علا مفرقي بعد الشباب مشيب
علا مفرقي بعد الشباب مشيب | ففودي ضحوك والفؤاد كئيب |
إذا ما مشى هذا الشرار بلمة | فما هي إلا فحمة ستذوب |
أراعك إصباح يطارد ظلمة | بها كان أنس ما تشاء وطيب |
فما بال ضوء في دجى الرأس مؤذن | بأن زمانا مر ليس يؤوب |
غنمنا به أمن الحياة ويمنها | كليل به يلقى الحبيب حبيب |
شباب تقضى بين لهو ونعمة | إذ الدهر مصغ والسرور مجيب |
وإذ لا تعد المعصيات على الفتى | خطايا ولا تحصى عليه ذنوب |
وإذ كل صعب لا يرام مذلل | وكل مضيق لا يجاز رحيب |
وإذ كل أرض روضة عبقرية | وكل جديب في الديار خصيب |
وإذ كل ذي قلب خفوق بصبوة | على الجهل منه شاعر وأديب |
وإذ كل ذي قلب خفوق بصبوة | على الجهل منه شاعر وأديب |
وإذ يثب الفكر البطيء فيرتقي | إلى الأوج لا يثنيه عنه لغوب |
وإذ نستلذ اآلقر وهو كريهة | وإن نستطيب الحر وهو مذيب |
وإذ نستبينا كل ذات ملاحة | لها فتنة بالملاعبين لعوب |
وإذ تتلقانا الصروف برحمة | وينحاز عنا السهم وهو مصيب |
تقينا الرزايا رأفة الله بالصبا | وتدرأ عنا الحادثات غيوب |
فكنا كأفراخ تعرض وكرها | وللنوء هطل والرياح هبوب |
فلم تؤذها الأمطار وهي مهالك | ولم يردها الإعصار وهو شعوب |
بل اهتز مثواها ليهنئها الكرى | وبلت لإمراء الطعام حبوب |
وكنا كوسى يوم أمسى وفلكه | على النيل عشب يابس ورطيب |
مشت فوق تيار البوار تخطرا | تراءى بصافي الماء وهو مريب |
يعض الردى أطرافها بنواجذ | من الموج تبدو تارة وتغيب |
ويبسم وجه الغور من رقة لها | وما تحته إلا دجى وقطوب |
فجازت به الأخطار والطفل نائم | تراعي سراها شمأل وجنوب |
إلى حيث ينجي من مخالب حتفه | غريق ويوقي الظالمين غريب |
إلى ملتقى أم ومنجاة أمة | إلى الطور يدعى الله وهو قريب |
رعى الله ذاك العهد فالعيش بعده | وجوم على أيامه ووجيب |
يقولون ليل جاءنا بعده الهدى | صدقتم هدى لكن أسى وكروب |
إذا ما انجلى صبح بصادق نوره | وبدد من وهم الظلام كذوب |
وحصحص حق الشيء راع جماله | ولم تخف عورات به وعيوب |
وأضحى ذليلا للنواظر مشهد | رأته بنور الشهب وهو مهيب |
فهل في الضحى إلا ابتذال مجدد | تثوب به الأنوار حين تثوب |
وهل في الضحى طيف يسر بزورة | إذا ساءنا ممن نحب مغيب |
وهل في الضحى إلا جروح وغارة | لحوح وإلا سالب وسليب |
وهل في الضحى كأس صفوح عن العدى | إذا رابت الكاسات ليس تريب |
وهل في الضحى راح حمول على الندى | تصب فراحات الكرام تصوب |
أبا الصخب الساعي به كل مغتد | إلى الرزق يرضي مسمعيه طروب |
أتمكننا من بارح الأنس عزل | وجارا رضانا ناقم وغضوب |
أيهنئنا للشمس وجه ودونه | دخان مثار للأذى وحروب |
أتأوي إلى ضوضاء سوق صبابة | وتلك نفور كالقطاة وثوب |
إليكم عني بالحقائق إنني | على الكره مني بالحياة طبيب |
أعيدوا إلى قلبي عذير شبابه | فما الشيب إلا عاذل ورقيب |
ولا غركم مني ابتسام بلمتي | فرب ابتسام لاح وهو شبوب |
أليست نجوم الليل أشبه بالندى | على أنها جمر ذكا ولهيب |