www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

المقلاع والعصافير /قصة سحر حمزة

0

يحكى أن طفلاً يافعاً يدعى محمد يطرب لتغريد العصافير وكان يعشقها كثيراً ، يرقص على أنغام ألحانها العذبة التي لايمكن لأحد تقليدها لتميزها وفرادة صوتها ،،كان صديقنا محمد يراقبهم كل يوم منذ ساعات الصباح الأولى

 

المقلاع والعصافير
قصة سحر حمزة
يحكى أن طفلاً يافعاً يدعى  محمد  يطرب لتغريد  العصافير وكان  يعشقها   كثيراً ، يرقص على أنغام ألحانها العذبة التي لايمكن لأحد تقليدها لتميزها وفرادة صوتها ،،كان صديقنا محمد   يراقبهم كل يوم منذ ساعات الصباح الأولى  ، وهم يتجمعون عند نافذة غرفته في حارة الياسمين ،،يستيقظ حين يغردون ، ويمارس رياضته حين يراقصون ، يشاهدهم يحلقون من غصن إلى غصن ، يداعبون أوراق الشجر ، ويختبئون بين الشقوق الصغيرة التي بنوا عليها أعشاشهم فوقها ،  فيرى كيف يضعون فيها بيضهم ، وكيف يحضرون طعامهم طعامهم ، ويلقنونه لصغارهم  .
        كان هذا المشهد اليومي يدفع بمحمد للتحليق كالطير أثناء ذهابه إلى المدرسة ، وهو يغرد مثل العصافير يحاول التحليق بجناحيه اللتين صنعتهما له أمه من القماش فوق كتفيه فوق ملابسه محاولاً تقليدهم ، وكان يرسم فوق كراسته اليومية عصافير ملونة كتلك التي على الأشجار في حديقة منزله الواسعة .. وفي يوم من الأيام غادر محمد الدار مع أهله في رحلة قصيرة إلى القرية المجاورة .. وعاد في المساء فرحاً محلقاً  مثل جناحين  طير يحاول الوصول إلى الشجرة التي تسكنها العصافير الآمنة كي يطمئن عليها  .. ولكن الصمت عم المكان ، تفاجئ لأن الهدوء  غير المعتاد الذي خيم على أعشاش العصافير  ، ولاحظ الصمت الموحش في جنبات الشجر ،،ما جعله يفكر ويفكر ويفكر ،كي يعرف السبب،، واندفع يستطلع الأمر وارتقى فوق الأغصان يبحث عن العصافير،،، .
استغرب الهدوء العجيب وحالة الصمت الرهيبة لشجرة الكينا التي تحتضن العصافير .. فصعد إلى أعلى الشجرة .. ولم يرَ سوى اعشاشها  ,,,خاوية على عروشها وشاهد بقايا  بيض صغير متكسر فأدرك أن في الأمر مصيبة,,, وأسرع نحو أهله وجيرانه يسأل ويستفسر ولكن الجواب المرير والحقيقة المرة التي تلقاها كانت من صديقه الوفي أحمد الذي قال له أن صبياً غريباً كان يحمل مقلاعاً قد قام بصيد  العصافير، واعتدى على صغارها وحمل معه ما أستطاع ربطها ،،وحمل بيضها الصغير ،واضاف أحمد  :لقد  حاولت منعه لكنه أصابني بمقلاعه وهرب بعد أن أتلف الأعشاش الآمنة ، وقتل العصافير المغردة ، وعكر صفو شجرة الكينا الهانئة ، فبكى محمداً بكاءً شديداً .. وما عاد يغرد أو يحلق كالعصفور ، بل ظل صامتاً ينتظر صاحب المقلاع لينتقم للعصافير التي تصيدها خلسة عن أصحابها ،،ورسم في وجدانه صورة بشعة لذلك الصبي المعتدي ،،بعد أن وصفه له صديقه ،لكنه لم يعثر عليه ،،لأنه غريب عن الدار ،ووحش لا يأبه بأحد ،سوى أنه أناني يحب نفسه ،وظل يروي قصة عصافيره لكل عابر سبيل عسى أن يدلوه على سارق فرحه وإبتساماته ،،ولم يحاول أن يحضر عصافير غير تلك التي سرقت ،لأنها سكنت وجدانه ،وكانت سلوته ،وبقيت رفيقته حتى بعد أن صار شاباً رجلاً،،ظل يروي القصة لأقرانه لأنه إنسان وفي مخلص ،إن أحب شيئاً ،، أحبه  بأخلاص ،،وهوعلى حبه للعصافير باقٍ رغم أنه يرى العشرات منها في كل مكان ،،لكن عصافيره التي غابت عنه ساكنة بقلبه ,,فهي عشقه الاول وكل شيء جميل بقيت صورة ملازمة له في حياته،،،
أنتهت
 *********

من حكايات إمرأة
بقلم سحر حمزة
عاشت فارسة رواية من حكايات إمرأة ,,حلمها ,,لم تتراجع عنه ,,في اللحظة التي ,حاولت أمها ,كبح جماح عشقها للمطالعة ,والقراءة لقصص الخالدين ,وسير الأنبياء والمرسلين ,كان والد سمر شيخ دين ,حين لاحظ تعلقها بالقراءة ,،بدأ يحضر لها كل يوم ,سلسلة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ,،وقصص الهجرة النبوية ،وقصص الخلفاء الراشدين ،يشجعهها على التفقه بالدين بقراءة الحكايات المختلفة ،إبان الفتوحات الإسلامية ,،كانت تتابع كل حدث ،يجري حولها ،،وفي الليل ،تكتب ما يجول في خاطرها ،وتخبيء ما تكتب داخل ملاءة فراشها ،كي لا تراه ،أمها ،،كانت والدتها تحرص على تعليمها فنون الطبخ ،والتنظيف للمنزل ،وتعلمها كي تكون ربة أسرة،تطلب منها تعلم الخياطة ،،فقد عملت والدتها في رثي ثياب الجيران بأجر ،رمزي يساعد في دخل الأسرة ،كانت أمها فنانة في طهي المأكولات الشامية اللذيذة ،كانت العائلة تجتمع كل يوم في منزلهما الكبير المطل على حديقة غناء ،بالورود والشجر الباسق ،،وكانت سمر تستغل إنشغال أمها في إستقبال جدها وأعمامها ,,وتذهب تحت شجرة البيلسان ،،تكتب ،،وترسم ،،وتجلس على الأرجوحة التي صنعتها من حبال أبتاعتها من مصروفها ,,تطلق العنان لأفكارها ،وعيناها شاخصة إلى السماء ،تسرح تارة ،تغني بعفوية ،ثم تسرع إلى خرابيشها على كراسة خاصة بها تلفها بقطع قماش ،،حين تشعر بأحد نزل للحديقة ,,وهكذا عاشت سمر ،،تنتظر لحظة حظ ،،في المدرسة ،،تضع على لوحة الحائط ،،شعارات وحكم تعلمتها من والدها ،،فهويعمل في هيئة الأمم ،،وصاحب منصب ورأي سديد ,,يحبه الكثيرون ،،ويأخذون برأيه ،،في كل مساء كان يحضر لسمر بعض القصص والمجلات الدينية ،وفي أحد الأيام ،،وخلال تصفح سمر مجلة الشريعة التي يصدرها حسان ظبيان تربوي صاحب مدرسة ،،دينية ،،صديق والدها ،،قرأت عن مسابقة بسيطة تطرح أسئلة حول صحابة رسول الله ،،والخلفاء الراشدين ،قالت في نفسها ،،سأرسل لهم مشاركة بسيطة من خواطري الأدبية  ،،  وأجيب على الأسئلة ،،فقد أفوز ،،،،وفعلاً فعلت وتوسلت لوالدها أن ياخذ الرسالة إلى البريد ،،ويضعها ضمن المتقدمين للمسابقة ،،ولشدة إلحاحها ،،أستجاب لها الوالد ،،الذي طلب من أمها عدم التدخل في مضمون الرسالة ،،لأنه يعرف أنها موجهة لمجلة الشريعة ،،ومضت أيام وايام ،،وسمر تنتظر العدد الجديد من المجلة ،،علها تفوز صارت تفكر لماذا أبي لم يحضر لي المجلة كالعادة ،هل سمع كلام ،،ماما ،،هل يريدني أن لا أكمل تعليمي ،،،،ثم عادت وفكرت ،،لا من المستحيل أن يفعل ذلك ،،وإلا لماذا لم يمنع خالي من أعطائي الدروس الخاصة باللغة الإنجليزية والرياضيات،،لا شك أن الأمر غير ما أعتقد ،،سأنتظر ،،وفي صباح اليوم الثاني في مدرستها الثانوية ،جاءت الآذنة للصف تطلب سمر للمديرة ،،أحمر وجه سمر أمام زميلاتها ،،فلا أحد تطلبه الإدارة إلا أذا خالف قانونها ،،أوأن هناك شكوى ما عليها ،،قالت في نفسها هل يمكن أن تكون أمي قد أشتكتني للست وداد صديقتها معلمة الرياضيات ،،هل تسريحة شعري الجميلة تزعج المرشدة الإجتماعية ،،هل ملابسي وشريط زي المدرسي الأنيق يؤرق مربية الصف ،،وما بين التفكير ،،والخوف والقلق الذي أعتراها ,وجدت نفسها أمام باب الإدارة ،،طرقت الباب بأدب وقالت للمديرة ،،هل طلبتني أنا ,,فقالت لها المديرة تقدمي يا سمر ،،من شدة خوفها وخجلها ،لم تلحظ سمر وجود رجل طويل ممتليء الجسم ينظر إاليها ,,قالت المديرة تعالي يا حبيبتي ،،أستغربت سمر من اللطف البالغ الذي نزل على مديرتها الإرهابية ،،فقد كانوا يلقبونها أفاكه من شدة بأسها ،وتعاملها العنيف مع الطالبات ،،أطمأنت سمر وأقتربت ،،فقالت لها المديرة أجلسي يا سمورة ،،أستغربت سمر أكثر وكانت تريد أن تضحك لكنها تمالكت نفسها ،،وقالت ،حاضر ،،،،واضافت ،،الأستاذ حسان جاء يسلمك هدية بنفسه ،،فأنت وضعت أسم المدرسة في عنوانك ,وجاء ليعطيك الجائزة فقد فزت بالمسابقة ،،قالت سمر متفاجئة أنا ،،مش معقول ،،أشكرك يا مس أفاكه ،،فقالت لها المديرة ،،تقدمي وإستلمي الجائزة من الأستاذ حسان ،وخذي هذه المجلات وزعيها على زميلاتك في الصف ،كي يروا إسمك بها ،،تقدمت نحو الأستاذ ،تنظر بعفوية إلى ملامحه ،،كي لا تنساه ,فقد جاء الفرج يا الله ،،أنها الدرجة الأولى التي سأرتقي بها إلى السلم ،،كي أحقق حلمي ،،لقد أخذ بماكتبت ،،يعني قد أنجح ,في هذه الأثناء وفي لحظة توارد أفكارها ،،قال لها الأستاذ حسان ،،أنك ممتازة يا سمر ومتميزة ,,وأجمل ما في رسالتك ،،ان كل جواب مزركش بالورود ،،باللون الأحمر ,,بشجرة باسقة تتناثر عليها بعض زهرات بيضاء ,,وفي داخل الشجرة وضعت الأجوبة على الأسئلة ،،إنك مبدعة يا سمر ،،إستمري ،وأرسلي لنا كتاباتك بالبريد ،ونحن سننشر ما نراه مناسباً ،،وقدم لها الجائزة كانت قيمتها آنذاك خمسة دنانير،،قالت سمر آه ثروة ،،مال ،لم أحلم بحياتي بمثل هذا المبلغ ساشتري قصص وكتب وساصنع مكتبة من صناديق الخشب خلف المنزل ،وو،،فقال لها الأستاذ حسان ،،لا تنسي المسابقة القادمة ,,وهذا يا سمر مذياع صغير في مسجل صوت ،،أقرأئي ما تكتبين بصوت عالٍ ،ثم سجليه ،،ثم صححي ما كتبتي ،،آه يا للروعة كل هذا لي ،،أشكرك كثيراً يا أستاذ ،،أشكر مجلتكم “”اشكر تلك اللحظة التي أرسلت فيها ،،رسالة لكم ،،وغادرت الإدارة مسرعة ،،مثل حمامة سلام ،،طائر شوق يريد أن يحط في أي مكتبة كانت ،،لديها المال لتشتري كل ما ترغب له من المجلات والكتب ، غير تلك التي يحضرها والدها ،،وقامت بتوزيع المجلات على زميلاتها،الذين هجموا عليها ،،لقرأوا ما كتبت وشاهدوا ما تحمله من هدية ،،هي بالنسبة إليها أثمن شيء حصلت عليه في حياتها ،،عادت إلى المنزل سيراً على الأقدام ،،لم ترغب بركوب الباص مثل كل يوم ،،لن تعلن التمرد على طلبات وأوامر أمها ،،لكنها ستبقى تحاول أن تقنعها بأن لها هدف كبير تريد الوصول إليه ,,ستحاول مع الأيام ،،فقد رسمت خارطة طريق لمستقبلها وسوف تسير به بتصميمها ،و بعزيمتها  ,,سوف تصل هكذا قررت سمر ،،،،يتبع في الفصل التالي من حكايات إمرأة 
أنتهت

*********

السلطان  والطبيب  
قصة سحر حمزة
يحكي  أنه،، كان يا مكان في  قديم الزمان ،،،في زمن الخير والإمتنان، وزمن لا يوجد مثله  في هذا الزمان ،، حين كان الطب والدواء يقدر بإنسأنية الإنسان ،  وليس بكم تملك من المال ،  وكان التعاطي مع الأطباء فيه دون قياس لدرجات أو مناصب ولا نظرة لأنسابأو جاه وسلطة ، ولا  على  مبدأ التجارة والبيع والشراء ، يحكى مدينة من  مدن الأحلام  عانت من مرض عضال وتفشى بين سكانها و تسبب بعدوى السكان وتفشى الوباء بين النساء والأطفال ولم يرحم الكبار ولا الصغار ،إشتكى العامة لملك البلاد من إشتداد الوباء وأنتشاره بعدما يئسوا من كافة طرق المعالجة المتعارف عليها لديهم ،فطلبوا  منه متوسلين أن يحضروا طبيباً ماهراً من خارج البلاد كي يعالج السكان ،تردد الملك في الإستجابة لهم لأن تقاليد مملكته تحتم عليه عدم  الموافقة على  إستقدام  الغرباء أو أي أصناف من البشر من أجل  التعامل معهم،، لأنهم من وجهة نظر سلطان مدينة الإحلام  لن يحفظوا البلاد ويخلصوا لها كما أهلها وسكانها ،،وبعد إلحاح من مستشاري السلطان وحالات المرضى المتزايدة ،،فأمر السلطان بإحضار طبيب من بلاد الهند أو بلاد فارس الذين إشتهروا قديماً بمهارة أطباءهم وعلمهم ومعرفتهم وطلب منهم أن يقوم بتقديم المساعدة له  والتأكيد عليه على ضرورة المشورة قبل وصف الدواء  للتأكد من مهنيته ومقدرته في مساعدتهم في تقديم العلاج  للمرضى ،وأكد عليهم عدم إطالت مدة إقامته في مدينة الأحلام ، وأن يحضروه لقصره بعد إنتهاء المشكلة ليشكره بنفسه ويكافئه بطريقته .
أسرع حكماء و خبراء المدينة بالبحث عن طبيب ماهر صاحب خبرة في الوباء المنتشر في المدينة و بعد أن وجدوه أحضروه لمدينتهم بتصريح من السلطان بعدما تاكدوا من كفاءته من صيته وسمعته التي أشتهر بها بين القرى والمدن المجاورة ،،وبدأ الطبيب بفحص المرضى وتابع كل مصاب على حدة وقدم لهم إختبارات على دواء من الأعشاب يشفي المصابين بإذن الله من المرض  وسارع الحكماء في المدينة  بوصف العلاج للمرضى والبحث  في كل حالة عن نوعية الوصفات الطبية التي تسرع بالشفاء ،،ومضت أياماً وايام وبدأ المرض يختفي ونجح الطبيب في مهمته حتى أختفت الأعراض المرضية للمصابين وتماثلوا بالشفاء ،،فجاءه رسول السلطان يخبره عن المكافأة المجزية التي سيقدمها السلطان له ،،فرح الطبيب كثيراً وأحسن هندام ثيابه وأسرع للقاء السلطان ،،وفي ديوانه العامر شكر السلطان للطبيب جهوده وفعله الطيب مع سكان مدينه الحالمة الرائعة الجمال وأشاد بمهنيته في المعالجة ،،وأجزل عليه العطاء من الذهب والفضة والمال والعتاد وطلب منه مغادرة البلاد ،،وأشترط عليه أن يترك حذائه عند بوابة المدينة ويستبدله بحذاء خاص أهداه إياه السلطان مع هداياه ،،فاستهجن الطبيب ذلك ،وأستغرب شرط السلطان ،،وقبل أن يرتحل بمكافآته ويغادر المدينة سأل السلطان بإستهجان وما دخل حذائي ؟ ولماذا لا يبقى معي فهو قديم ورافقني بكل رحلاتي وتجوالي ؟؟!،،فقال السلطان :آلا تعلم أيها الطبيب أنك تجولت بحذاء بأرضنا ووطأت تراب وطننا ولا بد أن تراب مدينتنا الغالية علق بحذاءك وكل ذرة تراب علقت بالحذاء ملك لنا ،،واضاف أتود أخذ أغلى ما لدينا لتحمله في كل مكان ،،ما يشيع أخبارنا وينشر قصصنا ففي كل ذرة تراب قصص بطولة وفداء وإنجاز وثمار حصدناه تجمعت في حذاءك الذي ستعود به ،،وهذا ليس من أعرفانا ولا عادتنا ولاتقاليدنا أو تريد ان تقلل من هيبتنا أمام الآخرين ،،،صمت الطبيب مطولاً بعد أن تمعن في وجهة نظر السلطان وأيقن أن رأيه وقراره صائب لأن التفريط بذرة من تراب الوطن تفريط بالوطن كله ومقدراته كلها ،،وحمل هداياه وخلع حذائه وأنتعل الجديد الذي قدمه له السلطان ورحل ،،وروى قصة السلطان معه في كل البلدان حتى صارت عبرة ودروس للحفاظ على الاوطان ،،وعدم الإستهانة بذرة من ترابها مهما كان الثمن .
 
أنتهت  
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.