www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

تعلموا الحب من الحبيب /وائل مصباح عبد المحسن

0

وقفتُ عند خبر قرأته أكثر من مرة,وفى أكثر من موضع, ولم أفهمه!كان يتضمن”محاكمة زوج اغتصب زوجته في أمريكا,ومطالبة تلك الزوجة زوجها بتعويض مالي كبير,ووقوف المجتمع معها”رغم أن الزوج هناك لا يستطيع أن يُطلق زوجته الخائنة,حتى لا يحكم القضاء لها بنصف ثروته.

تعلموا الحب من الحبيب

سينارست وائل مصباح عبد المحسن
وقفتُ عند خبر قرأته أكثر من مرة,وفى أكثر من موضع, ولم أفهمه!كان يتضمن”محاكمة زوج اغتصب زوجته في أمريكا,ومطالبة تلك الزوجة زوجها بتعويض مالي كبير,ووقوف المجتمع معها”رغم أن الزوج هناك لا يستطيع أن يُطلق زوجته الخائنة,حتى لا يحكم القضاء لها بنصف ثروته.
أي هراء هذا,إن القوانين التي يصنعها البشر تحتاج أحياناً لمن يبصق عليها!
نعم,فالعلاقة الزوجية لا تتم بالعصا,ووقوعها في عالم الإنسان والحيوان يتم بالتلطف والرضا,ولنفرض جدلاً أن المرأة منحرفة المزاج,وأن زوجها استبدت به رغبة جامحة فأين يذهب؟أكان المسلك السليم _أيها المجتمع المتحضر_أن يذهب إلى أحد البغايا؟! لو أن لهذا الرجل زوجة أخرى_كما يقرر الإسلام _ لكان أحرى به الذهاب إليها, ماذا عليها لو سلمته جسدها لتطفئ شهوته.
اسمعوا ما قاله الحبيب r في هذا _ وما ينطق عن الهوى _:”إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه,فليعمد إلى امرأته فليواقعها,فإن ذلك يرد ما في نفسه”كما قال r:”لا يحل للمرأة أن تصوم نافلة,وزوجها شاهد إلا بإذنه”فحق الزوج مُقدم على التطوع بالخير,أي أن درء المفسدة في الإسلام مُقدم على جلب المصلحة,فصلة الرجل بامرأته عبادة,يُثاب عليها؛لأنها تتم بذكر الله ودعائه وانتظار بركته.
هذا هو إسلامنا,دين الحب,دين إبتدأ بحُضن جبريل فى غار حراء,وأُختتم فى حُضن الصديقة بنت الصديق,
أوليس الحُضن هو قمة الحب وذروته؟!!فالحب مطلوب إذن _الأصل في الحب هو حب الله_وأنتم تعرفون أننا نتكلم في الدين وتتوقعون أن نقول,أن الحب هو حبك لأبوك وأمك وأخواتك,وصحيح أن هذا نوعاً من الحب
ولكن دعونا نتكلم عن الحب بمعناه الدارج،حب الرجل للمرأه.
فهل يستطيع إنسان أن يستغني عن الحب؟ويعيش دون أن يُحِب أو يُحَب؟بالطبع لا.
فلا يوجد من يعيش دون الحب،فهذه فطرة وغريزة ولولا أن الله خلقها فينا لما كان للبشرية أمل في الاستمرار, فهي بدأت منذ أن خُلق آدمu,فالحديث الشريف يذكر:فبينما آدم نائم إذ خلق الله من ضلعه حواء؛فاستيقظ فرآها بجواره،قال:من أنتِ؟,قالت: امرأة قال:ما اسمك؟،قالت:حواء,قال:ولِما خُلقت؟,قالت:لتسكن إليّ.
وهذا يعني أنه:يا كل آدم في الأرض _ إلى يوم القيامة_لا سكن لك ولا اطمئنان لك,إلا بجوار حواء,فهي رمزاً للاطمئنان,والذي يتولد عنه الحب.
فإلى من يظلمون هذه الكلمة المقدسة وينزعون عنها طهرها ونقاءها,أهدى إليكم هذه القصة,والتي تُعد أجمل قصة حب عرفتها البشرية؛لتستنبطوا منها ماهية تلك الكلمة العجيبة التي تُحول الغرباء إلى قُرباء,والأعداء إلى أخِلاء,قصة حب محمد  rلزوجته خديجةy ,إنها قصة قديمة قِدم قصة حب جده إبراهيم u لزوجته سارة.
فقد كان إبراهيم يحبها حباً شديداً حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تنجب،رافضاً الزواج بغيرها,حتى زوجته هي بنفسها من السيدة هاجر_جدة الرسول _ حتى يُنجب,وبعد أن تزوج من السيدة هاجر y وأنجبت إسماعيل غارت سارة,فأخذ إبراهيم  uهاجر وابنه الرضيع إسماعيل إلى مكان بعيد إرضاءًا لزوجته الحبيبة.
لم أختر قيس وليلى,ولا روميو وجوليت؛لأن هذه القصص لم تنته بالزواج,والذى هو الاختبار الحقيقي للحب،
فكثيرا ما رأينا نماذج كثيرة كانت يوماً من الأيام محور حديث المجتمع من حولهم,ولكن بعد الزواج ينتهي كل شيء بالطلاق,هو يقول:اختلفت عن أيام زمان,وهي تقول:أصبح إنساناً مختلفاً,ويرجع ذلك إلى أنه في فترة ما قبل الزواج,يحاول كل منهما أن يُظهر للآخر أفضل ما عنده،فلما يلتقيا ويرى كلاهما الآخر على حقيقته,تقع الكارثة,ويُهدم البيت,وقد يضيع الأولاد.
ولهذا يكون الحب الحقيقي هو الحب الذي يستمر بعد الزواج حتى لو مات أحد الطرفين.
تموت السيدة خديجة,فيعتصر قلب الحبيب r حزناً,وتمر سنه,فتأتيه r امرأة من الصحابة وتقول له:
يا رسول الله ألا تتزوج؟,لديك سبعة عيال,ودعوة هائلة تقوم بها.
فيبكي الحبيب r ويقول:”وهل بعد خديجة أحد؟”.
إن محمداً r لم يتزوج كرجل إلا خديجة_ لولا أمر الله له بالزواج لما تزوج أبداً_ ولهذا لم ينساها حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاماً_ يوم فتح مكة والناس ملتفون حوله_ فإذا به يرى سيده عجوز قادمة من بعيد,فيترك الجميع,ويتجه إليها,ويقف معها ويُكلمها,ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويُجلسها عليها,فتسأل عائشة:
من هذه التي أعطاها r وقته وحديثه واهتمامه كله؟فيقول لها:هذه صاحبة خديجة.
وعندما يرجع r تسأله عائشة:وفيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟
فيرد الوفيّ r:كنا نتحدث عن أيام خديجة.
فتغار عائشة وتقول:أما زلتَ تذكر هذه العجوز,وقد واراها التراب وأبدلك الله خيراً منها.
فيغضب الحبيب r ويقول:”لا,والله ما أبدلني الله خيراً منها..”.
فتشعر عائشة بغضبه فتقول:استغفر لي يا رسول الله.
فيقول لهاr:استغفري لخديجة حتى استغفر لكِ.
ويعلق”توماس كارلايل” فى كتابة الابطال وعبادة الابطال على إجابة الرسول r وقوله “لا” قائلاً:”إن محمداً أغضب زوجته الحية في سبيل إرضاء زوجته الميتة,ومن الزوجة الحية؟ إنها عائشة بنت صديقه أبى بكر,الصغيرة السن,الفائقة الجمال,إن الإنسان الذي يُجيب بما أجاب به محمد r يعد مخلصاً إخلاصاً لا مثيل له بين بنى الإنسان”,فكان r يُفضلها على سائر زوجاته،مما جعل عائشة تقول:ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها،فكان r لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكرها,فيُحسن الثناء عليها,وإن ذبح الشاة,قطع أعضاءها,ثم يهديها إلى صديقاتها,كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة.
هذا هو الحب الحقيقي,حب يستمر بعد الوفاة بأربعة عشر عاماً؛لأنه حب لم يسبقه علاقات حرام,ولأن الأصل
فيه تكوين بيت يذكر الله,لا يذكر كيوبيد,بيت يبدأه الزوج بركعتي يؤُم فيهما زوجته,لا يبدأه بمراقصتها,بيت يختلط فيه أصوات الصغار مع الكبار بقراءة القرآن,لا بأصوات الغناء,بيت توقظ فيه الزوجة زوجها ليصليان معاً ركعتي قيام,لا ليخرجا إلى أحد الملاهي أو دور السينما,كيف سيكون هذا البيت؟!!
جربوا وستعرفون الإجابة,والله لن تندموا,الأمور ستتغير,الحب سيزداد,الله سيبارك.
هذا هو إسلامنا,وهذا هو رسولنا محمد r وما أدراك من هو محمد!خاتم المرسلين وسيد الأولين والآخرين,أول شافع ومشفع,صاحب المقام المحمود,صاحب لواء الحمد يوم القيامة,أول من تُفتح له أبواب الجنة,أفلا نقتضى به؟!وقد أمرنا المولى بذلك,في قوله تعالى:”ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً”.
هذا إذن أمر سماوي,لا يسعنا معه سوى السمع والطاعة,فأكمل المؤمنين إيماناً بالنبي r وأعظمهم إتباعا،له وأسعدهم بالاجتماع معه,المتخلقون بأخلاقه المتمسكون بسنته وهديه،فعنه r أنه قال:
“إن هذه الأخلاق من الله تعالى؛فمن أراد الله به خيراً منحه خلقا حسنا”.
هل أحببتم الحبيب r ؟إذا أحببتموه فأنتم معه”المرء مع من أَحب”وكيف لا؟!!وقد جُبلت النفوس على حب من أحسن إليها,فأي إحسان أجل قدراً،وأعظم خطراً من إحسانه إلى جميع المؤمنين ؟وأي أفضال أعم منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين؟ فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرةً أو مرتين معروفأً،أو استنقذه من مضرة,فما بالك بمن منحه ما لا يبيد من النعيم،ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم.
أوليس أحق بالحب،وأولى بالميل!
وإذا كان يُحَبُّ ملكٌ لحسن سيرته،أو حاكمٌ لما يؤثر من قوام طريقته،أو قاص بعيد الدار لما يشاد من كرم شيمته,فما بالك بمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال.
ألا يكفى هذا لأن يكون الحبيب r أحب إلينا من أنفسنا؟!!!
سينارست وائل مصباح عبد المحسن
0114005523  مصر   0101261829
waelmosbah@yahoo.com
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.