرف الناس على حقيقة أحوال المدارس الحكومية فى أنحاء مصر. ذلك انه حين حل موعد بدء العام الدراسى، وخشيت الحكومة من أن يكون تجمع التلاميذ فى المدارس أحد أسباب انتشار الوباء، اضطرت وزارة التعليم إلى العناية بأمر نظافة المدارس، والايحاء بأنها تقوم بواجبها فى التحوط لمنع انتشار المرض. وأمام هذه الضرورة وجدت الإدارات التعليمية أنه ينبغى أن تهتم بنظافة قاعات الدراسة وتهويتها، وتوفير دورات للمياه تصلح للاستخدام الآدمى، وتخصيص مكان للرعاية الطبية…. إلخ.

فى هذا كله كان الاهتمام بالمدارس الذى فرضته الضرورة قد تم لأسباب وقائية وصحية بحتة، لا علاقة لها بالعملية التعليمية، لذلك لم يسأل أحد عن توفير الكتب أو سد النقص فى المقاعد والمناضد واستكمال المعامل أو أوضاع المدرسين والمشرفين.

أو حتى سلامة المبانى المدرسية. بذات القدر فإن أحدا لم يسأل عما إذا كانت المدارس تمارس دورها فى العملية التعليمية أم لا،

ولماذا ظهرت المراكز التعليمية التى أصبحت تقدم الدروس الخصوصية للتلاميذ، على نحو حولها إلى مؤسسات تعليمية موازية أو بديلة؟!.

وغنى عن البيان أن أحدا لم يسأل عن دور المدارس فى التربية وهل لاتزال هناك علاقة بين الاثنين أم لا؟.

رغم أن الاهتمام بالمدارس، انصب على زاوية واحدة، فان تلك الزاوية المحدودة كانت كافية فى تسليط الأضواء على أوضاعها الكارثية.

إذ حين توجهت كاميرات التليفزيون ومعها مندوبو الصحف للتعرف على الجهود المبذولة لمكافحة الوباء فإنهم نقلوا إلينا صورا مفزعة سجلت مدى التردى الذى وصلت إليه أحوال تلك المدارس.

فقد رأينا مبانى تحاصرها تلال القمامة وفصولا بلا نوافذ آيلة للسقوط ودورات مياه منزوعة الصنابير ومكسرة الأحواض، ومقطوعة عنها المياه أغلب الوقت.

وسمعنا شكاوى التلاميذ فى البرامج التليفزيونية وهم يعبرون عن قرفهم وشكواهم من أحوال النظافة فى المدارس.

وكيف ان المديرين فى بعضها طلبوا منهم أن يقضى كل واحد منهم حاجته فى بيته قبل أن يغادره لأن دورات المياه غير صالحة للاستخدام.

 وطلب البعض الآخر من التلاميذ أن يأتى كل واحد منهم «بصابونة» معه،

كما طلبوا من أولياء الأمور والمدرسين ان يتبرعوا بالمكانس والمطهرات.

صحيح أننا رأينا بعض المدارس النظيفة التى ظهر فيها المدرسون والتلاميذ وقد ارتدوا الكمامات، لكننا فهمنا أنها أعدت خصيصا سواء للتصوير التليفزيونى أو لاستقبال وزير التعليم الذى ذكرت الصحف أنه عاين بنفسه دورات المياه وتحقق من توافر الاحتياطات الطبية اللازمة.

الصدمة التى أصابتنا حين اطلعنا على الوجه المحجوب والمسكوت عليه للمدارس الحكومية ستتكرر حين تسلط الأضواء على الحاصل فى المستشفيات الحكومية، لسبب جوهرى هو أن العقلية التى تقوم عليها هى ذاتها التى تدير مرفق التعليم. وهو ما يستدعى ملف الانهيار الحاصل فى بقية الخدمات التى تقدم للمواطنين فى مصر، والذى تظل أكوام القمامة فى القاهرة والجيزة شاهدا عليه، الأمر الذى يدعونا إلى التساؤل:

ماذا تفعل الحكومة إذن؟..

وهل أصبحت مهمتها مقصورة على تحصيل الضرائب وجباية الأموال فقط؟

إن المشكلة لا تقف عند مجرد تدهور الخدمات، لأنها تعبير عن تدهور قيمة المواطن وإلغاء حضوره ودوره.

ولن نتغلب على المشكلة الأولى إلا إذا نجحنا فى حل الثانية.

……………..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.