ألا قلْ لتيّا قبلَ مرّتها اسلمي،
ألا قلْ لتيّا قبلَ مرّتها اسلمي، | تَحِيّة َ مُشْتَاقٍ إلَيْهَا مُتَيَّمِ |
عَلى قِيلِهَا يَوْم التَقَيْنا، وَمَن يكنْ | عَلى مَنطِقِ الوَاشِينَ يَصرِمْ وَيُصرَمِ |
أجِدَّكَ لَمْ تأخُذْ لَيَاليَ نَلْتَقي | شفاءكَ منْ حولٍ جديدٍ مجرَّمِ |
تسرُّ وتعطى كلَّ شيءٍ سألتهُ، | وَمنْ يُكْثِرِ التسْآلَ لا بُدّ يُحرَمِ |
فما لكَ عندي نَائلٌ غَيرُ ما مضى | رضيتَ بهِ، فاصبرْ لذلكَ أو ذمِ |
فلا بأسَ إني قدْ أجوِّزُ حاجتي، | بمُسْتَحْصِدٍ بَاقٍ مِنَ الرّأي مُبْرَمِ |
وكورٍ علافيٍّ وقطعٍ ونمرقٍ، | ووجناءَ مرقالِ الهواجرِ عيهمِ |
كأنّ على أنسائها عذقَ حصلة ٍ | تَدَلّى مِنَ الكَافُورِ غَيْرَ مُكَمَّمِ |
عَرَنْدَسَة ٍ لا يَنفُضُ السّيرُ غَرْضَها، | كأحقبَ بالوفراءِ جأب مكدَّمِ |
رعى الرّوضَ والوسميَّ حتى كأنّما | يرَى بيَبِيسِ الدّوّ إمْرَارَ عَلْقَمِ |
تلا سقبة ً قوداءَ مشكوكة َ القرا، | متى ما تُخالِفْهُ عَنِ القَصْدِ يَعذِمِ |
إذا ما دنا منها التقتهُ بحافرٍ، | كَأنَّ لَهُ في الصّدْرِ تأثيرَ مِحْجَمِ |
إذا جاهرتهُ بالفضاءِ انبرى لها | بِإلهَابِ شَدّ كَالحَريقِ المُضَرَّمِ |
وَإنْ كَانَ تَقْريبٌ من الشّدّ غَالهَا | بمَيْعَة ِ فَنّانِ الأجارِيّ مُجْذِمِ |
فلَمّا عَلَتهُ الشمسُ وَاستَوْقدَ الحصَى | تذكّرَ أدنى الشِّربِ للمتيمِّمِ |
فأوردها عيناً منَ السِّيفِ ريّة ً، | بِهَا بُرَأٌ مِثْلُ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ |
بناهنّ منْ ذلاّن رام أعداها | لقتل الهوادي، داجن بالتوقمِ |
فَلَمّا عَفَاهَا ظَنّ أنْ لَيسَ شارِباً | من الماء إلا بعد طول تحرمِ |
وَصَادَفَ مِثلَ الذّئْبِ في جوْف قُتَرة | فَلَمّا رَآها قال: يا خَيرَ مَطعَمِ |
وَيَسَّرَ سَهْماً ذا غِرَارٍ يَسُوقُهُ | أمين القوى في صلبة المترنمِ |
فمرّ نضيُّ السّهمِ تحتَ لبانهِ، | وَجَالَ عَلى وَحشِيّهِ لمْ يُثَمْثِمِ |
وَجالَ وَجالَتْ يَنجلي التّرْبُ عَنْهُما | لَهُ رَهَجٌ في سَاطعِ اللّوْنِ أقْتَمِ |
كأنّ احتدامَ الجوفِ في حمي شدّه | وما بعدهُ منْ شدّهِ، غليُ قمقمِ |
فَذلِكَ بَعْدَ الجَهْدِ شَبّهتُ ناقتي | إذا مَا وَنَى حَدُّ المَطِيّ المُخَرَّمِ |
فدَعْ ذا وَلَكِنْ ما تَرَى رَأيَ كاشحٍ | يَرَى بَيْنَنا مِنْ جَهْلِهِ دَقَّ مَنشِمِ |
أراني بريئاً منْ عميرٍ ورهطهِ، | إذا أنْتَ لمْ تَبْرَأ مِنَ الشّرّ فَاسْقمِ |
إذا ما رآني مقبلاً شامَ نبلهُ، | وَيَرْمي إذا أدْبَرْتُ ظَهرِي بأسهُمِ |
على غيرِ ذئبٍ أنّ عداوة ً | طَمَتْ بكَ فَاستأخِرْ لهَا أوْ تَقَدّمِ |
وكنتُ، إذا نفسُ الغويّ نوتْ به، | صَقَعتُ عَلى العِرْنِينِ مِنْهُ بمِيسَمِ |
حلقتُ بربّ الرّاقصاتِ إلى منى ً، | إذا مَخْرَمٌ جَاوَزْتُهُ بَعْدَ مَخرَمِ |
ضوامرَ خوصاً قد أضرّ بها السُّرى ، | وَطابَقنَ مَشياً في السّريحِ المُخَدَّمِ |
لَئِنْ كُنْتَ في جُبٍّ ثَمَانِينَ قامَة ً | وَرُقّيتَ أسْبَابَ السّمَاءِ بِسُلّمِ |
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حتى تَهِرّهُ | وتعلمَ أني عنكَ لستُ بملجمِ |
ونشرقَ بالقولِ الذي قدْ أذعتهُ | كما شرقتْ صدرُ القناة ِ منَ الدّمِ |
فما أنتَ من أهلِ الحجونِ ولا الصّفا | ولالكَ حقّ الشّربِ منْ ماءِ زمزمِ |
وما جعلَ الرّحمنُ بيتكَ في العلى | بِأجْيَادِ غَرْبيّ الصّفَا وَالمُحَرَّمِ |
فلا توعدنّي بالفجارِ، فإنّني | بني اللهُ بيتي اللهُ في الدّخيسِ العرمرمِ |
عجبتُ لآلِ الحرقتينِ، كأنّما | رَأوْني نَفياً مِنْ إيَادٍ وَتُرْخُمِ |
وغرّبني سعدُ بنُ قيسٍ عن العلى | وَأحسابهِمْ يَوْمَ النّدى وَالتّكَرّمِ |
مقامَ هجينٍ ساعة ٍ بلوائهِ، | فقلْ في هجينٍ بين حامٍ وسلهمِ |
فلمّا رأيتُ النّاسَ للشّرّ أقبلوا، | وثابوا إلينا منْ فصيحٍ وأعجمِ |
وَصِيحَ عَلَيْنَا بِالسّيَاطِ وبَالقَنَا | إلى غابة ٍ مرفوعة ٍ عندَ موسمِ |
دَعَوْتُ خَليلي مِسْحَلاً، وَدَعَوْا لَه | جهَنّامَ جَدْعاً للهَجِينِ المُذَمَّمِ |
فإني وثوبي راهبِ اللُّجّ، والّتي | بناها قصيٌّ والمضاضُ بنُ جرهمِ |
لئنْ جدّة أسبابُ العدواة ِ بيننا، | لَتَرْتَحِلَنْ مِني عَلى ظَهْرِ شَيهَمِ |
وتركب مني إنْ بلوتَ نكيثي، | على نشزٍ قدْ شابَ ليسَ بتوأمِ |
فَمَا حَسَبي إنْ قِسْتَهُ بِمُقَصِّرٍ، | حَبَاني أخي الجنيُّ، نَفسِي فِداؤه، |
وما زالَ إهداءُ الهواجزِ بيننا، | وترقيقُ أقوامٍ لحينٍ ومأثمِ |
وأمرُ السَّفى حتى التقينا غدية ً، | كِلانَا يُحامي عَنْ ذِمارٍ وَيَحتَمي |
تُرِكْنَا وَخَلّى ذُو الهَوَادَة ِ بَيْنَنَا، | بأثقبِ نيرانِ العداوة ِ ترتمي |
بِأفْيَحَ جَيّاشِ العَشِيّاتِ خِضْرِمِ | |
فقال: ألا فانزلْ على المجدِ سابقاً، | لكَ الخيرُ قلّدْ، إذْ سبقتَ، وأنعمِ |
وولّى عميرٌ، وهو كابٍ، كأنّما | يطلّى بحصٍّ، أوْ يغثّى بعظلمِ |
وَنَحْنُ غَداة َ العَينِ يَوْمَ فُطَيْمَة ٍ | منعنا بني شيبانَ شربَ محلِّمِ |
جَبَهْنَاهُمُ بِالطّعنِ، حتى تَوَجّهوا | وَهَزّوا صُدُورَ السّمهَرِيّ المُقَوَّمِ |
وَأيّامَ حَجْرٍ، إذْ يُحَرَّقُ نَخْلُهُ، | ثَأرْنَاكُمُ يَوْماً بتَحْرِيقِ أرْقَمِ |
كأنّ نخيلَ الشّطّ غبّ حريقهِ، | مَآتِمُ سُودٌ سَلّبَتْ عنْدَ مأتَمِ |
وَنَحْنُ فَكْكنَا سَيّديكُم فأُرْسِلا | مِنَ المَوْتِ لمّا أُسْلِمَا شَرَّ مُسْلَمِ |
نلافاهما بشرٌ منَ الموتِ بعدما | جَرَتْ لهُمَا طَيْرُ النّحُوسِ بأشْأمِ |
فذلكَ منْ أيّامنا وبلائنا، | ونُعمَى عَليكُم إنْ شكَرْتُم لأنعُمِ |
فَإنْ أنْتُم لمْ تَعْرِفُوا ذَاكَ، فاسألوا | أبَا مَالِكٍ أوْ سَائِلُوا رَهْطَ أشْيَمِ |
وكائنْ لنا فضلاً عليكمْ ومنة ً | قَديماً، فَما تَدرُون مَا مَنُّ مُنعِمِ |