وقفت على القبر الذي أنت نازله
وقفت على القبر الذي أنت نازله | وقوف جبان باديات مقاتله |
وما القبر إلا حلق غرثان هاضم | من الموت ما يلقي به فهو غائله |
لمثل أمين يجزع الناس إذ مضى | أواخره محمودة وأوائله |
دفناه مبكيا نضير شبابه | ومبكية آدابه وفضائله |
كأنا نواريه الثرى كل ساعة | أسى وكأنا كل آن نزايله |
هوى بين أيدينا وقد ودت المنى | لو أن لفضل ساعدا فهوناشله |
كما سقطت في البحر درة باخل | أحاق به لج من اليأس شامله |
فراح يعيد الطرف لا هو صابر | ولا هو يدري أي أمر يحاوله |
يقطر فوق الغمر سائل دمعه | ولا يدرك الشيء لذي هوس ائله |
فتى كان سباقا إلى كل غاية | ويعلم إلا قدره فهو جاهله |
رجونا له بالطب برءا يسرنا | به وغذا الطب المؤمل خاذله |
ومن قلبه الداء الذي هو يشتكي | فماذا تداويه وماذا وسائله |
وكان على طيب الزمان وخبثه | جني ثمار الأنس عذبا مناهله |
ولا يبتغي إلا المحامد والعلى | ومرضاة وجه الله فيما يزاوله |
إذا اطبقت سحب الحوادث حوله | أضاءت بها أخلاقه وشمائله |
وإن تدن نار الحقد منه تضوعت | مناقبه طيبا بها وفواصله |
وما انقبضت إلا عن الشر كفه | وما انبسطت إلا لخير أنامله |
فلا راعنا بين الأمين وكلنا | يجد إليه والهموم رواحله |
هل المرء مرجو على كل حالة | لطول بقاء والليالي كافله |
فإن كان طفلا فهن منذ ولاده | رهين المنايا والرزايا قوابله |
وإن كا نشيخا فهو قد شد رأسه | إلى الأرض من عجز وناءت كواهله |