قد قام عرشك في أعز مكان
قد قام عرشك في أعز مكان | وعليه هامات الجبال حواني |
وجرى المسلسل من نميرك مخرجا | عن جانبي مجراه نضر جنان |
ينصب في الوادي البعيد قراره | بأحب تهدار إلى الآذان |
سيل بمنقطع سحيق غوره | للصخر في مهواه شبه ليان |
كوشاح هفهاف تدلى من عل | متحليا بالدر والعقيان |
ما أنفس الوقت الذي في قربه | يقضى وما يعطي بلا أثمان |
تجري وراء نطافه أشجاننا | فكأنهن يسلن بالأشجان |
للحسن آيات مواثل حوله | من مثلج صدرا ومن فتان |
ما تخدع العينان فيه جماله | كدمال ما تتحقق العينان |
أنظر بأيمنه إلى الرأس الذي | يزهى بروعة تاجه الروماني |
تكسو جلالتها لصباح وقد بدا | يزدان بالأنوار والألوان |
وانظر بأيسره إلى الطود الذي | فيه من الإبداع فن ثاني |
تجد الأصيل مشققا ونضارة | بين الجذوع يسيل والأغصان |
وتجد سناما مستطيلا قاتما | يهتز في بحر من اللمعان |
يلعوه تمساح تضرب دونه | موج السنى ويعب ظالظمآن |
سرح بحيث تشاء طرفك لا يقع | إلا على ما فوق كل بيان |
أتى الطبيعة وهي أرم أقبلت | بثديها وبها أبر لبان |
تسقي مدارجها وتلقى درها | عفوا على الأغوار والقيعان |
فإذا سموت إلى الذى ترنو إلى | ما دونها من مرتمي العقبان |
أخذتك بالتقوى ولست بمتق | وعرفت سر صوامع الرهبان |
ألنفس في إشراقها من شاهق | تثنى بهيبته إلى الإيمان |
جزين في هذي الحلى موفورة | نعماؤها مرفوعة البنيان |
أما الهواء فما أرق إذا سرى | بين الصنوبر عابق الأردان |
والماء ما اصفى موارده وما | أشفى نداه لمهجة الحران |
هذا المعاش موإنه غنم لمن | يهوى الحياة خلت من الآدران |
وخلت من الآفات والعلل التي | تأتي من الكفات في العمران |
يا أهل جزين الذين تجلموا | بمكارم الأخلاق والعرفان |
من نخبة في شيبها وشبابها | غر الخلال وصفوة الاعيان |
طوقتموني بالجميل ولم أكن | اهلا لهذا الفضل والإحسان |