لقدْ زادني ما تعلمين صبابة ً
لقدْ زادني ما تعلمين صبابة ً | إِليْكِ فللقلْبِ الحزين وجِيب |
وما تُذْكرين الدَّهْر إِلا تهلَّلتْ | لعينيَّ منْ شوق إليكِ غروب |
أبيتُ وعيني بالدُّموع رهينة ٌ | وأصبحُ صبًّا والفؤادُ كئيبُ |
إِذا نطق القَوْمُ الجُلُوسُ فإِنَّنِي | أكِبُّ كأنِّي مِنْ هواك غريبُ |
يقُولُون: داءُ القَلْبِ جِنٌّ أصابهُ | ودائي غزالٌ في الحجالِ ربيبُ |
إِذَا شِئْتُ هاج الشَّوقُ واقتادهُ الهوى | إليك من الرِّيح الجنوب هبوبُ |
هوى صاحبي ريحُ الشمال إذا جرت | وأهوى لقلبي أنْ تهبَّ جنوبُ |
وما ذاك إلاَّ أنَّها حين تنتهي | تَنَاهَى وفيها مِنْ «عُبْيدة » طيبُ |
وإِنِّي لمُسْتشْفي «عبيدة » إِنَّها | بدائي وإِن كاتمته لطبيب |
كقارُورة ِ العطَّار أوْ زاد نعْتُها | تلينُ إذا عاتبتها وتطيبُ |
لقد شغلتْ قلبي” عبيدة ” في الهوى | فليْس لأُخْرى في الفُؤادِ نصيبُ |
ألا تتَّقِين اللَّه في قتْلِ عاشِقٍ | لهُ حين يُمْسِي زفْرة ٌ ونحِيبُ |
يُقَطِّعُ منْ أهْلِ القرابة وُدَّهُ | فليس لهُ إلاَّ هواكِ نسيبُ |
تمنِّينني حسن القضاء بعيدة ً | وتلُويننِي ديْني وأنْتِ قريبُ |
فوالله ما أدري: أتجحدُ حبَّنا | «عُبيْدة ُ» أمْ تجْزي بِهِ فتثيبُ |
وإِنِّي لأَشقى النَّاس إِن كان حُبُّها | خصيباً ومرتادُ الجنابِ جديبُ |
وقائلة ٍ: إِنْ مِنْتَ في طَلَبِ الصِّبى | فلا بدَّ أنْ تُحصى عليك ذنوبُ |
فرمْ توبة ً قبل المماتِ فإنَّني | أخافُ عليْكَ اللَّه حِين تؤوبُ |
تكلَّفُ إِرْشادِي وقدْ شاب مَفْرِقي | وحمَّلني أهلي فليس أريبُ |
فقُلْتُ لها: لمْ أجْن في الحُبِّ بيننا | أثامًا على نفْسٍ، فَمِمَّ أتُوبُ |
أرانا قريباً في الجوار ونلتقي | مِرَاراً ولا نخْلُو، وذَاك عجيبُ |
ألا ليت شعري: هل أزوركِ مرَّة ً | وليس علينا يا “عبيدُ” رقيبُ |
فنشفي فؤادينا من الشَّوق والهوى | فإنَّ الذي يشفي المحبَّ حبيبُ |
وما أنس ممَّا أحدث الدَّهرُ للفتى | وأيَّامُهُ اللاتي عليْهِ تنُوبُ |
فلستُ بناسٍ منْ رُضابكِ مشرباً | وقَدْ حان مِنْ شمْسِ النَّهارِ غُرُوبُ |
فبِتُّ لما زوَّدْتنِي، وكأنَّني | مِن الأهْلِ والمالِ التِّلادِ حريبُ |
إِذَا قُلْتُ يُنْسِينيك تغْمِيضُ ساعة ٍ | تعرَّض أهْوالٌ لكْمْ وكُرُوبُ |