www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

رسالة إلى مهرجان المسرح العربي الأول في القاهرة/ بقلم السيد حافظ

0

يقول المخرج والفنان العالمي “جوردن كريج” في كتابه الرائع فن الإخراج أن المسرحيين الانجليز فاسدين فنا وخلقا وعلينا أن نأخذهم جميعهم في مركب ونلقى بهم جميعا في البحر ونتخلص منهم حتى نتخلص من الفساد المسرحي ونبنى مسرحا انجليزيا نظيفا

 رسالة إلى مهرجان المسرح العربي الأول في القاهرة
 بقلم السيد حافظ:
يقول المخرج والفنان العالمي “جوردن كريج” في كتابه الرائع فن الإخراج أن المسرحيين الانجليز فاسدين فنا وخلقا وعلينا أن نأخذهم جميعهم في مركب ونلقى بهم جميعا في البحر ونتخلص منهم حتى نتخلص من الفساد المسرحي ونبنى مسرحا انجليزيا نظيفا من أطفال يولدون في المسرح ويحبونه ويتعلمون المشي  والحب والتعاون وكل شيء في المسرح وهنا انتهى كلام “جوردن كريج”  وأنا أقول  يجب أن نأخذ كل المسرحيين العرب الموجودين الآن في القاهرة وان نلقى بهم في النيل أو البحر الأحمر أو في البحر المتوسط أو الخليج حتى نتخلص من فسادهم وكذبهم وشرهم وخيانتهم. أن المسرحيين العرب وأولهم المصريين هم الذين خانوا عزيز عيد ومات فقيرا ومعدما وأول من خانه كان نجيب الريحاني، أليس المسرحيون من خانوا سيد درويس وجعلوه يفلس في إنتاج آخر مسرحياته وانتحر بجرعة كوكايين، أليس المسرحيين من خانوا فاطمة رشدي التي صرفت على المسرح 50 ألف جنية عام 1932 من صديقها اليهودي رجل الأعمال، من الذي خان إسماعيل ياسين وفى آخر أيام حياته كان يبحث عن عمل مونولوجست بعد أن صرف كل أمواله على المسرح، من الذي خان محمود المليجى الذي مات حزنا وكمدا في كازينو الليل عندما قال له مدير الإنتاج أجرك في الفيلم ثلاثين جنية في اليوم يومية يعنى 300 جنية في فيلم أيوب، من الذي قتل عماد حمدي الذي مات وهو ضرير في بيت ابنه ولا يجد عملا في المسرح، من الذي قتل نجيب سرور وقالوا مجنون، نجيب سرور هذا الشاعر والمخرج والممثل والناقد قتله حقد المسرحيين وعندما مات جلسوا في جنازته يبكون، من الذي قتل سعاد حسنى وجعلها تنتحر أليس جحود الفنانين والمسرحيين وبخلهم، من الذي قتل محمود دياب الكاتب الرائع ألم تكتب لجنة القراءة في المسرح القومي عام 1979 عن مسرحيته “ارض لا تنبت الزهور” أنه نص ضعيف وركيك ولا يصلح ولا يليق بالمسرح القومي فأصابه الجنون والإحباط، من الذي قتل محمد الماغوط وقبل موته بثلاثة شهور كان يبحث في قناة العربية مع الزين وسأله: من أين تعيش يا أستاذ؟  فقال: هيك من حكي هنا أو هناك في برنامج زى برنامجك.. وبعد ذلك أعطوه جائزة سلطان العويس وكان الوقت قد فات فالروح من كثرة الخيانات استسلمت.. من الذي قتل المبدعين  إنهم ا لخونة من المثقفين وأولهم المسرحيين ومن الذي قتل زوجتي عندما أصابها تليف الكبد وكنت اصرخ أنقذوها! فصرفت نقابة السينمائيين خمسمائة وستون جنيها  560 جنيها أي نصف اجر ليلة واحدة في العناية المركزة في القصر العيني، وقام الدكتور أشرف زكى بمحاولات مع وزير الصحة الذي كان يصرف لنا تدعيم كل أسبوعين ب3 آلاف جنيها وقام في نفس الوقت الدكتور حسام عطا بالتحدث مع احد أعضاء مجلس الشعب حتى يحضر لنا دعما وكذلك الإعلامي والصحفي الكبير حمدين الصباحي ومصطفى بكرى نفس الشيء حاولا كثيراً.  ولكن المجتمع كله خانني الحكومة والمؤسسات الوطنية والمدنية العربية وأولهم المسرحيين كان ابني وزوجتي في آن واحد في المستشفى  وكلاهما في العناية المركزة ماذا فعل المسرحيون لا شيء ذهبت إلى الإمارات ابحث عن الله في قلوب رجال المسرح هناك ولكن لم تتحرك جمعية المسرحيين في الشارقة عرض على مسرح الشارقة الوطني أن أقدم طلبا لشراء كل أعمالي كنت احتاج في اليوم لزوجتي وأبني أربعة آلاف جنيها مصريا يوميا للعناية المركزة. و في مصر قام  وزير الثقافة المصري بشراء مسرحية مني تقدر ب 17 ألف جنيها أي علاج أربعة أيام في العناية المركزة، وفوجئت إن مسرح الشارقة الوطني قرر شراء كل أعمالي المسرحية وفرحت حتى أنقذ زوجتي ووجدت إن صالح البحر سكرتير المسرح في ذاك الوقت يقول لي قرر مجلس الإدارة شراء كل أعمالك ال 66 مسرحية المتنوعة بمبلغ ألف وأربعمائة درهم على ان تتنازل عنها بحق النشر والعرض مدى الحياة ثمن كل مسرحية 250 مائتان وخمسين درهما، وكما حدث مع بدر شاكر السياب في الكويت حدث معي نمت في حجرة وشقة بها 20 فردا، وقابلني على خميس الفنان الإماراتي ودفع لي أجر السكن ألف وخمسمائة درهم، وقابلت الناقد المسرحي الشهير دكتور يوسف عيدابى وقال لي: أنت عاوز إيه من الإمارات لا نشترى كتب. وكان هذا أمام رئيس جمعية المسرحيين عمر غباش قلت له: يا عمر الرجل  يقول لا عمل لي ولا مساعدة هنا. قال لي: محفوظ عبد الرحمن هنا وعطيته رقمك يمكن يساعدك هنا يكلم حد. وهرب هو الآخر ثم قابلت المرحوم الفنان قاسم محمد قال: أقول لك سر عيني أبعت للشيخ القاسمي وهو كاتب مسرح أيضاً على صندوق بريد رقم واحد الشارقة وبعدها بأسبوع اكتشفت أن رقم البريد موجود  في دفتر أرقام الهواتف وليس سرا كما اخبرني. أما محمود أبو العباس قابلني وقال: غدا ستعمل عيني في قناة فضائية معي وتعمل في مركز الطفولة هذا رقم هاتفي وبعدها لم يرد علي وقال للناس: أنا مو فاضي له عينى. أما المسرحيون العرب فهم ليسوا اقل خيانة من المثقفين فالفنان عبد العزيز السريع الذي يعمل في مؤسسة البابطين كلمه الشاعر الدكتور الرائع خليفة الوقيان وقال له: اتقدوا زوجة السيد حافظ فهو مسرحي زيكم. قال له: يبعت لي التقرير. فأرسلت التقارير للدكتور خليفة، فألقى بها عبد العزيز السريع في سلة المهملات.  أما الشيخ سلطان القاسمى صاحب السمو الفنان توسط لي عنده الفنان نور الشريف والدكتور أشرف زكى، فصرف الدكتور صاحب السمو مكرمة مالية أربع شهور لإيجار بيتي  في الشارقة وأنقذني من البنك وشيك السكن. وكما فعل الفلسطينيون المثقفون مع بدر شاكر السياب فى الكويت تركوه بلا عمل ومنهم فى ذاك الوقت غسان كنفانى الذي كان موجودا في الكويت. تركني المثقفون الفلسطينيون المسيطرون على الصحف في الإمارات وأولهم جريدة الخليج. الآن إنني أتقدم بطلب إلى الهيئة العالمية للمسرح بمحاسبة الخونة من المسرحيين العرب وهم كثيرون جدا وبالمجان ويبلغ عددهم %99 منهم خونة ويستحقون الموت  عمدا وسوف يقيمون مهرجان المسرح ويسكرون في الليل بعد العروض ويضحكون  وبعضهم يلعب القمار فى الكازينوهات ويخسر الالافات ويكذبون ويخونون بعضهم. قال الكاتب المسرحي بهيج إسماعيل ذات يوم: نحن نحتاج إلى حريق كبير يحرق رجال المسرح الفاسدين واذكر ما قاله لى الكاتب إسماعيل عبد الله  في الإمارات: الشيخ سلطان طلب مننا نجد لك وظيفة اجتمع الشباب أربعة اجتماعات ولم نجد لك وظيفة في المسرح وقال: سامحنا يا أستاذ إحنا أخدنا على الرمم من المسرحيين الذين يتصرفون كخدم والمسرح الإماراتي مظلوم ويسيطر عليه آفاقيين، وقال الناقد الكبير محمد عبد الله: أخوى سيد أستاذ الشباب قال لى انك عامل سى فى 9 صفحات يا رجل أنت بتقولهم انتم ولا شيء هل ما قاله صحيحا  لا اعرف؟
“ان المسرحيين كانوا إخوان الشياطين” أقول للمخرج والفنان العالمي “جوردن كريج”  ليس المسرحيين الانجليز فقط فاسدين فنا وخلقا بل والعرب أيضا وعلينا أن نأخذهم جميعهم في مركب ونلقى بهم جميعا في البحر ونتخلص منهم حتى نتخلص من الفساد المسرحي ونبنى مسرحا انجليزيا وعربيا نظيفا من خلال أطفال يولدون في المسرح ويحبون ويتعلمون المشي  والحب والتعاون وكل شيء فى المسرح
بقلم‮ :‬ سمير غريب
نظرة إلي المستقبل: ليست مأساة‮ ” ‬السيد حافظ‮” ‬وحده‮.. ‬ بقلم‮ :‬ سمير غريب أخبار اليوم December 2008 03:03 am 26 . 85 مشاهدات كل ‮ ‬عام وأنتم بخير‮. ‬أعتذر عن عدم مواصلة الكتابة في سلسلة مقالات‮ ” ‬ويسألونك عن التخلف‮” ‬هذا الأسبوع بسبب موضوع اليوم‮. ‬فكرت أن أعتذر أيضا عن كتابة هذا الموضوع في أيام عيد الأضحى المبارك،‮ ‬لمأساويته و‮” ‬العكننة‮” ‬عليكم في مناسبة سعيدة‮. ‬لكنني تراجعت عن الاعتذار،‮ ‬لأنني نظرت إلي الموضوع من وجه آخر‮: ‬أن معاني الاحتفال بعيد الأضحى أجدر مناسبة لنشره‮. ‬فمن معاني هذا العيد التضحية بالنفس،‮ ‬وهي أقصي درجات التضحية‮ ‬،‮ ‬من أجل شخص أو هدف تحبه وتخلص له‮. ‬ومن معانيه أيضا التضامن والتكافل الاجتماعي‮. ‬موضوع اليوم هو في صميم هذه المعاني علي الرغم من أنه ليس بجديد‮. ‬فقد تكرر مع كثير من الكتاب والأدباء والفنانين،‮ ‬وسوف يتكرر‮. ‬فهذه مأساة أكبر من مأساة صاحب الموضوع‮. ‬نحن هنا إزاء مأساة كاتب كبير أنفق كل ما كان يملك علي علاج زوجته،‮ ‬واضطر للاستدانة ليستكمل علاجها،‮ ‬توفيت الزوجة وتراكمت الديون التي عليه أن يسددها‮. ‬وفشلنا حتى اليوم في مصر في الحفاظ علي كرامة هؤلاء عندما يتعرضون إلي محنة المرض ومأساة الحاجة،‮ ‬رغم تكرار المحاولات التي تمت بنوايا حسنة‮. ‬إنني أتحدث عن مأساة الكاتب الكبير السيد حافظ الذي أذهلتني رسالته،‮ ‬بل صدمتني‮. ‬قرر السيد حافظ أن يذهب إلي دولة الإمارات بحثا عن عمل يوفر له مالا يمكنه من سداد ديونه التي تراكمت بسبب مرض زوجته بالكبد والتي توفيت في مستشفي قصر العيني الفرنساوي‮. ‬لم تكف قرارات العلاج علي نفقة الدولة التي صدرت لها في تغطية نفقات العلاج‮. ‬ويذكر السيد حافظ ممتنا الأصدقاء الذين وقفوا معه وساعدوا علي إصدار هذه القرارات،‮ ‬ومنهم الدكتورة هدي وصفي مديرة مسرح الهناجر والدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلى للثقافة وقتها والفنان أشرف زكي نقيب الممثلين وحمدين صباحي عضو مجلس الشعب‮ . ‬يقول السيد حافظ إن مدير مستشفي قصر العيني الفرنساوي قام بإبلاغ‮ ‬قسم الشرطة بسبب عدم سداده قيمة العلاج في العناية المركزة‮!‬ إنني أفهم لماذا لم تكف قرارات العلاج علي نفقة الدولة لتغطية مصروفات العلاج‮. ‬مررت شخصيا بهذه التجربة عندما توسطت لقريبة لي لدي رئيس مجلس الوزراء،‮ ‬الدكتور كمال الجنزوري في ذلك الوقت،‮ ‬ليصدر لها قرارا بعلاجها علي نفقة الدولة في مستشفي قصر العيني الفرنسي أيضا‮. ‬صدر القرار بعشرة آلاف جنيه‮ ‬،‮ ‬بينما بلغت تكلفة العلاج أكثر من‮ ‬44‮ ‬ألف جنيه‮. ‬وأفهم أيضا لماذا ذهب السيد حافظ إلي دولة الإمارات بالذات بحثا عن مال‮. ‬ففضلا عن وفرة المال‮ ‬،‮ ‬هناك احتفاء ظاهر بالثقافة،‮ ‬يتجلي في عدد الإصدارات الجديدة في الكتب والصحافة،‮ ‬وفيما يقيمونه من متاحف ومعارض ويعقدونه من ندوات‮.. ‬وفوق ذلك هناك حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي تبرع في مصر وحدها بإنشاء مكتبة كلية الزراعة بجامعة القاهرة وفاء لكليته التي تخرج فيها‮ ‬،‮ ‬وشرفت باختياري عضوا بمجلس إدارتها،‮ ‬وأنشأ مبني الجمعية التاريخية المصرية في مدينة نصر وقت رئاسة العزيز المرحوم الدكتور رءوف عباس،‮ ‬وتبرع بإنشاء مبني جديد لدار الوثائق القومية في عين الصيرة‮ . ‬وأخيرا هو الوحيد الذي تبرع لاتحاد كتاب مصر بمبلغ‮ ‬عشرة ملايين جنيه لحساب علاج أعضائه‮. ‬تصوروا حاكم الشارقة يتبرع لعلاج كتاب مصر ولم نجد مصريا من مليارديرات آخر زمن يتبرعون‮ ” ‬ولو بجنيه‮ ” ‬كما يقول الإعلان التلفزيوني البائس للتبرع للأطفال مرضي السرطان‮. ‬كان علي السيد حافظ أن يسدد ديون علاج زوجته،‮ ‬ويعيش وينفق علي أولاده أيضا‮. ‬بحث عن عمل في دولة الإمارات،‮ ‬فتم تعيينه في مؤسسة الصدي في وظيفة مدقق لغوي،‮ ‬ثم قام الشاعر سيف المري رئيس التحرير بتعيينه منسقا إعلاميا بين مجلات المؤسسة‮. ‬فقام زملاء له فلسطينيون ومصريون بحملة ضده‮. ‬فقرر سيف المري تعيينه مديرا لتحرير مجلة‮ “‬الشاشة‮”. ‬استكتب السيد حافظ‮ ‬،‮ ‬كما قال،‮ ‬في هذه المجلة عددا من كبار شعراء وكتاب مصر أمثال أحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الابنودي ومحفوظ عبد الرحمن ومجدي نجيب وفريدة النقاش ود‮. ‬رفيق الصبان وبهيج إسماعيل وإبراهيم عبد المجيد‮. ‬مرة أخري تعرض السيد حافظ لمكائد ومحاربة زملاء له‮. ‬أكثر ما حز في نفسه أن يكون هناك فلسطينيون من بين من حاربوه‮. ‬لماذا؟ يرد بنفسه‮: ” ‬أنا الذي أنفقت عمري وحياتي دفاعا عن القضية الفلسطينية‮. ‬أدركت لأول مرة في حياتي أن العدو الأول لي في الإمارات مثقفون فاسدون من فلسطين والعراق والسودان‮. ‬أدركت أن القومية العربية وهم‮. ‬وأن العدو الفلسطيني الفاسد في الإمارات هو نفسه العميل الذي يبلغ‮ ‬المخابرات الإسرائيلية عن مكان الشرفاء من رجال المقاومة لتقتلهم إسرائيل‮!! ‬يا ويلي‮”. ‬كان السيد حافظ قد اقترض من المؤسسة لسداد ديونه حتى وصلت الديون إلي مائة وثلاثين ألف درهم إماراتي‮. ‬انتهت المكائد بطرده من مؤسسة الصدي ولم يسدد ديونه بعد‮. ‬رغم ذلك قام صديقه رئيس التحرير الأستاذ سيف المري بتسديد إيجار منزله لثلاثة شهور‮. ‬بحث عن عمل آخر‮. ‬جاء صديقه الفنان نور الشريف وتدخل وطلب منه أن يكتب للشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة،‮ ‬فكتب‮. ‬لم يحصل علي وظيفة وإنما أعطوه‮ “‬مكرمة‮ ” ‬سداد إيجار بيته لمدة أربعة أشهر‮. ‬أي أصبح السيد حافظ في موقف أشبه بالتسول،‮ ‬يؤكد ذلك كلامه نفسه الذي يجتر فيه تاريخه‮: “‬إنني في الإمارات أبحث عن عمل لأسدد ما اقترضته من البنوك ومن بعض الأصدقاء،‮ ‬في هذا الوطن الذي أدار ظهره لي وأنا صاحب أكبر مشروع في الكتابة المسرحية العربية‮. ‬أعمالي تدرس في أسبانيا وأمريكا وايرلندا وأنا في الإمارات هذا البلد الطيب‮”. ‬ويضيف‮:”‬أسأل الله أن يرحمني وأن أخرج من هذا البلد معززا مكرما وأسدد ديوني‮ “. .‬لقد ذهبت مأساة السيد حافظ به إلي خارج حدود العقل حيث أنهي رسالته كاتبا‮: “‬ربما تجدني في إسرائيل ذات يوم‮. ‬لا تلومني،‮ ‬لا تقل عني خائنا بل قل خانه المثقفون العرب أولهم المصريون والفلسطينيون والعراقيون والخليجيون وآخرهم السودانيون‮. ‬أشكر كل الذين دعموني بالكلمات،‮ ‬وأنا ليس لي إلا رحمة الله الكريم الذي برحمته يغنيني عن البشر أجمعين‮”. ‬مأساة السيد حافظ تذكره بمبدعين آخرين عاشوا مآسي مشابهة فيكتب‮:” ‬لم أتوقع أن تنتهي حياتي مثل محمود دياب ونجيب سرور ومحمد الماغوط‮ . ‬لم أتوقع ذلك ولكن هذا قدري‮”. ‬حذفت كثيرا مما جاء في رسالته التي وصلتني عبر صديق لي‮. ‬والذي حذفته يعبر عن وصول حالة السيد حافظ إلي منطقة اللا منطق،‮ ‬واللا عقل‮. ‬هو لم يمت بعد مثلما مات من ذكرهم،‮ ‬وهم من أغزر الأدباء العرب موهبة‮. ‬هو،‮ ‬في الستين من عمره،‮ ‬لا يزال قادرا علي مزيد من الإبداع‮. ‬لذلك فالفرصة لا تزال سانحة لإنقاذ السيد حافظ مما هو فيه،‮ ‬ومن نفسه أيضا‮. ‬هذا المبدع المصري الكبير حقا،‮ ‬الذي عاد من الكويت سنة‮ ‬1986‮ ‬بمليون جنيه،‮ ‬أنفقها علي مركز ثقافي أنشأه في الإسكندرية سماه‮ “‬رؤيا‮ “‬،‮ ‬استضاف فيه عددا من الكتاب العرب والمخرجين والسينمائيين حتى أفلس‮. ‬ولا يزال السيد حافظ يحمل الكثير من الأفكار والمشاريع بعد أن كتب‮ ‬67‮ ‬كتابا،‮ ‬وأكثر من مائة مسرحية،‮ ‬وروايتين،‮ ‬ومجموعتين قصصيتين‮ ‬،‮ ‬كما تميز بالكتابة للأطفال‮ . ‬وأذاع له التلفزيون المصري‮ ‬20‮ ‬مسلسلا‮. ‬وبعد أن كتبوا عنه عددا كبيرا من الرسائل العلمية في الجامعات العربية‮. ‬يقول هو إنه أكبر عدد لرسائل علمية عن كاتب عربي‮. ‬ويضيف إنه لا يزال عنده‮ ‬10مسلسلات في قطاع الإنتاج في مصر وشركة صوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي لم تنفذ مع أنها حاصلة علي تقدير ممتاز‮. ‬لا أعرف تحديدا كيف يمكن إنقاذ السيد حافظ مما هو فيه ومن نفسه‮. ‬لكن المؤكد أن مأساته بدأت في مصر،‮ ‬وأنها لن تحل أيضا إلا في مصر‮. ‬مثلما‮ ‬يجب علينا البحث عن حلول جذرية لأمثال السيد حافظ من المبدعين المصريين،‮ ‬وحتي لا تتكرر مثل هذه المآسي مرة أخري‮. ‬نريد للمبدع المصري أن يعيش في مصر محفوظ الكرامة‮ ‬،‮ ‬مرفوع الرأس‮ . ‬نريد نظاما يضمن للمبدع المصري حياة كريمة له ولأسرته‮ ‬،‮ ‬وتأمينا صحيا شاملا كاملا وعلي أعلي مستوي له ولأسرته‮ ‬،‮ ‬دون اللجوء إلي الوساطة وقرارات العلاج علي نفقة الدولة لمن استطاع إليها سبيلا‮ . ‬ودون أن يضطر المبدع المصري إلي مغادرة مصر لتأجير ملكاته‮ ‬،‮ ‬والإساءة إلي نفسه وإلي وطنه أيضا‮ . ‬ولماذا نخص المبدعين ؟ لأنهم التاج علي رأس أي وطن‮ . ‬بل هم روح أي وطن‮ . ‬فوطن بلا إبداع كجسد بلا روح‮ . ‬وبعد‮: ‬في اللحظة التي فتحت فيها رسالة السيد حافظ علي بريدي الإلكتروني،‮ ‬وصلتني رسالة أخري علي تليفوني المحمول من وكالة أنباء الشرق الأوسط،‮ ‬تقول‮:” ‬تكوين مجموعة أصدقاء مصر بالبرلمان الأوربي بحضور أبو الغيط وزير الخارجية‮ “!‬

بقلم‮ :‬سميرغريب
نظرة إلي المستقبل: السيد حافظ وتأملات في معني الوطن.
سعدت برسائل وصلتني تعلق علي مقالة الأسبوع الماضي عن مأساة الأديب المصري الكبير‮ »‬السيد‮ ‬حافظ‮« ‬الذي يعاني في‮ ‬غربته في دولة الإمارات‮.‬
من بين الرسائل،‮ ‬رسالة الدكتور علي الشعيبي الذي جمعته علاقة‮ ‬عمل مع السيد حافظ عندما كان الشعيبي مديرا عاما لمركز دبي للاعمال الفنية‮. ‬مما كتبه الدكتور علي الشعيبي في رسالته‮: » ‬ولكنك عزفت علي جرحنا جميعا،‮ ‬فاعذرني وأنا ابعث اليك بخاطرة في حق هذا الرمز،‮ ‬كنت انت صاحب قدحة الزناد فيها،‮ ‬اشكرك علي كل حرف كتبته‮ «عنوان الخاطرة التي ارفقها الدكتور الشعيبي‮ »‬السيد حافظ السنبلة وجمرة القلب‮«. ‬ونظرا لضيق المساحة اضطر لاختيار الفقرات التالية منها لنشرها معتذرا لصاحبها‮:‬ »‬كان العنوان بالخط العريض في جريدة الأخبار لافتا،‮ ‬إذ كانت الأحرف تشي باسم احد رواد المسرح العربي‮.. ‬وقرأت عن الشخص الذي اعتز به كرمز قومي عربي‮. ‬كان الحديث الخارج من وجع القلب عن المسرحي والأديب السيد حافظ ومعاناة المرحومة زوجته مع المرض ومعاناته كمثقف عربي مع أزمة موت الضمير‮. ‬وتخيلت لو انه كان‮ ‬يكتب أغنيات لمغنية فيديو كليب أو لراقصة لكانت ديونه قد مسحت من دفاتر البنوك وسجلات الأيام بهاتف واحد مطرز بالدلال‮. ‬تخيلت السيد حافظ يدخل الزمن العربي من فوق خشبة المسرح ويخاطب العربان وهو يبكي حرقة زمن استبيحت فيه الكرامة‮.. ‬لا تبك يا سيدي فهذا زمن عربي مستباح،‮ ‬زنازينه للمثقف وسجونه تغلق أبوابها علي‮ ‬غصة فقير سرقت لقمة عيشه‮. ‬لا تبك يا سيد‮. ‬أنهم يخرقون السفينة ليغرقوها،‮ ‬ولكن هيهات ما دام صوتك يعزف الحان الخلود الأبدية‮. ‬لا تبك يا سيد فأنت لا تملك إلا ريشة قلم مغموسة في دم القلب‮.‬ »‬كان المقال وفيا للحدث،‮ ‬وفيا لرواية ما يجب أن يقال‮. ‬ولكن هل تكفي مجلدات تحوي ملايين الكلمات لتتحدث عن السيد حافظ مسرحيا وأديبا ومثقفا وداعيا من دعاة التنوير وهو يقف أمام عتبات العوز مودعا أو جاهزا لمعركة البقاء رمزا وشموخا؟ هل تكفي رسائل الدكتوراه عن السيد حافظ لتحافظ له علي ماء الوجه بعد ان عبست الدنيا في وجهه‮.. ‬سيدي،‮ ‬هم يعرفون ان قلمك لن يكسر ولكنه يرمي طلقات شريفة ما تلوثت قط وما استسلمت قط،‮ ‬وستبقي رمزا في تراب الوطن ولن تسقط راية الكلمة الحرة الشريفة ما دامت في يديك سنبلة وفي قلبك جمرة‮«.‬طلب مني أكثر من قارئ إلقاء الضوء علي إبداع السيد حافظ‮. ‬وهذا بالطبع يحتاج إلي كتاب نظرا لحجم هذا الإبداع وقيمته‮. ‬لكنني انشر هنا مقتطفا قصيرا جدا مما جاء بدراسة محمد السعيدي بعنوان‮ » ‬التجريب و التأصيل في مسرح السيد حافظ‮«.‬
‮»‬ربما كان السيد حافظ اكثر كتاب جيل السبعينيات شغفا بالتجريب‮. ‬فتجريبه لا يقف عند حد ولا يتوقف‮. ‬فعلي الرغم من‮ ‬غزارة إنتاجه إلي حدما بالنسبة لكتاب جيله،‮ ‬إلا انه لم يتوقف عند شكل بعينه‮. ‬منذ مسرحيته الأولي عام ‮١٧٩١ ‬بدت جرأته الإبداعية في اقتحام لغات جديدة لم يستسغها البعض‮. ‬مسرحياته التي تلتها تعلن انزياحها عن المألوف بدءا من العناوين الغريبة المثيرة التي تكشف عن وغبة داخلية في التمرد والثورة‮«.‬
أرسل السيد حافظ نفسه رسالة لي اعتذر عن عدم نشرها لما فيها من شكر،‮ ‬فلا شكر علي واجب‮. ‬لكنها تعبر أيضا عن مرارته من وطنه‮ »‬الذي خانه‮« ‬علي حد تعبيره،‮ ‬رغم قصر رسالة السيد حافظ إلا إنها منحتني الفرصة لكي أتأمل في هذا التعبير الذي استخدمه‮ »‬الوطن الذي خانه‮«فاستخدام تعبير‮ »‬خيانة‮« ‬في هذا المجال يدل علي العلاقة العاطفية الشديدة بين الكاتب ووطنه،‮ ‬حتى يشعر بان الوطن خانه‮. ‬الخيانة فعل عاطفي مقصور علي من كنا نحبهم‮. ‬لأنه لا خيانة ممن لا نعرفهم ولا تربطنا بهم علاقة حب‮. ‬السيد حافظ ليس وحيدا في الشعور بخيانة الوطن له‮.‬
لعل أشهر مثال علي هذا الشعور هو ما عبر الكاتب العبقري الراحل نجيب سرور في قصيدته الفضيحة والمشهورة‮. ‬بينه وبين السيد حافظ وشائج قرب أدبية أولها أن كليهما كاتب درامي‮.‬ خيانة الفرد للوطن معروفة‮. ‬تتدرج من خيانات صغيرة كالتراخي في العمل‮ ‬أو الإهمال فيه،‮ ‬حتى تصل إلي ما يسمونها الخيانة العظمي والتي تصل عقوبتها إلي إعدام من كان مواطنا‮. ‬هناك أسباب وراء كل درجة من درجات هذه الخيانات بالطبع‮. ‬يجب البحث فيها لتجنبها‮. ‬لكن ماذا عن خيانة الوطن للمواطن؟
خيانة الوطن هذه خيانة مجازية ومادية في آن‮. ‬فالوطن ليس شخصا واحدا مدركا عاقلا ليخون‮. ‬لكن الوطن هنا هو حالة يكونها جمع من الناس الذين نعرفهم ومن لهم تأثير علي أحوالنا‮. ‬الشخصية،‮ ‬كالأصدقاء والزملاء والرؤساء والجيران والمسئولين والقراء‮. ‬المبدع ينتظر من كل هؤلاء أن يهبوا لنجدته ومؤازرته وحمايته من الضياع،‮ ‬وتدفئته من صقيع الوحدة وبرد اللامبالاة‮.‬ العلاقة بين الوطن والمواطن فيها كثير من الرومانسية،‮ ‬عبر عنها المبدعون من قديم الزمان،‮ ‬أو مثلما‮ ‬غني محمد عبد الوهاب‮ »‬حب الوطن فرض عليا،‮ ‬افديه بروحي وعينيا‮.‮ ‬طيب إذا كان حب الوطن فرضا علي،‮ ‬فهو فرض علي الوطن أيضا أن يحب أبناءه‮. ‬فديمومة الحب متكافئة‮. ‬وإن لم تكن،‮ ‬يشعر المبدع مرهف الحس بخيانة الوطن‮. ‬ولا يشعر المواطن العادي بالوطن أصلا‮. ‬وتسمعه يقول بالعامية‮ »‬البلد دي مش بلدنا‮«. ‬وتجد سلوكه سلبيا تجاه كل ما يرمز إلي الوطن،‮ ‬او يحاول جاهدا ان يخرج منه،‮ ‬ويبتعد عنه مهاجرا‮. ‬وتصل ذروة الإحساس بخيانة الوطن إلي حد ان يكون الفرد مستعدا للموت هربا من الوطن كما نري مع شباب مراكب الموت‮. ‬بينما تربي جيلي مثلا علي العكس تماما‮: ‬أن نموت فداء للوطن وليس هربا منه‮. ‬لذلك فالسيد حافظ،‮ ‬او شباب مراكب الموت،‮ ‬يفجرون قضية في منتهي الحساسية والأهمية،‮ ‬وهي علاقة المواطن بوطنه،‮ ‬إذا شعرت بأنك مواطن فأنت بهذا الشعور في علاقة صحيحة بوطنك‮. ‬علاقة متكافئة‮. ‬فالمواطنة من الوطن‮. ‬أما أن لم تشعر بوطنك داخلك،‮ ‬فأنت لست بمواطن‮. ‬أنت فرد في مجتمع‮. ‬وإذا تصاعد إحساسك إلي كراهية وطنك،‮ ‬فأنت لست فردا عاديا لقد تحولت إلي عدو لهذا المجتمع،‮ ‬ولا أقول عدوا لوطنك لأنك في هذه الحالة لست مواطنا ولا تشعر بمعني الوطن‮.‬
هل يولد الإنسان بلا وطن؟ بالطبع لا‮. ‬هل يولد الإنسان منزوع الإحساس بالوطن؟ بالطبع لا‮. ‬إذن هناك أسباب تؤدي إلي أن يفقد الإنسان إحساسه بالوطن أو يتحول إلي عدو له‮. ‬فما هي هذه الأسباب؟؟ اسألوا السيد حافظ‮. ‬واسألوا الناجين من شباب مراكب الموت‮. ‬بل واسألوا أي واحد‮.‬ تعريف الوطن ليس فقط مكان الولادة والتربية والعمل‮ . ‬الوطن ليس‮ ‬فقط قطعة جغرافيا علي‮ ‬الخريطة‮. ‬الوطن هو حيث يشعر الإنسان بحبه‮. ‬والإنسان يحب من يبادله الحب‮. ‬الحب من طرف واحد ليس حبا،‮ ‬بل هو مرض يتطلب العلاج‮. ‬الحب حيث الأمل‮. ‬وكذبت أم كلثوم حين‮ ‬غنت‮ »‬الحب من‮ ‬غير أمل اسمي معاني الغرام‮«. ‬فهذه أيضا عينة من أغنيات مريضة تروج لمشاعر مريضة‮.‬
هنا يصح تماما أن ننقل صفات المحبين لنصف العلاقة بين المواطن ووطنه‮. ‬فمن صفات المحبين تبادل كل ما فيه خير لهما ولدوام علاقته‮: ‬العطاء الحرص،‮ ‬الخوف،‮ ‬الصدق،‮ ‬الأمانة التقدير،‮ ‬الاحترام،‮ ‬وقبل كل ذلك من وجهة نظري‮: ‬الحرية‮. ‬فالحب عندي حرية‮. ‬وليس هناك أيضا حب بين عبد وسيده‮. ‬إنها عبودية‮.‬
وأنت لا تستطيع أن تحب شخصا يهينك أو يسرقك أو يخدعك أو يهملك‮. ‬والأمر نفسه مع الوطن أنت لا تستطيع ان تحب وطنا لا تشعر فيه بحريتك وكرامتك ومستقبلك أو مستقبل أبنائك وهكذا نصل إلي خيانة الوطن للمواطن‮.‬
ولذا فقبل توفير رغيف العيش،‮ ‬يجب توفير الحرية والكرامة والاحترام لجميع المواطنين،‮ ‬وبعد ذلك يمكنهم أن يتشاطروا شظف العيش‮ ‬حتى بنوا‮ ‬غدا أفضل من يومهم‮. ‬وبدون ذلك لن يجدوا لا العيش ولا الغد‮.   
 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.