أنَّى دعاهُ الشَّوقُ فارتاحا
أنَّى دعاهُ الشَّوقُ فارتاحا | مِن بَعْد ما أصْبَحَ جَمَّاحا |
ذكَّره عهدَ الصَّبى صاحبٌ | كَان لَهُ إِذَّاكَ مِفْتاحا |
أيَّام عبادة ُ من شأنهِ | إِنْ لَمْ يَزُرْهَا بَاكِراً راحا |
الْقَلْبُ مَشْغُوفٌ بِما قدْ مضى | يلقى من الأحزانِ أتراحا |
وَكَيْفَ لاَ يَصْبُو إلى غَادة | تكْفِيك في الظَّلْماء مِصْباحا |
سحَّارة ُ الْعَيْنِ لَها صُورة ٌ | جاد عليها الحسنُ سحَّاحا |
كأن ثلجاً بين أسنانها | مُسْتشْرِكاً راحاً وتُفَّاحا |
كاتمتُ ما ألقى إلى وجهِها | حتَّى إذا عذَّبني باحا |
كفى خليليّ هوى ً شفَّني | لا يعْدمُ النّاصِحُ أنْصاحا |
قولا لمن لم تريا مثلهُ | في محْفلٍ جِسْماً وألْواحا: |
كُرِّي لَنَا الْعَيْش الَّذِي قَدْ مَضَى | ما كَان ذاك الْعَيشُ ضحْضاحا |
لاَ كُنْتُ إِنْ كُنْتُ تناسيْتُكُمْ | لهائجٍ بعدكمو ناحا |
في حلَّتي جسمُ فتى ً ناحلٍ | لَوْ هبَّتِ الرَّيحُ لَهُ طَاحا |
كان الشَّقا حُبَّى مدينية ً | راحت بها دارٌ وما راحا |
أرْعى بِها النَّجْمَ وما رغْبتِي | نجماً بطرفِ العينِ لمَّاحا |
أذابِحِي الشَّوْقُ إلى قُرْبِها | ما كَانَ ذَاكَ الشَّوْقُ ذبَّاحا |
لم أنسَ ما قالت وأترابُها | في معْرك ينْظِمن مِسْباحا: |
أقلِلْ مِن الطِّيبِ إِذا زُرْتنا | إنِّي أخافُ المسك إن فاحا |
لا تتركنَّا غرضاً للعدى | إِنْ كُنْت لِلأَهْوالِ سبَّاحا |
لَمْ أدْرِ أنّ المسكَ واشٍ بِنا | إِنّ حار باب الدّارِ مِسْباحا |
فسمَّحت أخرى وقالتْ لها: | لاَ تحْرِما ما كَان إِصْلاَحا |
لا بدَّ من طيبٍ لمعتادهِ | يغدو به نفساً وأرواحا |
كم ليلة ٍ قد شقّ إصباحها | عنا نعيماً كان زحزاحا |
لم ننبسط فيه إلى محرم | حتَّى رأينا الصُّبح وضَّاحا |
إِلاَّ حدِيثاً مُعَجِباً أُنْسُهُ | أكْبرْتُهُ غَنماً وأرْباحا |