سائِلُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا
سائِلُوا الَّليْلَ عنهمُ والنَّهارَا | كيف باتَتْ نِساؤُهُمْ والعَذارَى |
كيف أَمْسَى رَضِيعُهُمْ فَقَدَ الأ | مَّ وكيف اصْطَلَى مع القَوْمِ نارَا |
كيف طاحَ العَجُوزُ تحتَ جِدارٍ | يَتَداعى وأسْقُفٍ تَتَجارَى |
رَبِّ إنّ القَضاءَ أَنْحَى عليهم | فاكشف الكَربَ واحجُبِ الأَقْدارَا |
ومُرِ الَّنارَ أنْ تَكُفَّ أَذاها | ومُرِ الغَيْثَ أَنْ يَسِيلَ انْهِمارا |
أينَ طُوفانُ صاحِبِ الفُلكِ يَروي | هذِه النّارَ؟فهي تَشْكُو الأوَارا |
أَشْعَلَتْ فَحْمَة َ الدَّياجِي فباتَتْ | تَملأ الأرضَ والسَّماءَ شَرارا |
غَشِيَتْهُمْ والنَّحْسُ يَجْرِي يَميناً | ورَمَتهُم والبُؤْسُ يَجري يَسارا |
فأَغارَتْ وأوْجُهُ القَومِ بِيضٌ | ثمّ غَارَتْ وقد كَسَتْهُنَّ قارا |
أَكَلَتْ دُورَهُمْ فلّما استَقَلَّتْ | لم تُغادِرْ صِغارَهُم والكِبارا |
أخرَجَتهُم من الدِّيارِ عُراة ً | حَذَرَ الموتِ يطلبونَ الفِرارا |
يَلْبَسُونَ الظَّلامَ حتَّى إذا ما | أقبلَ الصُّبحُ يَلبَسون النَّهارا |
حُلَّة لا تَقيهِمُ البَردَ والحَـ | ـرَّ ولا عنهُمُ ترُدُّ الغُبارا |
أيها الرَّافِلون في حُلَلِ الوَشْـ | ـي يجُرُّونَ للذُّيولِ افْتِخارا |
إنّ فوقَ العَراءِ قوماً جِياعاً | يَتوارَونَ ذِلَّة ً وانكِسارا |
ايُّهذا السَّجينُ لا يمْنَع السِّجْـ | ـنُ كريماً مِن أنْ يُقيلَ العِثارا |
مُرْ بِأَلْفٍ لهم وإنْ شِئْتَ زِدْها | وأجِرْهُم كما أجَرَتَ النَّصارى |
قد شَهِدْنا بالأمسِ في مِصرَ عُرساً | مَلأَ العَينَ والفُؤادَ ابْتِهارا |
سالَ فيه النُّضارُ حتى حَسِبنا | أنّ ذاك الفِناءَ يجري نُضارا |
باتَ فيه المُنَعَّمونَ بليلٍ | أَخْجَلَ الصُّبْحَ حُسْنُه فَتَوارَى |
يَكْتَسُون السَرورَ طَوْراً وطَوْراً | في يَد الكَأسِ يَخْلَعُون الوَقارا |
وسَمِعْنا في ميت غَمْرٍ صِياحاً | مَلأ البَرَّ ضَجّة ً والبِحارا |
جَلَّ مَن قَسَّمَ الحُظوظ فهذا | يَتَغَنَّى وذاكَ يَبكي الدِّيارا |
رُبَّ لَيْلٍ في الدَّهْرِ قَدْ ضَمَّ نَحْساً | وسُعوداً وعُسْرَة ً ويَسارا |