طَرِبَ الحمامُ فَهَاجَ لي طَرَبَا
طَرِبَ الحمامُ فَهَاجَ لي طَرَبَا | وبما يكونُ تذكُّري نصبا |
إذ لامني “عمروٌ” فقلتُ لهُ: | غُلِبَ العزاءُ ورُبَّما غَلَبَا |
إنَّ الحبيبَ – فلا أكافئهُ- | بَعَثَ الخَيَالُ علي واحْتَجَبَا |
فاعْذِرْ أخاكَ ودَعْ مَلاَمَتَهُ | إنَّ الملامَ يزيدهُ تعبا |
لا تنهبنْ عرضي لتقسمهُ | ما كان عرْضُ أخيك مُنْتَهَبَا |
وانْحُ الغَدَاة َ على مُقابِلِهِمْ | لخليلكَ المشغوفِ إنْ طلبا |
الطرقُ مقبلة ٌ ومدبرة ٌ | هَوِّنْ عَلَيْكَ لأَيِّهَا رَكَبَا |
لولا الحمامُ وطيفُ جارية ٍ | ما شفَّنيِ حُبٌّ ولا كَرَبَا |
إِنَّ التي راحتْ مودَّتُها | رغماً عليَّ فبتُّ مكتئبا |
حوْراءُ لوْ وَهَبَ الإِلهُ لنا | منها الصَّفاءَ لحلَّ ما وهبا |
خُلقتْ مباعدة ً مقاربة ً | حَرْباً وتمَّتْ صورة ً عَجَبَا |
في السَّابريِّ وفي قلائدها | منقادها عسرٌ وإنْ قربا |
كالشَّمس إنْ برقتْ مجاسدها | تحكي لنا الياقوت والذًّهبا |
أطْوي الشَّكاة َ ولا تُصدِّقُني | وإِذا اشْتكيْتُ تَقُولُ لي: كَذَبَا |
عسُرتْ خلائقها على رجل | لعبَ الهوى بفؤادهِ لعبا |
ولقدْ لطفْتُ لها بجارية ٍ | روتِ القريضَ وخالطتْ أدبا |
قالتْ لها : أصبحتِ لاهية | عمَّن يراكِ لحتفهِ سببا |
لوْ مُتِّ مات ولوْ لطُفْتِ لهُ | لرأى هواكِ لقلبه طربا |
تأتيكِ نازحة ً مناسبهُ | ويحوطُ غيبكمْ وإنْ غضِبا |
وإذا رُفعتِ إلى مخيلتهِ | مطَرتْ علَيْكِ سماؤُهُ ذهبا |
ذهب الهوى بفؤادهِ عبثاً | وأفادهُ منْ قلبهِ جربا |
فارْثِي لهُ ممَّا تضمَّنهُ | من حرِّ حبِّكمُ فقدْ نشبا |
قالت «عبيدة »: قد وفيت له | بالود حتى مل فانقلبا |
وصغا إلى أخرى يراقبها | فِينا وكُنْتُ أحقَّ منْ رقبا |
قولي له: ذرْ منْ زيارتها | للقائنا إِنْ جِئْت مُرْتقبا |
واجْهدْ يمينك لا تُخالفني | فيما هويتُ وكان لي أربا |
وإِذا بكيْتَ فلا عدِمْت شِفاً | وأكلت لحمك جنَّة ً كلبا |
سألتْ لأَعْتُبَها وأطْلُبها | ممَّا تخافُ فقُلْتُ: قدْ وجبا |
ولقيتُها كالخمر صافية ً | حلتْ لشارِبها وما شَرِبَا |