أعبيد يا ذات الهوى النزر
أعبيد يا ذات الهوى النزر | ثَقُلَتْ مَوَدَّتُكُمْ علَى ظَهْري |
لَوْ كُنْتِ يَا عَبَّادَ صادِقَة ً | بالْحبِّ قارَبَ أمْرُكُمْ أمْري |
طوقت صبراً عن زيارتنا | ويقل عن لقيانكم صبري |
العين تأمل فيك قرتها | وغنًى لهَا من دَاخل الْفَقْر |
أنْتِ الْمُنَى للنَّفْسِ خَالِية ً | وحديثها في العسر واليسر |
فتحرجي إن كنت مؤمنة ً | باللَّه يَا عَبَّادَ من هَجْرِي |
لو تعلمين بما لقيت بكم | لَفَدَيتنِي بالرَّحْمِ والصِّهْرِ |
ولما بخلت بمشرب خصرٍ | من ريق أشنب طيب الثغر |
جمجمت حبك لا أبوح به | سنتين في حقرٍ وفي ستر |
حَتَّى إِذَا الْكِتْمانُ أوْرَثَني | سُقماً وَضَاقَ بحُبِّكُمْ صَدْري |
عَنَّيْتُ نَفْساً غَيْرَ آمنَة ٍ | في غير فاحشة ٍ ولا هجر |
أَشْهَى لِنَفْسِي لَوْ أثَقِّلُهَا | وَلمَا بهَا منْ لَيْلَة ِ الْقَدْر |
أهذي بكم يقظان قد علموا | وَأبِيتُ منْكِ عَلى هَوَى ذِكْر |
وَتَقَلَّبِين وَأنْتِ لاَهيَة ٌ | في الخز والقوهي والعطر |
أعبيد هلا تذكرين فتى ً | تيمته بحديثك السحر |
للموت أسبابٌ وحبكمُ | سبب لموتي محصد الشزر |
وَلَقَدْ عَلِمْتُ سَبِيلَ عِلَّتكُمْ | فيمَا يَحِنُّ لِغيْرِكُمْ ظُفْرِي |
ففللت كفي عن مساءتكم | فَظَلِلْتُ واضِعَهَا عَلى سَحْرِي |
طمَعاً إِليْكِ بِمَا أُؤمِّلُهُ | ومخافة أن تقطعي عذري |
لصريمة ٍ غلبت مواصلتي | وَموَدَّة ٍ زَادَتْ على وَفْرِي |
إِنَّ الْمُحِبِّينَ الَّذِين هَفَتْ | أَحْلاَمُهُمْ لِعوَاقِدِ الْخُمْرِ |
أَمَلُوا وخافُوا مِنْ حَيَاتِهمُ | وَعْراً فمَا وَأَلُو مِن الْوعْرِ |
نزلوا بوادي الموت إذ عشقوا | فتتابعوا شفعاً على وتر |
وكَذاكِ منْ وَادِي وَفائِهِمْ | أصبحت مجتنحاً على سفر |
ماضٍ ومرتهن بدائهم | فنُفُوسُهُمْ لِلِقائِهِمْ تجْري |
يا صاح لا تعجل بمعذلتي | ستبيتُ من أمري على خبر |
واعْرِفْ بِقلْبِي حينَ تذْكُرُهُ | أَنْ يُسْتهامَ بِبَيْضَة ِ الْخِدْرِ |
إن الهوى جثمت عقاربه | فيه جثوم الفرخ في الوكر |
يوم العذارى يستطفن بها | مِثْلَ النُّجُومِ يَطُفْنَ بالْبَدْرِ |
لم أنسها أصلاً وقد ركبت | شمس النهار لأرذل العمر |
ودموعها مما تسر بنا | تجْرِي عَلى الْخدَّيْنِ والنَّحْر |
فاغتال ذلكم وغيرهُ | عصر تناسخها إلى عصر |
وبياض يومٍ بعد ليلته | دانٍ مِن الْمَعْرُوف بالنُّكْرِ |
أَنْكَرْتُ ما قدْ كُنْتُ أَعْرِفُه | مِنْها سَوَى المَوْعُودِ والْغَدْرِ |
والنفس دانية ٌ بملتها | مِنْها تُطِيفُ بِها ابْنة َ الدَّهر |
إِنِّي لأَخْشَى مِنْ تَذَكُّرِهَا | موت الفجاءة حيثُ لا أدري |
مِنْ خَفْقَة ٍ لَوْ دَامَ عَارِضُهَا | قدر الفواق وفى لها عمري |
لَكِنْ تَأخَّرَ يَوْمُ مُرْتَهَن | بِوَفَاتِهِ فَوَعَا عَلَى كَسْرِ |
فَلَتَنْزِلَنّ بِه التِي نَزَلَتْ | يَوْماً بِصَاحِبِ عُرْوَة َ الْعُذْرِي |
فَإذَا سَمِعْتِ بِمَيِّت حَزَناً | بكر الحمام به ولم يسر |
فَابْكي عَلَى قَبْرِي مُفَجَّعَة ً | وَلَقَلَّ مِنْكَ بُكًى عَلى قَبْرِي |
فَاسْتَيْقِنِي أَنِّي الْمُصَابُ بِكُمُ | عجلت منيتهُ مع الزفرِ |